((الجزء11))
متعب أن تواصلي الحياة بلا أمل في إصلاح الأوضاع،
محبط أن تتكرر المآسي وتتجدد الأوجاع،
حياة الشمالية مع الجنوبي، عالم من التحديات المستمرة والإهاق الذهني المتجدد،
مصير مخيف، مقلق،
زمن يعتصر الإحساس، ويغدر باللحظات الجميلة،
ابتسامات الجنوبي العذبة، غادرت قاهرة للأمل،
مؤلمة تلك اللحظات التعيسة التي تسيطر على العلاقة، وتعصف بالكيان،
الجنوبي، البارد كالصقيع، عندما يقترن بالشمالية، جذوة الحياة الملتهبة،
الجنوبي، الفياض بالعاطفة، كالمطر، غزيز الحب، كثيف الحنان، قليل الإنتاج،
والشمالية، كبرد السماء، ثقيلة قوية، فعالة،
البرود،
والمطر،
يهطلان معا ... ينهالان على الأرض،
فيختفي المطر سريعا، وتبقى قطع البرد لوقت أطول،
المطر، يسيل في الأودية، حاملا كل شيء،
والبرد، يتلألأ على سطح الأرض، ثم يذوب، بهدوء وإحساس خاص،
المطر، ينهال بصوت زخم،
والبرد، يتساقط بصوت الرقيع،
بَرود المطر،
ثلج السيول،
تخيلي، ماذا يحدث عندما تسقط حبات البرد مع المطر الغزير، تتلاشى في السيول، تغرق، تذوب، تختفي،
مطر، سيل جرف بَرود،......................!!!!!!
فياترى كيف لبَرود، أن تستعيد كيانها كقطعة برد لذيذة، وتنفصل عن سيل مطر، ........؟؟
هل تقبل أن تبقى جزءا من تكوينه، جزءا يسيرا،
أم تحاول أن تنصف الإمتزاج،
أم تنفصل عنه، لتستعيد تكوينها الثلجي، النقي، .........؟؟
خيار، ........ أصعب من الصعب...!!!
- لماذا تسأليني كيف يراني...؟؟
- لأنه من المؤكد أن يكون لديه فكرة ما عنك، زوجك ليس طفلا ولا غبيا كما تعتقدين، إنه رجل بالغ، أعجبك ذلك، أم لم تقتنعي تلك الحقيقة، ومثلما تحملين تصورا عنه، لا بد أن لديه واحدا عنك..
- دائما يراني نكدية، ودائما في نظره العصبية، التي لا أفكر سوى في المال، ......!!
- وبعد، ........
- لا أعرف، .....قد يراني معقدة، يراني أيضا غبية ربما، من وجهة نظره،
- وبعد،
- ماذا تقصدين، عمَ تبحثين ...؟؟؟
- عن كلمة يرددها باستمرار، تشعرين معها بالنقص،
- ............. كلمة، ........ مثل ماذا؟؟.......... مثل أني لست أنثى كفاية........ يقول أني لست امرأة ........ نعم هذه الكلمة تجرحني، ....... لا أفهم لماذا يدعي أني لست امرأة.
- هذا على الرغم من أنك تتزينين، كثيرا،
- نعم، صدقت، أتزين، وأهتم بنفسي في السابق لكنه يصر على أني لست امرأة،
- الجنوبي، يرى الشمالية باستمرار، في صورة غير أنثوية، لأنه رجل لا يبادر كثيرا في القيام بالأعمال أو تحقيق الإنجازات، وبالتالي، فعلى المرأة أن تكون أقل منه مبادرة بكثير، وكونك شخصية ناجحة على الصعيد العملي، ومبادرة في حياتك الشخصية، ومنجزة، فأنت من وجهة نظره تفتقدين سمة مهمة من سمات الأنوثة، وفي الوقت ذاته يحب لديك قوة الشخصية، التي قمت بالتخلص منها لاحقا،
- لا أفهم ما تقصدين، .......
- الجنوبي، رجل رقيق، في كل شي، والشمالية تحتاج إلى رجل قوي ونافذ، لكن حكمة الله في الخلق هذا التكامل في العلاقات الزوجية، فزواج الجنوبي من شمالية، مفيد لتعلم الشمالية الجنوبي كيف ينجز، ويعلم الجنوبي الشمالية كيف تسترخي وتستمع في حياتها،
لو سألت زوجك كيف يراك....؟؟
قد يقول ما يلي: إنها امرأة نكدية، بل هي ليست امرأة إنها رجل في جسد امرأة، تريد أن تفعل كل شيء بنفسها،
وتفكر أكثر من أي شيء آخر، وتدير الحياة وتسيطر على حياتي، وترغب في أن تتحكم بي، ولا ينقصها سوى أن تمسك بالعصمة، ............!!،
لا أستطيع الإستمرار مع زوجة من هذا النوع، لأنها لا تحيي في قلبي أي شعور بالجاذبية، بل أشعر معها بأني أعيش مع مديرة عملي، مزعجة، وقلقة دائما، متوترة، وتعتقد أن كثرة العمل تضمن المستقبل،
كل همها تكديس المال، لا تفكر سوى في المشاريع، متعة حياتها الوحيدة، شخصية مريضة، معقدة، كئيبة، هذه كئيبة لا يمكنني تحملها....!!
- هل من الممكن أن يكون هذا رأيه عني، ........؟؟
- نعم، ........ وقد يكون أسوأ بكثير، فما يحدث في الواقع، أننا نختلف، وكل منا يرى الآخر من منطقه الشخصي، وبالتالي فحكمك عليه غير منطقي، أنت ترينه ناقصا، وهو يراك ناقصة، لأنكما مختلفين كذكر وأنثى، ومختلفين كشمالية وجنوبي، ..........
- ومن منا على حق........؟؟
- لا أحد منكم على خطأ، أنت تمارسين طبيعتك، وهو يمارس طبيعته، الخلل الوحيد، أنكما لا تعلمان الإختلافات، ولم تتعلما فن التعامل مع هذه الإختلافات، .......
- وهل يعني ذلك أننا لا نناسب بعضنا، هل نفترق......؟؟
- بالعكس، الجنوبي، يعجب بالشمالية من النظرة الأولى، لكن الجنوبية تناسبه أكثر، من حيث التفكير والميول، بينما تبقى الشمالية حلم حياته، لتميزها، إنه يحب أن يجمع القطع النادرة في حياته، ويسرف المال الكثير على مظهر الخارجي، ولهذا فالشمالية ذات الشخصية المميزة والطلة الجذابة، تثري طموحه، لكن ما أن يتزوج بها، حتى يبدأ في اكتشاف شخصيتها الصارمة، وبناءها الذاتي المتين، ونشاطها الكبير، واندفاعها الإنجازي وطموحها الصاعق، ....... كل هذا يصيبه بالصدمة، فهو لم يتزوج بها ليقدم لها الدعم، ولا ليخطط معها لدخول امبراطورية الأثرياء، بل تزوجها ليتباها بها، أمام مجتمعه كما يتباها بممتلكاته الكثيرة، .......... وفي النهاية اكتشف كم هي مزعجة...!!!
- مزعجة......؟؟؟!!!!
- نعم، مزعجة، فالجنوبي الذي يميل إلى الإسترخاء، والإستجمام أغلب الوقت، يجد طموحات الشمالية ومطالبها مزعجة.........!!!!!....... بل ولا تطاق في كثير من الأحيان، الشمالية ترى أنها كلما صعدت سلمة، على درج الإرتقاء، ترى أن هناك سلمة أخرى تمثل لها تحديا، والجنوبي يراها طماعة ولئيمة، ولا تشبع، من جمع المال...........!!!!
- أووووووووه، وكأنه يتحدث، هكذا يصفني باستمرار، ويقول إني معقدة، وأني أشعر بالخوف بعد أن سلب إخوتي مالي، وأحاول أن أعوض ما خسرته، مع أني لا أفكر في جمع المال، أفكر في النجاح، والمال يأتي كتحصيل حاصل بشكل تلقائي بسبب نجاحي........غريب منطقه.......!!!
- الأغرب هو ما تفكرين به نحوه، عندما قلت إنه سطحي وغير مسؤول، لو سمع ما قلت لأصيب بصدمة عنيفة، فهو أيضا يرى أنه على صواب، وأن ما يقوم به شيء طبيعي، فالحياة أوجدت للإستمتاع واللهو، حواسه تدرك الكثير مما يغيب عن ناظريك، .........!!!
- لكنه تعرف إلى مطربة، وهي أيضا تجمع المال، وتحب النجاح، .........!!!
- قصة متكررة، ......... الجنوبي، والنساء المتميزات، أو المشهورات، ....... ألم أقل لك إنه يحب الشماليات لأنهن براقات، ....... إن علاقته بالمشهورات تعطيه إحساسا بمكانته، يشعر معها أنه شخص مميز، كما يحب أن يشعر دائما،
المرأة ذات السمعة الإجتماعية العريضة توفر لشخصيتة التواجد الذي يبحث عنه،
- كيف لم أعد أفهم ما تقصدين، بدأت أتعثر، ........
- تخيلي معي ما يحدث، ......... الرجل الجنوبي قليل الإنتاجية، وبالتالي، لا يحظى بسمعة كبيرة، ولا بجاذبية شخصية، لكنه يشعر بأنه رجل فوق العادة، ويريد بل ويحتاج لمن تشعره بذلك من النساء، فتأتي تلك المطربة التي يسعى خلفها الكثير من الرجال لتحبه هو، ...... هو فقط، كيف تراه سيشعر، ............؟؟؟ بالأهمية، ........ الأهمية التي كان يبحث حثيثا عنها.........!!!
- كنت أعتقد أنه أحبها ليمارس الجنس معها.........!!!
- الجنس بالنسبة للجنوبي، ليس مشكلة كبيرة، فهو يجده في أي مكان، ويمكنه أن يمارسه معك في أي وقت، وإن كان غير منجذب لك، ....... المشكلة تكمن في الإعجاب وتحقيق الذات،
- وهي تمنحه القدرة على تحقيق ذاته،
- نعم فالجنوبي، أشبه بالكائنات اللصيقة، التي لا تمضي في الحياة وحيدة، تريد الإلتصاق بأحد ما لتحقق تواجدها، ......... تلتصق بكائن أكبر، أو أقوى.....
- والشمالية قوية، أو أية امرأة مشهورة ......
- تماما، .......... والحادث، أن بعض الشماليات لا يدركن ذلك، وبعد الزواج تصدمهن حالة الخدر لدى الجنوبي، ويصبن بالملل، والقرف أيضا، وقد يهاجمنه عدة مرات، ويحطمن شخصيته، دون علم منهن، فينتقم الجنوبي، الحاقد، بطريقة تكسر الشمالية وغرورها كسرا مبرحا، بالخيانة، الخيانة لدى الجنوبي عقابا للمرأة التي تهين كرامته.......!!!
- مستحيل........ كلامك خطير، يشعرني بالخوف، على هذا لن يتوقف عن خيانتي، فأنا يوميا أذكره بكسله، وكثرة نومه، واستهتاره، ........!!!
- وعندما تتوقفين عن ذلك وتبدئين باحترامه سيتوقف هو أيضا عن خيانتك...........
- معقول، كيف أحترمه، .......... أنا لا أحترمه، إنه كما قلت غبي.......
- كفي عن وصفه بالغبي، فهو ليس غبيا، هو صنف مختلف من البشر، إنه جنوبي، وأنت شماليه، هو ليس غبيا، ولا أنت نكديه، لكن كل واحد منكما من كوكب مختلف..........!!!
- نعم سأفعل، ..... وكيف أشعره أني أحترمه، .......... كيف أمثل عليه ذلك.......
- احترميه بصدق، ثم سيشعر..........
يتبع الجز12