|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الوهاب من أسماء الله الحسنى , ويعنى المنعم على عباده ...
والوهاب هو الذى يعطى عباده الهدايا الغالية النادرة بلا شرط وبلا مقابل ..
والهبة من الوهاب : تعنى العطاء بلا مقابل وعدم انتظار ردها..
وذكر اسم الوهاب فى القرآن الكريم : حين قال الله تعالى فى كتابه : (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) آل عمران الأية (8)
فلا وهاب غير الله تبارك وتعالى , فالبشر ممكن أن يكونوا واهبين وليس وهابين , لأن الواهب هو الذى يعطى هدية مرة أو مرتين , ولكن الوهاب هو من تتعدد وتختلف هداياه وتعظم ..
فالبشر يعطونك وينتظرون كيف ترد , ولكن الله العظيم يعطى حبا وودا ولا ينتظر منك شىء فهو الغنى ...
فالحق سبحانه وتعالى لا ينال من عطائه على العباد أى مقابل على الإطلاق , وإن قيل أنه جل شأنه يبغى من هذا العطاء أن يعبد مصداقا لقوله تعالى : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)
فإننا نقول أن هذه العبادة التى تعبدنا بها ليست مقابلا لعطاياه جل وعلا لأنه الغنى عما سواه على الإطلاق , ولا حاجه به لغيره
فى وجوده ولا فى بقائه , وفى ذلك يقول الله عز وجل
(يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد(15) إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد (16) وما ذلك على الله بعزيز
(17)) سورة فاطر
ويقول في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعها فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا شري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك ما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).
فقد علمتى من هذا الحديث القدسى الرائع , أن العبادة ليست شكر لله تعالى على ما وهبنا به , ولكن هذا التزام منك للعبادة , وأن نفعل ما يريد الله تعالى ويأمرنا به وأن نبتعد عن الذى نهانا الله تعالى عنه ...
والحق سبحانه وتعالى هو الوهاب أزلا وأبدا .. فحين خلقنا عز وجل من العدم كان ذلك هبة منه جل وعلا .. فبدن الإنسان هبة .. وعقله هبة .. وسمعه هبة .. وبصره هبة .. وقلبه هبة. الكون بكل ما يحوي من مخلوقات هبة منه عز وجل للإنسان .. فالهواء الذي نتنفسه هبة .. الماء الذي نشربه هبة .. والطعام الذي تخرجه لنا الأرض هبة .. والدواب التي تحملنا إلي الأماكن المتباعدة هبة .. الشمس التي تمدنا بالدفء والضوء هبة .. القمر الذي نسير على أشعته ليلا هبة منه تبارك وتعالى.
ولو أردنا أن نعلم الهبات التى أعطانا الله تعالى إياها ما نجحنا أبدا لأنها كثيرة وعظيمة لا نستطيع حصرها ...
* فالرسالات السماوية التي يرسلها ليهدينا بها إلي سواء السبيل هبة منه جل وعلا .. الهداية والانتقال من الكفر إلي الإيمان هبة منه، وفي ذلك يقول جل شأنه: (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحدٍ أبداً ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم )"21" (سورة النور)
فيجب علينا تذكر هداياه دائما , ولابد أن نعرف أن الله تعالى هو الوهاب.. وإن لم تتذكر هذه الهدايا فهذه مشكلة كبيرة !!
لأنه قد تكون 1-شخصا لا يستحق حب الله تعالى ..
2-وقد تكون شخصا غافلا , فأصبح الله تعالى لا يعطيك لأنك لا تستحق ..
- وأمر هام جدا هو إبليس لعنه الله , لأنه ينسيك هبة الله عليك بأمرين وهما : 1-أن يعدد لك المصائب ..
2-يزين لك شىء غير الهبة التى لديك.. فلا تجعله ينتصر عليك ..
إذن ما هو الغرض من الهبة من الله تعالى : هما أمرين : 1- أن الله تعالى يحب عباده .
2-أن الله تعالى يقربك إليه , فأنت شخص بعيد عنه غافل فيريد الله تعالى أن يلفت نظرك بهدية سبحاااااان الله تعالى ...
ومن أقوال سفيان الثورى : (لا عجب يتودد إلى سيده , العجب كل العجب من سيد يتودد إلى عبده !)
* الزوج هبة من الله عز وجل لزوجته، والزوجة هبة لزوجها، والأطفال هبة للوالدين وفي ذلك يقول جل وعلا: (لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور "49" أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير "50" (سورة الشورى)
* فعطاء الله عز وجل هبة، ومنعه هبة، النعمة قد تكمن في جوف النقمة، والنقمة قد تكمن في جوف النعمة، ولا يعلم أين الخير من الشر سوى الله عز وجل علام الغيوب. ويجب على الإنسان أن يعتقد اعتقاد جازما بأن كل شيء هبة من الله تبارك وتعالى حتى تلك الأشياء التي نظن أننا نكتسبها بالأسباب .. ولو ظن الإنسان أن ما به من نعمة من كسبه وعمله ونسى فضل الله عليه فإنه لا محالة سيفقد هذه النعمة .. وقد رأينا ماذا فعل الله عز وجل بقارون حينما أدعى أن ما به من نعمة قد جاءته بعلمه وعمله.
* ورسل الله عليهم جميعا افضل الصلاة وأتم التسليم كانوا يدركون جيدا أن كل شيء موهوب من الله، لذلك كانوا في دعائهم يستخدمون الفعل (هب) دون غيره من أفعال الدعاء .. ومن هذه الأدعية التي وردت في القرآن الكريم قوله تعالى: (الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق )(سورة إبراهيم ـ 39)
وقوله سبحانه:( هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذريةً طيبة )(سورة آل عمران ـ 38)
وقوله الحق: (رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين )"83" (سورة الشعراء)
والإنسان يجب أن يلجأ في كل طلب إلي الله عز وجل لأنه وحده هو الوهاب الذي يعطي بلا مقابل، كما أنه هو وحده الذي يملك خزائن كل شيء، حتى تلك الأشياء التي نظن أنها بيد فلان من الناس .. وقد قلنا من قبل إن الإرادة الإلهية تسخر الأسباب، بينما الأسباب لا تملك أن تغير هذه الإرادة. والمولى عز وجل كما أخبر عن نفسه قال: (أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب )"9" (سورة ص) ومهما تحدثنا عن أسماء الله تعالى لا نستطيع ذكر كل معانيها , , كم هى جميلة لإله لا مثيل له فى صفاته العالية , ورحمته بالعباد ..
أستعجب لمن يبتعد عن عبادته وحده , أيها الغافل توجه لله الواحد الأحد , واعلم شىء من صفاته , لعلك ترجع إليه بقلب نادم خاشع لرب العالمين ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|
|