الحجر الأسود حجر الجنة الأبيض والركن الأطهر
الحجر الأسود هو حجر موضع إجلال مكون من عدة أجزاء، بيضاوي الشكل، أسود اللون مائل إلى الحمرة، وقطره 30 سم، يوجد في الركن الجنوبي الشرقي للكعبة من الخارج، وفقا للعقيدة الإسلامية فهو نقطة بداية الطواف ومنتهاه، ويرتفع عن الأرض مترًا ونصفًا، وهو محاط بإطار من الفضة الخالصة صونًا له، ويظهر مكان الحجر بيضاويًّا. أما سواد لونه، فيرجع إلى الذنوب التي ارتُكبت وفقا للروايات عن النبي محمدحيث روى ابن عباس عن النبي محمد أنه قال: «نزل الحجر الأسود من الجنة أبيض من الثلج فسودته خطايا بني آدم» وهو سواد في ظاهر الحجر، أما بقية جرمه فهو على ما هو عليه من البياض.
وسطر بعض المؤرخين رؤيتهم ووصفهم للحجر الأسود عبر التاريخ فممن رآه يوم قلعة القرامطة فى القرن الرابع: محمد بن نافع الخزاعى، فرأى السواد فى رأسه فقط، وسائره أبيض، وطوله قدر ذراع وممن رآه ابن علان أثناء بناء الكعبة زمن السلطان مراد عام 1040هـ، قال: ولون ما استتر من الحجر الأسود بالعمارة فى جدر الكعبة أبيض بياض المقام -يعنى مقام الخليل إبراهيم عليه السلام- وذرع طوله نصف ذراع بذراع العمل، وعرضه ثلث ذراع، ونقص منه قيراط فى بعضه، وسمكه أربعة قراريط.
ويروى أن القطع تبلغ خمس عشرة قطعة إلا أن القطع السبع الأخرى مغطاة بالمعجون البنى الذى يراه كل مستلم للحجر، وهو خليط من الشمع والمسك والعنبر موضوع على رأس الحجر الكريم.
إقرأي أيضا : كل شيء تريدين معرفته حول فضل صيام التطوع
وأورد إبراهيم رفعت باشا فى مرآة الحرمين رسمًا للحجر الأسود خمس عشرة قطعة، فلعل الرسم كان للحجر أثناء حجاته التى كان فيها أميرًا للحج، وقد كانت آخر إمرة له للحج سنة 1325هـ.
حسب الآثار الإسلامية، فإن الحجر أتى به جبريل من السماء، فقد روى ابن جرير في تفسيره، والأزرقي في «أخبار مكة» بإسناد حسن، وكذا رواه الحاكم في مستدركه، وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه عن خالد بن عرعرة أن رجلا قام إلى علي فقال:
«ألا تخبرني عن البيت ؟ أهو أول بيت وضع في الأرض؟ فقال: لا ولكن هو أول بيت وضع فيه البركة، مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمنا، وإن شئت أنبأتك كيف بني: إن الله أوحى إلى إبراهيم أن ابن لي بيتا في الأرض. قال: فضاق إبراهيم بذلك ذرعا، فأرسل الله السكينة -وهى ريح خجوج ، ولها رأسان - فأتبع أحدهما صاحبه حتى انتهت إلى مكة ، فتطوت على موضع البيت كتطوي الحجفة ، وأمر إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة . فبنى إبراهيم وبقي حجر، فذهب الغلام يبغي شيئًا، فقال إبراهيم: لا ، ابغني حجرًا كما آمرك . قال : فانطلق الغلام يلتمس له حجرًا ، فأتاه فوجده قد ركب الحجر الأسود في مكانه ، فقال : يا أبت ، من أتاك بهذا الحجر ؟ قال : أتاني به من لم يتكل على بنائك ، جاء به جبريل من السماء . فأتماه.»
إقرأي أيضا : ارتكاب الكبائر بعد الحج هل يبطله ؟ لشيخ ابن باز
كما جاء في الحديث أن «الحجر الأسود من الجنة»، وعن ابن عباس أن النبي محمد قال: «نزل الحجر الأسود وهو أشد بياضًا من اللبن فسودته خطايا بني آدم». غير أن المسلمين لا يعبدون هذا الحجر، وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه كان يُقبِّل الحجر الأسود ويقول: «إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله يُقبِّلك ما قبّلتك».
إعادة وضعه من النبي محمد
جاء في كتب السيرة أن محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، حين كان في الخامسة والثلاثين من عمره (أي قبل البعثة)، أرادت قريش إعادة بناء الكعبة، فحصل خلاف أيُّهم يكون له فخر وضع الحجر الأسود في مكانه، حتى كادت الحرب تنشب بينهم بسبب من ذلك. وأخيراً جاء الإتفاق على أن يحكّموا في ما بينهم أول من يدخل من باب الصَّفا، فلما رأوا محمداً أول من دخل قالوا: «هذا الأمين رضينا بحكمه». ثم إنهم قصّوا عليه قصَّتهم فقال: "هلمَّ إليّ ثوباً" فأُتي به، فنشره، وأخذ الحجر فوضعه بيده فيه ثم قال: «ليأخذ كبير كل قبيلة بطرف من أطراف هذا الثوب»، ففعلوا وحملوه جميعاً إلى ما يحاذي موضع الحجر من البناء، ثم تناول هو الحجرَ ووضعه في موضعه، وبذلك انحسم الخلاف
مواصفات وحجم الحجر الأسود
يتكون الحجر الأسود من عدة أجزاء رُبطت معاً عن طريق إطار من الفضة، والتى يتم تثبيتها بواسطة المسامير الفضية إلى حجر، وعززت بعض الأجزاء الصغيرة معا من خلال لصق سبعة أو ثمانية أجزاء مع بعضهما، الحجم الأصلى للحجر هو نحو 20 سنتيمترا (7.9 إنش) فى 16 سنتيمتر (6.3 إنش)، حجمه الأصلى غير واضح نتيجة لتغير أبعاده على مر الزمان، كما تم إعادة تشكيل الحجر فى عدة مناسبات.
وقال محمد بن خزاعة حين رد القرامطة الحجر سنة 339 هـ وعاينه قبل وضعه: «تأملت الحجر الأسود وهو مقلوع، فإذا السواد فى رأسه فقط، وسائره أبيض، وطوله قدر ذراع».
إقرأي أيضا : معنى التمتع بالحج وخطوات ومناسك الحاج المتمتع
فى القرن العاشر الميلادى وصفه المؤرخون أنه بيضاوى الشكل يبلغ ذراع واحد (ما يزيد قليلا عن 1.5 قدم (0.46 م)، فى أوائل القرن السابع عشر الميلادى سجلت قياساته على أنها 1.5 ياردة (1.4 م) فى 1.33 ياردة (1.22 م)، وفى القرن الثامن عشر قام على بك الكبير بأول محاولة لقياس الحجر الأسود، وبلغ طوله 42 بوصة (110 سم)، وفى عهد محمد على باشا تم قياسه بشكل أفضل حيث سجلت مقاساته: 2.5 قدم (0.76 م) طولاً فى 1.5 قدم (0.46 م)عرضاً.