بهذه المناسبة الحديث الأول في هذا الموضوع، النبي عليه الصلاة والسلام سأل بعض أصحابه فقال:
ـ أتدرون من المفلس ؟
ـ قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع.
ـ قال
(( لا، المفلس من أتى بصلاةٍ، وصيامٍ، وصدقةٍ وقد أكل مال هذا، وشتم هذا، وضرب هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته طرحوا عليه سيئاتهم حتى يطرح في النار ))
( من تخريج أحاديث الإحياء )
العبرة أن تتقي المحارم، العبرة أن تتقي أكل أموال الناس بالباطل، العبرة أن تكون نزيهاً، أن تكون ورعاً، وركعتان من ورع خيرٌ من ألف ركعةٍ من مخلط.
هذه النقطة دقيقة جداً أعيده ثانيةً الحديث رواه الإمام مسلم:
(( من اقتطع حق امرئٍ مسلمٍ بيمينه فقد أوجب الله له النار، قيل: يا رسول الله وإن كان شيئاً يسيراً ؟ قال: وإن كان قضيباً من أراك "))
لكن هناك نقطة، ألف الناس أنه من يحلف يميناً غموساً ليقتطع به حق مسلم يعجل له الله العقاب، أناسٌ كثيرون يموتون فجأةً، وأحياناً يمدُّ الله لهم مدة على الرغم من يمينهم الغموس، هذه القضية تحلها آيتان، الآية الأولى:
﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69)﴾
( سورة النمل )
) فـاء ) للترتيب على التعقيب، والآية الثانية:
﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11)﴾
( سورة الأنعام )
على التراخي، فقد تقتضي حكمة الله عزَّ وجل أن يقسمه فوراً، وقد تقتضي حكمة الله عزَّ وجل أن يعطيه مهلةً لعلمه به، على كلٍ لابدَّ من عقاب.
وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم:
(( من استعملناه على عملٍ فكتمنا مخيطاً فما فوقه كان غلولاً يأتي به يوم القيامة ))
إذا لك عمل، أدوات العمل ليست لك، أما أن تستخدمها بحريةٍ كبيرة، أو أن تأخذها دون أن تعلم صاحب العمل، هذا اسمه في الدين غلول.
وقال عليه الصلاة والسلام:
((إن الشملة التي غلها ـ أحد المقاتلين شملة، رداء أخذها ولم يدخلها في الغنائم، كانت غلولا ـ كانت عليه غلولاً، فقام رجلٌ فجاء بشراكٍ كان قد أخذه لم تصبه المقاسم فقال: شراكٌ من نار ))
وعن جابرٍ رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عُجْرَة:
(( يا كعبُ لا يدخل الجنة لحمٌ نبت من سحتٍ فالنار أولى به ))
هذا صحيحٌ على شرط الشيخين.
هذا الحديث يعني أن الإنسان إذا أكل طعاماً من مالٍ حرام، فكأن هذا الطعام أنبت له لحماً من حرام، فالنار أولى به.
والله يا إخوان الآن شيء عجيب، لا أحد يسأل، يريد مالاً من طريق مشروع، غير مشروع، بحق، بباطل، مع الكذب، مع الضغط، مع المخادعة، مع الكذب، فقط يريد المال.
آخر حديثٍ، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( لا يدخل الجنة جسدٌ غذي بالحرام ))
حسبي الله و نعم الوكيل فيها