توضح هذه المقالة ما تعنيه ولادة الطفل ميتاً فضلاً عن بعض الأسباب التي قد تؤدي إلى حدوث مثل هذا الأمر. يمثّل فقدان الطفل صدمة عنيفة. وعندما يحدث ذلك، تصعب معرفة كيفية التعامل مع هذا الحدث على الصعيدين العملي والعاطفي على حدٍ سواء.
نوضح لك في هذه المقالة ماذا سيحدث بعد ذلك، ونمدّك ببعض الاقتراحات حول ما يمكنك فعله وأنت تخطين خطواتك الأولى في رحلة الحزن على فقدان طفلك.
هذه الرحلة لا تخصك أنت وزوجك فقط، بل تخص أيضاً بقية العائلة والأصدقاء. لذلك، قد تكون مقالتنا مفيدة أيضاً إذا كنت تدعمين شخصاً مقرباً منك قد عانى من الخسارة.
ما معنى ولادة الطفل ميتاً؟
التعريف الطبي لولادة الطفل ميتاً هو ولادته بدون ظهور أي علامة تدل على أنه على قيد الحياة، وذلك منذ الأسبوع 24 من الحمل أو ما بعد. ربما يكون الطفل قد مات أثناء الحمل (وتسمى هذه الحالة "الموت داخل الرحم")، أو أثناء المخاض أو الولادة. وتعتبر ولادة الطفل ميتاً حدثاً نادراً.
ماذا يحدث عندما يموت الطفل داخل الرحم؟
عندما يموت الطفل داخل الرحم، تتمثل الحقيقة المحزنة في أن الأم ما زالت تحتاج إلى الاستمرار وانتظار الولادة. كما أن خسارة طفلك ستأتي بمثابة صدمة كبيرة بالنسبة لك. قد لا تفكرين في نفسك نهائياً، لكن لا يزال الأطباء بحاجة إلى تقديم النصح حول ما هو أفضل لصحتك.
سيعمل الأطباء على مراعاة مشاعرك وأحاسيسك عندما يوضحون لك ما الذي سيحدث بعد ذلك. غالباً، سيبدأ تحفيز المخاض لديك بصورة غير طبيعية (الولادة المحرّضة). ستقوم طبيبتك بمناقشة هذا الأمر معك وتعطيك بعض الوقت لاستيعاب الموضوع قبل البدء بتحريض المخاض لديك.
يرغب بعض الآباء والامهات في اللجوء إلى الولادة المحرضة في أقرب وقت ممكن. بينما يفضل البعض الآخر الانتظار بضعة أيام لاستيعاب ما حدث ومعرفة ما إذا كان المخاض سيبدأ من تلقاء نفسه أو قد تذهب بعض الأمهات إلى عيادة أخرى لتأكيد حدوث الوفاة.
قد تشعرين كأنك مخدرة وغير قادرة على اتخاذ أي قرار، بينما سينتاب الأطباء القلق على صحتك وسلامتك. في حال الاعتقاد باحتمال إصابتك بعدوى، سوف ينصحونك بالخضوع للولادة المحرّضة على الفور. وسواء تمّ تحريض المخاض لديك أو دخلت فيه بشكل طبيعي، سيتم إدخالك إلى جناح الولادة في المستشفى.
إذا كنت حاملاً بتوأم أو أكثر وتمّ اكتشاف وفاة طفل واحد، قد تنصحك طبيبتك بعدم اللجوء إلى الولادة المحرضة. سيتغير الأمر كثيراً بحسب حالة الاطفال وإن كانوا يتشاركون أو لا يتشاركون نفس المشيمة، وبحسب مرحلة الحمل التي حدثت فيها الخسارة. قد تفضل طبيبتك إعطاء طفلك أو أطفالك الآخرين فرصة للنمو والنضوج لفترة أطول قليلاً داخل رحمك.
بعدها يمكن أن يولد أطفالك في نفس الوقت، الأمر الذي يعتبر أفضل لصحة طفلك الآخر أو بقية أطفالك الآخرين. يشعر بعض الآباء والامهات بالاستياء والانزعاج من فكرة حمل الأطفال معاً بهذه الطريقة، على الرغم من أن البعض الآخر يجد أن هذا الأمر يبعث على الراحة والاطمئنان.
ماذا يحدث عندما يموت الطفل أثناء الولادة؟
من النادر أن يموت الطفل بشكل غير متوقع أثناء المخاض أو الولادة. عندما لا تسير الأمور على ما يرام، يكون ذلك بمثابة تجربة مؤلمة ومخيفة للآباء والأمهات. قد لا يستطيعون استيعاب ما يجري، بينما ينشغل بشدة الفريق العامل في المستشفى بالتعامل مع هذه الحالة الطارئة فلا يتمكن من شرح الأمور بشكل واضح.
فيما بعد، قد يتم اكتشاف وجود عيب خلقي أو عدوى أدت إلى ولادة الطفل ميتاً. مع أن السبب، في معظم الحالات، حدوث أمر ما أثناء المخاض أو الولادة. يحتمل أن يؤدي وجود مشكلة في المشيمة أو الحبل السري، مثل حدوث عقدة في الحبل السرّي، إلى عدم وصول ما يكفي من الأوكسيجين إلى الطفل.
ما الذي يسبب ولادة الطفل ميتاً؟
لا يمكن دائماً معرفة السبب الذي أدى إلى وفاة الطفل. وهذا هو السؤال الوحيد الذي يرغب الآباء والأمهات في الحصول على إجابة له: لماذا توفي طفلهم. مع الأسف، في أكثر من معظم الحالات لا يستطيع الأطباء الإجابه على سؤالهم.
لكننا نعرف بعض العوامل التي قد تؤدي إلى ولادة الطفل ميتاً:
- ببساطة، عدم نمو الطفل بشكل كاف داخل الرحم.
- وجود عيب جيني أو جسدي في الطفل. وهذا يعني أن دماغ أو قلب أو أي عضو آخر من أعضاء الطفل لم ينمُ بشكل تام.
- التعرّض لنزيف حاد بعد 24 أسبوعاً من الحمل. يمكن أن يحدث هذا عندما تبدأ المشيمة بالانفصال عن بطانة الرحم. ما يعرف بانفصال المشيمة.
- الإصابة بتسمم أو انسمام الحمل، مما قد يقلل من تدفق الدم إلى الجنين عبر المشيمة. وترتبط هذه الحالة بانفصال المشيمة.
- إصابة الأم بمرض معين، مثل مرض السكري، أو حالة تصيب الكبد تسبب الحكة والحساسية لدى الحامل (الأوبستيتريك كولاستييسيس)، أو إذا كانت تعاني من مشكلة في تخثر أو تجلّط الدم.
- مشكلة تتعلق بالطريقة التي تتم بها ولادة الطفل. قد ينحشر كتفا الطفل عند خروجه من قناة الولادة (عُسر الولادة بسبب الكتفين)، مما يقلل بشدّة من تدفق الأوكسيجين إليه.الإصابة بعدوى أو التهابات مثل اللستيريوسيس، أو السالمونيلا، أو التوكسوبلازما .
يكون معظم الأطفال المولودين ميتين خدجاً أو مبتسرين (مولودين قبل الأوان) أو مولودين بحجم أصغر مما يجب أن يكونوا عليه مقارنة بمرحله الحمل التي قد بلغوها.
ما الذي يحدث بعد ولادة الطفل ميتاً؟
قد يعرض عليك أن تري أو تلمسي أو تحتضني طفلك إذا كنت ترغبين في ذلك. وهو قرار شخصي للغاية. قد يجد بعض الآباء والأمهات أن رؤية طفلهما ذات أثر ايجابي على المدى الطويل، بينما لا يرى البعض الآخر ذلك.
قد تدعوك غرائزك الفطرية إلى رؤية وعناق طفلك، لكن المخاوف بشأن الشكل الذي قد يبدو عليه قد تدفعك إلى التراجع.
يشعر كثير من الآباء والأمهات بالعزاء والراحة في خلق ذكريات تتعلق بطفلهم. قد تصبح الصور الفوتوغرافية أو بصمة اليد أو القدم أو خصلة من الشعر تذكارات عزيزة تعطي الآباء والامهات شيئاً يشغلهم عن حزنهم. كما يرغب بعض الآباء والأمهات في غسل طفلهما.
يوجد في معظم أقسام أو أجنحة الولادة غرفة هادئة حيث يستطيع والدا الطفل وعائلتاهما الجلوس معاً بعد فقدان الطفل.
لا أستطيع التعامل مع فقدان وخسارة طفلي. أين يمكنني أن أجد المساعدة؟
يستطيع الأشخاص التكيف مع صدمة فقدان طفلهم بطرق مختلفة تماماً. قد تشعرين بأنك تريدين العودة إلى وضعك الطبيعي في أسرع وقت ممكن. من ناحية أخرى، ربما ترغبين في الانسحاب من الحياة الطبيعية لفترة طويلة لتعيشي مع خسارتك.
قد يكون من الصعب التعامل مع هذه الخسارة جسدياً أيضاً. فجسمك في حد ذاته سيذكرك دائماً بخسارتك طفلك. سيكون لديك نزيف مهبلي وسوف ينتج ثدياك الحليب (اللبن)، الأمر الذي قد يؤلمك ويثير مشاعرك بشكل كبير.
ما تأثير ذلك على حملي التالي؟
قد يكون من الصعب اتخاذ قرار محاولة انجاب طفل آخر. وربما يكون ذلك آخر شيء يخطر على بالك في الوقت الحالي، أو قد يكون هو كل ما تستطيعين التفكير فيه. تشعر بعض الأمهات برغبة ملحّة في أن يصبحن حوامل مرة أخرى بشكل سريع.
أثناء الكشف بعد ستة إلى ثمانية أسابيع من ولادة طفلك، ستجري لك طبيبتك فحصاً شاملاً للتأكد من أنك تتعافين بشكل جيد. وتعتبر هذه فرصة جيدة لطرح الأسئلة التي خطرت على بالك فقد حصلت على وقتٍ كافٍ للتفكير. يمكنك مناقشة رغبتك في محاولة الحمل مرة أخرى إذا كنت مستعدة للحديث عن ذلك.
يعطي انتظارك فترة من الوقت، ستة أشهر أو نحو ذلك، قبل محاولة الحمل مرة أخرى جسمك فرصة للشفاء والتعافي. قد يساعد هذا الأمر أيضاً على إعطاء طفلك التالي بداية جيدة. ربما يرغب بعض الآباء والامهات في التخطيط للحمل التالي بحيث لا تتزامن أي تواريخ هامة مع تلك التي تتعلق بالطفل الذي ما زالوا يحزنون على فقدانه.
إذا لم يكن هناك تفسير لولادة طفلك ميتاً، فقد يكون من المريح أن تعرفي أن ليس هناك سبباً يدعو لتكرار الحدث. إذا كان لدى طفلك عيوب خلقية أو تشوّهات وراثية، قد يتم تحويلك للحصول على استشارة وراثية. وسيتيح لك هذا الإجراء فرصة لمناقشة الخيارات بشأن الحمل التالي.
إذا كان لديك مشكلة صحية في المرة السابقة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، فقد تتمكنين أنت وطبيبتك من العمل معاً للحد من احتمال ولادة طفل ميت مرةً أخرى. تنطبق هذه الحالة خاصة إذا كانت لديك مشكلة تتعلق بالمشيمة أو بنمو طفلك. ربما تقلل المتابعة والاختبارات والتحاليل الإضافية من احتمال تعرّضك لخسارة ثانية. إذا أصبحت حاملاً مرةً أخرى في المستقبل، فعلى الأرجح أنك ستشعرين بالقلق، وربما يعيد الحمل إليك الكثير من الذكريات والعواطف غير المرحب بها والتي تتعلق بخسارتك السابقة.
تشعر بعض الأمهات بالسعادة لعودتهن إلى نفس المستشفى ونفس الفريق الطبي. بينما يفضل البعض الآخر تغيير الطبيبة والمستشفى