![]() |
مسائل في الدعاء القرآني " دعوات المؤمنين"
http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_608.gif زخر القرآن الكريم بالكثير من دعوات المؤمنين التي ذكرها الله تعالى في معرض الثناء عليهم، وهذه الدعوات كدعوات الرسل عليهم السلام في تنوعها، وفي أن منها ما هو خاص ومنها ما هو عام، ومنها ما هو لحظ الدنيا ومنها ما هو لحظ الآخرة.. وترتيبي لها هنا سيكون حسب ترتيب سور القرآن في المصحف، مع ذكر تحت كل موضع منها ما فيه من مهمات الفقه والفائدة: الموضع الأول: قول الله تعالى {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [البقرة: 200-202]. هذه الآيات جاءت في ختام آيات الحج، ونزولها كان قبل منع المشركين من الحج، فيدعون بأمور دنيوية، بينما يدعو المؤمنون بأمور الدنيا والآخرة كما هو مفصل في الآيات، والذين ليس لهم في الآخرة خلاق هم المشركون. [ينظر: تفسير ابن عاشور: 2/247]. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف، فيقولون: اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن. لا يذكرون من أمر الآخرة شيئا، فأنزل الله فيهم: {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق} [رواه ابن أبي حاتم: 2/357] وكان يجيء بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون:{ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} فأنزل الله: {أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب} ولهذا مدح من يسأله للدنيا والأخرى [تفسير ابن كثير: 1/558]. فسؤال المؤمنين ربهم سبحانه حسنة الدنيا والآخرة من أفضل الدعاء وأجمعه؛ ولذا أثنى الله تعالى على الداعين به، وكان هو أكثر دعاء النبي عليه الصلاة والسلام كما ذكر أنس رضي الله عنه [رواه البخاري: 6389]. قال السعدي رحمه الله تعالى: هذا الدعاء أجمع دعاء وأكمله، وأولاه بالإيثار، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء به، والحث عليه. [تفسيره: 93] http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif الموضع الثاني: قول الله تعالى [رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ] {البقرة:250}. وهذا الدعاء جاء في مواجهة أهل الإيمان من بني إسرائيل بقيادة طالوت أهل الكفر منهم بقيادة جالوت. والإفراغ هو الصب، أي: اصبب علينا صبرا. قال ابن كثير رحمه الله تعالى: لما واجه حزب الإيمان -وهم قليل- من أصحاب طالوت لعدوهم أصحاب جالوت -وهم عدد كثير- {قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا} أي: أنزل علينا صبرا من عندك {وثبت أقدامنا} أي: في لقاء الأعداء وجنبنا الفرار والعجز {وانصرنا على القوم الكافرين} [1/669]. وهذا من أعظم الدعاء الجالب للنصر؛ لأن فيه طلبا للصبر وللنصر، وإنما الظفر بالصبر على شدة الحرب، وبأس العدو، وفيه طلب ثبات الأقدام عن الفرار أو التزحزح عن المكان، وهذا من آثار الصبر، وهو مما يفزع العدو ويصيبهم بالفشل والهزيمة، ثم فيه طلب النصر على الكفار، وإذا تحقق الصبر تحقق الثبات، وإذا تحقق الصبر والثبات تحقق النصر، فكان جماع النصر الصبر. وهذا الدعاء العظيم وإن تأكد في الحرب ومواجهة الأعداء، وهو سلاح المجاهدين في الميادين، فإن القاعدين ينبغي أن لا يغفلوا عنه؛ لأن من أكثر منه في الرخاء والسلم فحري أن يستجاب له إن دعا به في الشدة والحرب؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالكَرْبِ فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ» [رواه الترمذي: 3382، وصححه الحاكم: 1997، وحسنه الألباني]. وسأل سحرة فرحون ربهم سبحانه وتعالى أن يفرغ عليهم صبر لما آمنوا وهُددوا بأشد العذاب، فقالوا في دعائهم {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الأعراف: 126] فسألوا الله تعالى الصبر على الفتنة والابتلاء فيه، والثبات على الإسلام إلى الممات. وقريب من هذا الدعاء ما جاء في دعاء أتباع الرسل السابقين عليهم السلام حين قاتلوا أعداءهم، وهو الدعاء المذكور في قول الله تعالى [وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ] {آل عمران:146-147}. و(الربيون) جمع رِبِيٌ وهو المتبع لشريعة الرب، مثل: الرباني، والمراد بهم هنا: أتباع الرسل وتلامذة الأنبياء...ومحل العبرة هو ثبات الربانيين على الدين مع موت أنبيائهم ودعاتهم. وقوله: فما وهنوا، أي: الربيون؛ إذ من المعلوم أن الأنبياء لا يَهِنون فالقدوة المقصودة هنا هي الاقتداء بأتباع الأنبياء، أي: لا ينبغي أن يكون أتباع من مضى من الأنبياء، أجدر بالعزم من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم. [التحرير والتنوير: 4/118]. وصيغة القصر في (وما كان قولهم إلا أن قالوا) قصر إضافي لرد اعتقاد من قد يتوهم أنهم قالوا أقوالا تنبئ عن الجزع، أو الهلع، أو الشك في النصر، أو الاستسلام للكفار. [التحرير والتنوير: 4/120]. وفي دعائهم طلب مغفرة الذنوب؛ لأن الذنوب مانع من موانع النصر، وهذا من حسن ظنهم بالله تعالى، واتهام أنفسهم، وهذا الإقرار بالذنوب وطلب مغفرتها سبب من أسباب النصر بإزالة مانعه، مع الدعاء بالثبات والنصر كالدعاء السابق. فجمعوا بين الصبر وترك ضده، والتوبة والاستغفار، والاستنصار بربهم، فلا جرم أن الله نصرهم، وجعل لهم العاقبة في الدنيا والآخرة؛ ولهذا قال: {فآتاهم الله ثواب الدنيا} من النصر والظفر والغنيمة {وحُسن ثواب الآخرة}وهو الفوز برضا ربهم، والنعيم المقيم. [تفسير السعدي: 151]. وهذا الدعاء كسابقه ينبغي للمؤمن أن يحرص عليه في السلم وفي الحرب. الموضع الثالث: الدعاء المذكور في الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وفيه مسائل: المسألة الأولى: في قول الله تعالى حكاية عن المؤمنين [وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ] {البقرة:285}. فأثنى الله تعالى على المؤمنين بإيمانهم وطاعتهم ثم ذكر من دعائهم (غفرانك) قال القرطبي: وقوله (غفرانك) مصدر كالكفران والخسران، والعامل فيه فعل مقدر، تقديره: اغفر غفرانك، قال الزجاج وغيره: نطلب أو أسأل غفرانك. [3/429]. وقال ابن كثير: {غفرانك ربنا} سؤال للغفر والرحمة واللطف.[1/736]. وهذه الدعاء (غفرانك) هو من صيغ الاستغفار القرآني، وسأفرد الاستغفار القرآني بمقالة مستقلة إن شاء الله تعالى، وقلَّ من الناس من يستغفر بهذه الصيغة رغم ورودها في القرآن. http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif المسألة الثانية: في قول الله تعالى [رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ] {البقرة:286}. وقد ورد في الحديث أن الله تعالى قد استجاب هذا الدعاء، وقال سبحانه: قَدْ فَعَلْتُ. [رواه مسلم: 126]. قال بعض الناس: إذا كان هذا الدعاء قد أجيب فطلب ما فيه من باب تحصيل الحاصل، وهذا لا فائدة فيه فيكون هذا الدعاء عبادة محضة ليس المقصود به السؤال، وهذا القول قد قاله طائفة في جميع الدعاء: أنه إن كان المطلوب مقدرا فلا حاجة إلى سؤاله وطلبه، وإن كان غير مقدر لم ينفع الدعاء -دعوت أو لم تدع- فجعلوا الدعاء تعبدا محضا كما قال ذلك طائفة أخرى في التوكل. [فتاوى ابن تيمية: 14/143]. قال الطبري رحمه الله تعالى: وقد زعم قوم أن مسألة العبد ربه أن لا يؤاخذه بما نسي أو أخطأ، إنما هو فعل منه لما أمره به ربه تبارك وتعالى، أو لما ندبه إليه من التذلل له والخضوع بالمسألة، فأما على وجه مسألته الصفح، فما لا وجه له عندهم. [6/135]. وقد رد ذلك الطبري وابن تيمية، وذكر ابن تيمية أوجها للإجابة عليه: الأول: أن العمل الذي لا مصلحة للعبد فيه لا يأمر الله به، وهذا بناء على قول السلف: إن الله لم يخلق ولم يأمر إلا لحكمة كما لم يخلق ولم يأمر إلا لسبب. والذين ينكرون الأسباب والحِكم يقولون بل يأمر بما لا منفعة فيه للعباد البتة وإن أطاعوه وفعلوا ما أمرهم به. [الفتاوى: 14/144]. الثاني: أن الله تعالى إذا قدّر أمرا فإنه يقدر أسبابه، والدعاء من جملة أسبابه كما أنه لما قدر النصر يوم بدر وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم قبل وقوعه أصحابه بالنصر وبمصارع القوم كان من أسباب ذلك استغاثة النبي صلى الله عليه وسلم ودعاؤه. [الفتاوى: 14/148]. الثالث: أن ثبوت هذا الحكم في حق آحاد الأمة قد لا يحصل إلا بطاعة الله ورسوله، فإذا عصى الله ذلك الشخص العاصي عوقب عن ذلك بسلب هذه النعمة وإن كانت الشريعة لم تنسخ. يبين هذا: أن في هذا الدعاء سؤال الله بالعفو والمغفرة والرحمة والنصر على الكفار، ومعلوم أن هذا ليس حاصلا لكل واحد من أفراد الأمة بل منهم من يدخل النار، ومنهم من ينصر عليه الكفار، ومنهم من يسلب الرزق؛ لكونهم فرطوا في طاعة الله ورسوله فيسلبون ذلك بقدر ما فرطوا أو قصروا، وقول الله: "قد فعلت" يقال فيه شيئان: أحدهما: أنه قد فعل ذلك بالمؤمنين المذكورين في الآية، والإيمان المطلق يتضمن طاعة الله ورسوله. فمن لم يكن كذلك نقص إيمانه الواجب فيستحق من سلب هذه النعم بقدر النقص، ويعوق الله عليه ملاذ ذلك، ولم يستحق من الجزاء ما يستحقه من قام بالإيمان الواجب. الثاني: أن يقال: هذا الدعاء استجيب له في جملة الأمة، ولا يلزم من ذلك ثبوته لكل فرد، وكلا الأمرين صحيح؛ فإن ثبوت هذا المطلوب لجملة الأمة حاصل، ولولا ذلك لأهلكوا بعذاب الاستئصال كما أهلكت الأمم قبلهم... وأما حصول المطلوب للآحاد منها فلا يلزم حصوله لكل عاص؛ لأنه لم يقم بالواجب ولكن قد يحصل للعاصي من ذلك بحسب ما معه من طاعة الله تعالى. [الفتاوى: 14/148-151]. http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif المسألة الثالثة: ختم هذا الدعاء المبارك بسؤال أربع: العفو والمغفرة والرحمة والنصر، وهي من أعظم الدعوات التي يحتاجها العبد. قال شيخ الإسلام: سألوه العفو والمغفرة والرحمة والنصر على الأعداء؛ فإن بهذه الأربعة تتم لهم النعمة المطلقة، ولا يصفو عيش في الدنيا والآخرة إلا بها، وعليها مدار السعادة والفلاح؛ فالعفو متضمن لإسقاط حقه قِبَلِهِم ومسامحتهم به، والمغفرة متضمنة لوقايتهم شر ذنوبهم وإقباله عليهم ورضاه عنهم؛ بخلاف العفو المجرد؛ فإن العافي قد يعفو، ولا يقبل على من عفا عنه، ولا يرضى عنه، فالعفو ترك محض، والمغفرة إحسان وفضل وجود، والرحمة متضمنة للأمرين مع زيادة الإحسان والعطف والبر، فالثلاثة تتضمن النجاة من الشر والفوز بالخير، والنصرة تتضمن التمكين من إعلان عبادته، وإظهار دينه، وإعلاء كلمته، وقهر أعدائه....[الفتاوى: 14/140]. http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif الموضع الرابع: سؤال الراسخين في العلم: قال الله تعالى [وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الأَلْبَابِ * رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ * رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لَا يُخْلِفُ المِيعَادَ] {آل عمران:7-9}. يُحتمل أن هذا الدعاء من قول الراسخين في العلم –وهو الأرجح- ويحتمل أن الله تعالى لما ذكر قولهم [آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا] أرشد نبيه عليه الصلاة والسلام إلى هذا الدعاء. وفي هذا الدعاء المبارك مسائل: المسألة الأولى: أنه إذا كان هذا دعاء الراسخين في العلم، وقد أثنى الله تعالى عليهم برسوخهم فيه وبدعائهم حين ذكره في كتابه في معرض الثناء عُلم أن هذا الدعاء من أنفع الدعاء وأفضله، وأنه ينبغي للمؤمن أن يحافظ عليه. سئل الإمام مالك رحمه الله تعالى عن الراسخين في العلم فقال: العالم العامل بما علم المتبع له. [تفسير البغوي: 2/11]. وورد تفسير الراسخين في العلم في حديث مرفوع عند الطبراني ولكنه ضعيف. المسألة الثانية: أن هذا الدعاء [رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا...] يشبهه دعاء النبي عليه الصلاة والسلام «يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» [رواه الترمذي: 2140]. وزيغ القلب هو فساده وميله عن الدين. [تفسير القرطبي: 4/20] ففي الآية سؤال عدم الميل عن الدين، وفي الحديث سؤال الثبات عليه. وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء القرآني إذا قام من الليل فيقول «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، سُبْحَانَكَ، اللَّهُمَّ أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي، وَأَسْأَلُكَ رَحْمَتَكَ، اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْمًا، وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ» [روه أبو داود: 5061، وصححه ابن حبان: 5531]. وورد أن أبا بكر رضي الله عنه قرأ هذا الدعاء في الركعة الثالثة من صلاة المغرب.[رواه مالك: 259]. ونقل ابن القاسم عن الإمام مالك قوله: وليس عليه العمل. [هامش الموطأ نسخة الأعظمي: 2/107]. قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: هو ضرب من القنوت والدعاء لما كان فيه من أمر أهل الردة. والقنوت جائز في المغرب عند جماعة من أهل العلم وفي كل صلاة أيضا وأوكد ذلك في الصبح [الاستذكار: 1/429، وتبعه القرطبي في تفسيره: 4/20]. ويستفاد من فعل أبي بكر ولو لم يكن العمل عليه في الركعة الثالثة من صلاة المغرب: المواظبة على هذا الدعاء وأمثاله في أحوال الفتن، وانقلاب القلوب، وتغير أحوال الناس، وكثرة السوء؛ لطلب النجاة من زيغ القلوب. المسألة الثالثة: أنهم سألوا الله تعالى الرحمة [وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ] أي: من عندك فإن (لدن) تستعمل بمعنى (عند) وإن لم تكن مرادفة لها -بل هي أخص وأقرب مكانا- ولا لـ (لدى)... ولا تستعمل " لدن " إلا في الشيء الحاضر، فهي أدل على الاختصاص. [تفسير المنار: 3/189]. وفيها ختم الدعاء بالثناء على الله تعالى بأسماء الله تعالى المتضمنة صفات الجلال والجمال، ويختار من الأسماء ما يناسب مسألته، ولما كانت المسألة هنا هبة الرحمة ناسب أن يختم الدعاء باسم الوهاب [إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ]. المسألة الرابعة: قول الله تعالى [رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لَا يُخْلِفُ المِيعَادَ] ختم الدعاء بسؤال عدم زيغ القلب، ووهب الرحمة، هو لأجل إيمان الراسخين في العلم بالبعث والجزاء يوم القيامة فالغرض الأعظم من ذلك الدعاء هو ما يتعلق بالآخرة. http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif الموضع الخامس: من دعاء المتقين، قال الله تعالى [رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ] {آل عمران:16}. لما ذكر الله تعالى ما زين للناس من شهوات الدنيا أعقبها بذكر ما هو خير منها وهو ما أعده للمؤمنين في الجنة، ثم ذكر سبحانه أنهم [الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ] ثم ذكر جملة من أوصافهم [الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالقَانِتِينَ وَالمُنْفِقِينَ وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ] {آل عمران:17}. وفي هذا الدعاء العظيم التوسل إلى الله تعالى بالإيمان به في طلب المغفرة من الذنوب، والوقاية من النار، مما يدل على فضل الإيمان وفضل التوسل به، وقد جاء ذلك في القرآن كثيرا، مثل قول الحواريين {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 53]. بل إن الله تعالى نوه بالمؤمنين في مجادلة أهل النار بأنهم يسألونه المغفرة والرحمة متوسلين إليه سبحانه بإيمانهم به، فيقول سبحانه لأهل النار {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 109]. http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif الموضع السادس: دعاء امرأة عمران قال الله تعالى {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 35-36]. فنذرت امرأة عمران بأن تسخر حملها لطاعة الله تعالى وخدمة بيته، وسألت الله تعالى قبول هذه الطاعة، وذيلت دعاءها بالثناء عليه سبحانه بإثبات أنه سميع لدعائها، عليم بحالها وبما في قلبها.. ثم لما وضعت مريم عوذتها بالله تعالى وعوذت ذريتها من الشيطان الرجيم. ففيه الدعاء بقبول النذور والقرابين والصدقات، وفيه تعويذ الذرية من الشيطان، وقد ورد أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يعوذ الحسن والحسين رضي الله عنهما من الشيطان. [رواه البخاري: 3371]. http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif الموضع السابع: دعاء حواريي عيسى عليه السلام، قال الله تعالى {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 52-53] فأعلنوا إيمانهم، وسألوا الله تعالى أن يجعلهم مع الذين شهدوا لرسل الله بالتبليغ، وبالصدق، وهذا مؤذن بأنهم تلقوا من عيسى- فيما علمهم إياه- فضائل من يشهد للرسل بالصدق. ونوه الله تعالى بدعائهم هذا في موضع آخر كما قال سبحانه {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} [المائدة: 111]. ومن بقي منهم على إيمانه بعيسى وقت بعثة محمد صلى الله عليه وسلم آمنوا به كما آمنوا بعيسى، وسألوا الله تعالى أن يكتبهم شاهدين على صدق محمد عليه الصلاة والسلام {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 83]. http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462219_399.gif يتبـــــــــــــــــــــــــع |
رد: مسائل في الدعاء القرآني " دعوات المؤمنين"
الموضع الثامن: دعاء الذاكرين المتفكرين المذكور في آخر سورة آل عمران [إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ المِيعَادَ] {آل عمران:190-194}. وفي هذا الدعاء العظيم مسائل: المسألة الأولى: أن التفكر في خلق الكون وما فيه من أجل العبادات، وهو سبب لتعظيم الله تعالى والخشوع له وكثرة دعائه، وأنه ينبغي للمتفكر حال تفكره أن يلهج بهذا الدعاء القرآني ويكرره [رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ] وذلك لأن الله تعالى لما أثنى على أولي الألباب المتفكرين ذكر أنهم يقولون ذلك حال تفكرهم. وتواطؤهم عليه مع ثناء الله تعالى عليهم به يدل على أنه دعاء فاضل. ومن فضائل هذا الدعاء أن فيه إثبات حكمة الله تعالى في خلقه، ونفي العبث عنه سبحانه. المسألة الثانية: أن قوله تعالى [رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ] {آل عمران:192} تعليل لدعائهم [فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ] وهو دليل على ما ذكرناه في مقالة سابقه من جواز تعليل الدعاء وتفصيله؛ فالداعي له أن يذكر لم دعا بدعائه، فكأن هؤلاء المتفكرين يقولون: قنا عذاب النار فإن من أدخلته إياها فقد أهنته وأذللته. المسألة الثالثة: أن قوله تعالى [رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا] {آل عمران:193} فيه التوسل إلى الله تعالى في الدعاء بالإيمان، فهم توسلوا إليه بالإيمان ثم سألوه مسائلهم فقالوا: [رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ]. المسألة الرابعة: أن للداعي أن يدعو بهذا الدعاء [رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا] ولو كان لم يدرك النبي عليه الصلاة والسلام ولم يسمع منه؛ لأن من سمع القرآن فكأنما لقي النبي عليه الصلاة والسلام وسمع منه. [ينظر: تفسير القرطبي: 4/317]. المسألة الخامسة: أن دعاءهم [رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ المِيعَادَ] {آل عمران:194}، يتضمن وعد الله تعالى في الدنيا بالعاقبة لهم والنصر على أعدائهم، كما يتضمن وعده سبحانه في الآخرة بالرضا عنهم ودخولهم الجنة، وهذا من الدعاء الجامع الذي يجمع حظي الدنيا والآخرة. المسألة السادسة: أنهم سألوا الله تعالى ما وعدهم على ألسنة رسله عليهم السلام مع يقينهم بأن الله تعالى لا يخلف الميعاد؛ ولذا نحا بعض المفسرين إلى أن هذا السؤال تعبد محض. وهذا غلط. فإن وعد الله تعالى معلق بشرط الإيمان والعمل الصالح. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: الوعد معلق بشروط منها الرغبة إليه سبحانه وتعالى وسؤاله أن ينجزه لهم كما أنه معلق بالإيمان وموافاتهم به وأن لا يلحقه ما يحبطه، فإذا سألوه سبحانه أن ينجز لهم ما وعدهم تضمن ذلك توفيقهم وتثبيتهم وإعانتهم على الأسباب التي ينجز لهم بها وعده كان هذا الدعاء من أهم الأدعية وأنفعها وهم أحوج إليه من كثير من الأدعية. [حادي الأرواح:90]. المسألة السابعة: انتظم في هذا الدعاء العظيم طلب جميع الخير، وصرف كل الشر. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: الشر المستعاذ منه نوعان: أحدهما موجود يُطلب رفعه، والثاني: معدوم يُطلب بقاؤه على العدم وأن لا يوجد. كما أن الخير المطلق نوعان أحدهما: موجود فيطلب دوامه وثباته وأن لا يسلبه، والثاني: معدوم فيطلب وجوده وحصوله، فهذه أربعة هي أمهات مطالب السائلين من رب العالمين، وعليها مدار طلباتهم، وقد جاءت هذه المطالب الأربعة في قوله تعالى حكاية عن دعاء عباده في آخر آل عمران في قولهم:{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا} فهذا الطلب لدفع الشر الموجود؛ فإن الذنوب والسيئات شر، ثم قال:{وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ} فهذا طلب لدوام الخير الموجود وهو الإيمان حتى يتوفاهم عليه. فهذان قسمان ثم قال: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ} فهذا طلب للخير المعدوم أن يؤتيهم إياه ثم قال: {وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} فهذا طلب أن لا يوقع بهم الشر المعدوم وهو خزي يوم القيامة، فانتظمت الآيتان للمطالب الأربعة أحسن انتظام، مرتبة أحسن ترتيب، قدم فيها النوعان اللذان في الدنيا وهما: المغفرة ودوام الإسلام إلى الموت، ثم اتبعا بالنوعين اللذين في الآخرة وهما أن يعطوا ما وعدوه على ألسنة رسله، وأن لا يخزيهم يوم القيامة. [بدائع الفوائد: 2/207-208]. المسألة الثامنة: في تكرارهم نداء ربهم سبحانه وتعالى (ربنا) في أول دعائهم وأثنائه خمس مرات، مشروعية ذلك، وأنه من الإلحاح المطلوب في الدعاء؛ لما فيه من الإقبال على الله تعالى، وإظهار الفاقة له سبحانه. http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462598_575.gif الموضع التاسع: دعاء المستضعفين، قال الله تعالى [وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ القَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا] {النساء:75}. نزلت هذه الآية في المستضعفين من المؤمنين في مكة ممن لم يستطيعوا الهجرة إلى المدينة، ومنهم ابن عباس وأمه رضي الله عنهم، فكانوا يدعون بهذا الدعاء، فاستجاب الله تعالى لهم فمنهم من هاجر بعد ذلك، ومنهم من بقي فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ولى عليهم عتاب بن أسيد وجعله الله لهم نصيرا ينصف المظلومين من الظالمين. وهي دعوة صالحة لكل من يُمنع من دينه، ويؤذى بسببه أن يدعو بهذا الدعاء. http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462598_575.gif الموضع العاشر: دعاء بني إسرائيل لما تابوا من عبادة العجل، قال الله تعالى [وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ] {الأعراف:149} أي: ندموا على عبادة العجل، تقول العرب لكل نادم على أمر: قد سقط في يديه...وكان هذا الندم والاستغفار منهم بعد رجوع موسى إليهم. [تفسير البغوي: 3 / 283]. وهو يشبه دعاء آدم وحواء لما أكلا من الشجرة {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] ويشبه دعاء نوح عليه السلام لما عاتبه الله تعالى بسؤاله نجاة ابنه الكافر {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: 47] وهذا الدعاء نوع من أنواع الاستغفار فيحسن بالمؤمن أن يحفظه ويدعو به، ولا سيما عند التوبة من الذنب. وقريب منه دعاء ملكة سبأ {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 44]. http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462598_575.gif الموضع الحادي عشر: دعاء أصحاب موسى عليه السلام {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ * فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [يونس: 84 - 86]. فهذا الدعاء [رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ] من أنفع الدعاء في الوقاية من فتنة الظالمين وتسلط الكافرين. وفي قوله: [لا تجعلنا فتنة] ثلاثة أقوال: أحدها: لا تهلكنا بعذاب على أيدي قوم فرعون، ولا بعذاب من قِبَلِك، فيقول قوم فرعون: لو كانوا على حق ما عذبوا ولا سلطنا عليهم. والثاني: لا تسلطهم علينا فيفتنونا. والثالث: لا تسلطهم علينا فيفتتنون بنا، لظنهم أنهم على حق. [زاد المسير: 2/344]. والآية تحتمل كل هذه المعاني، ولو قصدها الداعي جميعا لكان قصده صحيحا. وفي هذا الدعاء حرص المؤمنين على هداية الخلق أجمعين، وذلك بدعائهم أن لا يكونوا فتنة لأعدائهم بما يظنون أنهم على حق وهم على باطل. ففيه دعاء للمؤمن ودعاء للظالم أو الكافر المتسلط أن لا يفتتن بسبب تسليطه، فيا لله العظيم ما أعظم نفع الإيمان للمؤمن! وما أعظم نفع المؤمن لغيره! وقد دعا بنحو هذا الدعاء الخليل ومن آمن معه فقالوا [رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ] {الممتحنة:5}. http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462598_575.gif الموضع الثاني عشر: دعوة فتية الكهف رحمهم الله تعالى، قال تعالى [إِذْ أَوَى الفِتْيَةُ إِلَى الكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا] {الكهف:10}، وهو دعاء نافع لمن فرَّ من الفتنة في الدين. والرشد: هو إصابة الحق والنفع والصلاح، والعبد محتاج إلى الرشد في كل أحواله، إلا أن حاجته إليه أشد في أحوال الفتن واختلاط الأمر، حتى لا يختار أمرًا إلا ويكون فيه صلاحه ونفعه وثباته على دينه. ومن فقد الرشد وقع فيما يهلكه ويفتنه ويذهب دينه. وقولهم {ربنا آتنا من لدنك رحمة} أي: رحمة من خزائن رحمتك وهي المغفرة والرزق والأمن من الأعداء، وفي (لدن) معنى العندية والانتساب إليه، فذلك أبلغ مما لو قالوا: آتنا رحمة؛ لأن الخلق كلهم بمحل الرحمة من الله، ولكنهم سألوا رحمة خاصة وافرة في حين توقع ضدها، وقصدوا الأمن على إيمانهم من الفتنة؛ ولئلا يلاقوا في اغترابهم مشقة وألما، وأن لا يهينهم أعداء الدين فيصيروا فتنة للقوم الكافرين. ثم سألوا الله أن يقدر لهم أحوالا تكون عاقبتها حصول ما خولهم من الثبات على الدين الحق، والنجاة من مناوأة المشركين. فعبر عن ذلك التقدير بالتهيئة التي هي إعداد أسباب حصول الشيء{وهيئ لنا من أمرنا} أي: الذي نحن عليه من مفارقة الكفار {رشدا} حتى نكون بسببه راشدين مهتدين. [ينظر: تفسير النسفي: 2/287، وتفسير ابن عاشور: 15/266]. http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462598_575.gif الموضع الثالث عشر: دعاء عباد الرحمن المذكور في صفاتهم في آخر الفرقان، فقد ذكر الله تعالى لهم دعوتين أثنى بهما عليهم: الدعوة الأولى: [وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا] {الفرقان:66} وقد مضى الكلام على هذا الدعاء في مقالة: (تفصيل الدعاء وتعليله). الدعوة الثانية: [وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا] {الفرقان:74} وهذه الدعوة العظيمة تضمنت أمرين: 1- سؤال قرة العين في الزوجة والولد، وهم إذا كانوا قرة عين للرجل سعد سعادة لا توصف، وإذا لم يجعلهم الله تعالى قرة عين له شقي ولو ملك الجاه الكبير، والمال الكثير. وسعادة الرجل الحقيقية في الدنيا هي سعادته في بيته بأهله وولده. سئل الْحَسَن البصري عن قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74] أَفِي الدُّنْيَا أَمْ فِي الْآخِرَةِ؟ قَالَ: لَا بَلْ فِي الدُّنْيَا قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: الْمُؤْمِنُ يَرَى زَوْجَتَهُ وَوَلَدَهُ مُطِيعِينَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ أَقَرُّ لَعَيْنِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَرَى زَوْجَتَهُ وَوَلَدَهُ يُطِيعُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذِكْرُهُ. [رواه ابن أبي الدنيا في العيال: 435]. 2- سؤال الإمامة في الدين، وهي لا تكون إلا للمتقين الذين جمعوا بين الصبر واليقين بدليل قول الله تعالى [وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ] {البقرة:124} وقوله تعالى [وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ] {السجدة:24}. قال ابن عاشور: وهذا يقتضي أنهم يسألون لأنفسهم بلوغ الدرجات العظيمة من التقوى فإن القدوة يجب أن يكون بالغا أقصى غاية العمل الذي يرغب المهتمون به الكمال فيه. وهذا يقتضي أيضا أنهم يسألون أن يكونوا دعاة للدخول في الإسلام وأن يهتدي الناس إليه بواسطتهم. [التحرير والتنوير: 19/83]. فتضمنت هذه الدعوة المباركة سؤال التقوى والصبر واليقين بطريق اللزوم؛ لأن الإمامة لا تكون إلا بها، مع إمامة المتقين، ومن آثار الإمامة أن لصاحبها أجر من تبعه في الدين من دون أن ينقص من أجور التابعين له شيئا، وفي هذا من الفضل ما لا يخفى، فكانت هذه الدعوة جامعة لخير الدنيا وسعادتها وراحتها وجاهها مع الفوز يوم القيامة بالأجور العظيمة؛ فينبغي للمؤمن الإكثار منها. http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462598_575.gif الموضع الرابع عشر: دعاء من بلغ الأربعين: [وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ المُسْلِمِينَ] {الأحقاف:15}. وفي هذا الدعاء المبارك مسائل عدة: المسألة الأولى: أن شكر الله تعالى على نِعَمِهِ هدايةٌ وتوفيق من الله تعالى للعبد، وعليه فلا بد أن يسأل الله تعالى توفيقه لذلك، وإلهامه إياه. وأوزعني معناها: ألهمني. وطلب إلهام الشكر لا بد أن يستحضر فيه العبد نِعَمَ الدين والدنيا؛ فإن كثيرا من الناس في شكره أو دعائه يستحضر نعم الدنيا من الأمن والرزق والعافية والمال والولد ونحوها، وينسى نعم الدين وهي أعظم وأكثر. المسألة الثانية: أن هذا الدعاء القرآني يتأكد في حق من بلغ الأربعين، وإن كان مشروعا فيمن هو دونه؛ فإن نعم الله تعالى على العبد تبدأ معه قبل الحمل به، وتتابع عليه بعد ولادته وطفولته وشبابه وكهولته وهرمه. قال ابن كثير رحمه الله تعالى: وهذا فيه إرشاد لمن بلغ الأربعين أن يجدد التوبة والإنابة إلى الله، عز وجل، ويعزم عليها.... قال مسروق: إذا بلغت الأربعين فخذ حذرك. [7/281]. المسألة الثالثة: نقل عدد من المفسرين أن هذه الآية نزلت في أبي بكر رضي الله عنه وأنه كان يدعو بهذا الدعاء فلحقته بركته، واستجيب له في والديه وذريته فأسلموا جميعا.[ينظر: تفسير البغوي: 7/257]. المسألة الرابعة: أن تصدير الآية بوصية الولد أن يحسن لوالديه دليل على أهمية بر الوالدين، وأن التوفيق لبرهما نعمة تتطلب سؤال الله تعالى إلهام شكره عليها، وأن الدعاء للوالدين في حياتهما وبعد موتهما هو من برهما، وأنه إذا بلغ الأربعين فلا ينشغل بالأهل والولد عن برهما والدعاء لهما. فإذا عُلم ذلك علمت أهمية هذا الدعاء لمن بلغ الأربعين. المسألة الخامسة: أن مما تدخله النيابة في عمل الولد عن والده مع الحج والصدقة: شكر النعم. فشكر الولد نعم الله تعالى على أبويه يصل نفعه لهما. قال ابن عاشور رخمه الله تعالى: وما شكر الولد ربه على النعمة التي أنعمها الله على والديه إلا من باب نيابته عنهما في هذا الشكر، وهو من جملة العمل الذي يؤديه الولد عن والديه. [26/32]. المسألة السادسة: أن الدعاء بصلاح الأولاد يعود نفعه للداعي نفسه، بدليل اللام في قوله (وأصلح لي في ذريتي)، وهي لام العلة، أي: أصلح في ذريتي لأجلي ومنفعتي ...كأنه يقول: كما ابتدأتني بنعمتك وابتدأت والدي بنعمتك ومتعتهما بتوفيقي إلى برهما، كمل إنعامك بإصلاح ذريتي فإن إصلاحهم لي. [ينظر: التحرير والتنوير: 26/34]. المسألة السابعة: أن هذا الدعاء هو من أنفع الأدعية لصلاح الذرية، واستقامتهم على أمر الله تعالى، فينبغي لكل أب وأم كثرة الدعاء به. عن مالك بن مغول، قال: شكى أبو معشر ابنه إلى طلحة بن مصرف، فقال: استعن عليه بهذه الآية {رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي}. http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462598_575.gif الموضع الخامس عشر: دعاء التابعين وأتباعهم: [وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ] {الحشر:10} أثنى الله تعالى قبل هذه الآية على المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم ثم أثنى على أتباعهم إلى يوم القيامة بهذا الدعاء المبارك. وفيه مسائل عدة: المسألة الأولى: قال ابن أبي ليلى: الناس ثلاثة منازل: المهاجرون، والذين تبوءوا الدار والإيمان، والذين جاءوا من بعدهم. فاجهد ألا تخرج من هذه المنازل. [تفسير القرطبي: 18/31]. والمراد بدعاء اللاحق للسابق، والخلف للسلف، أنهم متبعون لهم، أو هو تعليم لهم بأن يدعوا لمن قبلهم، ويذكروهم بالخير. [تفسير القاسمي: 9/189]. المسألة الثانية: أن هذا الدعاء المبارك تضمن الاستغفار لمن سبق بالإيمان، وتطهير القلب من الغل على المؤمنين، وحري بالمؤمن أن يكثر من الدعاء به؛ ليكون قلبه نظيفا على المؤمنين. قال السعدي رحمه الله تعالى: وهذا من فضائل الإيمان أن المؤمنين ينتفع بعضهم ببعض، ويدعو بعضهم لبعض، بسبب المشاركة في الإيمان المقتضي لعقد الأخوة بين المؤمنين التي من فروعها أن يدعو بعضهم لبعض، وأن يحب بعضهم بعضا.[852]. المسألة الثالثة: أن في هذا الدعاء المبارك تزكية للصحابة رضي الله عنهم، وسلامة لصدور المؤمنين وألسنتهم عليهم، وإغاظة لمبغضيهم من المبتدعة والمنافقين، وهذا من أصول أهل السنة والجماعة كما ذكر الإمام ابن تيمية في الواسطية وغيرها. قالت عائشة رضي الله عنها: أمروا أن يستغفروا لهم، فسبوهم! ثم قرأت هذه الآية: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} الآية [رواه ابن أبي حاتم: 18856]. http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...462598_575.gif الموضع السادس عشر: دعاء امرأة فرعون {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم: 11]. فهذا دعاء امرأة من النساء الكاملات؛ كما قَالَ الرَسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ...» [رواه البخاري: 3411، ومسلم: 2431]. ولعلها حين دعت ببيت في الجنة لأنها تعيش في قصر فرعون، فلم ينسها ما هي فيه أن ما في الجنة خير مما هي فيه وإن كانت الأنهار تجري من تحته. وفيه الدعاء بالنجاة من القوم الظالمين سواء من مشاركتهم في ظلمهم أو إقرارهم عليه؛ لأنها كانت تحت فرعون، وفيه الفرار من مصاحبة الظالمين ومجالستهم؛ لئلا يتخلق بالظلم مثلهم، أو يعينهم عليه، أو يسكت عنهم، أو هي دعوة من تسليط الظلمة عليها فينالها شيء من ظلمهم. وفي قولها: {رب ابن لي عندك بيتا في الجنة} قال العلماء: اختارت الجار قبل الدار. [تفسير ابن كثير: 8/172]. بقلم /إبراهيم بن محمد الحقيل |
رد: مسائل في الدعاء القرآني " دعوات المؤمنين"
دمتي بتميز وإبداع غاليتي
رائع ما طرحتيه جزاك الله خيرا وجعله في موازييين حسناتك |
رد: مسائل في الدعاء القرآني " دعوات المؤمنين"
يعطيك الف عافيه موضوع مميز
|
رد: مسائل في الدعاء القرآني " دعوات المؤمنين"
رااائع ماطرحت
جزاك الله من الخير افضله واكثره في انتظار الجديد المميز منك ودي لك |
رد: مسائل في الدعاء القرآني " دعوات المؤمنين"
|
رد: مسائل في الدعاء القرآني " دعوات المؤمنين"
|
رد: مسائل في الدعاء القرآني " دعوات المؤمنين"
|
رد: مسائل في الدعاء القرآني " دعوات المؤمنين"
بارك الله فييك
دمتي بتمييز دووومآآ وإلى الأماااااام |
رد: مسائل في الدعاء القرآني " دعوات المؤمنين"
منووووووووووووووووووورة الموضوع حبيبتي أسعدني مرورك وردك
|
الساعة الآن 11:07 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0 (Unregistered)
لا يتحمّل موقع منتديات حوامل النسائية أيّة مسؤوليّة عن المواد الّتي يتم عرضها أو نشرها في موقعنا، ويتحمل المستخدمون بالتالي كامل المسؤولية عن كتاباتهم وإدراجاتهم التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكيّة أو حقوق الآخرين أو أي طرف آخر .