يقول صاحب كتاب ( فن صناعة الحب):" ان من الحقائق الثابتة ان الرجل يحب من زوجته ان تغار عليه لأن هذا يشعره بحبها له، ويجعلها دائما تتفنن في اظهار ما عندها من الجمال والحسن والقدرات، ولكن الرجل يكره ان يزيد هذا الأمر الى القدر الذي ينغص عليه حياته ويفسد عليه سعادته".
ان المرأة الطبيعية هي التي تغار والتي لا تغار فهي بليدة!!! اما من كانت غيرتها معتدلة فهي حكيمة، ومن افرطت في الغيرة فهي حمقاء.
ان المبالغة في الغيرة قد تحول البيت الى جحيم ونكد لا يطاق، وكما يقول الدكتور رمزي الحسامي:" ان لدغة الغيرة كلدغة الكوبرا لا شفاء منها". انها تصور غيرتها المفرطة تلك انها من اجل ان تحافظ على سعادتها وهي تعبير عن حبها لزوجها واسرتها، وهي في الحقيقة كمن يسرق ليتصدق.
ان الزوجة التي تثير عواصف النكد في بيتها لأتفه الأسباب فإنها سرعان ما تجعل رياح الخصومة والهجران تعصف في بيتها، انها كلما خرجت مع زوجها ومرا على امرأة فإنها تنبهه لئلا ينظر اليها، او انها تذمها او تسأله عما اذا نظر اليها. ولعل هذه الغيرة ستجعله يرجع سببها الى صفات نقص في زوجته وان ذلك يفتح عليهما باب شر عظيم.
وها هو نابليون الذي جعل زوجته امبراطورة فرنسا اما هي فجعلته اتعس انسان في فرنسا لأن زوجته كانت بارعة في النكد حتى انه كان يتسلل من البيت ينفس عن صدره كابوس زوجته، وكذلك تولستوي- روائي وكاتب روسيا الشهير- الذي دفعه نكد زوجته وتفننها فيه للخروج من البيت في ليلة شديدة البرد، وقد عثر عليه بعد عشرة ايام ميتا من شدة البرد قريبا من محطة القطارات وفي جيبه ورقة اوصى فيها الا تراه زوجته بعد موته وأن لا تشارك في جنازته.
فانزعي قناع النكد واخلعيه عن وجهك، وكذلك انت ايها الزوج فإن الغيرة المبالغ فيها تقودك الى سوء الظن والتضييق على زوجتك اذا تكلمت بالهاتف او وقفت لتنظف شباك البيت او ذهبت الى الدكان.
ان رفض هذا ليس معناه التفريط والتهاون ولكن في الوسطية خيرا ، فما دامت المرأة مستقيمة وتصرفاتها منضبطة بالضوابط الشرعية، فيجب على الرجل منحها الثقة فلا يفرط في غيرته على عرضه فيحول الغيرة من المحمودة الى المذمومة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ان من الغيرة غيرة يبغضها الله عز وجل وهي غيرة الرجل على اهله من غير ريبة".
ان الثقة وحسن الظن والتودد من عناصر شحن مخزون الحب بينكما فلا تترددا في شحنه واياكما من تفريغه وافساده.
كل يوم هي عروس
ان مما يساهم في شحن مخزون الحب بين الزوجين استمرار ظهور كلا الزوجين للآخر في اجمل صورة وأبهى طلة. فإن حسن المظهر يريح النفس، وان شم الرائحة الطيبة يساعد على استقرارها. ولقد قال ابن عباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اني لأحب ان اتزين لامرأتي كما احب ان تتزين لي".
وكان عليه الصلاة والسلام يرشد اصحابه لأفضل الطيب فيقول:"اطيب الطيب، المسك".
قال ابو الأسود الدؤلي ينصح ابنته:" اياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق، وعليك بالزينة فإن ازين الزينة الكحل، وعليك بالطيب فإن اطيب الطيب اسباغ الوضوء".
ولكي يزداد الحب بين الزوجين ويظل مخزونه في ازدياد فينبغي المحافظة على جمالهما وزينتهما كل للآخر، بالنظافة والتعطر والزينة المباحة ولو كانت بسيطة مثل تصفيف الشعر والكحل وغيرها.
يقول الأستاذ فتحي محمد الطاهر صاحب كتاب ( هكذا يبلغ الحب بينهما):" فجمال العين وزينتها من الأهمية بمكان ويجب الاعتناء به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" عليكم بالاثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر" والاثمد هو الكحل الأسود. والعيون تصور جميع المشاهد قبل تخزينها في الذاكرة وتستعاد بالتذكير بعد ذلك. ومن المهم جدا حرص كل زوج على تصوير اجمل المشاهد وابدعها فلا يدع عيني زوجته تقع الا على الجمال والنظام في المأكل والملبس والمسكن، كما قال ابن حزم في كتاب ( طوق الحمامة) :
اشارت بطرف العين ضيفة اهلهـــا
اشارة محزون ولم تـــــــــتكلم
فأيقنت ان الطرف قد قال مرحبا
واهلا وسهلا بالحبيب المتيم
ان الزينةهي للزوج وليس كما تفعل اكثر النساء، بأنها تتزين اذا خرجت من البيت بينما تهمل نفسها في بيتها ولزوجها، وان ذلك يفسد الود بينهما ويذهب بأواصر المودة وسرعان ما ينفد مخزون الحب.
اليس من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه عن المرأة النعمة:" واذا نظر اليها اسرته" نعم، هذا ما ينبغي ان تكون عليه المرأة وهذا ما ينبغي ان يكون عليه الزوج كذلك، فكل منهما لباس للآخر كما قال الله سبحانه { هن لباس لكم وانتم لباس لهن}.
ولقد سئل الأصمعي عن امرأة تحمل بيد مسبحة تسبح الله وتذكره وفي الأخرى تحمل ميلا تكحل به عينيها، ولما سئلت عن ذلك وكيف توفق بين هذا وذاك قالت:
ولله مني جانبا لا أضيعه
وللهو مني والبطالة جانب
فلما سئل عن ذلك الأصمعي دون ان يراها ويعرفها قال:" امرأة صالحة تتزين لزوجها" اي انها تطيع الله سبحانه بذكره وتطيع زوجها بتزينها له.
فإن دوام تزين كلا الزوجين وظهورهما بالمظهر الجميل مما يساهم في شحن مخزون الحب بينهما.
يتبـــع