بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معلومات غريبه سبحان الله عن سورة الكهف:
أن قصة "أصحاب الكهف" ابتدأت بالآية (9)، وانتهت بالآية (26)، ورأينا التناسق العجيب في تطابق رقم السورة (18) مع عدد الآيات التي روت لنا قصتهم في السورة، والتي بلغت أيضًا (18) آية. ولقد رأينا في فصل سابق أن لفظ الجلالة ((رحيم)) كان متصلاً مرتين اتصالاً مميّزًا بالعدد (9)، وذلك في سورتي التوبة (9) والشعراء (26)، ثم وجدنا ارتباطين وثيقين لهذا العدد أيضًا في سورة النمل في الآيتين (12) و(48)، ولاحظنا أيضًا أن العدد (9) جاء مرتين مقترنًا بالآيات التسع التي آتاها الله تعالى موسى عليه السلام، وذلك في الآية (101) من سورة الإسراء والآية (12) من سورة النمل! فهل نجد دلالة كهذه في سورة الكهف؟
عند الرجوع إلى سورة الكهف نجد أن كلمة ((الكهف)) وردت فيها (4) مرات، وأن كلمة ((كهفهم)) جاءت فيها مرتين. وبذلك يكون مجموع ورود لفظ ((كهف)) في السورة كلها (6) مرات. وإنه حقًا لمن العجيب أن نجد أن كلمة ((كهف)) جاءت لأول مرة في القرآن في الآية الـ(9) من هذه السورة، في حين أن آخر مرة كانت في الآية الـ(25)، والتي انتهت لدهشتنا بكلمة ((تسعًا))، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾(1)!
كما ونلاحظ أيضًا أن الآية التي وردت فيها كلمة ((كهف)) لأول مرة، وهي الآية الـ(9)، تعدّ (10) كلمات، أما الآية التي جاءت فيها هذه الكلمة لآخر مرة، وهي الآية الـ(25)، فهي تعدّ (8) كلمات، وعليه فيكون مجموع الكلمات في الآيتين مساويًا لـ(18) كلمة، مع العلم أن (18) هو حاصل ضرب (9) في (2)، وهو في الوقت نفسه عبارة عن رقم ترتيب السورة في القرآن الكريم.
وذكرنا أيضًا أن مجموع آيات القصص الثلاث التي وردت في السورة يساوي (57) آية، ثم تعرّضنا لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، والتي جاء فيها أن من حفظ الآيات العشر الأوائل أو الآيات العشر الأواخر من السورة عُصم من فتنة الدجال.
وبما أن عدد آيات سورة الكهف (110)، لذلك تبقى (110 – 20 = 90) آية كريمة محصورة بين الآيات العشر الأوائل والآيات العشر الأواخر. فإذا طرحنا الآن عدد آيات القصص الواردة في السورة من هذا العدد، تبقى (90 – 57) = (33) آية موزّعة في ثنايا هذه السورة الجليلة. فما هي دلالة هذا العدد؟
إذا شملنا جميع آيات القرآن الكريم، نجد أن الآية التي احتوت على أكبر ذكر للأرقام والأعداد الصحيحة، هي الآية (22) من سورة الكهف، والتي جاء فيها قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾(2).
وعند التعمّق في هذه الآية نجد أولاً أنها احتوت على أعداد أصلية: (ثلاثة، خمسة، سبعة)، وكذلك على أعداد ترتيبية: (رابعهم، سادسهم، ثامنهم)(3).
فإذا قمنا بجمع الأعداد نحصل على: (3 + 4 + 5 + 6 + 7 + 8 = 33). لقد ظهر العدد (33) إذن من جديد! ولكن الأمر لا يقف عند هذا الحدّ! لأن هذه الآية الكريمة تكوّنت بنفسها من (33) كلمة.
ثم نجد عددين آخرين قد تمّ ذكرهما في الآية (25) من القصة نفسها، هما (300) و(9). فإذا قمنا بإحصاء جميع الأعداد الواردة في القصة، نحصل على: (3 + 4 + 5 + 6 + 7 + 8 + 300 + 9 = 342 = 19 × 18). ولقد رأينا تداخلاً لهذا العدد من قبل من جرّاء مقارنتنا بين سورة التوبة وسورة النمل، مع العلم أن سورة الكهف قد توسّطت هاتين السورتين! هذا بالنسبة للأعداد! ولكن، ماذا بخصوص الكلمات الواردة في قصة أصحاب الكهف كلها؟ عند إحصاء الكلمات من الآية الـ(9) وحتى الآية الـ(26)، نجد أنها تعدّ (336) كلمة:
الآية
9
10
11
12
13
14
15
16
17
الكلمات
10
16
7
9
11
19
18
19
34
الآية
18
19
20
21
22
23
24
25
26
الكلمات
22
38
13
32
33
7
17
8
22
مجموع الكلمات الكلي = 336 كلمة
ويلفت انتباهنا في الجدول أعلاه أن عدد كلمات الآية الأولى والأخيرة في النصف الأول يساوي (10 + 34 = 44) كلمة، وأن عدد كلمات الآية الأولى والأخيرة في النصف الثاني يساوي أيضًا (22 + 22 = 44) كلمة، وكذلك عدد كلمات الآية الوسطى في النصف الأول والآية الوسطى في النصف الثاني من آيات القصة يساوي هو الآخر (11 + 33 = 44) كلمة:
النصف الأول
الآية
9
.
.
.
13
.
.
.
17
الكلمات
10
.
.
.
11
.
.
.
34
النصف الثاني
الآية
18
.
.
.
22
.
.
.
26
الكلمات
22
.
.
.
33
.
.
.
22
فما السرّ في هذا الترتيب؟ لا بدّ أن نقف هنا مع الأعداد التي تمّ استنباطها. فمن ضمن الأعداد التي تعرّضنا لها آنفًا وجدنا (22، 33، 44)، ولقد ذكرنا منذ البداية أن آيات سورة الكهف تساوي (110)، والتي انتصفت بالآية (55) أيضًا! فنلاحظ أن هذه الأعداد الواردة لا تتغيّر حين عكسها، أي أنها تبقى ثابتة.
وبما أننا نتكلم هنا عن الأعداد، فنجد أن قصة أصحاب الكهف حوت جذرين لكلمة ((عدد))، الأول في الآية (11): ﴿فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا﴾، والثاني في الآية (22): ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم...﴾. والعجيب أن مجموع رقمي هاتين الآيتين يساوي مرة أخرى (33)! إننا نقف هنا حقًا أمام نظم محكم وميزان حسابي في غاية الدقة والإبداع!
ومن اللافت للإنتباه أيضًا أن إحصاء الكلمات، من أول قصة أصحاب الكهف في الآية (9) حتى آخر كلمة في الآية (11)، وهي كلمة ﴿عَدَدًا﴾، يعطينا (33) كلمة من جديد، أي أن كلمة ﴿عَدَدًا﴾ هي الكلمة الـ(33) ابتداءًا من أول القصة. فتدبّر!
ومن ثمّ، فإن إحصاء الكلمات من كلمة ﴿عَدَدًا﴾ في الآية (11) وحتى نصل إلى كلمة ﴿ِعِدَّتِهِمْ﴾ في الآية (22)، يزيد من يقيننا في مذهبنا هذا. ذلك أن مجموع هذه الكلمات يساوي (234) كلمة بالضبط! أي أن كلمة ﴿ِعِدَّتِهِمْ﴾ هي الكلمة الـ(234) ابتداءًا من كلمة ﴿عَدَدًا﴾.
أما زلت تذكر هذا العدد؟ نعم.. إنه ليس إلا حاصل ضرب العدد (9) في (26)! فسبحان الله العظيم! إذ لا بدّ للعدد أن يدلّ على المعدود، وخاصة عندما نعلم أن قصة أصحاب الكهف تواجدت بين الآية (9) والآية (26).
ثم تزداد دهشتنا عندما نعلم أن عدد الكلمات من أول قصة أصحاب الكهف وحتى نصل إلى قوله تعالى: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ...﴾، أي قبل أن نصل إلى قوله تعالى: ﴿ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾، يساوي (308) كلمة بالضبط، أي أن أن كلمة ﴿ثَلاثَ﴾، في ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ...﴾ هي الكلمة الـ(309) من بداية القصة. فسبحان الله العظيم! إذ تأتي بعدها مباشرة العبارة المعجزة: ﴿ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾! والعجيب أن الفارق بين العددين (342) و(309) هو مرة أخرى (33).
ثم نجد وجهًا آخرًا من الإعجاز في تكرار الحروف التي كوّنت كلمة ((كهف)) نفسها! ذلك أن إحصاء نسبة تكرار هذه الحروف في السورة كلها يعطينا ما يلي: حرف "الكاف" تكرّر في السورة (173) مرة، وحرف "الهاء" تكرّر (314) مرة، في حين أن حرف "الفاء" تكرّر فيها (174) مرة.
وبما أن السورة اتّصفت بالوسطيّة كما رأينا من قبل، فنجد أن هذه الظاهرة قد تحقّقت أيضًا في تعداد هذه الحروف. ذلك أن حرف "الهاء" توسّط حرفي "الكاف" و"الفاء". ومجموع تكرار هذين الحرفين معًا يساوي (173 + 174 = 347)، وعليه يكون الفارق بينهما وبين الحرف الوسط هو مرة أخرى (347 – 314 = 33)! فسبحان ربي العظيم! مرة أخرى (33)! فما هي دلالة هذا العدد العجيب(4)؟
عند الرجوع إلى الآيات الـ(6) التي ذُكرت فيها كلمة ((كهف)) بالصيغتين: ((الكهف)) و((كهفهم))، نجد أن ترتيبها في السورة كان كالتالي: (9، 10، 11، 16، 17، 25). فإذا قمنا بجمع هذه الأعداد معًا نحصل على العدد (88). وعند التوجه إلى السورة (88) في القرآن نجد أنها سورة الغاشية. ونلاحظ أن هذه السورة هي الوحيدة في كل القرآن التي تكوّنت من (26) آية(5)!
فإذا قمنا بإحصاء عدد الكلمات الواردة في سورة الغاشية حتى نصل إلى الآية الـ(9) منها، سنجد أنها تساوي مرة أخرى (33) كلمة. ومن المعلوم أن سورة الكهف نزلت بعد الغاشية!
لقد قمنا حتى الآن بإحصاء الأعداد الترتيبية والأصلية التي وردت في الآية (22) من سورة الكهف، ولكن ماذا لو عالجنا كل مجموعة منها على حدة؟ لقد رأينا في هذه الآية أن الأعداد الأصلية خصّت دائمًا "أصحاب الكهف"، أما الأعداد الترتيبية فخصّت كلمة ((كلبهم)).
ولنبدأ بإحصاء الأعداد الأصلية: فعند جمع هذه الأعداد نحصل على العدد: (3 + 5 + 7 = 15). وعند الرجوع إلى القرآن الكريم نجد فيه (3) علاقات خاصّة بالعدد (15): الأولى نجدها في الآية (15) من سورة الكهف، والتي تكوّنت من (18) كلمة، علمًا بأن الحديث هنا يدور حول أصحاب الكهف وأن رقم السورة في القرآن هو (18)!
وأما العلاقة الثانية، فتكمن في السورة التي ترتيبها في القرآن (15)، وهي سورة الحِجر. فمن الواضح أن إسم هذه السورة يشير إلى علاقة وثيقة بكلمة ((الكهف)). إذ من المعلوم أن "أصحاب الحِجر" كانوا ينحتون بيوتهم من الجبال، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ﴾(6)، فجاء هذا المعنى مناسبًا لكلمة ((الكهف)).
وأما العلاقة الثالثة التي تخصّ العدد (15) في القرآن، فنجدها في السورة الوحيدة التي تكوّنت فيه من (15) آية، وهي سورة الشمس التي رقم ترتيبها في القرآن هو (91). والعجيب في الأمر أن كلمة ((شمس)) تكرّرت في كل القرآن الكريم (33) مرة بالضبط!
أما بالنسبة للأعداد الترتيبية التي وردت في الآية (22)، والتي خصّت دائمًا كلمة ((كلبهم))، فإن مجموعها يعطينا العدد: (4 + 6 + 8 = 18)! مع العلم أن الآية (18) في السورة تكوّنت بذاتها من (22) كلمة، ووردت فيها كلمة ((كَلْبُهُمْ)) لأول مرة في السورة، وهي ما جاء في قوله تعالى: ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوْ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا﴾(7)! ولا يفوتنا هنا أن هذه الآية تضمّنت كلمة ﴿ِعِدَّتِهِمْ﴾ التي ترتيبها داخل الآية هو من العجب أيضًا (18)!