إنّ وِلادة طِفل سليم مُعافى هي واحدة من أسعد اللحظات في حياة المرأة. وبينما يتركَّزُ همُّها الأكبر على الاعتناء بطفلها، فإنَّ عليها ألاَّ تنسى واجب الاهتمام بنفسها أيضاً في هذه المرحلة. يُسمِّي الأطِبَّاء الفترة التي تلي عمليَّة وِلادة الطفل مرحلة بعد الوضع أو بعد الوِلادة. يستعيد جَسمُ الأُمِّ عافيته تدريجيَّاً في هذه المرحلة. ولكن، يُمكن أن تحدث أحياناً بعض المُضاعفات في مرحلة بعد الولادة. لذلك تُعدُّ القُدرة على التمييز بين الأعراض الطبيعيَّة، وتلك التي تستوجب عناية خاصَّة مسألة بالغة الأهميَّة. يُساعد هذا البرنامج التثقيفي على فهم المرحلة التي تلي الولادة. وهو يشرح ما الذي تستطيع الأُمُّ فِعله كي تُساعد جسمها على استعادة عافيته، ويوضِّح لها الأمور التي قد تُصادفها ومتى يتوجَّب عليها مُراجعة الطبيب.
ينبغي على الأُمِّ اتباع توجيهات الطبيب فيما يخص تغذيتها ومستوى نشاطها بعد الولادة الطبيعيَّة "المهبلية"؛ حيث تُؤثّر تغذية الأُم في طِفلها أيضاً إذا كانت تُرضعه من ثدييها، وهذا ما ينصح به الأطبَّاء والهيئات الصحيَّة. على الأم ألاَّ تُغيِّر نظامها الغذائيَّ دون استشارة طبيبها. وعليها الاستمرار في اتِّباع النظام الغذائي الصحيِّ الذي كانت تتَّبعه في أثناء حملها. ويساعد اتِّباع نظام غذائي متوازن الأمَّ على إنقاص الوزن والعودة إلى وزنها الطبيعيِّ قبل الحمل بشكل أسرع أيضاً. على الأُم أن تشربَ كميَّات كبيرة من السوائل حتى لا تُصاب بالإمساك. وعليها أن تشرب شيئاً بعد كلِّ إرضاع للطفل إن كانت تُرضعه من الثدي. ينبغي سُؤال الطبيب حول ضرورة الاستمرار في تناول الفيتامينات التي كانت الأم تتناولها قبل الولادة، حيث تقترح بعض الجهات الصحية الانتظار مدة أسبوع واحد قبلَ العودة إلى تناول هذه الفيتامينات مرة أخرى، وذلك لتجنُّب حدوث الإمساك. ينبغي على الأُم زيادة نشاطها ببطء حتى تعود تدريجيَّاً إلى مُستوى نشاطها العادي. وعليها ألاَّ ترفع، أو تدفع، أو تسحب أيَّ شيء ثقيل خلال فترة أسبوعَين إلى ستة أسابيع بعد الولادة. كما يجب على الأم أيضاً تجنُّب الجلوس في وضعيَّة واحدة أو الوقوف لفترة طويلة جداً. وعليها الامتناع عن قيادة السيَّارة حتى يسمح لها الطبيب أو القابلة بذلك. والوقتُ المُناسب لذلك هو بعد الولادة بأسبوعَين عادةً. يجب أخذ قسط من الراحة من حين إلى آخر. وقد تستغرب الأُم مدى التعب الذي تشعر به، ولكنَّ ذلك في الحقيقة أمر طبيعيٌّ تماماً. ويُمكن أن تستغلَّ الأُم فترات نوم الطفل كي تنال قسطاً من الراحة. يمكن أن تستعيدَ المرأة وزنها قبل الحمل من خلال مُمارسة بعض التمارين الرياضية. وعليها أن تبدأ التمارين ببطء، وتزيد مستوى شدتها تدريجياً. كما أنَّ عليها عدم إجبار نفسها على بدء التمارين قبل أن تشعر أنَّها قادرة على ذلك؛ فالمُبالغةُ في التمارين الرياضية يمكن أن تُؤخِّر استعادة الجسم لعافيته.
يحتاج جسمُ المرأة إلى فترة من الزمن كي يتعافى قبل أن تغدو قادرة على استئناف الجِماع. وينصح مقدِّمو الرعاية الصحِّية بالانتظار من أربعة إلى ستة أسابيع قبل ممارسة الجِماع، ممَّا يتيح الوقت لانغلاق عنق الرحم وتوقُّف النزفوشفاء التمزُّقات. ليس هناك فترة مُحدَّدة للانتظار قبلَ العودة إلى الجِماع حالما يستعيد الجسم عافيته. تشعُر بعضُ النساء بأنَّهنَّ مُستعدَّات لاستئناف الجِماع أسرع من غيرهن. ولكن، يمكن لكآبة ما بعد الولادة والتغيُّرات في شكلالجسم أن تؤثِّرا في طول الوقت الذي تحتاج إليه المرأة قبل أن تشعر بأنَّها مستعدَّة للجماع من جديد.