فى قول الله تعالى (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عبدون) قوله تعالى (صبغة الله) قال الضحاك عن ابن عباس : أى دين الله وكذا رواه مجاهد ... وانتصاب (صبغة الله) إما تكون على وجه الإغراء كقوله تعالى (فطرة الله) أى إلزموا ذلك عليكموه.. وقال بعضهم بدلا من قوله (ملة إبرهيم ) وقد ورد فى حديث رواه ابن أبى حاتم وابن مردوية من رواية أشعث بن اسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن نبى الله (صلى الله عليه وسلم) قال : " إن بنى إسرائيل قالوا : يا رسول الله هل يصبغ ربك ؟ فقال اتقوا الله , فناداه ربه موسى سألوك هل يصبغ ربك ؟ فقل نعم , أنا أصبغ الألوان الأحمر والأبيض والأسود والألوان كلها من صبغى ... فأنزل الله تعالى على نبيه (صلى الله عليه وسلم) قوله تعالى (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ) كذا وقع فى رواية ابن مردويه مرفوعا وهو فى رواية ابن أبى حاتم موقوف وهو أشبه ان صح اسناده , والله تعالى أعلى وأعلم... وفى قول الله تعالى (قل أتحاجوننا فى الله وهو ربنا وربكم ولنا أعملنا ولكم أعملكم ونحن له مخلصون) يقول الله تعالى مرشدا نبيه (صلى الله عليه وسلم) إلى درء مجادلة المشركين , (قل أتحاجوننا فى الله) أى تناظروننا فى توحيد الله والإخلاص له والإنقياد واتباع أوامره وترك زواجره , (وهو ربنا وربكم) المتصرف فينا وفيكم المستحق لإخلاص الإلهيه له وحده لا شريك له , (لنا أعملنا ولكم أعملكم) أى نحن برآء منكم ومما تعبدون وأنتم برآء منا كما قال تعالى فى الأية الأخرى (فإن كذبوك فقل لى عملى ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا برىء مما تعملون ) (فإن حاجوك فقل أسلمت وجهى لله ومن اتبعن) الى أخر الأية .. وقوله تعالى (ونحن له مخلصون) أى مخلصون فى العبادة والتوجه إلى الله وحده وعبادته وحده لا شريك له ... وفى قول الله تعالى (أم تقولون إن إبرهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصرى قل ءأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهدة عنده من الله وما الله بغفل عما تعملون) ثم أنكر الله تعالى عليهم فى دعواهم أن سيدنا إبراهيم (عليه السلام) ومن ذكر بعده من الأنبياء والأسباط كانوا على ملتهم إما اليهودية أو النصرانية فقال تعالى (ءأنتم أعلم أم الله) أى بل الله أعلم وقد أخبر أنهم لم يكونوا هودا ولا نصارى كما قال تعالى (ما كان إبرهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين) الآية والتى بعدها وقوله تعالى (ومن أظلم ممن كتم شهدة عنده من الله) قال الحسن البصرى : كانوا يقرءون فى كتاب الله الذى أتاهم , إن الدين الإسلام وإن محمدا رسول الله وإن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا برآء من اليهودية والنصرانية , فشهدوا لله بذلك وأقروا على أنفسهم لله فكتموا شهادة الله عندهم من ذلك (وما الله بغفل عما تعملون) تهديد ووعيد شديد أن علمه محيط بعملكم وسيجزيكم عليه ...