ذهب الشاعر ودخل على معن بن زائدة في مجلسه وجلس ولم يسلم
ثم قال :
أتذكر إذ لحافك جلد شاةٍ
وإذ نعلاك من جلد البعيرِ؟
قال معن :
نعم أذكر ذلك ولا انساه!
قال الشاعر :
فسبحان الذي اعطاك ملكاً
وعلمك الجلوس على السرير
قال معن:
سبحانه يعطي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء!!
فقال الشاعر :
فلست مسلماً ان عشت دهراً
على معنٍ بتسليم الاميرِ!!
قال معن :
السلام خير.. وليس في تركه ضير!!!
قال الشاعر :
سأرحل عن بلادٍ أنت فيها
ولو جار الزمان على الفقيرِ!
قال معن :
إن جاورتنا فمرحبا بالإقامة،
وإن جاوزتنا فمصحوبا بالسلامة.
قال الشاعر :
فجد لي يابن ( ناقصةٍ) بمال ٍ
فإني قد عزمت على المسير!!
قال معن :
أعطوه ألف دينار تخفف عنه مشاق الأسفار!!
قال الشاعر :
قليلٌ ما اتيت به وإني
لأطمع منك بالمال الكثير !
قال معن :
أعطوه ألفاً ثانياً كي يكون عنا راضياً .
قال الشاعر :
فثن .. فقد أتاك الملك عفواً
بلا عقلٍ ولا رأيٍ منير
فقال معن:
أعطوه ألفين آخرين.
فتقدم الأعرابي إليه وقال:
سألت الله أن يبقيك دهراً
فما لك في البرية من نظير !!!
فمنك الجود والإفضال حقاً
وفيض يديك كالبحر الغزير !!!
فقال معن:
أعطيناه أربعة على هجونا فأعطوه أربعة على مدحنا.
فقال الأعرابي:
بأبي أيها الأمير ونفسي فأنت نادرة دهرك في الجود، ولقد كنت في صفاتك بين مصدق ومكذب فلما بلوتك أذهب ضعف الشك قوة اليقين، وما بعثني على ما فعلت إلا مائة بعير جعلت لي على إغضابك.
فقال له الأمير:
لا تثريب عليك، ووصله بمائتي بعير، نصفا للرهان والنصف الآخر له،
فانصرف الأعرابي داعيا له.. شاكرا لهباته.. معجبا بأناته.