أحـــــــلام هــــــاربــــــــــــة
سيطر الصباح على النفوس ** استيقظ البشر ** دبت الروح فيهم بعد السبات ** استيقظ هو بمزاج سيء ** وجاره أيضا ** وجار جاره ** أهل الحي ** أطفالهم ** شبابهم ** شيوخهم ** غارقون في مزاج سيء ** سيء كيوم خريفي كئيب ** بينما هم في سكرتهم ** شق صمت الكآبة صرخة مزقت أشلاء الأمل ** بكى الاطفال لهول ما سمعوه ** وأوجس الكبار في نفوسهم خيفة ** وردد الصمت مرارا ** ما الذي حدث ...؟؟؟!!!
بحثوا عنها حتى وجودها ** فتاة في العشرين من عمرها الوردي ** رقيقة الملامح ** شاحبة اللون ** باكية **
رددوا بهمس ** همس يستفز المشاعر ** مــــــا بــــــــك...؟؟؟
رددت بلوعة ** بصوت شج صمتهم وهمسهم **
"... لقد رحلتْ ** رحلتْ وتركتني لبرد ليلي ينهش عظامي ** كانت هنا بالأمس ** لكني استيقظت على فجيعة فقدانها ** عاهدتني أن لا تفرقني ** لكنها اغتالت العهد ** فأضحى في عداد الموتى ** ....."
ردد الجميع ** بشيء من الدهشة المكبوتة **
"..من هي ذي التي رحلت...؟؟؟؟ ..."
رددت كثكلى ألقت بصغيرها إلى شفاه الموت **
"......أحلامي ......"
غطت علامات اللامبالاة الوجوه **
قتلت المفاجأة لهفتهم **
فغادروا ****
غادروا إلا طفل ** ليس كباقي الاطفال ** بابتسامة ملائكية ** نطق **
" .... ستعود ** صدقيني ** غادرتني أحلامي مرة وأنا نائم ** لكني رجوتها ان تعود ** قد تكون أحلامك كأحلامي ** أحلامي كرهت أن انشغل عنها لذا ** غادرت بصمت ** عاهديها أن لا تجعليها طي النسيان ** وستعود ** حتما ستعود ** ....."
ما عادت فتاتنا ترى ما حولها لترقرق دموع عيناها ** مسحتها ** نظرت لتوجهه للطفل كلمة شكر كسيرة ** لكنه ** اختفى **
نظرت للشمس وإذا بها تميل للغروب ** ياااه ** كيف مر الوقت دون ان نشعر **
جاهدت للوقوف ** رغم حداثة سنها ** اتكأت على باب بيتها الحديدي ** ليسندها **
دخلت غرفتها ** وإذا بالصعيق يكسوها ** قررت ** أن تعمل بنصيحة الطفل ** فهي لا تملك ما يمكن خسارته **
رددت في شجن ** والدموع تنهال ** رددت كطفل فقد الامان **
".....أقحمت نفسي بالكثير مؤخراً .. ظلمت حلمي بابتعادي وانشغالي عنه ** أقحمت نفسي بما لن أستطيع عليه صبراً ** أوقفت زماني ولزمت الوقوف في مكاني دون حراك ** ولكن إلى متى؟؟؟إلى أن أفتح عيناي فأجد حلمي قد هجرني ؟؟!! أم إلى أن أصحو فإذا بالعالم يبكي على حطامي؟؟؟!!! إلى متى سأرضى بأن تكون لحظاتي رهينة لمجرد طيف؟؟؟ لا ** لا لن أرضى ** لن أسمح بذلك مجددا ** أي هوان ألقيت نفسي إليه؟؟؟ أي ظلمٍ ظلمته عمري الذي يمضي ساحباً معه ما تبقى من أحلامي؟؟؟ أي خذلان قذفت به أمتي؟؟؟ آآآآآآآه أمتي ** ما الذي دهاك وما الذي دهاني؟؟؟!!! أمتي ** أمتي ** شوقٌ لطالما ناداني وأنا في غياهب سكرتي .. تجاهلت ندائك مراراً ** ولكن ألمك من جهة ** وشوقي من جهة أخرى أبوا إلا أن أعود لأجمع شتات أحلامٍ أخفيتها طويلاً في ثنايا صدري لتكون السبيل إلى خلاصك ** لن أنساك مجدداً ** لن أتجاهل حاجتك وشوقك لربانك الذي لطالما ناديته نداء لأم الثكلى لروح فلذة كبدها ** أمتي ** هاأنا أعود كي أجفف دمعك .. أضمد جرحك ** هاأنا أعود كي أطرد ما اعتراك منبرد الهوان ** أعود لأنفض ما علق بك من غبار المعتدين ** أمتي ** عاد ربان سفينتك ** فحلمي أكبر بكثير من مجرد ألمي ** كفى ما كان ولننسى ......"......
غلبها النوم ** كانت مرهقة حد الثمالة **
أشعة أثيرية تدخل من النافذة ** لا ** لم تكن الشمس ** بل هو عبق الفجر **
وقفت ** وقفت وسحرٌ عجيب يغطي ملامحها ** وقفت إلى شرفتها التي لطالما تبادلت معها الأحاديث ** حديثاً ماتعاً تارةً ** ومثيراً للضجر تارةً أخرى ** كانت أحاديثهما كتلك الهمسات التي يطلقها نسيم الفجر البارد ليبعث الأمل في نفوس المصلين ** وقفت لتحدثها حديثاً لا كالحديث ** حديث ذا شجون وآلام ** حديث لم تجرؤ قبلا أن تواجه نفسها بحقيقته ** ولكن وقت البوح قد حان ** فالقلب ما عاد يحتمل التستر على ما كان يرنو بين جنباته من هوان وصغر ** وها قد باحت ** وسكن الفؤاد ** عاد الحلم يزين أيامها ** يحدوها لتستمر في درب طويل إختارته سبيلا ** وها هي فتاتنا تمضي ** وتمضي الحياة **