هل التمشعر سنَّة؟
لا نزاع أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، والحديث عن المذهب الأشعري بعلم وعدل كافٍ في تحقيق الجواب، وزوال الإشكال، ومن طوامِّ هذا العصر أن يتصدَّر أقوام للخوض في هذه المسألة، فيبعثوا أحكاماً جزافاً وفق ظنون كاذبة أو أهواء جامحة؛ فإطلاق القول بأن الأشاعرة هم أهل السُّنة والجماعة، قد يكون ناشئاً عن قصورٍ بمعرفة السُّنة النبوية وسبيلِ الاعتصام بها، وربما كان باعثه الجهل بحقيقة مذهب الأشاعرة؛ وأسوأ من ذلك كله إن كان جهلاً بسبيل السُّنة و الاتباع وسبيل التمشعر والابتداع!!
وقد ينفر بعضهم من تلك القضايا، ويبدي امتعاضه وأسفه، ويتعلل بأنّ في ذلك إذكاءً للطائفة المذهبية، وتوهيناً من وحدة المسلمين، واجتراراً للخلافات القديمة!!
وما عَلِمَ هؤلاء المتدثرون بوحدة المسلمين أن الاجتماع الصحيح لا يتحقق بقلب الحقائق ومجانبة الصراط المستقيم، وتهوين المحْدَثات في الدين، ومصانعة أرباب البدع ومداهنتهم،ولـمَّا قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- لأبي بكر الصديق- رضي الله عنه-: "يا خليفة رسول الله، تألّف الناس!!"، أجابه الصديّق الأكبر: "علامَ أتألَّفهم: أعلى حديث مفترى أم على شعر مفتعل [1]؟".
بل إن ترك السُّنة وتنكُّب الصراط المستقيم في العقائد والشرائع يوقع تفرقاً وتشرذماً، ومتى آمنوا بالكتاب كله واعتصموا بالسُّنة تحقق الاجتماع والوئام.