ما هي التوبة ...! ) 1/9/1431هـ
لست واعظاً , وذاك فنٌ لا أجيده , ولكنها خلجات قلبية أتمنى أن تكون معبرة عما عجم اللسان عن قوله .
سألت نفسي أكثر من مرة , وفي أكثر من مناسبة , ماذا تعني التوبة بالنسبة لي , ولكل مسلم ؟! , وجال الفكر وصال , وخرجت بعدها بقناعة متماسكة أن التوبة :
هي مراجعة نفسية إيمانية ـ ضرورية ـ يمنح النفس الحرية للخروج من أغلال الذنوب والأخطاء .
أرى أن البعض قد تبسم وقال : مهلك ...! هل من جديد ؟ , أقول : نعم , لأني لم أكن أعرف عن التوبة إلا أنها مرحلة صعبة لمن يعاقر الكبائر . وأحياناً كثيرة كنت أحس أن الموضوع لا يعنيني بل يعني شخص آخر , ولا أدري من هو تحديداً ؟!! . وأريد أن تطرح على نفسك نفس السؤال : هل مارست التوبة قبل ؟! وماذا تعني لك .
قال e : (منتوضأمثلوضوئيهذا، قام فصلى ركعتين ، لا يحدث فيهما نفسه بشيء ، غفر له ما تقدممنذنبه ) .
قم فتوضأ وأحسِن الوضوء , ثم صلِّ لله ركعتين وأنت خاشع لا تحدث نفسك بشيء من الدنيا وضوضائها , فقط ليكن همك هذه الركعتين , ولتكن كصلاة المودع , حاول أن تستشعر أن هذه فعلاً آخر ركعتين في هذه الدنيا , وبعدها سترحل لحياة البرزخ , حيث سينقطع حبلك بكل شيء من حولك إلا بالله , حيث ستواجه عملك وما قدمته لنفسك , حيث ينتهي وقت الفسحة والإمهال ليأتي وقت الحساب ومعرفة الكاسب من الخاسر .
إنها لحظات قد لا تدوم أكثر من دقائق معدودة , ولكنها تمنح صفاء للنفس , واعترفاً بالعبودية والذل لله , إنها تذكرك بأن هناك غاية تعيش لها , وأن كل الصخب والحركة المجاورة لك ما هي إلا أحداث قد مر بها الملايين مثلك , إنها لحظات مهمة لتغذية الإيمان وزيادته , إنها لحظات مهمة لحفظ السكينة للنفس , إنها لحظات مهمة لاكتساب الهدوء واللذة الروحانية , إنها تخفيف مهم عما أثقل الكاهل حمله من الذنوب والأخطاء , إنها اغتسال نفسي لا مثيل له .
إنها باختصار التوبة التي يتحدث عنها الجميع وكأن المقصود بها أحد آخر .