ولنبلونّكم

meso · 01-28-2013, 10:23 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

اللهم لك الحمد خيرا مما نقول * وفوق ما نقول * ومثل ما نقول * ولك الحمد بالإيمان ولك الحمد بالإسلام.

عز جاهك * وجل ثناؤك * وتقدست أسماؤك.

من أستنصر بك نصرته * ومن تقرب إليك أحببته * ومن اعتمد عليك كفيته *ومن حاربك خذلته * ومن ضادك كشفت أستاره * وهتكت أسراره * وأظهرت عواره * وفضحت أخباره.

والصلاة والسلام على معلم الخير وهادى البشرية سيدنا وحبيبنا محمد صل الله عليه وسلم.

قال تعالى :(أحسب الناسٌ أن يتركوا أن يقولوا امنا وهم لايقتنون (2) ولقد فتنا من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين (3). ) (العنكبوت : 2 * 3).

ومن أسرار خلودة أنه يعيش مع المبتلين فى الارض فيظهر الله صدقهم ونصحهم ووضوحهم ويعلم الله ثباتهم (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم )(آل عمران :173).

الناس قد جمعوا لكم العراقيل وبالمخططات وبالشائعات فخافوهم *(فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (173) فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم(174) (آل عمران :174*173)

رمانى الخصم بالأرزاء حتى فؤادى فى غشاء من نبال
فصرت إذا أصابتنى سهام تكسرت النصال على النصال
فعشت ولا أبالى بالرزايا لأننى ماانتفعت بأن أبالى.

يقول ابن المقيم رحمه الله : ياضعيف العزم *الطريق شاق وطويل * ناح فيه نوح عليه السلام * وذبح زكرياء *واغتيل فيه يحيى * وذبح فيه عمر * وضرج عثمان بدمائه *وقتل على * وجلدت ظهور الأئمة وحبسوا .

كان صل الله عليه وسلم يبتهل فى الليالى ويقول : (( اللهم أنت الحق * ووعدك حق * والجنه حق * والنار حق * والنبيون حق * ومحمد صل الله عليه وسلم حق )) (1) .

وقال تعالى : (( يأيها النبى حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين (64) )) (الانفال :64 ).

ياحافظ الآمال أنت منعتنى وكفلتنى
وعدا الظلوم على كى يجتاحنى فنصرتنى

الابتلاء تاريخ وقصص طويله منذ أن نزلت

لا إله إلا الله فى الارض .

ابتلى نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صل الله عليه وسلم.

فتعال الى بعض قصصهم * والى تلك الدروس العظيمة التى نستفيد من حياتهم رضوان الله تعالى عليهم .

أما موسى فذاق الأمرين * فهو رسول التوحيد وكان أنقى وأوضح من الشمس فى رابعة النهار.

قال له فرعون : (( فمن ربكما ياموسى )) (طه: 49).
قال : ((ربنا الذى أعطى كل شى خلقه ثم هدى )). (طه :50 ).

ولكن على صدقه ونصحه وعظمته ماذا فعل به ؟

قال أهل التفسير وأهل التاريخ : أتى قارون بكنز عظيم وقال لامرأة داعرة : إذا اجتمع الناس وقام موسى خطيبا فقومى وابكى ومزقى ثوبك وشدى شعرك وأقسمى أن موسى زنا بك.

فقام الجمع وقام موسى يتكلم عن التوحيد والإيمان ..
وقارون يريد أن يمرغ دعوته عليه السلام فى التراب * وأن يمرغ منهجه لئلا يثق به الناس مرة ثانيه * ولئلا يصدقوه * ولكن (ويأبى الله إلا أن يتم نوره ) (التوبه :32 ).

فالنور نوره * والرسالة رسالته * والرسول رسوله * والمنهج منهجه.

قام موسى يتكلم وإذا بالبكاء يرتفع والمرأة تلطم وجهها.
إنها الخطط البائسة * إنها الأكاذيب التى يقدمها بعض المغرضين الحاقدين على الاسلام وعلى علماء الإسلام وعلى دعاة الإسلام.

سكت موسى والتفت إلى المرأة تلعثم وبكى .

أما فى الأرض إلا موسى الذى أرسله الله بالرسالة فيفعل هذة الفعلة الشنيعة؟؟

فوقف يبكى ولكنه صمد وعرف أنه ابتلاء * فرفع عصاه ووقف أمام المرأة وقال : أسألك بالذى شق البحر لى أفعلت ذلك ؟

قالت : لا * ثم بينت أمرها .

قال سبحانه وتعالى :(( يأيها الذين امنوا لا تكونوا كالذين ءاذوا موسى فبرأهٌ الله مما قالوا وكان عند الل وجيها (69) ) (الاحزاب : 69 )
فزاد وجاهة * وزاد قوة * وزاد ثباتا على منهجه لانه صادق.
وعرف الكاذب من أول وهله .

ويوسف عليه السلام اتهم قبل موسى بالزنا من امرأة العزيز فرموا به فى السجن فقال : ( رب السجن أحب إلى مما يدعوننى إليه) (يوسف : 33) .

ومكث فى السجن سبع سنين * وعلم الله أنه صادق ومخلص فأنقذه الله ومكن له فى الارض لأنه صبر على الابتلاء.

فالصبح قريب ولا يأتى الفرج إلا منه سبحانه وتعالى وحده.

أما رسولنا صل الله عليه وسلم
فعاش مع تهمة وريبة وشاءعة استهلكت شهرا من حياته كما يقول المفسرون .

شهرا كاملا أوقف على أعصابه .

لقد أتى المغرضون خصماء الإسلام أذناب اليهود فقالوا :
لقد زنت عائشة !!!

لا والله ... والله لا تزنى وهى الصادقة بنت الصادق والمبرأة من فوق سبع سموات * ولكن هكذا يلطخ الحق *((إنا لننصر رسلنا والذين امنوا فى الحياة الدنيا (51) )) (غافر : 51 ) .
* (( واصبر وما صبرك إلا بالله ) ( النحل :127 ) .

أتى الخبر رسول الله صل الله عليه وسلم فمكث فى بيته لايجف له دمع * لأن دمعة الظلم حارة بعرفها من ذاقها .
ولكن يأتى بعدها التمكين بإذن الله .

يقول الشافعى رحمه الله لمالك : أيبتلى العبد أو يمكن ؟؟
قال : لايمكن حتى يبتلى (( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بإياتنا يوقنون (24) ) ( السجدة :24).

فالرسول صل الله عليه وسلم أصيب فى أعز شى فى حياته * لأن ضياع المال سهل ولو احترق البيت .

وهلاك الاولاد سهل .

وضياع الوظيفة سهل .

فكل شىء يهون إلا أن يبتلى المسلم فى عرضه أو عرض أهله.

فجلس صل الله عليه وسلم شهرا كاملا ينتظر الوحى من السماء ليبرئه من هذه التهمة التى حلت به من فريق المنافقين الذين يتربصون بالصالحين الدوائر فى كل مكان وزمان .

فنزل جبريل بعد شهر بقوله تعالى : (( إن الذين جاءو بالإفك عصبه منكم لاتحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرى منهم ما اكتسب من الإثم والذى تولى كبره منهم له عذاب عظيم (11) لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين (12) )) ( النور : 11 *12 )) .

لكن كثيرا من الناس ما قال هذا الكلام * لأن الشائعة إذا ظهرت فمن يقنع الناس ومن يثبت للناس أنها خطأ .

صح عنه صل الله عليه وسلم أنه قال لأحد أصحابة : ((كيف وقد قيل ))
لما ادعت امرأة أنها أرضعت هذا الصحابى وزوجته وانتشر الخبر.

قد قيل أن صدقا وإن كذبا فما اعتذارك من قول إذا قيلا.

وفى الابتلاء قضايا :

أولها : أن الله عز وجل جعله سنة ليعلم الصادق من الكاذب * وليعلم المؤمن من المنافق * ولو كان كله رخاء ويسر لادعى كل مدع أنه صادق .

ولكن والله ليظهرن الله الصادقين أهل الصلوات الخمس.

ولن يخزى الله أولياءه أبدا .

خاف صل الله عليه وسلم وهو فى غار حراء يوم نزل عليه الوحى لما رأى الملك .

فذهب إلى خديجة رضى الله عنها وأرضاها ترتعد فرائصه .
قال : (( خفت على نفسى )).

فقالت : كلا والله لايخزيك الله أبدا * إنك لتصل الرحم * وتقرى الضيف * وتكسب المعدوم * وتعين على نوائب الحق .

أتظن أن الله يخزى أهل الصلوات الخمس ؟
وأهل القرآن والسنة ؟
وأهل القرآن ؟
وأهل التسبيحات ؟
وأهل الصيام ؟
وأهل قيام الليل ؟
وأهل الصدق مع الله؟

لا والله .

والله إنما يجعل الرجس على الذين لا يؤمنون *وإنما يخزى أعداءه ومحاربى دينه الذين لا يعرفون الصلاة * ولا يعرفون القرآن * ولا يعرفون المسجد * ولا يعرفون السنة * ولا يعرفون الصدق مع الله * ولا يعرفون موعود الله .

- يقول أبوبكر الصديق رضى الله عنه وأرضاه : صنائع المعروف تقى مصارع السوء .

فمن فعل معروفا وقاه الله سبحانه وتعالى منازل الخاسرين*

(( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين(69) )) ( العنكبوت : 69 )) .

ثانيها :

من أسرار الابتلاء التى ينزلها سبحانه وتعالى فى الأرض تمحيص الخطايا والذنوب التى تعلق بالأخيار والتى لا يسلم منها الأبرار فيحتها سبحانه وتعالى حتا .

فنسأله سبحانه وتعالى أن نكون ممن إذا أذنب استغفر * وإذا أنعم عليه وشكر* وإذا ابتلى صبر * فإنها منازل الصادقين .

قالو لعثمان : ادخل على الرسول صل الله عليه وسلم يبشرك
بالجنه على بلوى تصيبك .

فقال : الله المستعان .

ودخلوا على ابن تيمية وهو قد مرض بسبب السجن من أعداء السنة * غفالوا : ماذا أصابك ؟

وكان قد أدخله السجان وأغلق عليه الباب * فقال ابن تيمية : (( فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمه وظاهره من فيله العذاب )) ( الحديد : 13 ) .

فدمعت عيناة وقال :

تموت النفوس بأوصابها ولم يدر عوادها مابها

وما أنصفت مهجة تشتكى أذاها إلى غير أحبابها

- فالإبتلاء تمحيص وتنقيه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس * وهو غسل للقلب ووغسل للمنهج * وغسل للطريق من أوضاره التى تعلقت به *إما شهرة وإما رياء لا يسلم منها العبد .

يقول صل الله عليه وسلم فى الصحيح :(( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير * وليس ذلك إلا للمؤمنين * إن أصابته نعماء شكر فكان خيرا له * وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له )).

- علينا نحن عباد الله أن نتضرع إلى الله ونلتجىء إليه وننطرح بين يديه * لأن النصر بيده ولأن العز فى الزل له .

يقول صل الله عليه وسلم لابن عباس كما عند الترمذى بسند صحيح :

(( احفظ الله يحفظك * احفظ الله تجده تجاهك * تعرف على الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة * إذا سألت فسأل الله * وإذا إستعنت فاستعن بالله * وأعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشىء لن ينفعوك إلا بشى قد كتبه الله لك * وإن اجتمعوا على أن يضروك لن يضروك إلا بشى قد كتبه الله عليك * رفعت الاقلام وجفت الصحف))

- فالقوة التى لاتغلب هى قوة الله .

فينبغى على العبد أن يتخلى عن الأعتماد على الناس * وإنما يعتمد على الله .

وصدق التوحيد * ويعرف ذلك من جرب أن لا إله إلا الله لا تظهر حارة صادقة وقوية إلا يوم يبتلى العبد فهو يقول :

لا إله إلا الله صادقا من قلبه .

ومن أعظم ميز التوحيد أنه يقف معك فى الأزمات .

أسأل الله لى ولكم
الصبر والثبات عند الابتلاءات .

والله أعلم * وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

اللهم يامثبت القلوب والابصار ثبت قلوبنا على دينك والإستقامه.

اللهم أهدنا وأغفر لنا وأرحمنا وأشفنا وأرزقنا
ياأرحم الراحمين .

اللهم أجعل القرآن العظيم نور قلوبنا يالله

اللهم تب علينا يا رحمن * وأشفع بنا ياشفيع
وأجعلنا من أصحاب اليمين ياكريم.

اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد بعد الرضى* اللهم لك الشكر ولك الحمد والحمد لله رب العالمين .

أرجو أن نستفيد جميعنا من هذة الابتلاءات
على الانبياء والرسل * فما بالنا نحن عباد الله
فالنحمد الله على كل شى * وأرجو أن ينال إعجابكن وأسأل الله لى ولكم الصبر والثبات.