لم تعد أمي تستطيع المشي!
كنت في الصف الثالث على ما أظن،
وكانت أمّي حامل، وأثناء فترة حملها،
فقدت القدرة على المشي!
وبدون أسباب طبية معروفة!
كان هذا حزنًا أكبر من كتفيّ الصغيرتين،
مساعدة الآخرين لها كانت تصيبني بحزن يشبه أن تتعرض للضّرب حتّى البكاء!
كل يوم حين أعود من المدرسة كنتُ أجلس بجانبها و أشعر بتأنيب ضمير لا أعرف من أين ينبع !
كنتُ أشعر أنّي عاجزةٌ تمامًا..كان ذلك أقسى من الكلمات!
وفي حصة دين حكت لنا المعلمه قصة أيوب عليه السلام ، قالت لنا إنّه مرض ثم دعا: "إني مسنيَ الضرّ وأنت أرحم الراحمين"
حفظت الدعاء بيقين طفلة،
و عندما عدت إلى المنزل جلست بجانب أمي ..
لازلت أتذكر مكاني والنافذة وضوء الشمس ومريولي والزاوية التي جلست فيها..
حكيت لأمّي قصة أيّوب وأنا أعتقد أنّها لا تعرفها!
أخبرتها بدعاء أيّوب كبشاره لها..
قلت لها أن الله سيشفيها كما شفى أيوب إن دعت بهذا الدعاء..
كانت أمي بالطبع تعرف قصة أيّوب ,لكنّها رددت معي الدعاء
فتنزلت على قلبي السكينة و أصبحتُ أنتظر المعجزة!
بعد أيّام قرأت خالتي في كتاب أن نقص فيتامين b يسبب عدم القدرة على المشي لبعض النساء عند الحمل
عرفت أمي السبب
تعالجت
شُفيت
ثمّ .. عادت تمشي!!؛
لم تعد بعدها دعوة تبلغ أقصى قلبي كـ "إنّي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين"
صرت حين أناجيه اقول له في آخر الحزن
"و أنت أرحم الراحمين"
لقد كنت أنا و أُمّي مثيرتين للحزن في تلك الظهيرة..
وربما لو رآنا أحد منكم حينها لدمعت عيناه كما تدمع عيناي الآن فقط لتذكر الموقف..
لكنني أريد أن أقول شيئًا مهمًا
بعد أن شفيت أمي وكبُرت،
وصار كل ما مر قصة لها نهاية سعيدة!
أقول ألم يكن الله حينها في تلك الظهيرة أرحم الراحمين ؟
ما أريد أن أقوله لكم
حتى لو كانت أحزانك مثيرة للشفقة من أحدهم
فلتقل (و أنت ارحم الراحمين).
لأنّه فعلاً سيرحمك كما لا يستطيع أحد أن يفعل !
حتى لو رحمت نفسك وبكيت لأنّك تتوجع على ذاتك قل له سبحانه "وأنت أرحم الراحمين"
ستتفاجأ أن رحمته ستكون أكبر من رحمتك لنفسك ..
خبؤوها في خزائن قلوبكم
"إنّي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين"
هذه ليست قصة من مجلة إنّها قصة أمي!
والأهم أنها قصة أيوب عليه السلام التي رواها الله سبحانه "ومن أصدقُ من الله حديثا؟"
- ملاحظةٌ أخيرة:
لقد كانت أمي تعرف الدعاء لكنها احتاجت أن أذكّرها به لتشفى..
الآن، أنا أذكركم به لتشفى كل أحزانكم وأحزاني *
لـ إيمان القرشي .