السلام عليكم..
اوّل ما سيلفتكم انّ مكان موضوعي هذا قد يكون في المنتدى الاسلامي, الاّ انني استقصدت وضعه هنا لأتوجه به الى اكبر عدد من القرّاء, ادعو الله ان ينزل السّكينه في قلوب المسلمين عند قراءته. لا تقلن ان الموضوع طويل و تتململن من قراءته! بل والله انّ في قراءتكم لكل كلمة و حرف منه ثواب!
د. عائض القرني: انزعوا فتيل الفتنة بين السنة والشيعة

لا تحتاج الأمة الإسلامية إلى مزيد من الشقاق والفرقة والعداوات والمعارك، ففيها ما يكفيها، وليس من العقل ولا من الحكمة ولا من المنطق أن يستعدي السنة الشيعة، وأن يستعدي الشيعة السنة، فلن يزيدنا هذا العداء إلا تمزقا وهزيمة وإحباطا وقلة وذلة، وما دام أن الله عز وجل نهانا عن أن نسب أعداءه لئلا تكون العواقب أكثر سوءا فقال: (وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّوا اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ)، فما المصلحة إذن في أن يتراشق الرموز في السنة والشيعة أو غيرها من الطوائف بالسباب والشتائم؟
ولماذا نوقد نار الفتنة في دائرة أهل الإسلام وأمتنا الإسلامية تتعرض لحملة عدوان من الصهاينة ومن أعداء الله في كل مكان، بل رسولنا صلى الله عليه وسلم يُساء إليه جهارا نهارا برسوم مسيئة وتهم باطلة، فديناه بالآباء والأمهات والدماء والأرواح، فنترك هؤلاء الأعداء والرد عليهم ونصرة الدين والرسالة والرسول صلى الله عليه وسلم ونأتي إلى طوائف أهل الإسلام فنستثير رموزهم ونقلل من شأنهم وننشر معايبهم دون تذكر للنتائج المؤلمة.
لماذا لا يكون الحوار والتواصل والجدل بالتي هي أحسن والتعارف مكان التكفير والتبديع والتضليل والتفسيق، لقد شكونا وبكينا وتظلّمنا واعترضنا على سب أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله رضي عنهم وزكاهم وأثنى عليهم، فهل نأتي لنأخذ السب سلما والشتم طريقا والقذف منهجا لنصلح ما أفسده الدهر، والله إن مَنْ أراد الانتقام بالسب والشتم من إحدى الطائفتين أو غيرهما من طوائف الإسلام لا حقا نصروا، ولا باطلا كسروا، ولمصلحة من يُنشر الخلاف والسب والشتم والتجريح في الفضائيات ومواقع الإنترنت؟ وكل مَنْ كتب سطرا واحدا أو قال كلمة واحدة فيها تكفير وتبديع وتضليل إنما صب الزيت على النار وأضاف عود حطب إلى فرن العداوة،
وعجبي من أتباع الطائفتين كيف يتحمّسون للخصومة والعداوة ويزرعون الكراهية في القلوب ويغرسون البغضاء في النفوس، لقد مرت بنا مئات الأعوام من السب والشتائم، فهل أصلحنا بذلك فساد ذات البين؟ وهل أنهينا بهذا المسلك الخلاف؟ وهل داوينا الجراح ؟ بل والله زادنا وهنا على وهن، وخلافا على خلاف، إن الخطاب الجميل والكلمة اللينة والذوق العالي منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقد أرشدنا الله عز وجل إلى الحكمة والرفق واللين حتى مع فرعون ومع عبّاد الأصنام ومع اليهود والنصارى؛ لأن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنـزع من شيء إلا شانه، كما في الحديث الصحيح، أما قال الله عز وجل: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)،
فأين نحن من هذا المنهج القويم والصراط المستقيم؟ لماذا نُخرج الحيات من جحورها والثعابين من بيوتها؟ لماذا نحوّل منابر الدعوة والحكمة والحوار والتربية والإقناع إلى منابر للسب والشتم والتكفير والتضليل والتجريح؟ ماذا ينتظر ممن أغضبناه وجرحنا مشاعره وآذيناه في عرضه ومعتقده أن يقابلنا به؟
سوف يحاربنا بالسلاح نفسه والطريقة بعينها، مثلا بمثل سواء بسواء، فلا نحن أقنعناه وأرشدناه، ولا نحن تركناه وحيّدناه وإنما عاديناه وحاربناه واستثرناه وأيقظناه، أيها الناس من السنة والشيعة وغيرهم من الطوائف أمسكوا ألسنتكم وأغمدوا أقلامكم والسكينة السكينة والهدوء الهدوء فأمتنا الإسلامية بها من الجراح والمآسي والصدمات واللكمات ما يعجز عن علاجه أطباء العالم وحكماء الدنيا حتى صرنا كما قال المتنبي:
فَصِرتُ إِذا أَصابَتني سِهامٌ تَكَسَّرَتِ النِصالُ عَلى النِصالِ إن هذه المعارك المفتعلة هي نتيجة لإعراضنا عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وأصحابه، وقد حذرنا الله من التفرق والاختلاف وذم من وقع في ذلك من أعدائه فقال: (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
و مما قاله العلاّمة السيد محمد حسين فضل الله قبل وفاته

السّجال المذهبيّ خيانة للأمّة، وأخطاء التّاريخ لا تلزم الأجيال الحاضرة
إنّ الحال التي وصلت إليها الأمة، من التمزقات السياسية التي تهدّد وحدة أكثر من بلد عربي وإسلامي، وفي السجال المذهبي الذي ينطلق من هنا وهناك ليطاول رموزاً دينيةً أو سياسية، وليصنع شروخاً كبيرة في الأمّة... إنّ هذه الحال تبعث على الأسف والأسى. إنّ خروج الخطاب عن الأسلوب الإسلامي في أدبيّاته وأولويّاته، والانسياق وراء النعوت الحاملة لمعاني التّكفير والتّفسيق والسبّ والشتم، لا يمثّل إساءة إلى من يتحرّكون في خطّها فحسب، بل إلى الواقع الإسلامي العام.
إنّ الانكباب على الكتب التاريخيّة لالتقاط إشارات سنيّة تدين الشيعة، أو إشارات شيعيّة تدين السنّة، هو من المغالطات الكبرى، لأنّ الأخطاء التي اشتملت عليها هذه الكتب لا ينبغي أن تكون سيفاً مسلطاً على الأجيال اللاحقة، أو أن تكون عثرةً في خطّ الوحدة الإسلاميّة، وكل من يسعى لاستحضار أخطاء التاريخ، وإثارة العصبيات من خلالها في حاضر الأجيال الإٍسلاميّة ومستقبلها، يخون الأمّة، ويتنكّر لوصايا الرسول الأكرم (ص) الذي وجّه خطاباً حاسماً إلى الأمة قال فيه: "ألا لا ترجعن بعدي ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض". وهذا ما يثير الرّعب في صفوف المخلصين في الأمّة.
إنّنا ندعو الطّلائع الواعية في الأمّة، والنّخب الإسلاميّة المحترمة من السنّة والشّيعة، إلى التحرّك على كافّة المستويات، للدّعوة إلى وقف هذا النـزيف الداخلي في الأمّة.
اعذروني على الاطالة,فهذا ما قاله هذان العالمان الكريمان و قد قدّمته مع بعض التصرف لضيق المجال..ادعوكم الى التمعّن بكل كلمة و تطبيقها للفوز في الدنيا و الآخرة! بل و انتظر من كل من تقرأه ان تترك بصمة فيه.. لنثبت انّ اكثر ما يلفتنا هو ما يصب في وحدة المسلمين