السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
سنتكلم اليوم عن مصاصة الأطفال أو السكاتة أو اللهاية و نطرح الأسئلة التالية التي سنحاول
عليها : هل للمصاصة فوائد ؟ و ما هي أضرارها ؟ و متى و كيف يجب التوقف عن إعطائها لطفلك ؟
بعض هذه الأسئلة لا يزال الأطباء و ذوو الاختصاص في المجال لم يتفقوا بعد على جواب موحد و شافي عليها. و السبب في ذلك أن الدراسات لم تُثبت بصفة قطعية أن للمصاصة فوائد صحية كثيرة تبرر الاستعمال المكثف لها، أو أن لها مضار مدمرة على الرضيع تبرر تحريم استعمالها.
الرأي السائد حاليا هو أنه بالإمكان استعمال المصاصة وفق شروط معينة حتى يتحقق المبتغى من استعمالها و يتم تجنب المشاكل التي يمكن أن تصيب الطفل الرضيع بسببها.
من بين أهم "حسنات" المصاصة أنها تقوم بتهدئة الرضيع و التخفيف من بكائه، كما تساعده على الاسترخاء و من تَم النوم. السبب يعود إلى كون انعكاس الامتصاص عند الرضيع (سواء أكان عبر المصاصة أو الرضاعة الطبيعية أو حتى الأصابع) يؤدي إلى إفراز الأندورفينات المهدئة التي تساعد على النوم. كما يسمح ذلك للآباء (خصوصا الأمهات) بأخذ قسط من الراحة و إزالة التوتر و بالتالي المحافظة على العلاقة المميزة التي تجمع بين الوالدين والطفل.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المصاصة - أثناء النوم - تقلل من خطر الموت المفاجئ. حيث أن بقاء فم الرضيع مفتوحا أثناء نومه قد يتسبب في بلع لسانه و بالتالي انسداد قنوات التهوية.
استعمال المصاصة يبدو أيضا أنه يساعد الأطفال الخدج على التحول بسرعة إلى الرضاعة الطبيعية أو زجاجة الحليب، كما أن رضاعتهم تكون أكثر فعالية مقارنة بالآخرين. الشيء الذي يساهم في التقليل من مدة استشفائهم.
لكن هذا الحل السحري يُخفي في جعبته العديد من المشاكل الصحية التي يمكن أن تعيق النمو السليم للطفل:
- فالمصاصة يمكن أن تصبح عائقا كبيرا أمام الرضاعة الطبيعية، خصوصا إذا اعتاد عليها الرضيع مبكرا. كما أن هذا الاستخدام المبكر و المكثف لها يتسبب في تراجع القيمة الغذائية لحليب الأم و حتى تراجع كمياته مما قد يؤدي إلى فشل الرضاعة الطبيعية برمتها.
- كما أن هذا الجسم المصنع من السيليكون – إذا ما استعمل لأكثر من سنتين - قد يتسبب في ظهور تشوهات في أَعْلَى باطِنِ الفَم (palais) و في تجاويف الأنف، و ذلك يرجع إلى كون طريقة مص اللهاية أو حتى أصبع الإبهام تجعل من الصعب أن يأخذ الفكان مكانهما المثالي الواحد فوق الآخر، مما يتسبب في التشوهات السالفة الذكر.
- المصاصة هي أيضا عش حقيقي للميكروبات، إذ أنها غالبا ما تقع على الأرض، و تُمسك بها العديد من الأيادي، أو العديد من الأفواه
، كما تتجاهل الأمهات تعقيمها بصورة منتظمة. لدى فلا غرابة في كثرة إصابة الأطفال المتعودين على اللهاية بالإسهال و الحمى و التهابات المعدة و خصوصا التهابات الأذن الوسطى. ناهيك على أن افراز اللعاب بكثرة، و الناتج عن عملية المضغ المستمر، يساهم في ظهور تسوس الأسنان مبكرا.
- على المستوى النفسي، لا يمر الاستعمال المفرط "للسكاتة" بدون عواقب : حيث (هَكا أو سْكتْ) تُعوِد الطفل على الانعزالية في مقابل الاستماع لوالديه، كما أنه يعتبرها شيئا فشيئا ملاذا آمنا، و حِصنا ضد العالم الخارجي الغريب و حتى المُخيف، كما قد تتسبب له في تأخر التواصل و مشاكل في النطق.
لكل ما قيل، يُنصح – ابتداء من 6 أشهر – البدء في تدريب الطفل على عدم الاعتياد على المصاصة و تعويضها بأصبع الإبهام الذي يعرض لمخاطر أقل من المصاصة؛ ثم التخلي عنها كليا في حدود سنتين.
إذن فالتوقف عن إعطاء السكاتة يجب أن يكون متدرجا : مع نوم الطفل في البداية، ثم أثناء اللعب أو الانشغال بمشاهدة التلفاز بفترات أطول فأطول،... مع تقديم هدايا لتشجيع الطفل على الاستمرار، و أن يرى أطفالا أكبر منه لا يستعملونها حتى يقتدي بهم، و أن يقدم كل مصاصاته إلى شخص مهم بالنسبة له كالجد أو الجدة، أو المربية... و تلك كما قلنا خطوات متدرجة، محسوبة حتى لا يتأذى الطفل جراء ما قد يعتبره "اختطافا" لشيء عزيز عليه، لشيء هو المالك الأوحد له، و لا يحق لأحد أخذه منه.
أهـم شيء في "ملحمة" التخلي عن المصاصة هو أن يكون قرار الأبوين صارما، لا رجعة فيه، حتى يفهم الطفل أن الأمر ليس مزاحا أو لعبا.
و إلى اللقاء في موضوع مقبل بإذن الله...