أشهر الأمثال العربية و القصص من وراء تداولها
"الأمثال" واحدة من أقدم العادات العربية التي ما زالت تُستخدم حتى اليوم، ويرجع تاريخ بعضها إلى الجاهلية والعصور القديمة، وحظيت الأمثال الشعبية بعناية خاصة عند الغرب والعرب على حد سواء، ونظرًا لأهميتها في الثقافة العربية، فقد بلغت عناية الأدباء العرب بها مبلغًا كبيرًا، وكان لها طابع مميز.
وضرب الأمثال، واحد من أكثر الأشكال التعبيرية الشعبية انتشارًا وشيوعًا، ولا تخلو منه أي ثقافة، إذ يُجسد أفكار الشعوب وتصوراتها وعاداتها وتقاليدها ومعتقداتها ومعظم مظاهر حياتها، في صورة حية، وفي دلالة إنسانية شاملة، ويمكن اعتباره عصارة حكمة الشعوب وذاكرتها الباقية المتقدة.من أشهر هذه الأمثال العربية وقصص وراء تداولها نقدم لك التالي:
اختلط الحابل بالنايل
يضرب هذا المثل عند عدم امكانية الفصل بين الجيد والسيء في الأمور والتفريق بينهما، بسبب الجدل العقيم وقصة وأصل هذه الحكمة هي:
إن كلمة الحابل تعني الشخص الذي يقوم برمي الرماح في الحرب، والنابل هو الشخص الذي يقوم بتسديد السهام في الحرب أيضًا، وقد تعني كلمة الحابل الشخص الذي يقود الخيول والجمال بالحبال.
ويحكى أن أحد رعاة الأغنام عندما كان يقوم بالتفريق بين الأغنام التي في ضرعها حليب عن تلك التي لا يوجد في ضرعها حليب وذلك ليتم بيع تلك الأغنام، ويحدث في بعض الأحيان أن تختلط تلك الخرفان مع بعضها البعض فيقول الراعي عن تلك الحالة (اختلط الحابل بالنابل) وجرى على لسان العامة مجرى الأمثال والحكم الشعبية.
إقرأي أيضا : تعرفي على سبب تسمية النجم القطبي بهذا الاسم
<<رجع بخفي حنين»
كان حُنَيْن إسكافياً (صانع أحذية) من أهل الحيرة، جاءه أحد الأعراب يريد شراء خفين من عنده، لكنَّ الأعرابي أراد أن يأخذ الخفين بثمن بخس، فبدأ يساوم حُنيناً على سعر الخفين حتَّى فقد الأمل من الجدال ورحل من دون أن يأخذ الخفين.
غضب حنين من الأعرابي وقرَّر أن ينتقم منه، فسبقه في الطريق ورمى أحد الخفين على الطريق، ثمَّ ألقى الخفَّ الآخر بعد بضعة أمتار، وانتظر متخفياً إلى أن وصل الأعرابي إلى الخف الأول فقال: ما أشبه هذا بخف حنين، لو كان معه الخف الآخر لأخذته. واستأنف طريقه فإذا بالخف الآخر مرمياً على الطريق فنزل عن ناقته والتقطه، فندم على تركه الأول وقد حصل على الثاني فعاد سيراً ليأخذ الخفَّ الأول، عندها خرج حُنين من مخبئه وأخذ الناقة بما عليها وهرب.عاد الأعرابي إلى قومه فسألوه: «بم جئتنا من سفرك؟ فقال: جئتكم بخفي حنين»، وجرت مثلاً أن يقال للخائب (عاد بخفي حنين).
ـ «عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة»
يقال المثل للشخص الذي يتصف بصفة الطمع (ألا ينظر الشخص إلى ما بيد غيره حتى يزول ما بيده، ويخسر كل شيء).
هذا المثل له العديد من الروايات والقصص وكلها تؤدي إلى نفس المعنى؛ وأشهرها، كان هناك شخص يحمل عصفوراً بيده وأثناء سيره وجد مجموعة عصافير على الشجرة، فطمع بهم، ومن شدِّة الطمع ألقى بالعصفور الذي بيده للصعود إلى الشجرة والحصول على مجموعة العصافير، لكنَّه لم يفكر أنَّ العصافير ستطير بمجرد الوصول إليها. وبالفعل هذا ما حدث، وبقي وحيداً حزيناً على طمعه، ومن هنا جاء المثل.
وعند جهينة الخبر اليقين
قصة المثل كما ذكرها القاضي والمؤرخ والنسابة الأديب حمد الحقيل في كتابه "كنز الأنساب ومجمع الآداب"، أن رجلًا يدعى الحصين بن عمرو بن معاوية بن كلاب أحدث في قومه حدثًا فخرج هاربًا، فاجتمع برجل من قبيلة جهينة يُقال له الأخنس بن كعب، فتعاقدا ألاَ يلقيا أحدًا إلا سلباه، وكلاهما فاتك يحذر صاحبه، فعرفا أن رجل من لخم قد قدم من عند بعض الملوك بمغنم، فذهبا في طلبه، فوجداه نازلاً في ظل شجرة، فعرض عليهما الطعام فنزلا وأكلا وشربا.
إقرأي أيضا : تعرفي على سبب تسمية النجم القطبي بهذا الاسم
ثم إن الأخنس الجهني ذهب لبعض شأنه، فلما رجع وجد سيف الحصين مسلولاً، والرجل اللخمي غارق في دمه، فسل سيفه، وقال للحصين: ويحك! قتلتَ رجلا حُرِم علينا دمه بطعامه وشرابه! فقال له الحصين: اقعد يا أخا جهينة، فلهذا ومِثله خرجنا، ثم إن الجهني شغل الحصين بشيء، ثم وثب عليه فقتله، وأخذ متاعه ومتاع اللخمي، ثم انصرف إلى قومه راجعًا بماله، وكانت لحصين أخت تسمى صخرة، فكانت تبكيه في المواسم وتسأل عنه فلا تجد من يخبرها بخبره، فقال الأخنس حين أبصرها: (كَصَخرةٍ إذ تسائِلُ في مراحٍ * وفي جرمٍ وعِلْمُهُما ظنونُ/ تُسائِلُ عن حصينِ كلَ رَكْبٍ * وعند جُهَيْنةَ الخبَرُ اليَقِينُ/ فمَنْ يَكُ سائلا عنه فعـندي * لسائِلِهِ الحديثُ المستَبِينُ). فلما تيقنوا لاحقًا من أن الأخنس الجهني قتل الحصين كما قال منشدًا، صار شطر البيت مثلاً، تضربه العرب في معرفة الأخبار وصحتها.
جزاؤه جزاء سنمار
رسم متخيل لقصر الخورنق
سنمار مهندس من بلاد الروم، استدعاه النعمان الأول بن امرئ القيس ملك الحيرة كي يبني له قصر "الخورنق" بظهر الكوفة، فحضر سنمار مع بنائيه، وبعد تفكير طويل، وجد رسمًا جميلاً للبناء، فبنى القصر على مرتفع قريب من الحيرة حيث تحيط به البساتين والرياض الخضراء، وكانت المياه تجري من الناحية العليا من النهر على شكل دائرة حول أرض القصر وتعود إلى النهر من الناحية المنخفضة.
وبعد أن تم البناء على أجمل ما يكون، صعد النعمان وحاشيته ومعهم سنمار إلى سطح القصر، فشاهد الملك المناظر الخلابة وأعجبه البناء فقال: "ما رأيت مثل هذا البناء قط"، فأجاب سنمار: "لكنني أعلم موضع أجرة لو زالت لسقط القصر كله"، فسأله الملك: "أيعرفها أحد غيرك؟"، فقال سنمار: "لا، لو عرفت أنكم توفونني وتصنعون بي ما أنا أهله، لبنيت بناءً يدور مع الشمس حيثما دارت"، فاستقر في نفس الملك أنه لا يجوز أن يظل حيًا من يعرف موضع هذه الأجرة ومن يستطيع أن يبني أفضل من هذا القصر.
إقرأي أيضا : قصة المثل المشهور عادت حليمة لعادتها القديمة
ثم أمر بقذف سنمار من أعلى "الخورنق" فانكسرت عنقه ومات، فاتخذت العرب مما صنعه النعمان بسنمار مثلاً بين الناس، يقال "جزاؤه جزاء سنمار"، لمن يُجزى بالإحسان الإساءة.