حقيقة الوحام وما هي أعراضه وهل للعامل النفسي دور؟
يقترن الوحام بالحمل، ويعتبره كثير من النساء عارضاً مهماً لحدوث الحمل، لكنه غالباً ما ترتبط أعراضه لدى كثير من النساء بما يسمى بدوار الصباح، أو الإحساس بالغثيان، والميل إلى القيء والشعور بالإجهاد خاصة عند النهوض من الفراش في الصباح الباكر، وعادة ما يصاحبه دوخة بسيطة، في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، مع تقلب في مزاج المرأة، وهناك من يراه ملازماً لنصف عدد الحوامل تقريباً،

هناك نسبة قليلة من الحوامل يصبن بهذه الأعراض في وقت مبكر جداً من الحمل، أي قبل أن تظهر نتيجة تحليل الحمل المخبرية، أما النسبة الكبرى منهن فتبدأ لديهن أعراض الوحام، ومشاكله عادة من بداية الشهر الثاني، وتستمر حتى نهاية الشهر الثالث، وهناك البعض ممن تظهر عليهن هذه الأعراض في أوقات مختلفة خلال اليوم، كما أن هناك نسبة معينة غير معلومة من الحوامل لا يصبن بمثل هذه الأعراض على الإطلاق، لكنهن قلة، وإن أرجع المختصون ظاهرة الوحام إلى العوامل النفسية في المقام الأول.
ما حقيقة الوحام؟ وما هي أعراضه؟ ولماذا يقترن بالغثيان؟ وكيف تتعامل معه السيدة الحامل حتى تقضي فترة حملها بسلام؟
الأسباب العضوية للوحم حتى الآن غير معروفة على نحو كامل فهي مجموعة من العوامل تعزى في نهاية الأمر إلى التغيرات الهرمونية واختلاف سكر الدّم عند حدوث الحمل - وأحد أهم هذه التغيرات هو إفراز هرمون الحمل hcg الذي ينتجه الجسم بكميات متضاعفة بعد تعشيش البويضة في جدار الرحم - وهرمون الأستروجين الذي يسجل زيادة في بدايات الحمل ترهف حاسة الشم وتجعلها كثيرة التأثر بما تشمه لذلك تزداد حاسة الشم بقوة لدى النساء الحوامل اللائي لديهن معدلات أعلى من هرمون الأستروجين في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل .. أيضاً هرمون البروجسترون progesterone والذي من شأنه مع هرمون الأستروجين زيادة قدرة الجسم على كشف الكمية القليلة من السموم الموجودة في الدم - بالتالي وعندما تكتشف هذه المنطقة في الدماغ وجود نسبة قليلة من السموم الموجودة في الدم تتحرك أحاسيس الغثيان والقيء على الفور !!
إقرأي أيضا: الجفاف عند الحامل من أهم الأعراض التي تظهر مُبكّراً
يعتبر الإحساس بالغثيان في فترة الحمل إحساساً طبيعياً جداً تصاب به معظم السيدات، وهو بالتأكيد إحساس مزعج للغاية، ولكن لا مفر منه، وعادة لا ينصح الأطباء بالأدوية الخاصة بالتقيؤ، على الرغم من أنها غير ضارة، إذا كان بالإمكان تحمل هذه الأعراض، خوفاً من استسهال أو تهاون المريضة في استخدام هذه العقاقير. وتختلف أعراضه شدة وليناً بين أنثى وأخرى، فإما أن يكون خفيفاً، فلا تشعر به المرأة، وإما أن يكون شديداً فيصبح القيء آنذاك متعدداً ومتكاثراً فينهك المرأة ويضعفها.
إن التغيرات في هرمونات الأستروجين والبروجسترون والهرمونات الأخرى عند حدوث الحمل - يمكن النظر إليها على أنها ردود أفعال عصبية هرمونية يقوم بها جسم المرأة الحامل كسلاح ردع أو نظام دفاعي .. والباحث "مارجي بروفت" من جامعة كاليفورينا - باركلي - كان أول من لفت نظر الباحثين والوسط الطبي إلى هذا الموضوع في عام 1955م - فـقد رأى أن الوحم رحمةٍ إلهية - فهو آليّة هدفها حماية الجنين الذي ينشأ داخل جسم الإنسان بشكل معجز وأنه يحمي الجنين من السموم الطبيعية في الأغذية .. وحسب الإثباتات والاكتشافات فإن التي تتجنب بدافع الوحم تناولَ بعض الأغذية في فترات حساسة خلال الحمل تتمتع بحظّ عال لإنجاب مولود سليم.
وقد تزداد حالة المرأة سواء في بعض الأحيان بحيث تستعصي على جميع العلاجات المسكنة مما يضطر الطبيب لوصف المصل أو الحقن بالعقاقير أو إسعاف المريضة في المستشفى. وتظهر علامات الوحام عادة في الصباح الباكر ثم تزول بعد ذلك بساعات قليلة. وقد لوحظ بأن المناظر البشعة، والرائحة الكريهة والشديدة، أو رائحة بعض الأطعمة والمعدة الفارغة، جميعها تتسبب في تعكير صفو النفس وحدوث الغثيان، وهذا ما دفع الأطباء إلى الجزم بأن أسباب الوحام هي على الغالب أسباب نفسية عصبية، تنشأ على أثر اضطراب في التوازن الفيزيولوجي في الجملة العصبية النباتية. وإذا علمنا أن نصف الحوامل، أو أكثر، لا يصبن بالوحام وأعراضه، أدركنا ما للعامل النفسي من أثر بالغ في حدوثه.
إقرأي أيضا: تعرفي أكثر على أعراض مغص الحمل عند السَّيدات
العامل النفسي
إن شعور الحامل بحملها وتحسبها لما قد ينجم عنه من أحداث، وما يترتب عليه من مسؤوليات يرهق نفسها ويزيد في ارتباكها ويهيج جهازها العصبي إلى درجة تصبح فيه المناظر الكريهة أو الروائح الشديدة قادرة على إثارة القيء بكل سهولة. على هذا الأساس تبدل اتجاه معالجة هذا «العرض» للحوامل. فبينما كنا نلجأ إلى غسل الكلى لتخفيف السموم من جسم الحامل، أصبحنا نعالجها بالعلاج النفسي، والإقناع الكلامي دون اللجوء إلى استخدام الأدوية والمسكنات، لذلك فإنني أشدد على وجوب معالجة الوحام الشديد بالتأثير النفسي قبل الأدوية، إذ تبين لي أن حوالي خمسة وسبعين في المئة من النساء الحوامل المصابات بعوارض الوحام حصلن على نتيجة باهرة بواسطة هذا العلاج».
ومن جانب آخر - تزداد حساسية الجنين ضد المواد الكيميائية خلال الأشهر الثلاثة الأولى للحمل نظرا لتكون الأعضاء فيه - وفي هذه الفترة يكون الضغط على نظام المناعة للأم كي لا يَرفُض الجنين - وذلك عبر إحداث تغيير حيوي وإعجازي حيث يلتصق الجنين بجدران الرحم التصاقا شبيهًا بانتشار جذور الشجرة في التربة .. وعلى الرغم من أن هذا الضغط على الجهاز المناعي للأم قي صالح الطفل - إلا أنه قد يكون سلبيا للأم التي تصبح في هذه الحالة عُرضة للجراثيم المسببة للأمراض ولذلك يتحوّل جهاز الالتقاط في دماغ الأم إلى وضع حساس جداً كي لا تقبل الأم الحامل الأغذية الفاسدة والمحتوية على البكتيريا في الفترة التي يقع فيها الضغط على نظام المناعة.
العلاج
وبخصوص علاج الوحام بشكل عام، إلى انها تنصح الحامل بأن تشغل نفسها عن التفكير الدائم بالحمل بتسلية ما مفيدة، كمشاهدة أفلام الفيديو، والسينما أو القراءة أو زيارة الأصحاب، وعدم التفكير بالقيء أو الغثيان قبل حدوثه، وملازمة الفراش بعد الاستيقاظ، لا سيما بعد تناول الفطور، لمدة ربع ساعة حتى لا تتشنج عضلات المعدة ويبدأ القيء، ومن المفضل تناول فطور الصباح في السرير، وتجنب الزبدة والمواد الدهنية في وجبة الصباح، والاكتفاء بشيء من الطعام الخفيف، مثل العسل واللبن والأرز بحليب والبيض، وإبقاء المعدة مملوءة في معظم أوقات النهار، وذلك بتناول وجبات قليلة من الطعام خلال النهار، أو بتناول شيء بسيط من البسكويت مع بعض جرعات قليلة من الحليب أو الكاكاو أو الشاي بين الوجبة والوجبة والأخرى أي في الساعة العاشرة قبل الظهر والساعة الرابعة بعد الظهر.
إقرأي أيضا: الحمل بدون أعراض وكل ما ترغبي بمعرفته عنه
وتناول الأطعمة الخفيفة عند الظهر، مثل شوربة الخضراوات والسلطة والخبز الأسمر. أما العشاء فيكون من اللحم الأحمر الطازج أو المشوي على نار خفيفة. مع قليل من الخضراوات، أو البطاطا المسلوقة أو المشوية، أو سلطة البندورة مع الخس وقليل من المربى. وقبل النوم، بإمكان الحامل أخذ قطعة من الخبز أو البسكويت العادي مع كوب من الحليب الفاتر، أو البارد، أو الكاكاو. وعليها أن تعرف أن هذا البرنامج الغذائي هو مؤقت ويستعمل حتى يزول الغثيان والوحام، وبعد ذلك يجب العودة إلى الطعام العادي.