

فى قول الله تعالى (وإذ أخذنا ميثقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما ءاتينكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون)
يقول الله تعالى : مذكرا بنى اسرائيل بما أخذه عليهم من العهود والميثاق , بأنهم يؤمنون بالله تعالى ولا يشركون به أحدا , واتباع رسله , ورفع فوقهم الطور على رؤوسهم ليقروا بما عوهدوا عليه , ويأخذوه بقوة وحزم ...
وفى رواية ابن عباس : أن الطور هو ما ينبت من الجبال , وما ليس ينبت فليس بطور..
وقال الحسن فى (خذوا ما ءاتينكم بقوة ) يعنى بها التوراة ..
وقال ابو العاليه والربيع (بقوة ) أى بطاعة , وقال مجاهد : أى بعمل ما فيه ..
وقال ابو العاليه والربيع (واذكروا ما فيه) أى اقرؤوا التوراة واعملوا به...

وفى قوله تعالى (ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخسرين )
يقول الله تعالى : ثم بعد هذا الميثاق العظيم المؤكد توليتم ونقضتموه , فلولا توبته ورحمته بكم بإرساله النبيين والمرسلين , بنقضكم هذا الميثاق فى الدنيا والأخرة , لكنتم من الخاسرين ...

وفى قوله تعالى (ولقد علمتم من اعتدى منكم فى السبت فقلنا لهم كونوا قردة خسئين )
وقال الكثير من المفسرين : أن أهل هذه القرية هم أهل (أيلة )وهى القرية التى كانت حاضرة البحر , فكانت الحيتان إذا كان يوم السبت , وقد حرم الله تعالى على اليهود فعل أى شىء يوم السبت , فلم يبقى فى البحر حوت إلا خرج واصطادوه ونقضوا عهد الله تعالى ...
فيقول الله تعالى : لقد علمتم يا معشر اليهود ما حل من البأس بأهل القرية الذين خالفوا وعد الله تعالى , ونقضوا عهده وميثاقه , من تعظيم السبت , وبما عملوا من الحيل والحبائل والبرك , على اصطياد الحيتان فى يوم السبت , ولما أتت كعادتها وكثرتها , نشبت فى هذه الحبائل , فلما كان الليل أخذوها بعد انقضاء السبت ..
فلما فعلوا ذلك مسخهم الله تعالى على صورة القردة , وهى أشبه بالأناسى فى الظاهر ولكنهم ليسوا أناسى فى الحقيقة..
فذلك أعمال هؤلاء وحيلهم لما كانت مشابهه للحق فى الظاهر ولكنها مخالفه له فى الباطن , فكان جزاءهم من جنس عملهم ..والله تعالى أعلى وأعلم...
