بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان يجتني سواكاً من الأراك، وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفؤه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مم تضحكون؟) ، قالوا: يا نبي الله من دقة ساقيه، فقال: (والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحُد) ، رواه أحمد .
وفي رواية أخرى: " فنظر أصحابه إلى حموشة ساقيه فضحكوا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : (ما يُضحككم ؟ لَرِجْل عبد الله في الميزان أثقل من أُحُد) رواه الطبراني
تروي لنا كتب السير أن ابن أم عبد -كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقّبه- اشتهى عوداً من أراك ليُطهّر به فمه، فيجتمع له نقاء الظاهر وصفاء الباطن، خصوصاً أثناء قراءته لكتاب ربّه آناء الليل وأطراف النهار.
والحصول على الأراك كان يتطلّب بطبيعة الحال صعوداً فوق الشجرة حتى يتخيّر الأنسب والأفضل، فكان أن ارتقى رضي الله عنه الشجرة مستعيناً بساقيه الدقيقتين ويديه الضعيفتين، وبينما هو كذلك إذ هاجت الريح واشتدّ هبوبها حتى كادت أن تسقطه من العلو، وظلّ الجو العاصف يلعب به يمنةً ويسرة.
وشاهد من كان حاضراً من الصحابة ابن مسعود رضي الله عنه وهو على تلك الحال، فتضاحك بعض القوم من منظره، ولم يستحسن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ضحكهم على أخيهم، فسألهم: (مم تضحكون؟) ، فذكروا له دقّة ساقيه رضي الله عنه.
ولكن هل يُقاس الناس بأشكالهم وألوانهم؟! وهل يضرّ عبدالله رضي الله عنه ضعفه ونحوله؟!! لا والله؛ فإن لصاحب تلك الساقين فضائل تُثقل الميزان، وأعمالاً تُقرّ العين، ومزايا تُبهر الألباب، جامعاً في ذلك بين جمال السيرة ونقاء السريرة.
ويشهد لتلك المنزلة العالية خير الخلق –صلى الله عليه وسلم- ويُسطّرها في سجلاّت الخالدين: (والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحُد) .
المصدر : islamweb