قال تعالى: قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزعالملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير "26"(سورة آل عمران)
هو الذي له التصرف المطلق، مالك الملك، الذي تنفذمشيئته في ملكه كيف يشاء وكما يشاء، لا مرد لقضائه ولا معقب لحكمه، الملك هنا (بضمالميم) مصدر بمعنى السلطان والقدرة، وقيل: الملك بمعنى المملكة، والمالك بمعنىالقادر التام القدرة.
وتبارك الذي بيده الملك، مالك الملك، الذي يملك كل شيء،مالك السمع والأبصار والأفئدة، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، يوم هم بارزون لايخفي على الله منهم شيء، لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار. فعندما تجلى الحقسبحانه وتعالى على سيدنا إبراهيم خليل الرحمن: وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين "75"(سورة الأنعام)
أي: أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يجعل سيدنا إبراهيميشاهد الملكوت في السماوات والأرض إلي الأشياء الخافية المخفية عن عيون العباد. إذن: فمراحل الحيازة هي كالآتي: ملك أي أن يمتلك الإنسان شيئاً ما وهذا نسميهمالكاً للأشياء.
فهو مالك لأشيائه ومالك لمتاعه، أما الذي يملك الإنسان الذي يملكالأشياء، ومالك لمتاعه نسميه (ملك) بضم الميم أي: أنه يملك الأشياء.
ولا يظنأحد أن هناك إنساناً قد ملك شيئاً أو جاهاً في هذه الدنيا بغير مراد الله فيه، فكلإنسان يملك بما يريده الله له من رسالة. فإذا انحرف العباد فلابد أن يولي اللهعليهم ملكاً ظالماً. لماذا؟ لأن الأخيار قد لا يعرفون تربية الناس: وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون "129" (سورةالأنعام)
ولذلك نجد أن قوله الحق: وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون "129" (سورةالأنعام)
شائع عندنا أن الله يسلط الظالمين على الظالمين، ولو أن الذينظلموا مكن منهم من ظلموهم ما صنعوا فيهم ما صنعه إخوانهم الظالمون في بعضهم، إنالحق يسلط الظالمين على الظالمين، وينجي أهل الخير من موقف الانتقام ممن ظلموهم.
إذن: فنحن في الحياة نجد (مالك)، و(ملك) وهناك فوق كل ذلك (مالك الملك) لم يقل إنه(ملك الملك) لأننا إذا دققنا جيداً في أمر الملكية، فإننا لا نجد مالكاً إلا الله:قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك .. "26" (سورة آلعمران)
إنه المتصرف في ملكه، وإياكم أن تظنوا أن أحداً قد حكم في خلقالله بدون مراد الله.
يقول الحق سبحانه: مالكالملك .. "26" (سورة آل عمران)
توضح لنا أن ملكية الله الدائمة القادرةواضحة وجلية، ومؤكدة. ولو قال الله في وصف ذاته (ملك الملك) لكان معنى ذلك أن هناكبشراً يملكون بجانب الله، لا أنه الحق مالك الملك. ومادام الله هو مالك الملك فإنهيهبه لمن يشاء، وينزع الملك ممن يشاء تأتي بعد عملية المحاجة، وبعد عملية أن بعضاًمن أهل الكتاب قد دعوا إلي حكم الله، فتولى فريق منهم وأعرض عن حكم الله، وعللواذلك بإدعاء أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأن النار لن تمسهم إلا أياماً معدودة، كل هذهخيارات من لطف الله، وضعها أمام هؤلاء العباد، لكنهم لا يختارون إلا الاختيارالسيئ، ولذلك يأتي الله بخبر اليوم الذي سوف يأتي، ولن يكون لأحد أي قدرة أواختيار. أن كلمة الحق: تنزع الملك ممن تشاء وتعزمن تشاء "26" (سورة آل عمران)
تجعلنا نتساءل: ما هو النزع؟ إنه القلعبشدة، لأن الملك عادة ما يكون ماسكاً بكرسي الملك، متشبثاً به، إنه متشبث ومتمسكبالملك، لماذا؟ لأنها مغنم لا تبعات، وعرق وسهر ومشقة، وحرص على حقوق الناس، وليسسؤلاً للنفس. ماذا فعلت للناس؟ إن الذي يسهر على الناس ويتعب ويكد ويشقى ويحرص علىحقوق الناس، يجد أن الملك مغرم لا مغنم، لقد لا رفاهية، لذلك يحاول أن يهرب منالتمسك بالحكم والملك. إننا ساعة نرى حاكماً متكالباً على الحكم، فلنعلم أنه عندهمغنم لا مغرم، ولذلك فسيدنا عمر بن الخطاب قالوا له: إن فقدناك ـ ولا نفقدك ـ تولىعبد الله بن عمر، وهو رجل فرفره الورع، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: بحسب آلالخطاب أن يسأل منهم عن أمة محمد رجل واحد.
لماذا؟ لأن الحكم في الإسلام مشقةوتعب. إذن: جاء الحق سبحانه بالقول الحكيم تنزعالملك ممن تشاء .. "26" (سورة آل عمران)
وذلك لينبهنا إلي هؤلاءالمتشبثين بكراسي الحكم، وينزعهم الله منها، إن المؤمن عندما ينظر إلي الدول فيعنفوانها وحضاراتها وقوتها، أو نجد أن الملك فيها يسلب من الملك فيها على أهون سبب. إنه الخلق الأعلى، عندما يريد فلا راد لقضائه، إن الحق إما أن يأخذه هو من الحكموتنتهي المسألة: قل اللهم مالك الملك تؤتي الملكمن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء .. "26" (سورة آل عمران).