منذ مدة طويلة ربط العلماء بين حالات التوتر بين الحوامل وإسقاطالجنين، كما أشارت دراسات عديدة إلى أن الحوامل اللواتي يعانين من التوتر الشديديفقدن الجنين ولكن العلماء لم يتوصلوا بعد إلى سبب ذلك.
و فيما يعتبرإنجازا هاما تمكن فريق من العلماء من جامعة تفتس ومن اليونان من تحديد سلسلة منالتفاعلات التي تبين بالتفصيل كيف أن هرمونات التوتر وغيرها من المواد الكيماويةتقوم بتدمير الرحم و المشيمة.
وقد نشر العلماء نتائج دراستهم في مجلة الغددالصماء التي صدرت في أوائل هذا الشهر، و من شأن الدراسة أن تشرح أسباب خسارةالحوامل لأجنتهن دون معرفة العوامل الطبية التي تقف وراء ذلك بشكل واضح وكذلك السببوراء تكرار هذه المشكلة ويمكن أن تساعد نتائج الدراسة على الوصول إلى إجراءات لمنعحدوث هذه المشكلة التي تسمى الإجهاض التلقائي.
وقد عرض الباحثون منذ مدةطويلة انه أثناء فترات التوتر يطلق الدماغ العديد من الهرمونات بما في ذلك واحديدعىcrh وكشفت دراسات سابقة أن الحوامل اللواتي انجبن أطفالا قبل موعد الإنجاب أوأطفالا ذوي أوزان متدنية كانوا يعانون من مستويات عالية من هرمونcrh في الدم.
كذلك أظهرت دراسات أخرى أن الحوامل اللواتي يعانين من التوتر يتعرضن لأخطاراكبر من الإجهاض التلقائي وهرمونcrh يفرزه الدماغ استجابة للتوتر ويوجد في رحمالمرأة الحامل والمشيمة مما يثير تقلصات في الرحم و يؤدي بالتالي إلى الإجهاض.
ولكن الدراسات الجديدة تشير إلى أن الهرمون وغيره يمكن أن يفرز في أجزاءأخرى من الجسم حيث يستهدف بشكل خاص الخلايا الثديية مما يحدث نوعا من الحساسيةوتوجد الخلايا الثديية بكثرة في الرحم وفي أثناء فترة التوتر فان إفراز هرمونcrh يجعل الخلايا الثديية تفرز مواد تسبب الإجهاض التلقائي.
ولكشف العلاقة بينالهرمون والحساسية أجرى الباحثون دراسة شملت 23 امرأة ووجدوا أن النساء اللواتيتعرضن للإجهاض التلقائي عدة مرات كن يعانين من مستويات عالية من هرمونcrh و هرمونآخر يسمى يوروكورتين في أنسجة المشيمة مقارنه مع اللواتي تعرضن للإجهاض التلقائيمرة واحدة أو لم يتعرضن لذلك أبدا.
قال رئيس الفريق الباحث، "أن ما يدعوالاستغراب بشكل خاص وجود كميات كبيرة من هرمونات التوتر في الخلايا الثديية فيالرحم فقط و ليس في دم المرأة الحامل مما يضيف المصداقية إلى النظرية القائلة بانالهرمون يمكن أن يفرز محليا".
أما بالنسبة لحدوث الإجهاض المتكرر والذي يعدمشكلة كبيرة تؤثر على الحياة الزوجية وتسلب سعادة الزوجية ويجب أن تؤخذ المشكلةبعين الاعتبار من قبل الطبيب المعالج سواء في المراكز الصحية أو المستشفيات الكبيرةخصوصا إذا كان عمر المريضة يناهز الثلاثين عاما لأنه مع زيادة عمر المرأة تقل نسبةنجاح الحمل وتزداد نسبة الإجهاض.
يعرف الإجهاض في الطب بأنه خروج محتوياتالحمل في أي وقت قبل الأسبوع 24 ويحدث بنسبة 10 ـ 15% بين الحوامل ويعد الإجهاضمتكررا عند حدوث ثلاث أو أكثر من الاجهاضات المتتالية و نسبته 1 ـ 2% بين الحوامل.
وإن فرص استمرار الحمل تبلغ حوالي80% لمن تعرضت لإجهاض واحد وتقل هذهالنسبة إلى 70% لمن تعرضت للإجهاض ثلاث مرات متتالية، وتعتبر النسبة أفضل بكثير لمنسبق لها الحمل واستمر عندها الحمل.
هناك أسباب عديدة لهذا الإجهاض المتكررونسبته حوالي 30% و تكون النسبة الباقية غير معروفة ولا يمكن تشخيصها عن طريقالفحوص المعملية.
أحد هذه الأسباب هو وجود خلل في البويضة الملقحة وأهمهاخلل في الصبغات (الكروموسومات) الوراثية، ويعتبر من أهم أسباب الإجهاض التلقائي إذأنه يشكل نسبة 60% ـ 70% من الحالات، وهذا الخلل في الكرموسومات يؤدي إلى حدوث عيوبخلقية في الجنين مما يؤدي إلى عدم تقبل الرحم لهذا الحمل وطرده، ويتم تشخيص هذهالحالات عن طريق فحص خاص مجهري لصبغات الوالدين وأحيانا للجنين المجهض بمختبراتخاصة.
السبب الثاني هو وجود عيوب خلقية بالرحم أو وجود أورام ليفية ممايجعل الرحم غير قادر على احتواء الجنين. أيضا ضعف العضلة القابضة لعنق الرحم يؤديللإجهاض بعد الشهر الرابع، ويكون سبب هذا الضعف إما خلقيا أو نتيجة تمزق بولادةسابقة أو عملية توسيع أو معالجة جراحية سابقة لعنق الرحم. وعند الفحص يتبين أن عنقالرحم أقصر وأوسع من المعتاد مما يجعل العضلة غير قادرة على احتمال ثقل الجنين.
ويتم تشخيص هذه الحالات عن طريق عمل الأشعة الصوتية للجهاز التناسلي. ويمكنأيضا عمل منظار استكشافي للرحم لتشخيص العيوب الخلقية وإصلاحها، أما حالات ضعفالرحم فيتم إصلاحها عن طريق عمل رباط لعنق الرحم تحت البنج خلال الحمل بعد الشهرالثالث.
ومن الأسباب الأخرى حدوث عدوى فيروسية (الحصبة الألمانية والهربس)،وبكتيرية (الزهري)، وداء المقوسات للمرأة الحامل قد تكون مسؤولة عن حدوث الإجهاضالمتكرر، ولكن جرثومة كلاميديا واليروبلازما تعتبر من أهم الجراثيم المسببة لتكررالإجهاض.
أما علاجها فيتم عن طريق أخذ جرعات من المضادات الحيوية بعد عملالفحوص المخبرية سواء عن طريق عمل مزرعة للجرثومة أو عن طريق قياس الأجسام المضادةللجرثومة بالدم.
اضطراب جهاز المناعة ووجود أجسام مضادة بدم المرأة الحاملتدعى(apa) (انتي فوسفوليد انتي بودي) تؤدي للإجهاض المتكرر بنسبة 5% ويتم تشخيصهاعن طريق قياس نسبة هذه الأجسام المضادة. أما معالجتها فتتم عن طريق أخذ حقنالهيبارين أو إعطاء حبوب الأسبرين أو أخذ الاثنين معا.
إن إفراز هرمونالبروجسترون من المبيض ضروري لتدعيم بطانة الرحم وتهيئتها لاستقبال الجنين حتىتتمكن المشيمة بعد ذلك من هذا الدور الذي يتم عادة بعد الأسبوع الثامن من الحمل.
ووجد أن نقص الهرمون يؤدي إلى بعض حالات الإجهاض المتكرر وليس كلها وتكونمعالجتها عن طريق إعطاء التحاميل (بروجسترون) للحامل بعد توضيح إمكانية عدم فعاليةهذه الطريقة لأنها لم تثبت عن طريق الدراسات.
الأمراض العامة المزمنة غيرالمعالجة وغير المشخصة مثل مرض السكري وكذلك زيادة أو نقصان إفراز الغدة الدرقيةتؤدي إلى حدوث بعض حالات الإجهاض المتكرر.
وجد أيضا أن التدخين وشرب الخموريؤدي إلى تكرار الإجهاض، وتزداد النسبة والخطورة بمقدار الكمية، ولذلك على المرأةالحامل أخذ الحيطة والبعد عن هذه المواد السامة