قال تعالى: وما لهم من دونه من والٍ "11" (سورةالرعد)
هو المالك للأشياء والمتولي لها، والمتصرف فيها كيف يشاء، وهوالمنفرد بالتدبير، القائم على كل شيء، ولا دوام ولا بقاء إلا بإذنه، وكل شيء يجريبحكمه وبأمره، ويحتمل أن يكون الوالي بمعنى المنعم بالعطاء والدافع للبلاء.
ولنتدبرالآية الكريمة من سورة الرعد: له معقبات من بينيديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهموإذا أراد الله بقومٍ سوءاً فلا مرد له وما لهم من دونه من والٍ "11" (سورةالرعد)
قال الراغب الأصفهاني: الولاء والتوالي يطلق على القرب من حيثالمكان ومن حيث النسب، ومن حيث الدين، ومن حيث الصداقة، ومن حيث النصرة، ومن حيثالاعتقاد، والولاية: النصرة. والولاية: تولي الأمر. والولي والمولى يستعملان فيذلك، كل واحد منهما يقال في معنى الفاعل أي: الموالي. وفي معنى المفعول أي: الموالي. يقال للمؤمن: هو ولي الله. ويقال: الله ولي المؤمنين. فالله عز وجل هونصير المؤمنين، وظهيرهم يتولاهم بعونه وتوفيقه، ويخرجهم من ظلمات الكفر إلي نورالإيمان .. وإنما جعل الظلمات للكفر مثلاً، لأن الظلمات حاجبة للأبصار عن إدراكالأشياء وإثباتها.
وكذلك الكفر حاجب لأبصار القلوب عن إدراك حقائق الإيمان،والعلم بصحته وصحة أسبابه، فأخبر عز وجل عباده أنه ولي المؤمنين ومبصرهم حقيقةالإيمان، وسبله، وشرائعه وحججه، وهاديهم لأدلته المزيلة عنهم الشكوك بكشفه عنهمدواعي الكفر، والظلم وسواتر أبصار القلوب. إذن: فالله تعالى أخبر أن الذين آمنوابالله ورسله، وصدقوا إيمانهم بالقيام بواجبات الإيمان، وترك كل ما ينافيه، أنهوليهم، يتولاهم بولايته الخاصة ويتولى تربيتهم، فيخرجهم من ظلمات الكفر والجهلوالمعاصي، والغفلة والإعراض إلي نور العلم واليقين، والإيمان والطاعة، والإقبالالكامل على ربهم، وينور قلوبهم بما يقذف فيها من نور الوحي والإيمان، وييسرهمويجنبهم العسرى، ويجلب لهم النافع، ويدفع عنهم المضار فهو يتولى الصالحين. وبهذايكونون أولياء الله.
يقول الحق سبحانه: ألا إنأولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "62" الذين آمنوا وكانوا يتقون "63" لهمالبشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة .. "64" (سورة يونس)
فالله يتولىالعابدين السالكين بعطاء الألوهية، والأولياء يتولون منهج الله بالاعتقاد الموحد،وبالتعبد الموصول، والأخلاق الفاضلة، والدعوة بالحسنى. يقول الحق سبحانه:إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكةألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون "30" نحن أولياؤكم فيالحياة الدنيا وفي الآخرة ولكن فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون "31" نزلاًمن غفورٍ رحيمٍ "32" ومن أحسن قولاً ممن دعا إلي الله وعمل صالحاً وقال إنني منالمسلمين "33" ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينكوبينه عداوة كأنه ولي حميم "34" وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظٍعظيمٍ "35" (سورة فصلت)