مِن مواقِفِه صلّى الله عليه و سلّم مَع الأطفالِ أيضًا :
ر - إحترامُهُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - للأطفالِ ، ودعْوتُه لعدمِ الكذبِ عليْهِم، فقد كانَ الصِّغارُ يحْضُرُون مَجالِسَ العِلْم والذِّكر معهُ ، حتَّى كان أحدُ الغلْمانِ ذاتَ يوْمٍ يجلسُ عن يمينِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وعلى يساره الأشياخُ ، فلمَّا أتى النَّبيُّ بِشرَابٍ شرِب منْهُ ، ثُمَّ قال للغُلامِ :
" أتأذنُ لي أَن أُعْطيَ هؤلاء؟ فقال الغلامُ:" لا يا رسول الله ، لا أوثِرُ بنَصِيبي منْكَ أحداً، فأعطاهُ لهُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم !!
~ وعنْ عبدِ الله بن عامر رضي الله عنهُ ،قال: (( "دعتْنِي أُمِّي ورسولُ الله صلَّى الله عليهِ وسلَّم قاعِدٌ في بيْتِنا فقالتْ هَا تعالَ أعْطِك"، فقال لها صلَّى الله عليهِ وسلَّم:" ما أردتِ أنْ تُعطيه؟" قالتْ "أُعطِيهِ تَمْرا" ،
فقالَ لهَا أمَا أنَّك لوْ لمْ تُعطِه شيْئًا كُتبت عليكِ كَذِبَة " ))
ز - وصِيَّتُه صلَّى الله عليهِ وسلَّم بِالبنات - حيثُ كانَ العربُ يئِدُونَهُنَّ في الجاهِلِيَّة- قائلاً:" (( منْ كانَ لَهُ ثَلاَثُ بَنَاتٍ فَصَبَرَ عَلَى لأوائِهِن، وضَرَّائِهنَّ،وسَرَّائهنَّ دَخَلَ الجنَّة" فقالَ رَجلٌ :"و ثِنْتَانِ يَا رَسُولَ الله؟" قالَ:" و ثِنْتانِ"،فقالَ آخر:" وَوَاحِدَة؟" قالَ: "وَوَاحِدَة"))
س - حِرْصُهُ صلَّى الله عليه وسلَّم على إِرْشادِهِم إلى الصَّوابِ وتَصْحِيحِ مَفاهِيمِهِم وأخْطائِهم بِالحِكمة، وبِصُورةٍ عمَليَّة لاستِئْصَالِ الخَطَأ مِنْ جُذورِهِ ؛ ومِنْ ذلكَ علَى سَبيلِ المِثالِ لا الحَصْرِ:
~ أنَّ أحَدَ أصْحابِهِ- صلَّى الله عليه وسلَّم- وكَان مولى مِن أهلِ فارِس قال : (( شهِدْتُ مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم غزوةَ أُحد فضربْتُ رجلاً مِنَ المُشرِكين فقُلتُ:"خُذْها مِنِّي وأنا الغُلامُ الفارِسِيُّ، فالْتَفَتَ إِليَّ النَّبيُّ وقال:"هَلا قُلت خُذْها مِنِّي وأنا الغُلامُ الأنْصَاريّ؟ ))
~ وهذا عبدُ اللهِ بن عمر حِينَ لمْ يكُن يقُومُ اللَّيلَ ،فقال أمَامَهُ الرَّسُول صلَّى الله عليهِ وسلَّم: (( نِعم الرَّجُلُ عبد الله، لوْ كانَ يُصلِّي مِنَ اللَّيلِ ! فكانَ عبْدُ الله بَعْدَ ذلِكَ لا ينامُ مِنَ اللَّيلِ إلاَّ قَليلاً )) .
ش - تعْلِيمُه صلَّى الله عليه وسلَّم لهُم حِفْظَ الأسْرَارِ ،"فعَنْ عبْدِ الله بن جَعْفر رضِي الله عنهُ قال : (( أردَفَني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ذاتَ يوْمٍ خَلْفهُ ،فأَسَرَّ إِلىَّّ حدِيثًا لا أُحدِّثُ بِه أحداً مِنَ النَّاسِ )) .
ص - رِفْقُهُ بِخَادِمه "أنَس بن مالِك" رضي الله عنهُ ، حيثُ كان يُنادِيه بِ "يا بُني" أوْ " يا أُنيس"-وهْيَ صِيغةُ تصْغِيرٍ للتَّدْليل- يقُول أنَس: (( خَدمْتُ النَّبِيَّ صلَّى الله عليهِ وسلَّم عشرَ سِنين ،واللهِ مَا قال لي أُفٍّ، وَلاَ لِم صَنَعْتَ ؟ ولا ألاَ صَنَعْتَ؟ )) .
ض - عقدُهُ صلَّى الله عليه وسلَّم المُسابقاتِ بينَ الأطفالِ ليُنشِّطَ عُقُولهُم ، وَ يُنمِّي مَواهِبَهم ويَرْفعَ هِمَّتهُم، ويُعزِّز طاقاتِهم المَخْبُوءة، فقَدْ تَصارَعَ "سمرة"، و"رافع" رضِي الله عنهُما أمام رسولِ الله صلَّى الله عليهِ وسلَّم عِندمَا أَرادَا الاشْتِراكَ في جِهادِ الأعْداء فردَّهُما رسولُ الله لِصِغَرِ سِنِّهِما، فزكَّى الصَّحابةُ "سمرة" لأنَّهُ يُحسِنُ الرَّمْيَ، فأجازَهُ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال "رافع" أنَّه يُصارِعه- أيْ أنَّه أقوى منهُ - رغْمَ أنَّهُ لا يُحسِن الرَّمْي، فطلبَ الرَّسُول الكريمُ منهُ أن يُصارِعهُ ، فدَخلاَ معًا مُباراةً للمُصارعة فصَرَعهُ رافع، فأجازَهُما رسولُ الله صلَّى الله عليهِ وسلَّم!!