
وفى قوله تعالى (ولو أنهم ءامنوا واتقوا لمثوبة من عند الله لو كانوا يعلمون)
أى ولو أنهم أمنوا بالله ورسله واتقوا المحارم , لكان مثوبة الله تعالى
على ذلك خيرا لهم مما استخاروا لأنفسهم ورضوا به وقد استدل
بقوله (ولو أنهم ءامنوا واتقوا)من ذهب الى تكفير الساحر , كما هو
فى رواية عن الإمام أحمد بن حنبل وطائفة من السلف , وقيل بل
لا يكفر ولكن حده ضرب عنقه , لما رواه الشافعى وأحمد بن حنبل
رحمهما الله , أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار , أنه سمع بجالة بن عبدة يقول : كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب , رضى الله عنه
أن اقتلوا كل ساحر وساحرة , قال : فقتلنا ثلاث سواحر , وقد أخرجه
البخارى فى صحيحه أيضا والله تعالى أعلى وأعلم...

وفى قوله تعالى (يأيها الذين ءامنوا لا تقولوا رعنا وقولوا انظرنا واسمعوا
وللكفرين عذاب أليم)
نهى الله تعالى المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين , فى مقالهم وأفعالهم ,
وذلك أن اليهود كانوا يعانون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدونه
من التنقيص عليهم لعائن الله ...
فإذا أرادوا أن يقولوا اسمع لنا , يقولون : راعنا يورون بالرعونة ...
والغرض من هذه الأية الكريمة : أنه الله تعالى نهى المؤمنين من
مشابهة الكافرين قولا وفعلا...
وقال الإمام أحمد حدثنا أبو النضر حدثنا عبد الرحمن بن ثابت حدثنا
حسان بن عطية عن أبى منيب الجرشى عن ابن عمر رضى الله
عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بعثت بين يدى الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له , وجعل رزقى تحت ظل رمحى
وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمرى ,ومن تشبه بقوم فهو منهم"
وروى أبو داود عن عثمان بن أبى شيبة عن أبى النضر هاشم بن القاسم
به "من تشبه بقوم فهو منهم "رواه أبو داود والترمذى فى السنن من
حديث ابن عباس (رضى الله عنه) ورواه أبو داود فى السنن من حديث
بريده (رضى الله عنه) والله تعالى أعلى وأعلم...
وقال بن جرير :والصواب من القول فى ذلك عندنا , أن الله تعالى نهى المؤمنين أن يقولوا لنبيه (صلى الله عليه وسلم) راعنا , لأنها كلمة
كرهها الله تعالى أن يقوله لنبيه (صلى الله عليه وسلم) نظير الذى
ذكر عن النبى (صلى الله عليه وسلم) : لا تقولوا للعنب الكرم ولكن قولوا
الحبلة , ولا تقولوا عبدى ولكن قولوا فتاى وما أشبه ذلك والله تعالى
أعلى وأعلم....
اللهم ثبت قلوبنا على دينك يارب العالمين