شرح حديث: ( اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ... الخ )
روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه* أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ ).
⚪فأول هذه الأمور الأربعة*
جهد البلاء: وهو كل ما أصاب المرءَ من شدة ومشقة* وما لا طاقةَ له به.
فيدخل في ذلك: المصائب* والفتن التي تجعل الإنسان يتمنى الموت بسببها.
ويدخل في ذلك الأمراض التي لا يقدر على تحملها أو علاجها.
ويدخل في ذلك: الديون التي لا يستطيع العبد وفاءها*
ويدخل في ذلك: الأخبار المنغصة التي تملأ قلبه بالهموم والأحزان والنكد وتشغل قلبه بما لا يُصبَر عليه.
ويدخل في ذلك: ما ذكره بعض السلف من : قِلَّةُ المالِ مع كثرة العيال.
⚪ الثاني* درك الشقاء: أي* أعوذ بك أن يدركني الشقاء ويلحقني.
والشقاء ضد السعادة.
وهو دنيوي وأخروي*
أما الدنيوي* فهو انشغال القلب والبدن بالمعاصي* واللهث وراء الدنيا والملهيات* وعدم التوفيق.
وأما الأخروي* فهو أن يكون المرء من أهل النار والعياذ بالله.
فإذا استعذت بالله من درك الشقاء* فأنت بهذه الإستعاذة تطلب من الله ضده* ألا وهو السعادة في الدنيا والآخرة.
⚪ الثالث* سوء القضاء: وهو أن تستعيذ بالله من القضاء الذي يسوءك ويحزنك*
ولكن إن أصابك شيء مما يسوء ويحزن* فالواجب هو الصبر مع الإيمان بالقدر خيره وشره* وحلوه ومره.
ويدخل في الإستعاذة من سوء القضاء: أن يحميك الله من اتخاذ القرارت والأقضية الخاطئة التي تضرك في أمر دينك ودنياك. فإن من الناس من لا يوفق في اتخاذ القرار المناسب* وقد يجور في الحكم* أو الوصية* أو في العدل بين أولاده* أو زوجاته* أو رعيته* أو من تحت مسؤوليته إذا كان وزيرا* أو رئيسا* أو مديرا.
⚪الأمر الرابع في هذا الحديث* هو الاستعاذة بالله من شماتة الأعداء: والمرء في الغالب* لا يسلم ممن يعاديه. وَعََدُوُّكَ يَفْرَحُ إذا حصل لك ما يسوءُك* ويَغْتَمُّ إذا حصل لك ما يُفرِحُك* أو رأى نعمةً مُتَجَدِّدةً لك.
فأنت بهذه الاستعاذة* تسأل الله أن لا يفرح أعداءَك وحُسَّادَك بك* وأن لا يجعلك مَحَلَّ شماتةٍ وسُخريهٍ لهم.
سواء كانت عداوتهم لك دينية* أو دنيوية.
واحرص أيها المسلم أن لا تكون من الشامتين* فإن ذلك من مساويء الأخلاق* ولأن الإنسان قد يشمِت بأخيه* فلا يلبث أن يُبتَلى بمثل ما ابتلي به غيره*
فقد تشمت بمريض فتُبتَلى*
وقد تشمت بفقير فَتُبْتَلَى بالفقر*
بل قد تشمت بمن ابْتُلي بمعصية* كالزنا أو المخدرات فَتُبْتلى والعياذ بالله*
والمشروع أن تسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
ففي هذا الحديث: دليل على استحباب الاستعاذة بالله من هذه الأمور المذكورة. فينبغي للمسلم أن يستعيذ بالله منها* وأن لا يحرم نفسه من المداومة عليها* لعل الله أن يستجيب له.
وينبغي أن يعلم ذلك زوجته وأولاده* وأن يحثهم على حفظ هذا الدعاء والمداومة عليه* فو الله لئن استجاب الله لك فأنت ذو حظ عظيم.
من كلام الشيخ / أحمد بن محمد العتيق