
فى قوله تعالى (أو كصيب من السماء فيه ظلمت ورعد وبرق يجعلون أصبعهم فى ءاذانهم من الصوعق حذر الموت والله محيط بالكفرين )
وهذا مثل آخر ضربه الله تعالى عن المنافقين فى حال شكهم وكفرهم وترددهم كالصيب والصيب هنا بمعنى المطر الذى نزل من السماء فى ظلمات وهى الشكوك والكفر والنفاق .
والرعد وهو ما يزعج القلوب من الخوف , فان من شأن المنافقين الخوف الشديد والفزع .
والبرق هو ما يلمع فى قلوب هؤلاء المنافقين فى بعض الأحيان من نور الايمان .
يجعلون أصبعهم فى ءاذانهم من الصواعق , أى لا يفيد حذرهم فى شىء , لأن الله تعالى محيط بهم بقدرته وهم تحت مشيئة ارادته..
والصواعق هى نار تنزل من السماء وقت الرعد الشديد.

فى قوله تعالى (يكاد البرق يخطف ابصرهم كلما أضاء لهم مشوا فيه واذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصرهم ان الله على كل شىء قدير )
ولشدة ضوء الحق يكاد البرق يخطف ابصارهم وهذا من قوته وضعف بصائرهم وعدم ثباتها للايمان وأن كلما ظهر لهم من الايمان والحق شىء استأنسوا به واتبعوه , ولكن شكوكهم ونفاقهم فيظلم قلوبهم ..
فيكونوا فى حيرة , وهكذا يكونون يوم القيامة , فالناس يعطى النور لهم يوم القيامة على قدر أعمالهم , فمنهم من يعطى النور مسيرة طويلة وأكثر , ومنهم من يضىء له النور مرة ويطفىء مرة , فيقف مرة على الصراط ويمشى مرة..
ان الله قادر على ذهاب سمعهم وأبصارهم , لما تركوا من الحق بعد معرفتهم له , وان الله على كل ما أراده بعباده من نقمة أو نعمة قدير ووصف الله بالقدير لأنه حذرهم من تمردهم ونفاقهم وأنه محيط بهم ..
ان الله لا يحب المنافقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاث من كن فيه كان منافقا ومن كانت فيه واحده منهم كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها , من اذا حدث كذب , واذا وعد أخلف , واذا اؤتمن خان ) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلابد من البعد عن هذه الصفات حتى لا نتصف بصفات المنافقين..

وفى قوله تعالى (يأيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون )
ان الله تعالى أراد أن يبين لهم وحدانية ألوهيته بأنه تعالى هو المنعم على عبيده باخراجهم من العدم الى الوجود واعطاءه لهم النعم الظاهرة والباطنة , لعلهم يتقون الله فيما يفعلون , ويعلمون أنه القادر على كل شىء , فلماذا بعد هذا كله تكفرون به ؟
ولكن كيف يهتدون وقد جعل الكفر والنفاق قلوبهم مظلمة لا تعرف طريق الحق ولا يهتدون للحق سبيلا..

أسأل الله العظيم ان يطهر قلوبنا من النفاق , ويثبت قلوبنا على دينه..
أسأل الله العظيم ان ننتفع بعلمه , ونعمل به ظاهرا وباطنا ..
