بيت سعد بن فيصل
الساعة العاشرة والنصف مساء
باحة البيت الأمامية
سيارة مشعل تتوقف
ومريم تتنهد بعمق.. فهي كانت متوترة طوال المشوار القصير
رغم أن سعدا لم يجلس ملاصقا لها حتى.. وهو يتركها بحريتها ويترك بينهما مسافة فاصلة
سعد نزل ثم دار من ناحية باب مريم وفتح لها الباب وساعدها على النزول
وهي ماتزال تنزل كانت أم فارس تصل وتساعدها بدورها
حتى أدخلتها للبيت وساعدتها على خلع عباءتها بخفة
سعد مد يده لها وهمس لها بحنان: يالله بنطلع فوق
حينها تنهدت مريم وهي وهي تدخل ذراعها في ذراعه وتحتضن عضده بخجل
لم ترد أن تكون ضريرة تحتاج من يقودها
بل عروسا ذراعها في ذراع عريسها
تأثر سعد بعمق من حركتها المحتمية العميقة فوضع كفه الثانية على كفها الساكنة على ذراعه وهمس لها: سمي بسم الله
همست بخجل: بسم الله
هنا كانت تجهل الاتجاهات تماما
لذا تعلقت به بقوة أكبر وهي تخطو خطوتها الأولى
وكلما شدت على ذراعه كلما انتفض قلبه تأثرا
همست بخجل: آسفة لو ضايقتك.. بس أنا خايفة لأني مادل في بيتك
همس لها بابتسامة ودودة: تدرين؟؟ بادعي إنش ما تدلين.. عشان تبقين متقبضة فيني كذا
مريم شعرت بالخجل فأرخت قبضتها قليلا.. فهمس لها بمرح: خلاص يا بنت الحلال سحبت كلامي
وهو يتكلم مع مريم لمح أم صبري التي وصلت من يومين تطل عليهم بحرج
نادها باحترام: أم صبري تعالي
تقدمت العجوز الممتلئة قليلا بملامحها الودودة وهي ترتدي جلابية سوداء واسعة وحجابا أبيض اللون وهي تهمس بحرج: مبروك ياعرايس
مش عايزة أغلس عليكو.. بس كنت خايفة تكونوا عاوزين حاجة
أم فارس بمودة: هلا والله يأم صبري حياش الله
وسعد همس لمريم بهدوء: هذي أم صبري.. مدي يدش يأم صبري لمريم
أم صبري من سكان البيت وأي شيء تبينه يامريم بتساعدش فيه
تناولت العجوز يد مريم الممدودة في الهواء ومريم تهمس لها بعذوبة: حياش الله يأم صبري
تراش هنا مثل أمي
أم صبري بتأثر: سعد غالي علينا آوي.. وغلاوتك هتبئى من غلاوته.. وانتي هتبئي زي بنتي.. وهاحطك في عنيا الاتنين
همست لها أم فارس: أم صبري العشاء اللي أرسلته حطيتوه في الغرفة
أم صبري باحترام: كلو زي ما أمرتي..
ثم همست أم فارس لسعد بمودة: يالله اختك.. اطلع بعروسك.. خلني أتوكل على الله
همس لها سعد باهتمام: تكفين وضحى شوفي العيال قبل تروحين
أم فارس ابتسمت: لا توصي حريص فديتك.. وعيالك رياجيل ما ينخاف عليهم
مريم لم تخطئ نبرة اهتمامه وقلقه عليهما.. تمنت أن تستطيع بالفعل مساعدته على الاهتمام بهما
عاود سعد التشديد في احتضانه لذراعها وهو يصعد بها لأعلى
ومريم تبرمج ذهنها للتعرف على الاتجاهات وعدد الدرجات
حتى وصلت لغرفته/ لغرفتهما
فتح الباب وهمس لها: سمي مريم..
لأول مرة ينادي اسمها منذ بدء زفتهما.. بدا لها اسمها متألقا بنبرته الرجولية
أن تسمع اسمها من رجل غير والدها وأشقائها.. بنبرة مختلفة ومشاعر مختلفة
اختلاف عميق ودافئ شعرت به يغلف روحها
همست بعمق: بسم الله.. اللهم أعطنا من خيره.. وأكفنا شره
دخلت بتوتر وهي تشتم في الجو رائحة بخور لطيفة المفضل.. شعرت بالشجن والامتنان للطيفة.. لا تعلم كيف ترد للطيفة كل أفضالها عليها
وهي ترهقها بالتسوق والترتيب وهي خرجت للتو من إجهاض دون أن تشتكي مطلقا
سعد أدخلها حتى أجلسها على الأريكة
حينها سلمت أم فارس عليها وهي تهمس لها: ما أوصيش في سعد
ثم سلمت على سعد وهي تهمس لها: ما أوصيك في مريم
ثم أردفت بصوت عالي: ويالله اسمحوا لي أستأذن
هذا عشاكم عندكم.. وأنا بجيكم بكرة الصبح قبل صلاة الجمعة
ثم صمتت لدقيقة وأردفت بحزن: وطالبتكم إذا صليتوا ذا الحين إنكم تدعون لفارس والعنود ربي يهدي كل واحد منهم للثاني
سعد احتضن شقيقته وقبل رأسها وهمس لها بحنان: لا تشغلين بالش
الله كريم ويهديهم اثنينهم قادر على كل شيء
أم فارس غادرت وأغلقت الباب خلفها
مريم حين سمعت صوت اغلاق الباب انتفضت بعنف.. الشيء الذي لاحظه سعد
جلس جوارها وتناول كفها واحتضنها بقوة وهمس لها: لا تخافين من شيء
وتراني ما أعض ولا أكل
مع أنش من حلاوتش الواحد وده ياكلش
مريم صمتت بخجل
بينما سعد أمضى دقائق في تأملها
تأمل كل شيء فيها.. حتى خطوط الحناء الدقيقة على أناملها الزبدية الساكنة في كفه
تنهد بعمق وهو ينتزع نفسه من ضغط أفكاره ومشاعره
وهمس لمريم: خلينا نقوم نصلي... تبين توضين؟؟
همست مريم: أنا على وضي.. بس أبي سجادتي.. وصلني للدولاب وأنا بأخذها
سعد بحنو: أنا بأجيبها لش
مريم بهدوء رقيق: لا سعد.. أنت منت بعندي على طول تجيب اللي أبي
أنا عارفة مكانها.. أم محمد شرحت لي الترتيب.. بس وصلني للدولاب
سعد أوصلها للدولاب ثم خلع ثوبه وغترته ليتوضأ
مريم أزالت المشابك من شعرها ووضعتها في علبة في الدولاب وفقا لتوصيات لطيفة
ثم تناولت السجادة وهي تعود أدراجها لتجلس في ذات المكان الذي أجلسها فيه سعد
حينما خرج وهو يجفف وجهه ويديه.. وجدها أكثر ألقا وخصلها الملتوية تتناثر على وجهها الشفاف بشكل بالغ الجاذبية
همس بهدوء يحاول به تجاوز تأثره المتزايد بها: ماشاء الله رجعتي بروحش..
ابتسمت مريم بشفافية: كلها خط مستقيم.. يعني مافيها ذكاء الرجعة
همس لها سعد بعمق: تدرين إن ابتسامتش تأخذ العقل
همست مريم بخجل: شكلك تحب تجامل واجد
همس سعد بشفافية: واللي خلق عيونش الحلوة
إني ما أجامل
همست مريم بألم حاولت ألا يتسلل لصوتها ولكنها فشلت: زين قول شيء غير عيوني عشان أصدق
كان قد جلس جوارها حينها.. فلمس شفتيها بطرف اصبعه وهمس بعمق: زين ولو قلت واللي خلق شفايفش الحلوة.. مستحيل يكون عندش اعتراض
لأنهم مهوب حلوين بس.. إلا موت
أبعدت مريم وجهها بخجل وهمست بخفوت: نقوم نصلي؟؟
*************************
بيت محمد بن مشعل
الساعة 11 ونصف
غالبية المدعوات غادرن ولم يتبق إلا لطيفة وموضي ومشاعل والعنود
لطيفة همست: أنا بأقوم أروح لبيتي.. بناتي تأخروا ماناموا
موضي بهدوء: اخذيني معش لأنه أنتي مارة بيت هلي مارة (موضي ستبات في بيت أهلها.. وبيت عبدالله بن مشعل يقع بين بيت محمد وبيت ابنه مشعل
فلطيفة ستعبر بيت والدها قبل أن تصل بيتها)
هتفت العنود التي كانت تعاني من صمت غريب من بعد زفة مريم: تكفين موضي امسي الليلة في بيتش.. خلني أنام عندش
ما أقدر أنام ومريم مهيب في البيت
التفتت موضي للطيفة وابتسمت: خلاص روحي يأم محمد.. ما نصير نعطلش أكثر.. ذا الزين كله ماله خانة كن أبو محمد ماشافه
مشاعل ابتسمت: زين وأنا براءة خلاص.. أطلع لغرفتي؟؟
العنود تغتصب ابتسامة: توكلي على الله..
ثم التفتت لموضي: وأنتي يا ماما الروحية الجديدة الله يعينش على غثاي.. انتظريني أجيب بيجامتي وأروح معش
*********************************
بيت مشعل بن محمد
لطيفة وصلت للبيت وهي تحمل جودي التي تشعر بالنعاس
بالكاد أبدلت لها ملابسها ونامت
ثم وضعت مريم في سريرها.. وقرأت الأذكار على الاثنتين
ثم توجهت لغرفة أولادها ووجدتهما نائمين.. وذلك يعني أن مشعلا هنا منذ بعض الوقت
قرأت الأذكار على الولدين ثم توجهت لغرفتها
لم يخطر ببالها حتى تنظر لأي من المرايا في طريقها للتأكد من شكلها كما كانت تفعل حتى في أيام غضبها الأول من مشعل
كانت تريد أن يراها دائما جميلة
ولكن الآن لا يهمها أن يراها جميلة أو بشعة
لا تعلم ما الذي حدث لها.. شيء في روحها قد مات.. انتهى.. ذهب للفناء
دخلت غرفتها بخطوات هادئة
سلمت على الجالس يقلب أوراقا في يده
رد عليها وهو يبتسم لها بإعجاب عميق
كانت تريد التوجه لغرفة الملابس لاستبدال ملابسها
همس لها بعمق خاص: تعالي جنبي حبيبتي
توجهت له بآلية وجلست جواره
همس لها بنبرة إعجاب حقيقية: وش ذا الزين كله ياقلبي؟؟
ردت عليه بهدوء: زانت أيامك
أزاح الأوراق جانبا..ليتناول كفها بلهفة ويطبع في باطنها قبلات عميقة مشبعة بالوله.. ثم نقل قبلاته المشتاقة لباطن معصمها
ثم ...
توقف
وهو ينزل يدها الجليدية الساكنة ويعيدها لحضنها بحركة مقصودة
ثم يتناول أوراقه ويهمس بهدوء واثق أخفى وراءه ألما لا حدود له:
قومي لطيفة .. أنا ما أبي جسد حلو وراه روح ميتة
******************************
بيت محمد بن مشعل
غرفة ناصر ومشاعل
مشاعل صعدت لغرفتها .. أعادت ترتيب زينتها انتظارا لناصر
ولم يطل انتظارها له
فور دخوله وقفت.. ليقترب منها ويلف حولها بإعجاب ثم يهمس لها بابتسامة: هذا الثوب اللي خذتيه من باريس؟؟
هزت مشاعل رأسها إيجابا وابتسامة ناعمة ترتسم على محياها
همس ناصر (بعيارة): تدرين؟؟ كان على المانيكان اللي في الواجهة أحلى
مشاعل همست بغيظ من بين أسنانها: الشرهة علي اللي قاعدة انتظرك عشان تشوفه
قالتها وهي تتوجه لغرفة التبديل.. لتفاجأ بيده تشدها ليحتضن خصرها وينظر إلى عينيها ويهمس لها بوله:
قلت لش ألف مرة.. أنتي في عيني أحلى ماخلق ربي
والله ما يملا عيني غيرش.. ولا فيه في النسوان من تسواش عندي
صمتت مشاعل خجلا.. فهمس ناصر لها وهو يقربها منه أكثر: وين لسانش؟؟ كلته القطوة؟؟
مشاعل بخجل رقيق: أنت يعني ما تستانس لين تحرجني
ناصر يبتسم: لا ما أستانس لين أشوف خدودش ولعوا حُمر.. وقتها أعرف إنه هذي مشاعل مرتي
**********************************
واشنطن
السكن الطلابي حيث يؤجر يوسف غرفة
غرفة يوسف
كان يوسف يعقد ربطة عنقه وهو ينظر للمرآة
وابتسامته الشاسعة إياها مازالت ترتسم على وجهه
إذن المغرورة المتكبرة تحبه!!
كيف استطاعت أن تخفي عليه مشاعرها بهذه الطريقة؟!!
ربما كان هو الغبي الجاهل في دواخل النساء وفي قاعدتهن الذهبية
"يتمنعن وهن الراغبات"
فحبها له كان واضحا ويستطيع الآن أن يتذكر عشرات الأدلة
كم كان غبيا!!!
الآن يستطيع أن يغير مخططاته لينقلها لحقل آخر
فهو منذ بداية خطبتهما وهو يعتقد أنها لا تحبه
ولكن الآن هناك العديد من الأفكار تختلط في ذهنه ولا بد أن يتأكد من مشاعرها قبل أن يتهور في مخططاته
لذا ما أن أنهى لبسه حتى اتصل في مشعل
بعد السلامات المعتادة همس لمشعل بذوق: معلش مشعل ممكن أسألك سؤال تسأله للمدام
وبعدين ترجع تجاوبني
وياليت السؤال والجواب يبئى سر ماتعرفوش مراتي
مشعل بهدوء رزين: والله يايوسف على حسب طبيعة السؤال.. إذا هو أصلا سر أمنتها عليه مرتك.. مالها حق تجاوبك
إذا شيء غيره.. يصير خير
يوسف يتنهد واحترامه لمشعل يتزايد: لا هو سؤال عادي..
أنا عاوز أعرف بس.. لما باكينام دخلت المستشفى هنا ومعاها انهيار عصبي كان السبب إيه؟؟
مشعل أنهى الاتصال وتوجه لهيا بالسؤال
هيا بنوع من الحذر: هو الجواب شيء عادي.. بس أنت لا تعصب علي مشعل
باكينام ويوسف لهم طبايع غير طبايعنا
مشعل بنفاذ صبر: خلصيني بلا مقدمات.. خلاص المرة الحين مرته.. إذا الجواب مافيه شيء يضرها.. جاوبيني أجاوبه
هيا بذات الحذر: باكينام تحبه من أيام ماكان يشتغل جرسون في الكوفي.. ويوم رجع لمصر وهم متخاصمين جاها انهيار عصبي
مشعل يضربها بحنان على رأسها ليميل بعدها ويقبل جبينها: وبس؟؟ خوفتيني حسبت فيه شيء كايد.. دامهم عرسوا خلاص بكيفهم
وبعدين يعني أنا واحد مخي مهوب مقفل على طول.. أحترم عادات الناس اللي يحترمون انفسهم.. وأنا أشهد إن يوسف ومرته محترمين
مشعل عاد ليوسف بالجواب.. لتتسع الابتسامة أكثر وأكثر
وسعادة عميقة تتغلغل إلى عمق روحه التي استزفها الهجر واليأس والأسى
وليبدأ برسم مخططاته في اتجاه آخر..آخر
***************************
قسم راكان
الفتاتان استحمتا واستبدلتا ملابسهما وصليتا قيامهما
ولكن العنود لا تشعر برغبة في النوم
وأفكار عميقة تستنزفها
اشتياقها لمريم
مشاكلها مع فارس
كل ذلك أكثر من طاقة احتمالها.. أكثر بكثير
ولكن ماذا تفعل.. لابد أن تحتمل
موضي همست لها بإرهاق: عنادي أنا منتهية من التعب بأروح أنام
العنود بمودة: خلاص أنتي روحي نامي.. أنا بقعد في الصالة أقرأ قرآن لين يجيني نوم وعقب بأجيش
****************************
بيت سعد
غرفة سعد ومريم
الاثنان أنهيا صلاتهما ودعائهما
مريم خلعت ثوب الصلاة بخفة وطوته في السجادة لتضعها على المقعد
همست بخجل: سعد.. أو تحب أقول لك أبو فيصل؟؟
سعد بمودة: أي اسم من بين شفايش حلو.. اللي تبين
مريم برقة: كلهم حلوين.. بس سعد أخف.. لكن قدام عيالك بأناديك أبو فيصل
سعد بهدوء: كلش ذوق.. ومايجي منش غير الذوق
همست مريم برقة: ممكن تدلني وين غرفة التبديل أبي أبدل ملابسي
سعد أمسك كفها بحنو ليقودها لغرفة التبديل الملحقة بالحمام وهمس لها بهدوء: هنا الحمام وغرفة التبديل
مريم دخلت وأغلقت الباب.. وسعد كان يريد التوجه لرؤية ولديه فهو يشعر بقلق متزايد عليهما
ولكنه توجه أولا لهاتفه في جيب ثوبه المعلق لينبهه لصلاة الفجر.. ليفاجأ أن الهاتف المكتوم الصوت يشير باسم راكان
تناوله ليرد عليه
ثم عاد لمريم من فوره وهمس لها بحزم: مريم لا تبدلين.. راكان واقف قدام البيت يبي يسلم عليش
قلت له يدخل الصالة اللي تحت..
كادت مريم تتعثر فرحا وصدمة محلقة.. وهي تعيد إغلاق سحاب الفستان عليها
وتخرج ووجهها يشع بفرحة عميقة وهي تتعلق بجيب ثوب سعد الذي أعاد ارتداءه: صدق سعد؟؟ صدق؟؟ راكان جا؟؟
سعد يحتضن كفيها: والله العظيم إنه تحت.. المسكين متفشل.. قال بأدق دقتين لو حد رد علي أو بأروح للبيت
جاي من المطار دايركت هنا.. بس حظه حلو إني مع دقته كنت بأخذ تلفوني أنبهه للصلاة
مريم بتأثر عميق: فديت قلبه.. كنه حاسس إن فرحتي ناقصة بدونه الليلة
سعد بخبث رقيق: يعني أفهم إنش فرحانة بس كان ناقصش راكان؟؟
مريم بخجل: سعد لا تصير لئيم.. يالله نزلني... مافيني صبر والله
احتضنت ذراع سعد وهما يتوجهان للباب ثم همست برقة خجولة: سعد شكلي مرتب؟؟
سعد يحتضن ذراعها ويهمس بمودة: ماشاء الله تبارك الله.. مافيه أحلى من كذا
نزلا معا ليجدا راكان ينتظرهما في الأسفل
وقف وهو يرى شقيقته تنزل.. قد لا تكون تراه ولكنه يراها ويحترمها ولها في روحه بروج مشيدة من التقدير والإعزاز
لم يتركها تمشي طويلا فهو تلقفها فور وصولها أسفل الدرج ليحتضنها بقوة وحنو ويهمس بحنان:
مبروك يأم محمد ألف مبروك.. خلاص مالش عذر محمد إن شاء الله بياتي
دفنت رأسها في عمق صدره وسالت دموعها وهي تهمس بتأثر: فديت قلبك ما تخيل أشلون فرحتي بجيتك
راكان يهمس لها بعمق مرح: ما تخيلين وش سويت عشان أجي.. باقي أخطف طيارة..من يوم وصل أخ رفيقي المغرب وأنا أدور حجز
حسيت إني ممكن انجلط لو مرت ليلة عرسش وأنا ماسلمت عليش وقلت لش مبروك
مريم بجزع حنون: بسم الله على روحك الغالية..
سعد كان في غاية التأثر من فرحتهما المتبادلة وتأثرهما العميق
راكان أفلتها بخفة ثم تناول كيسا فخما كان قد وضعه على الأرض ووضعه في يد مريم وهمس بحنان: هذي هدية عرسش
وأنا اسمحوا لي لازم أروح.. ماحد يدري إني وصلت بعد
وسامحوني على قلة ذوقي.. أزعجتكم.. معاريس ليلة عرسهم.. أدري عمرها ماصارت.. بس دوروا لي عذر
مريم بتأثر عميق: مشكور فديتك.. جيتك أحلى هدية جعل يومي قبل يومك
راكان غادر لسيارة الأجرة التي كانت تنتظره خارجا
سعد همس لمريم بحنان: عادي أقول لش الكحل ساح؟؟.. بس والله تهبلين
مريم تحسست وجهها بخجل: ودني عشان أتسبح
ثم أردفت لسعد وهما يصعدان: سعد ولا عليك أمر.. عقب ما أسبح لو عيالك صاحين أبي أسلم عليهم
**************************
قسم راكان
الساعة الواحدة ليلا تقريبا
راكان كان قد توجه للمجلس ولم يجد إلا (الصبيان) العاملين فيه
اتصل بوالدته ثم بموضي ولم يرد عليه أحد
فتيقن أن الجميع نيام.. لذا قرر التوجه لبيته لينام
حاول فتح الباب فلم ينفتح.. ومعنى ذلك أن المفتاح موجود في الطرف الآخر
شعر بسعادة حقيقية تغلف روحه
فهذا يعني أن موضي في البيت.. شعر أنه عاجز عن الانتظار لدقيقة إضافية لرؤيتها
فهو منذ هاتفها قبل ثلاثة أيام ليخبرها بسفره للكويت ولسعه رنين اللهفة العميقة في صوتها
وهو يتمنى لو عاد في لحظتها
فكل غضبه المتعاظم ذاب من همسة واحدة من بين شفتيها
والغضب يتحول لنوع من التوجس خوفا على موضي نفسها
كيف هو تقبلها لعودة حمد؟؟
هل سيبقى حمد شبحا بينهما؟!!
يكره أن يكون لأي رجل تأثيرا أيا كان على زوجته؟؟
ورغم كل هذه المشاعر المتشابكة
كان هناك شعور واحد طاغ سيطر على كل المشاعر بقوته وعنفوانه
الاشــــتــــيـــاق لها
ولم يكن الاشتياق بمعناه العابر أو الطبيعي بل بما يتجاوز كل المعاني والمفردات
تنهد بعمق وهو يطرق الباب
فاجأه صوت العنود الخائف: من؟؟
همس بمودة: أنا راكان عنودة
العنود فتحت له الباب بعد أن ارتدت روبها فوق بيجامتها وارتمت في حضنه وهي تهمس بمرح:
حرام عليك يا الظالم صار لك اكثر من 10 أيام غايب
ماخفت الله في قلب ذا المسيكينة
لا وحتى عرس مريم ماحضرته
راكان احتضنها وقبل خدها بحنو ثم تجاوزها وهو يلقي غترته على المقعد القريب من الباب ويهمس لها بهدوء: مريم توني جاي من عندها وسلمت عليها
ومن المسيكينة اللي ما خفت الله فيها؟؟
العنود بابتسامة لطيفة: مرتك
راكان بجزع حقيقي: فيها شيء موضي؟؟
ضحكت العنود بعذوبة: أنا أشهد أنكم مستويين أنت وإياها
لا مافيها شيء.. بس حرام عليك ليلة رجعتك من سنغافورة مافيه شيء ماسوته كنها عروس
حتى الحناء تحنت
وانت طنشت وسافرت.. والحين بعد عادت على حناها مرة ثانية.. وكان خاطرها إنك بتشوفها وبعد ماكنت بتجي
وهذا هي رقدت.. كسرت بخاطرها مرتين
راكان شعر بشجن عميق وألم شفاف يغزو روحه وأفكار مضطربة تغتاله
(هل فعلت ذلك من أجلي؟!!
أو حتى تقنعني أن حمد لم يعد له أهمية في مخيلتها بعد عودة ذلك الحقير للظهور؟!!
يا الله ألهمني الصواب
أتمنى أن أموت قبل أن أوذي موضي بأي تصرف أو حتى تفكير)
العنود صمتت مع صمت راكان وهو مايزال واقفا ثم همست برقة: اسمح لي بأروح البيت
راكان بجدية: وين تروحين؟؟ نامي مع موضي.. وأنا بأنام في الصالة
العنود تبتسم: لا والله ثم لا والله.. قبل ما تتهور وتحلف علي
بأروح أنام في غرفتي
راكان بهدوء: زين بأوصلش
العنود تبتسم: وين توصلني.. كلها خطوتين!! بس وقف لي عند الباب.. لين أدخل باب البيت
راكان يبتسم: خلصيني بأوصلش ذا الخطوتين
راكان أوصل العنود وعاد بخطواته الواثقة المعتادة وإن كان يلفها هذه المرة توتر ما
أغلق باب البيت
وتوجه بهدوء إلى غرفته
#أنفاس_قطر#
.