ياأبتاه .... لو كان غير الجنة لأثرتك به ....
"يا أبتاه.......لو كان غيرالجنه لآثرتك به"
في بيت من بيوت المدينة جلس خيثمة بن الحارث رضي الله عنه يتجاذب أطراف الحديث مع ابنه سعد فيما يتعرض له الإسلام من مكائد
الكفار ، وفجأة يكف خيثمة رضي الله عنه عن الحديث ويصيخ بأذنيه كأنما يحاول أن يلتقط صوتاً آت من بعيد ، لكنّ أذنيه تخذلانه فيطلب من ابنه أن يستجلي الأمر ويأتي له بالخبر اليقين.
ويسارع سعد يلبي طلب أبيه ، ثم لا يلبث أن يعود والبشر يعلووجهه ويتجه نحو سلاحه فيتمنطق به ويهم بالخروج وقد نسي أن يخبر أباه بالذي رأى وسمع .
ويثب خيثمة رضي الله عنه من مجلسه ويعترض طريق ابنه سعد وهو يقول : يا بني أرسلتك تستجلي حقيقة الأمر وأراك تحمل سلاحك وتنطلق مسارعاً دون أن تخبرني شيئاً .
فيقولسعد وقد أدرك الخطأ الذي وقع فيه :
عذراً يا أبتاه شغلني عنك نداء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو للنفرة إلى بدر فأسرعت أجيب النداء .
ويطرقخيثمة رضي الله عنه قليلاً ثم يقول : مهلاً يا بني أتراك أقدر مني على النفرة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، إني والله لأشد رغبة في النفرة منك ولكن لابد لأحدنا أن يقيم مع نسائنا فأقم أنت ياسعد وخل بيني وبين النفرة مع رسول الله - رسول الله صلى الله عليه وسلم- .
ويجيبه سعد : لا والله يا أبتاه ما يقعدني عن النفرة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر ** فإن شئت أن تخرج أنت فاخرج ولنسائنا رب ٌ يحميهن .
ويكرر الأب الشيخ رجاءه : يا بني إني قدبلغ مني الكبر مبلغه وأنت لا يزال أمامك بإذن الله متسع من العمر وما هذه بآخر نفرة تنفرها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاآثرني بالخروج اليوم يا سعد** وأقم أنت مع نسائنا .
ويطرق سعد قليلاً ثم يخاطب أباه بأدب جم :يا أبتاه والله ما في الدنيا شيءٌتطمع به نفسي من دونك ، أما هذه فلا إنها
الجنة ووالله لو كان غير الجنة لآثرتك به.
ويطول الحديثبين الأب الشيخ والابن الشاب دون جدوى فلا يجدان بداً من الاستهام .... فيفوز سهم سعد فيعانق أباه ويودع أهل بيته وينطلق يلحق بركب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وتمضي الأيام والأب الشيخ المؤمن لا يفتأ يدعو لابنه بخير أن يرزقه الله الجنة أو النصر .. ثم لا تلبث أخبار بدر تتوالى ... ويأتي لخيثمة رضي الله عنه من يبشره باستشهاد ابنه سعد فلا يزيد أن يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، صدقت الله يا سعد فصدقك الله وإني لأرجو أن تكون فزت بالجنة .
وتتوالى الأيام والليالي وخيثمة بن الحارث رضي الله عنه لا يفتأ يذكر ابنه سعداً شهيد بدر .
وينطلق في أجواء المدينة صوت منادي رسول الله صلوات الله وسلامه عليه يدعو المؤمنين للنفرة إلى أحد فيسارع خيثمة رضي الله عنه يلبي النداء ، فيتلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم القائد ببسمة مشفقة .
ولكأن خيثمة رضي الله عنه يدرك ما في نفس رسوله القائد صلى الله عليه وسلم من إشفاق على شيخوخته وضعفه فيقول :
يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله لقد كنت حريصاً أن أنفر معك إلى بدر لكن ولدي سعداً فاز فيها من دوني فرزقه الله الشهادة والجنة ولقد رأيته البارحة في نومي وهو على أحسن صورة يسرح في ثمار الجنة وأنهارها ويلح علي يقول :
يا أبتاه إلحق بنا ترافقنا في الجنة فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً.
وإني يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أصبحت مشتاقاً إلى مرافقة سعد في الجنة وقد كبرت سني ورق عظمي وأحببت لقاء ربي فخل بيني وبين أحد وادع الله لي أن يرزقني الله الشهادة فأدخل الجنة وألحق بولدي سعد .
ويرق قلب الرسول القائد - صلوات الله وسلامه عليه - لخثيمة فيدعو له بما أراد .
وحين احتدمت المعركة كان خيثمة بن الحارث رضي الله عنه يصول ويجول كأنما هو في شرخ الشباب وما زال يثخن بالكافرين الجراح ويثخنونبه الجراح حتى تغلبه الجراح فيخرشهيداً في سبيل الله ويلحق بإذن الله بولده سعد في الجنة يسرح في ثمارها وأنهارها .... رضي الله عنهما وأرضاهما ....
قصة مؤثرة نقلتها لعلنا نستفيد منها جميعا ** فهي نموذج رائع وجميل لحب الله تعالى والاخلاص له سبحانه وتعالى وحب للشهادة في سبيل الله ............
رزقنا الله واياكم الشهادة في سبيله تعالى ** والاخلاص في القول والعمل .....آمين
...