الشفة الأرنبية... هذا التشوّه الذي يعتبر من تشوهات الوجه الشائعة جداً وتنحصر أسبابه بين عوامل وراثية وبيئية مترابطة في بعض الأحيان ، إن المرضى المصابين بهذا التشوه الخلقي يحتاجون لكثير من الدعم و الإهتمام خاصةً الأطفال ، يجب على الأسرة دعم الطفل معنوياً و مادياً و صحياً لمساعدته على أن يعيش حياة سوية كباقي الأطفال في سنه ، و ها هى أهم النقاط التى تلقي الضوء على هذا الموضوع .
ما هي الشفّة الأرنبية ؟
هى تشوّه وراثي في الشفّة العليا أو سقف الحنك أو الاثنين معاً ، عادةً ما تحدث في مراحل بداية الحمل أثناء تكوّن الجنين داخل الرحم ، وعادة ما تتكون أجزاء الشفة العليا والحنك بشكل منفصل في الثلاثة شهور الأولى من فترة الحمل ومن ثم تلتحم بعد ذلك مكونة سقف الفم والشفة العليا ، في حالة وجود خلل وراثي في الجينات المسؤولة عن عملية الإلتحام أو خلل ناتج عن عوامل بيئية ، ينتج عن ذلك ولادة طفل يعاني من الشفّة الأرنبية.
أنواع الشفة الأرنبية :
1. الشفة الأرنبية أحادية الجانب :
أى شق واحد في الشفة ، و هو بدوره نوعان ، إما ممتد إلى الأنف أو غير ممتد
2. الشفة الأرنبية ثنائية الجانب :
أي شقين على جانبي الشفة ، و هو أيضاً إما ممتد للأنف أو غير ممتد .
كيف يبدو الطفل ذو الشفة الأرنبية ؟

- شق الشفة (الشفة الأرنبية) :
يحدث عادة في الشفة العليا .
- شق الحنك :
يحدث هذا التشوه في سقف الحلق، أى سقف الفم من الداخل في الفك العلوى ..
*من الأكثر عرضة للإصابة بالشفة الارنبية ؟
تشير الإحصائيات أن هناك حالة من ضمن كل 700 مولود تولد بهذا التشوّه سنوياً ، و هو الرابع في ترتيب أكثر التشوّهات الوراثية الشائعة ، و نسبة الإصابة بين المواليد الإناث و الذكور تختلف ، حيث أن الذكور ضعف الإناث في الإصابة بتشوّه الشفاه أكثر من الحنك ، و الإناث ضعف الذكور في الإصابة بتشوّه الحنك أكثر من الشفاه .
العوامل المسببة للشفّة الأرنبية :
لم يتوصل العلماء حتى الآن لسبب واضح محدد ، و لكن على الأغلب تكون العوامل الوراثية و البيئية هى المتحكّمة ، فإذا كان أحد الأقارب قد عانى منه ، تزيد نسبة الحدوث في الأطفال ، و من الأسباب الأخرى تناول الأم لأدوية أو أشياء مضرّة أثناء الحمل مثل : - <LI style="MARGIN-RIGHT: 41.25pt">1. أدوية الصرع أو الصداع النصفي . <LI style="MARGIN-RIGHT: 41.25pt">2. بعض أدوية السرطان و العلاج الكيماوي . <LI style="MARGIN-RIGHT: 41.25pt">3. التدخين . <LI style="MARGIN-RIGHT: 41.25pt">4. الكحوليات .
- 5. نقص حمض الفوليك أثناء الحمل .
أيضا قد يحدث نتيجة للتعرض لعدوي فيروسية أو مواد كيميائية أثناء الحمل .
كيف يتم تشخيص الشفة الأرنبية ؟
من السهل جداً تشخيص الشفة الأرنبية بعد الولادة ، حيث يتم فحص المولود عند ولادته فحصاً شاملاً و في حالة وجود أى تشوّه يسهل تمييزه ، و لكن يمكن أيضاً الفحص ما قبل الولادة بالموجات فوق الصوتية لتحديد إذا ما كان الطفل مصاب أو لا ، و أيضا التأكد من عدم وجود أي تشوّهات أخرى مصاحبه له .
ما هي المضاعفات المترتبة على الشفّة الأرنبية ؟
1- التغذية :
يواجه الطفل ذو الشفّة الأرنبية صعوبات بالغه في تناول الطعام ، حيث يصعب مرور الطعام و السوائل مباشرة إلى المعدة و قد تتسرب إلى الأنف ، لذلك و لحسن الحظ هناك أدوات معدّة خصيصاً لتساعد هؤلاء الأطفال على تناول الغذاء أو الرضاعة ، كزجاجات ذات تصميم خاص للرضاعة و ذلك حتى يتم التدخّل الجراحى المطلوب .
2- التهابات الأذن و فقدان السمع :
يرجع ذلك إلى أن الأطفال ذوي الشفّة الأرنبية أكثر عرضة لمرور السوائل إلى الأذن الوسطي ، و يتسبب في العدوى و التى إذا لم يتم علاجها ستنتهي بفقدان السمع ، و للوقاية من مثل هذه المضاعفات ، يتم وضع أنبوب لسحب السوائل من الأذن عن طريق عملية جراحية يضع الطبيب أنبوب تهوية صناعية داخل طبلة الأذن و التى عادة ما تسقط من تلقاء نفسها فى خلال 6-9 أشهر ، كما يجب فحص هؤلاء الأطفال دورياً .
3- التخاطب :
قد يعاني الأطفال من صعوبة التحدّث و لا تستطيع فهم ما يريدون قوله ، لذلك تساعد العملية الجراحية على التخلص من هذه المشكلة تماماّ ، و لكن قد يحتاج الأطفال إلى أخصائي تخاطب لمعالجته .
4- مشاكل الأسنان :
يكون هؤلاء الأطفال أكثر عرضة للتسوس ، و تشوّهات في الفكين قد تحتاج في بعض الأحيان إلى تدخل جراحي .
ما هو علاج الشفة الارنبية ؟
الحل الأمثل هو العمليات الجراحية ، و قد يحتاج الطفل إلى عملية واحدة أو أكثر طبقاً لمدى تطوّر الحالة ، لذا فإن نجاح هذه العمليات يتطلب مجهود و صبر من الأهل و دعم للطفل نفسياً لأنها تستغرق سنوات عديدة للوصول للهدف النهائي المطلوب .
يعتمد نوع التدخل الجراحى على نوع الحالة ، و بعض العمليات تتم في مراحل مبكرة من حياة الطفل و البعض الأخر في مرحلة متقدمة ، كما أن العمليات تتم على عدة مراحل.
أنواع و مراحل التدخل الجراحي :
- جراحة علاج الشفة الأرنبية :
أول عملية يتم إجرائها عندما يتمّ المولود 3 أشهر ، الهدف من هذه العملية هو إعادة بناء الشكل الطبيعي للشفة و توصيل عضلات الشفة المنقطعة ببعضها ، و تختلف طبقاً لنوع الحالة ما إذا كانت أحادية أو ثنائية الشق ، في حالة الشفة أحادية الشق يكون الهدف هو تعديل اللثة ، و فى حالة ثنائية الشق يكون الهدف هو النمو الطبيعي للفك ، لذا يجب أن يتابع الطفل مع طبيب أسنان لملاحظة نمو الأسنان و خاصة في منطقة الشق .
- جراحة علاج سقف الحلق :
تكون أول عملية يتم إجرائها من 6 إلى 12 شهر من عمر المولود ، هذه العملية تساعد على تقليل تسرب السوائل إلى الأذن الوسطى و تمنح فرصة للنمو السليم لعظام الأسنان و الوجه عامةّ ، في هذه العملية يتم توصيل طرفي فتحة الشق في أعلى سقف الفم ببعضهما ، عن طريق توصيل العضلات الموجودة بها .
-أما في حالة الاثنين معاً ، أى الشفة الأرنبية مع انشقاق سقف الحلق ، ينتج عنها وجود فتحة تمر بين الفم و الأنف ، و هذه العملية تتم بعد نمو اللثة من عمر (3-10 سنوات) .
-هناك جراحات أخري لتساعد على تصحيح مشاكل التخاطب و قدرة الطفل على نطق الكلام ، تجميل للأنف و الشفة ، تقويم الأسنان و اللثة ، و من أمثلتها :
-عملية سد فتحة عظم الفك العلوى :
تكمن المشكلة هنا أن في حالة وجود فجوة باللثة يصعب ضمها ، لذلك تستبدل بعظم من عظام الحوض لسد الفجوة و لا يؤثر ذلك على نمو الطفل ، و يجب ألا يكون ذلك إلا بعد نمو الأسنان العلوية الدائمة أى في عمر 8 سنوات .
- تقويم الأسنان :
بالطبع يحتاج الأطفال لتقويم الاسنان لتنمو الأسنان مستقيمة بشكل سليم ، و قد يتطلب الأمر تدخل جراحي إذا ما كانت الحالة متطورة .
- عملية التجميل :
لإزالة الندب الناتجة عن العمليات السابقة و للمساعدة على إعادة الثقة بالنفس للطفل و دعمه معنوياً ليشعر أنه طبيعي ، و لكن لا يمكن إجرائها إلا بعد البلوغ (16-18 سنة) حتي يتكمل النمو.
ممن يجب أن يتكوّن الفريق الطبي المعالج ؟
لضمان نجاح علاج الشفّة الأرنبية ، يتطلّب الأمر مجهود و رعاية من فريق كامل لتحقيق أفضل نتيجة للطفل و مساعدته على الشفاء التام ، لذا يتكون الفريق من :
-طبيب جرّاحة تجميل
- طبيب أنف و أذن و حنجرة
- طبيب جرّاحة فم
- طبيب أسنان
- أخصائي تخاطب
- أخصائي سمع
- أخصائي نفسي
- أخصائي بعلم الوراثة
- ممرضة مساعدة
هل من الممكن الوقاية من الشفة الارنبية ؟
كما ذكرنا من قبل ، السبب ليس محدد أو واضح و لكن هناك عوامل خطورة و أسباب يجب تجنبها لحماية الطفل من التشوّهات عامةً ، فيجب على الأم أثناء الحمل تجنّب الأشياء التى قد تضرّ بالطفل (كالأدوية التى سبق ذكرها).
تلخيصاً لما سبق، فإن على الرغم من طول مدة العلاج ، إلّا أن هذه العمليات الجراحية مع تقدّم العلم أصبحت لا تعدّ خطراّ بل و متاحة الأن أكثر من قبل لكي يصبح الطفل طبيعياً و يستطيع ممارسة حياته كباقي الأطفال في سنه ، و لكن لا يغني ذلك عن دور أسرة الطفل الكبير في مساعدته على إتمام رحلة الشفاء و دعمه بكل الطرق حتى يستطيع الحصول على حياة طبيعية سوية .