![]() |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى ( الله)
الوكيل قال تعالى: وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً "81" (سورةالنساء)هو الوكيل الكافي لمن توكل عليه، القائم بأمور العباد، وهو الذيمن استغنى به أغناه عما سواه، وهو المتصرف في الأمور حسب إرادته، وهو سبحانهالموكول إليه تدبير أمر كل شيء. وقد ذكر "الوكيل" ثلاث عشرة مرة في الكتاب الحكيم: وهو على كل شيء وكيل ـ والله على ما نقول وكيل ـ وكفى بالله وكيلاً ـ وكفى بربكوكيلاً ـ وتوكل على الله ـ وكفى بالله وكيلاً ـ رب المشرق والمغرب لا إله إلا هوفاتخذه وكيلاً ـ وعلى الله فليتوكل المتوكلون ـ فإذا عزمت فتوكل على الله، إن اللهيحب المتوكلين. قال تعالى: وهو على كل شيء وكيل "102" (سورة الأنعام) ما معنى وكيل؟ معناها أنه يقوم بأمور نيابة عنه،هذا معنى وكيل، ولكن الله لم يقل: وكيل لك، ولكنه قال: وكيل عليك. فالوكيل لك ينفذأوامرك، والوكيل عليك هو الوصي عليك يقول: لك ما تفعل. ولذلك يدعو الإنسان أحياناًبالشر فلا يجيب الله، لماذا؟ لأنه وكيل عليك يبعد عنك الشر، ولذلك إذا دعوت دعوةفلم تستجب فاعلم أن الله قد وقاك بعد الاستجابة شراً، أما إذا كانت الدعوة فيها خيرفيستجب لها الله. وقوله تعالى: وهو على كل شيء"102" (سورة الأنعام) معناها أنه على كل شيء يحدث أي ما يدخل فياختيارك، وما لا يدخل الشيء المختار. قد يكون فيه شر، فماذا عن الشيء الذي لااختيار فيه، يعطي هذا الشيء قانون صيانته الذي يجعله يؤدي عمله على الوجه الأكمل،بحيث إن كل شيء مقهور يؤدي عمله بكفاءة وكمال دون تدخل منك لأن الله وكيل عليه. ولذلك فهو يؤدي مهمته في الكون على الوجه الأكمل، فالشمس مثلاً لا تستطيع أن تقتربمن الأرض فتحرقها أو تبتعد عنها فتحولها إلي جبال من الثلج، ولكن لها قانون يجعلهاتؤدي مهمتها على الوجه الأكمل، دون أن يتدخل الإنسان، والله وكيل على ذلك كله. فإذاشاء أن يجعلها لا تؤدي مهمتها فعل، كما قال للنار: كوني برداً وسلاماً على إبراهيم "69" (سورة الأنبياء) فلم تحرق، وذلك حتى لا يقال: إن الأشياء تعمل بالأسباب وحدها، بل الله وكيلعليها حين يريدها أن تفعل فعلت، وحين يريد ألا تفعل يقول لها: لا تفعل، فتتوقف عنالفعل. والوكيل هو الذي يتولى أمرك، وأنت إذا جعلت واحداً يتولى أمرك فأنت تشهد أنكعاجز عن هذا الأمر، وأن الذي توكله أحكم منك وأقوى، فإذا كانت الأغيار تستولى علىالناس، فالغني يصبح فقيراً، والفقير يصبح غنياً، والقوي يصير ضعيفاً، والصحيح يصيرمريضاً. وهكذا فالإنسان ابن أغيار، فأنت حين توكل الإنسان فهو غير مضمون، لأنه ابنأغيار. فضلاً عن أنه قد يموت في أي لحظة، فإن كنت حصيفاً فوكل الذي لا تنالهالأغيار، ولا يأتيه الموت أبداً. ولذلك ربنا سبحانه حين يعلم خلقه أن يكونوا علىوعي وإدراك يقول لهم: وتوكل على الحي الذي لا يموتوسبح بحمده .. "58" (سورة الفرقان) ومادام الأمر كذلك، فإياك أن تتخذمن دون الله وكيلاً، ولو كان هذا الوكيل هو الواسطة بينك وبين ربك، كالأنبياء لأنالأنبياء لا يأتونك بشيء من عندهم، ولكن من عند الله، لأن الله لو أمسك عنهم الوحيلما وجدوا ما يبلغونه للناس. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى ( الله)
القوي قال تعالى: إن ربك هو القوي العزيز "66" (سورة هود)هو الخلاق العليم، ذو القوة المتين، والقوة لله جميعاً، ولا قوة إلا بالله، ولاحول ولا قوة إلا بالله. قال تعالى: فأما عادفاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهمهو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون "15" (سورة فصلت) وقد ذكر "القوى" سبحانه تسع مرات في القرآن الكريم، فهو تعالى قوي شديد العقاب. ومادامالإنسان قد آمن بأن العبادة لله وحده والاستعانة بقوة الله جل شأنه، مادام هذاالإيمان قد استقر في القلب وظهر في السلوك، فلابد أن تقف قوة الخالق بجانب العبدالمؤمن لينتصر على خصوم الإيمان يقول الحق: إياكنعبد وإياك نستعين "5" (سورة الفاتحة) وهنا يجب أن نضيف حقيقة، يجب ألاتغيب عن الأذهان. إن على المؤمن ألا يعتقد أن هناك مخلوقاً من مخلوقات الله قادراًعلى أن يقف معانداً بالفطرة لقوة الله، إنما يقف الخلق المعاندون بعضهم لبعض فيصراع لا دخل للإيمان فيه، لذلك فإننا نجد قوياً يهزم ضعيفاً، لكن إذا التحم الضعيفالمؤمن بالله وبمنهج الله مع خصم معاند فإن خصمه لن يكون على نفس درجة إيمانه، وحتىولو كان الخصم قوياً، ولسوف يكون الانتصار للضعيف المؤمن الملتحم بالله وبقوة اللهعلى الذي تخيلنا أنه قوي، لكن قوته مجردة من الإيمان. ولنأخذ من هجرة الرسولالكريم درساً، لقد غادر الرسول الكريم مكة ومعه صديقه أبو بكر في رحلة إلي المدينةليوفر على المؤمنين هذا العذاب الذي كانوا يتعرضون له من قبل الكفار في قريش، ودخلالرسول صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر إلي غار يحتميان فيه من الكفار الذين خرجواللبحث عن محمد رسول الله، وكلنا نعرف قول أبي بكر الصديق لسيدنا محمد صلى الله عليهوسلم في هذه اللحظة "لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا". ولذلك كان رد الرسول الكريم على صديقه أبي بكر واضحاً مانعاً يبعث علىالاطمئنان، لقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "فما بالك باثنين اللهثالثهما" والقرآن الكريم يؤكد هذا القول الواضح بتلك الآية الكريمة: إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفرواثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينتهعليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العلياوالله عزيز حكيم "40" (سورة التوبة) إن هذا القول الفصل يوضح لنا أنالإيمان المطلق بالله وبأنه مالك كل الأسباب قادر بقوته أن يبعث الطمأنينة والسكينةفي قلب الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر، والله القوي القادر، وقد خطف منالكفار القدرة على إبصار محمد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والصديق أبي بكرالصديق لحظة تواجدهما في الغار، لوجدنا أن المتغير الأساسي هو أن كليهما في معيةالحق سبحانه وتعالى. ومادامت معية الحق هي المسيطرة، فلابد أن يتحقق قوله تباركوتعالى: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهواللطيف الخبير "103" (سورة الأنعام) لذلك لم يكن بإمكان أحد من كفارقريش أن يرى محمداً الرسول الكريم وصاحبه أبا بكر الصديق أثناء تواجدهما بالغار. ومن هذه الحكاية نستفيد ما يلي: إن أي صراع يحدث بين إنسان وآخر قد يكون أحدهماقوياً أو يكونان متساويين في القوة، فإن الغلبة والانتصار سيكونان للأقوى. أما إذاقام صراع بين إنسان وآخر، أحدهما ملتحم بالإيمان بالله، فالغلبة للإنسان المؤمنمادام قد آمن بالله. ولن ينتصر عليه أحد إلا إذا شرد بعيداً عن جانب الله. ولقدضربت مثلاً على ذلك لتقريب المسألة من الذهن العادي ولأوضح بشكل قاطع تلك المسألةالعقدية، ولله من قبل ومن بعد المثل الأعلى. قلت: لنفترض أن رجلاً له غلام صغير،ووقف الرجل ليتحدث إلي صديق له فشرد الغلام الصغير بعيداً عن أبيه ليلعب في الشارع،وتصدى لهذا الغلام الصغير أطفال اكبر منه في القوة والعمر، فلمن يلجأ الغلام؟ لابد أنه سيلجأ إلي أبيه، وفي اللحظة التي يلجأ الغلام لأبيه، يصاب الأولادالأكبر منه بالخوف؛ لأن للطفل أباً قوياً، وأن الوالد قادر على حماية ابنه، يحدثذلك من أب وابن كليهما مخلوق من مخلوقات الله، فما بالنا بالخلق الكامل المطلق لكلالوجود؟ ماذا يحدث عندما يحتمي صاحب حق ضعيف بالخالق الأعلى؟ ما بالنا بإنسان بذلكل ما في طاقته لتحقيق هدف في حدود منهج الله. فتكاثر عليه أهل الكذب بالله،فاستنجد هذا الإنسان المؤمن بالحي القيوم الذي لا تغفل له عين، ولا تحد قدراته قدرةأو قوة. إن الحماية هنا لن تكون حماية أب لابنه، ولكنها حماية خالق أعظم لمخلوقمؤمن، لذلك فعندما يقف عبد مؤمن ملتحم بقوة وربوبية الله، فلابد أن يهزم العبدالفارغ من ربوبية الله، ولابد أن ينطبق قوله تعالى: أليس الله بكافٍ عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما لهمن هادٍ "36" (سورة الزمر) بهذا المنطلق الإيماني بأن الله حق وغيب،وأنه حاضر لا تدركه الأبصار، وأنه قوي بلا نهاية، بهذا المنطق الإيماني كان محمدالرسول الكريم يواجه قريشاً بكفارها وجهلها وجاهليتها، لقد اختاروا الضلال، واختارالرسول الكريم أن يهديهم إلي التقوى، ولذلك انتصر النبي الملتحم بقوة الحقالأعلى. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى ( الله)
المتين قال تعالى: إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين "58" (سورةالذاريات)هو الله الرزاق ذو القوة المتين، وهو الذي لا تتناقص قوته. عنابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله تعالى "المتين" يقول "الشديد". وفي اللغةيقال: هو متين القوي، ومن المجاز يقال: رأي متين. واسمه تعالى "المتين" يدل علىالقوة والقدرة والله سبحانه متم قدره، وبالغ أمره. وقد ذكر "المتين" سبحانه، مرةواحدة في الكتاب المبين في قوله تعالى: إن الله هوالرزاق ذو القوة المتين "58" (سورة الذاريات) وعندما تتجمع القوة معالقدرة ومع التقدير يكون التوازن العادل بإحسان، فكونه هو الخالق لكل شيء بقدر. وهوالقادر على تنفيذ القدر مع تقدير للأمور فتكون القوة من شديد القوى المحكمة. التيلا تعرف التناقض، فقد تكون القوة وتنقصها حكمة التقدير، فيكون الإخلال في المسير،ولكن الله سبحانه وتعالى صاحب القوة ـ وهو شديد القوى حتى تعتدل الموازين في دنياالأغيار، ويوم يقوم الأشهاد. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى ( الله)
الولي كلمة ولي أي من يليك، أي: من هو قريب منك، ومادامقريباً منك فهو أول من تفزع إليه حين تصادفك عقبة أو مصيبة، ومادمت قريباً منه فهوينصرني ويفيض علي. فإذا قربت من عالم يعطيني علماً، وإذا قربت من قوي يرفع عني مالا أستطيع حمله، وإذا قربت من غني يعطني إذا احتجت، فالولي يعني القريب والناصر،والله سبحانه وتعالى هو الولي، تقترب منه فيقترب منك، وتبتعد عنه فيبتعد عنك. وهوالولي للناس كل الناس، لأنه قد يواليك أحد ولا يوالي الآخرين، وهو الولي الذي قربهمن خلق لا يبعده عن خلق، لأن الولي قد يكون قريباً من إنسان بعيداً عن الآخر، ولكنالله جل جلاله لا يشغله شيء، فهو قريب منك، وقريب من كل خلقه. والله هو الوليالحق لأنه قد يواليك من يطمع في مالك، ويواليك من يطمع في قوتك، ويواليك من يريد أنيستغل نفوذك، ولكن الله سبحانه وتعالى غني عنا جميعاً، وعما في أيدينا، ولذلك فهوولي لا يأخذ منا ولكن يعطينا الحق جل جلاله يقول: إلا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "62" (سورةيونس) وهكذا بين لنا أن هؤلاء أولياء لمن؟ لله جل جلاله أي: المقربين منالله، فهذه ولاية من الخلق لله، وهناك ولاية من الله للخلق، وذلك في قوله تباركوتعالى:والله ولي الذين آمنوا .. "257" (سورةالبقرة) أي: الله قريب من المؤمنين، فمرة يقترب الخلق من الله، ومرةالله سبحانه وتعالى هو الذي يقترب منهم. أي: مرة تكون الولاية من المؤمنين لله،ومرة تكون الولاية من الله للمؤمنين، أيهما تأتي أولاً؟ نقول: إن لله سبحانه وتعالىطلاقة القدرة في كونه، يرى خصلة من خير في عبد من عباده، فيكرمه أولاً، فيصبحطائعاً مخلصاً ثانياً. لذلك فإن كل عاص تاب، وكل إنسان كان بعيداً عن المنهج ودخلفيه لابد أن فيه خصلة خير أحبها الله فهداه بها، مثل الرجل الذي نزل إلي البئر فييوم شديد الحر ليسقي كلباً يعاني من شدة العطش. لماذا فعل هذا؟ طمعاً في ثواب الله؛لأنه لا يمكن أن ينافق كلباً، ولكنه أراد أن يفعل خيراً لوجه الله فأحبه الله فغفرله. الإنسان المؤمن إذا أقبل على عمل فإنه يبدؤه مستعيناً بالله سبحانه وتعالى،ثم يأخذ بالأسباب. هب أن إنساناً مؤمناً ذاهباً لشراء صفقة أو لبيع شيء، أولالأشياء أنه يعد الإعداد المادي الدنيوي أخذاً بالأسباب، فإذا كان مشترياً أعدالمال، وإذا كان بائعاً أعد السلعة. المهم أنه يعد كل ما هو لازم للصفقة من سلعةوعقود وما شابه ذلك، ثم يبدأ متوكلاً على الله، إن أصاب فهو خير، وإن أخفق فهو خير،إن أصاب فإنه يعلم أن الله سبحانه وتعالى قد وفقه، وكيف لا وقد استعان بسم اللهورعاه في كل شيء، فإذا جاء التوفيق من الله وهو خير أمده الله به، وإن لم يأتالتوفيق من الله ولم تتم الصفقة فلابد أن الله رأى فيها شراً فأبعدها عنه. وهناكأشياء كثيرة ظاهرها الخير وحقيقتها غير ذلك. كذلك الله سبحانه وتعالى ـ وللهالمثل الأعلى ـ مع عبده المؤمن، هناك إنسان الرزق الكبير يفسده، ويدفعه إلي طريقالمعصية والهلاك، فإذا منع الله سبحانه وتعالى عنه فيض الرزق، كان ذلك رحمة به لاضرر له. وهناك إنسان قلة الرزق تجعله يتجه إلي الجريمة والمعصية والهلاك، فإذا فتحالله عليه في الرزق كان ذلك منجاة له من النار، كلا الشخصين يريد الرزق، وكلاالشخصين مؤمن، لكن الله سبحانه وتعالى وهو يحب عباده المؤمنين يعطي أحدهما ويمنع عنالآخر، وفي العطاء رحمة، وفي المنع رحمة، والإنسان المؤمن يمضي في الحياة وفي قلبههذا الشعور. وهو يعلم يقيناً أن الله يحب عباده المؤمنين، وهو يعلم يقيناً أنالله ينصر الذين آمنوا، وهو يعلم يقينا أن الله ولي الذين آمنوا في الحياة الدنياوالآخرة، وهو يعلم مالا نعم، فإذا كان لم يوفقه في شيء فمعنى ذلك أنه دفع عنهاشراً. ولذلك فإن الإنسان المؤمن يقول: الحمد لله دائماً إذا أعطى، وإذا منع، ويكونراضياً إذا أعطى، وإذا لم يعط، لأنه يحس أن الخير في الاثنين وينطبق عليه قول اللهتعالى:لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بماآتاكم .. "23" (سورة الحديد) فتنشأ النفس المؤمنة بعيدة عن القلق، عنالإحباط عن كل ما يمزق النفس البشرية ويهدمها، ويدفعها إلي الجنون والانتحار. أماالكافر فيمضي في الحياة، والله ليس في باله، فهو يعبد الأسباب وحدها، ويعتقد أنالأسباب تعطي بلا مسبب، وأنه هو بذاته يستطيع أن يحقق ما يريد أو كما يحلو لبعضالناس أن يقول يستطيع أن يصنع قدره، ومقاييس الخير والشر عنده هي مقاييسه هوتماماً. كذلك الطفل أو الشاب الذي يعتقد أن المطواة أو المسدس هو خير له، لأنهيحميه من أذى الناس، ليمضي غير المؤمن وليس في قلبه الله، فيأخذ بالأسباب، ويضعنفسه حكماً أعلى على أمور الحياة. وعندما يصطدم بأن شيئاً مما أراده لم يتحقق أوبأنه فشل في تحقيق شيء يحس أنه ضاع، وأنه انتهى، وأنه سيواجه مصيراً أسود، وتضطربنفسه وتتمزق، فإما أن يهرب من واقع أليم بالانتحار، وإما أن يعجز عقله عن التفكيرفيصاب بالجنون. وهكذا رغم رغد الحياة المادية وما تقدمه له مما لا يحصل عليه إنسانآخر في دولة متخلفة، فإنه يحس بعدم الاستقرار، يحس بأن غيره غير آمن، وقد يبقى طوالالليل في فراشه لا ينام، لأن شيئاً قد حدث أراد الله له به خيراً، وهو لا يعلم. وهكذا تختلف الحياة بين المؤمن والكافر، فالمؤمن مطمئن إلي قضاء الله، وأن فيهالخير أعطى أو منع، ولذلك فهو يعيش حياة طيبة لا انفعال فيها، ولا جنون، ولاانتحار، والكافر ينسب الفعل لذاته، ولذلك فهو يعيش حياة تعسة فقدرات الكون التي هياكبر من قدراته تخيفه، إحساس رهيب بعدم الأمن والأمان. ولو أنه دخل على العمل باسممن سخر له الكون لا بذات قوته لكان ذلك طريقاً إلي سكينة النفس وطيب العيش والحياةالطيبة المطمئنة، ذلك أن الله سبحانه وتعالى يطلق أشياء في الكون حتى لا تؤمن أنت.إن امتلكته هو ملك لك ويستطيع الله سبحانه وتعالى أن يذهبه عنك، فالله سبحانهوتعالى يستطيع أن يعطي وأن يأخذ، وأن يجعل الكون ينفعل أو لا ينفعل، ولكنك أنت لاتستطيع، هذا هو الفرق بين الحق وبين الخلق. قال تعالى: إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين "196" (سورةالأعراف) فهو المتكفل بأمور العباد كلها، وهو الذي يتولى الصالحين منعباده، الناصر لمن أطاعه، وذلك بأن الله هو الذي نصر أولياءه، وقهر أعداءه، وقيل: الولي هو الذي أحب أولياءه، ونصرهم على أنفسهم باجتناب المعاصي، وقيل: هو المتوليلأمر عباده المختصين بإحسانه. وقد ذكر "الولي" تعالى ثلاث عشرة مرة في الكتابالمبين. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى ( الله)
الحميد قال تعالى: وهدوا إلي صراط الحميد "24" (سورة الحج)هو الحميد مستوجب الحمد، أهل الثناء بما أثنى على نفسه، وأحمد الله تعالى بجميعمحامده، والحمد لله صاحب الحمد ومستحقه، فمن ذا الذي يستحق الحمد سواه؟ بل له الحمدكله لا لغيره، وهو الذي يحمد على كل حال، وفي السراء والضراء. ذلك بأنه سبحانه حكيمحميد. وهو الذي اتصل حمد المؤمنين له تعالى، في أول أم الكتاب: "الحمد لله ربالعالمين" في الدنيا وفي الآخرة، وفي قوله تعالى: وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين "10" (سورة يونس) وإن أقوال أهل الجنة وأحوالها لا آخر لها. اللهم إنا نسألك أن نحمدك كما ينبغيلجلال وجهك، وعظيم سلطانك، حمداً لا ينتهي. وقيل في معنى الحميد سبحانه، هو الذييوفقك للخيرات، ويحمدك عليها، ويمحو عنك السيئات. وقد ذكر "الحميد" تعالى في سبععشرة مرة في القرآن المجيد، وهو سبحانه الغني الحميد، وهو العزيز الحميد، وهو حميدمجيد، وهو حكيم حميد، وهو الولي الحميد. والحميد: له حق الحمد إيجاداً، فهو الذيأوجدنا من العدم. يقول الحق سبحانه: كيف تكفرونبالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "28" (سورةالبقرة) وله حق الحمد إمداداً: أمدكمبما تعلمون "132" أمدكم بأنعامٍ وبنين "133" (سورة الشعراء) ويقول الحقسبحانه: استغفروا ربكم إنه كان غفاراً "10" يرسلالسماء عليكم مدراراً "11" ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً "12" ما لكم لا ترجون لله وقاراً "13" وقد خلقكم أطواراً "14" (سورة نوح) وهو المستحق الحمد بقاءً، فهو الباقي بعد فناء كل موجود بلا نهاية. وهو المستحقالحمد خلوداً: وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أنالحمد لله رب العالمين "10" (سورة يونس) |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى ( الله)
المحصي قال تعالى: وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيءٍ عدداً "28" (سورةالجن)هو الذي أحصى كل شيء بعلمه، وهو المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً،العالم بخفيات الأمور ومحصيها، وقيل: المحصي من الإحصاء وهو الإحاطة بحساب الأشياء،وما شأنه التعداد. وفي اللغة يقال: أرض محصاة، أي: كثيرة الحصى، ويقال: هم أكثر منالحصى، وحسناتك لا تحصى، وهذا أمر لا أحصيه أي: لا أطيقه ولا أضبطه. وهذا الاسمالكريم لم يرد في القرآن المبين بصيغة الاسم. ومن شاء فليقرأ: إن كل من في السماوات والأرض إلا آتى الرحمن عبداً "93" لقد أحصاهموعدهم عداً "94" (سورة مريم) وكل شيءٍأحصيناه في إمامٍ مبينٍ "12" (سورة يس) وكل شيءٍ أحصيناه كتاباً "29" (سورة النبأ) ويدخل في هذاالاسم دقة الصانع وإبداع الخالق، فهو المحصي لحاجات الكون، ومرادات الخواطر،وخافيات النفوس، والظاهر من القول، والباطل من الغيب. يقول الحق سبحانه: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما فيالبر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابسإلا في كتابٍ مبينٍ "59" (سورة الأنعام) وهذا الاسم له من الخواص ما لايعلمه إلا الله، حيث يعلم المستقر والمستودع. ويقول الحق سبحانه: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كلفي كتابٍ مبين "6" (سورة هود) كما يعلم بدقة الإحصاء مسارات الكونوأفلاك الآفاق، وآفاق الآفاق حيث يقول:الشمسوالقمر بحسبان "5" والنجم والشجر يسجدان "6" والسماء رفعها ووضع الميزان "7" ألاتطغوا في الميزان "8" وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان "9" والأرض وضعهاللأنام "10" فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام "11" والحب ذو العصف والريحان "12" فبأيآلاء ربكما تكذبان "13" (سورة الرحمن) فلو أحصينا المطالب الخاصةوالظاهرة، والمطلوبات ظاهرها وباطنها، والتي تنفذ في وقت واحد، وبإحصاء دقيق يدلعلى أن الله سبحانه وتعالى هو المحصي والمبدئ والمعيد. فكم من مولود يولد، وكم منأرواح قبضت، وكم من عزيز يذل، وكم من ذليل يعز، وكم من تغيير لما هو فيه لغير ماكان فيه. كل ذلك في كتاب مستقر، ولو علم الإنسان أن أفعاله بإحصاء قولاً وحركةوسكوناً، لعلم أنه مراقب وعليه حسيب، فيحاسب نفسه قبل الحساب، ويراقب سلوكه قبل أنتذل الرقاب. يقول الحق سبحانه: ولقد خلقناالإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد "16" إذ يتلقىالمتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد "17" ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد "18" وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد "19" ونفخ في الصور ذلك اليوم الوعيد "20" وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد "21" لقد كنت في غفلةٍ من هذا فكشفنا عنك غطاءكفبصرك اليوم حديد "22" (سورة ق) |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى ( الله)
المبدئ ـــ المعيد هو الذي يعيد الخلق بعد الحياة إلي الممات، ثم يعيدهم بعد الموتإلي الحياة. يقول الحق سبحانه: كيف تكفرون باللهوكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "28" (سورةالبقرة) ويقول جل علاه: منها خلقناكموفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى "55" (سورة طه) وفي اللغة يقال: فلان ما يبدئ وما يعيد، إذا لم تكن له حيلة. وقال تعالى: يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداُعلينا إنا كنا فاعلين "104" (سورة الأنبياء) فالله جلت قدرته منهالبداية وإليه النهاية. يقول الحق سبحانه: كيفتكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "28" ( سورة البقرة) فكل شيء مخلوق له بداية وله نهاية، والذي يملك البدءوالإعادة هو القادر على الإحياء والإماتة؛ لأن الدنيا أعمار، وفيها معمرون، ومادامتالدنيا تنتهي بالآخرة، فكل شيء له نهاية وله بداية. يقول الحق سبحانه: كل من عليها فانٍ "26" (سورة الرحمن) وفي سياقالآيات سالفة الذكر نلمح ما يلي: (وكنتم أمواتاً) أي: عدماً (فأحياكم) وهذهبداية. (ثم يميتكم) وهذه نهاية ـ (ثم يحييكم) وهذه بداية (ثم إليه ترجعون) وهذهنهاية تتبعها إما إلي جنة الأبد، أو إلي نار الخلد. وهذه الصفات يختص بهاالواحد الأحد، فقد يبدأ الإنسان عملاً وقد ينهيه، ولكن أساسيات هذا الشيء موجودةقبل بدء الخلق فيه، أما نهايته على يد المخلوق فهي نهاية في شيء موجود قد يعود وقدلا يعود. ونضرب لذلك مثلاً ـ ولله المثل الأعلى ـ الزارع بدأ الزرع وجاء حصاده،وهذه بداية ونهاية مقرونة بزمن ومكان. فالزرع من مقدور الله بدليل قوله تعالى: أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون "64" (سورةالواقعة) والحصاد بأمره: وآتوا حقه يومحصاده .. "141" (سورة الأنعام) والإنسان فاعل بأمره، ومريد بإرادة،مصحوب بحركة وبقدرة، وينطبق عليه البدء والإعادة بخلاف الخالق؛ لأن الخالق هو الأولقبل كل شيء بلا بداية، والباقي بعد فناء كل موجود بلا نهاية. وكل حركة في الكون بمافيه ومن فيه لها بدء ولها نهاية، والكل مملوك لله، فهو الفعال لما يريد، وهو على كل. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى ( الله)
المحيي ـــ المميت هو خالق الحياة ومعطيها لمن يشاء، وهوالذي أحيا قلوب المؤمنين بنوره، وهو الذي أرسل رسوله بالهدى والحق، ونزل الكتاب،لينذر من كان حياً، ويحق القول على الكافرين، وهو الذي أنزل من السماء ماء، وجعل منالماء كل شيء حي. يقول الحق سبحانه: وجعلنا منالماء كل شيءٍ حي "30" (سورة الأنبياء) إنها القدرة المطلقة بدونأسباب، ووقفة هنا تجعلنا نرى كيف اهتدينا بما أفاض الله على بعض خلقه بابتكارأسراره في كونه، إلي أن لكل شيء حياة، إن ورقة النبات المقطوعة تحدث فيها تفاعلات،والذرة فيها تفاعلات، والتفاعل معناه الحركة، والحياة ـ كما نعرف ـ من مظهرهاالحركة. وغاية ما هناك أنه يوجد فرق في رؤية الحياة عند العامة، ورؤية الحياة عندالخاصة، إن الإنسان العامي لا يعرف أن النطفة فيها حياة، والحبة فيها حياة ولا يعرفذلك إلا الخاصة من أهل العلم، إن العامة من الناس يعرفون أن الحبة لا توجد لها حياةمرئية، ونمو ظاهر صحيح. إن هناك فرقاً بين شيء حي وشيء قابل أن يحيا، إن نواةالبلح التي نأخذها ونزرعها لتخرج منها نخلة. إنها كنواة تظل مجرد نواة إلي أنيأخذها الإنسان وضعها في بيئتها لتخرج منها النخلة. إن النواة قابلة للحياة، وعندماننظر إلي ذرات التراب فإننا لا نستطيع أن نضعها في بيئة لنصنع منها شيئاً، ورغم ذلكفإن لذرة التراب حركة، ويقول العلماء: إن الحركة الموجودة في ذرات رأس عيدان علبةالكبريت واحدة تكفي لإدارة خط كهربائي حول الكرة الأرضية عدداً من السنوات، إن هذهأمور يعرفها الخاصة، ولا يعرفها العامة. فإن نظرنا إلي العامة عندما يسمعون قولالحق سبحانه:وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت منالحي .. "27" (سورة آل عمران) كانوا يقولون: إن المثل على ذلك نواةالبلح، وكانوا يعرفون النخلة تنمو من النواة، ولكن الخاصة عندما اكتشفوا أن فيالنواة حياة عرفوا كيفية النمو، إن كل شيء في الوجود له حياة مناسبة لمهمته، فليستالحياة هي الحركة الظاهرة، والنمو الواضح أمام العين، لا إن هناك حياة في كل شيء. إن العامة يمكنهم أن يجدوا المثال الواضح على أن الحق سبحانه يخرج الحي من الميت،ويخرج الميت من الحي، أما الخاصة فيعرفون قدرة الله عن طريق معرفتهم، إن كل شيء فيهحياة، فالتراب الذي نضع فيه الزرع لو أخذنا بعضاً منه في مكان معزول فلن يخرج منهشيء. هذا التراب هو الميت في الدرجة الأولى، والنواة التي نأخذها ونضعها فيالتراب هي الميت في الدرجة الثانية، وعندما ننقل الميت في الدرجة الأولى ليكونوسطاً بيئياً للميت في الدرجة الثانية تكون له حياة، وكذلك تكون حياة التراب،وعندما ننقل الميت في الدرجة الثانية وهو النواة إلي الوسط البيئي المناسب لها وهوالتراب تكون لها حياة. وقد مس القرآن ذلك مساً رقيقاً؛ لأن القرآن حين يخاطب بأشياءقد تقف فيها العقول، فإنه يتناولها التناول الذي تقبله كل العقول، فعقل الصفوةيتقبلها، وعقل العامة يتقبلها أيضاً، لأن القرآن عندما يلمس أي أمر يلمسه بلفظ راقٍيتقبله كل بحسب فتوحاته. ثم يكشف العقل البشري تفاصيل جديدة في هذا الأمر، فإنذلك يتيح للعقل البشري الفرصة ليزيد إيمانه بالخالق الأكرم الذي لم يقل لنا إنالذرة فيها حركة، وفيها شحنات من نوع من الطاقة، ولكن القرآن تناول الذرة وغيرها منالأشياء بالبيان الإلهي القادر، وخصوصاً أن هذه الأشياء لن يترتب عليها خلاف فيالحكم. فلو عرف الإنسان وقت نزول القرآن أن الذرة بها حياة، فما الذي يزيد فيالأحكام، ولو أن أحداً أثبت أن الذرة ليس بها حياة، فما الذي ينقص من أحكام المنهجالإيماني؟ إن الإنسان ينتفع بالظاهرة أو القضية سواء عرفها أم يعرفها، وعندمانأخذ القرآن مأخذ الواعين به، ونفهم معطيات الألفاظ فإننا نجد أن كلمة (الحياة) لهاضد هو (الموت)، وقد ترك الحق سبحانه كلمة الموت وأورد لنا كلمة أخرى هي (الهلاك). قال الحق سبحانه: ليهلك من هلك عن بينةٍ ويحيىمن حي عن بينةٍ وإن الله لسميع عليم "42" (سورة الأنفال) إن الهلاك هناهو مقابل الحياة، لماذا لم يورد الحق كلمة (الموت) هنا؟ لأنه الخالق الأعلم بعباده،يعلم أن عباده يختلفون في مسألة الموت، فبعض منهم يقول تعريفاً للميت: إنه الذي لاتوجد به حركة أو حس، ولكن هذا الميت له حياة مناسبة له كحياة الذرة، أو حياة حبةالرمل، أو حياة أي شيء ميت. وهكذا عرفنا من الآية السابقة أن الحياة يقابلهاالهلاك. ويقول الحق سبحانه عن الآخرة ليوضح لنا ما الذي يحدث يوم القيامة، فيقولسبحانه: كل شيء هالك إلا وجهه .. "88" (سورةالقصص) استثنى الحق سبحانه الوجه أو الذات الإلهية وكل ما عداها هالك،ومادام كل شيء هالكاً فمعنى ذلك أن كل ما عداه هالك، ومادام كل شيء هالكاً فمعنىذلك أن كل شيء كان حياً، وإن لم ندرك له حياة. إذن: فالحياة الحقيقية توجد في كلشيء بما يناسبه، مرة تدركها أنت، ومرة لا تدركها، إذن: فقوله الكريم: وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي .. "27" (سورة آلعمران) يجوز أن تأخذه مرةبالعرف العام، أو تأخذه بالعرف الخاص. أي: عرف العلماء. ومادام ذلك أمراً ظاهراً فيالوجود كولوج الليل في النهار، وولوج النهار في الليل. أي: أن الحق سبحانه يدخلالنهار في الليل ويدخل الليل في النهار، وفي اللغة: يسمون بطانة الرجل الوليجة .. لماذا؟ لأنك إن أردت أن تعرف سر واحد من البشر فاجلس مع صديقه أو أحد أصدقائه لأنهمتداخل معه. لذلك جاء أمر إيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في الليل بالوضوحالكامل. ثم مسألة الحياة والموت، ومن يفعل كل ذلك فلا يمكن لأحد أن يستبعد عليه أنهيؤتي الملك من يشاء. وقد جاء الدليل على الآيات الكونية، ولنسمع قول الحق سبحانه: قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزعالملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير "26" (سورة آل عمران) إنك أنت الله الذي أجريت في كونك كل المسائل، فهذا أمرمن الخير، إن الإنسان ـ ولله المثل الأعلى ـ والمثل للتقريب لا للتشبيه، فالله منزهعن كل شبه أو مثال، إن الإنسان عندما يرى في ابنه شيئاً يحتاج إلي علاج فإنه يسرعبه إلي الطبيب، ويرجوه أن يقوم بإجراء الجراحة التي تشفي الطفل الآن. إن الأب هنايفعل الخير للابن، فإذا كان هذا أمر المخلوق في علاقته بالمخلوق، فما بالنا بالخالقالأكرم، الذي يجري في ملكه ما يشاء، إيتاء ملك أو نزعة إعزاز أو إذلال، فكل ذلكيكون من الخير. قال تعالى: وإنا لنحن نحييونميت ونحن الوارثون "23" (سورة الحجر) أي: أنه سبحانه وتعالى يملكنا،فلم يعطينا الرزق لكي نخلد في الدنيا، لا بل إنه سيميتنا بعد ذلك، وظاهر الأمر فيكلمتي "نحي ونميت" يقتضي أن يقول "نميت ونحي" لأن يخاطبنا ونحن أحياء. ولكن الواقعأن الحق سبحانه ينظر إلي الموت الأول الذي هو العدم المحض قبل أن يوجد الإنسان فيالحياة، كما جاء في قوله تعالى: ربنا أمتنا اثنتينوأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا .. "11" (سورة غافر) وقوله أيضاً: كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكمثم يحييكم ثم إليه ترجعون "28" (سورة البقرة) إذن: فالكلام في تفسيرالموت: هل هو العدم المحض، أو العدم بعد وجود؟ فإن كان العدم المحض فنكون قبل أننخلق أمواتاً، ثم أوجدنا ربنا فأصبحنا أحياء، ثم يميتنا، ثم يبعثنا يوم القيامة،والآية تعطي لنا المعنيين. ثم قال تعالى: ومنيخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي .. "31" (سورة يونس) الحي هوما فيه الحياة، ولكننا نفهم الحياة على أنها حس وحركة، ولكن كما قلنا: كل كائن فيالوجود له حياة تناسبه، بدليل أن الحق سبحانه وتعالى قال: كل شيء هالك إلا وجهه .. "88" (سورة القصص) ومادام كلشيء هالكاً يكون كل شيء حي نأتي به له فترة فيهلك، إلا أن الحياة ليست الحسوالحركة، أنت تأكل الطعام، والطعام لا حياة فيه بمفهومنا، ولكنه تتكون فيه خلاياجسدك الذي فيه حياة، ويتكون منه الحيوان الذي يتم به التلقيح، لتبدأ حياة جديدة فيابنك. إذن: فكل ما أكلته فيه حياة، والله سبحانه وتعالى في قوله: ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي .. "31" (سورةيونس) هذه قدرة الله سبحانه وتعالى وحده، فلا أحد يستطيع أن يصل إليأسرارها، لأنها فوق المقدور، ولقد قالوا: إنه يخرج الحي من الميت، إنه يخرج الكتكوتمن البيضة، هم اعتبروا البيضة ميتة، والكتكوت في حياة، مع أن في البيضة حياة لا تصلبذاتها إلي شيء، فليست كل بيضة تخرج كائناً حياً. ولكن لابد أن تكون البيضة ملقحةمن الديك، فإذا كان عندنا فرخة، ولا يوجد عندنا ديك لا يخرج كتكوت من البيضة، هذافرق بين قابلية الحياة وبين الحياة، والبيضة غير المخصبة فيه قابلية الحياة، فإذاخصبت ففيها حياة. البذرة إن ألقيتها في الصحراء لا تنبت شيئاً، وإن زرعتها في أرضخصبة ورويتها تنبت لك الشجر والثمر، إذن: فهناك قابلية الحياة في البذرة، فإن وجدتالمناخ المناسب أعطت الحياة. ويقول الحق جل جلاله: والذي يميتني ثم يحيين "81" (سورة الشعراء) ولم يستخدمالحق تبارك وتعالى الضمير (هو)؛ لأنه لا يستطيع أن يدعي أحد أنه يميت إنساناً أويبعث ميتاً. قد يقول أحد الناس: أنا أستطيع أن أميته بأن أقتله، نقول له: إن الموتغير القتل، الموت يأتي بدون نقض للبنية، ولكن القتل لابد من نقصه الجسد. إذن: فكلما لا يمكن أن تكون فيه شبهة الشرك لا يأتي بالضمير (هو)، ولكن الذي يتوهم فيه شبهةالشرك تأتي (هو) لتنفي أي شبهة لأن يكون هناك شريك لله سبحانه وتعالى فيالعقل. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى ( الله)
الحي وصفة "الحي" هي أول صفة يجب أن تكون لله جل علاه؛ لأن القدرةوالعلم بعد الحياة، فكل صفة تأتي بعد الصفة الأولى للحق وهي (الحي)، فلو كان عدماًـ والعياذ بالله ـ لما جاءت أي صفة بعد ذلك. فكلمة "حي" عندما نسمعها توضح لنا أنهيستحيل معها ألا يكون قادراً ولا مدركاً. ولقد احتار الفلاسفة في معنى "حي" حتىتوصلوا إلي ذلك التعريف، فهناك من قال عن "الحي": هو الذي يكون على صفة تجعلهمدركاً إن وجد ما يدرك، كأنه يعني بذلك الحياة فيما يعلمه من حياتنا نحن وحياة مادوننا. أما إن أردت تعريف "الحي" بالمعنى الواسع الدقيق، فإن الحياة هي أن يكونالشيء على الصفة التي تبقى صلاحيته لمهمته، هذا هو التعريف الدقيق. ويجب أن يكونالتعريف كذلك، وأكرره مرة أخرى حتى يستقر في الأذهان "الحي" هو الذي يكون على صفةتبقى له صلاحيته لمهمته، ولله المثل الأعلى فإذا نظرنا إلي النبات، فإنه عندما ينموفإن معنى ذلك أن فيه حياة؛ لأن النمو يحدث للنبات فتكون له صلاحية في مهمته، فإذاقطع النبات فإنه يفقد صلاحيته لمهمته، تماماً كما يموت الإنسان، ولله المثل الأعلى. فلو نظرنا إلي العناصر الجامدة عندما تختلط ببعضها فتتفاعل، إن هذا التفاعلمظهر وجود حياة مناسبة لهذه العناصر الجامدة، وليست كحياتنا نحن، فإذا نظرنا إليالأحجار المسماة "بالزلط" الناعمة الملساء، فهل نجدها على مقدار واحد؟ لا .. لأنحجم كل واحدة من تلك الأحجار يختلف عن الأخرى، وهذا دليل على أنها تختلف في مراحلالنمو، وهو نمو خاص بها، فلو أن هذه الأحجار قد ظلت في بيئتها الطبيعية لكبرت أوتفتتت إلي أحجار أصغر لتنمو مرة أخرى بشكل مناسب لأسلوب حياتها، ويكون نموها علىالهيئة التي أرادها الله لها. ولكن الإنسان حين يستخدم هذه الأحجار ليضعها على سبيلالمثال بين قضبان السكك الحديدية فإنه يخرج بها من بيئتها، وإن كانت لها صلاحيةجديدة تولد في موقعها الجديد. فمن حكمة الخالق الأعظم أنه لا يوجد شيء تنتهيجدواه أبداً، إنما ينتقل الشيء من مهمة إلي أخرى، فنأخذ من أحجار الزلط ما نطحنهونصنع منه الرمل أو نقيم منه أحجاراً اكبر، وهذه مهام أخرى. إذن: فكل شيء يكون علىصفة تبقى له صلاحيته للمهمة فإن له حياة، ونحن لا نأتي بهذا الكلام من عندنا،ولكننا والحمد لله نقرأ القرآن الكريم بإمعان وتدبر. ونسأل: ما الذي قابل الهلاك،إن الحياة بالمعنى البشري، وفي الذهن العادي يقابلها الموت، لكن الحياة بالمعنىالدقيق يقابلها الهلاك، بدليل أن الحق سبحانه وتعالى يقول: ليهلك من هلك عن بينةٍ ويحيى من حي عن بينةٍ .. "42" (سورةالأنفال) إذن: فالحياة مقابلة للهلاك، ويقول سبحانه وتعالى عن الآخرة: كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون "88" ( سورة القصص) إن كل شيء في الكون هالك وفانٍ، إلا الله، فهو سبحانهالخالد الذي له القضاء النافذ في الدنيا والآخرة، وإليه مصير الخلق أجمعين. ومادامالحق ـ سبحانه وتعالى ـ قد قرر أن كل شيء هالك، فلنا أن نسأل: أليست الحجارة شيئاً؟وهل ستدخل إلي الهلاك يوم القيامة؟ إذن: فالحجارة لها حياة مناسبة لها قبل يومالقيامة، ولكن نحن البشر لا نفطن إلي ذلك لأننا نظن أن الحياة هي الحس والحركةالظاهرة. وقد أثبت العلماء الآن أن الذرة فيها عملية جولان وعملية دوران، لكننا نحنلا نفهم ذلك، أما العلماء فقد جعلهم الله جسراً ليشرحوا لنا قدر الحياة في أدقالكائنات. إن الإنسان حين يضع ورقة من النبات تحت المجهر فإنه يرى الخلايا ومايتم بداخلها من عمليات، ولسوف يدهش لقدرة الخالق سبحانه وتعالى؛ لأن في هذه الأوراقالدقيقة حياة، قد تكون أرقى من حياتنا، وأدق من حياتنا. إذن: فكل شيء له حياةمناسبة له. وإياك أن تظن أيها الإنسان أنك أنت الذي تهلك هذه الحياة في تلكالكائنات .. لا .. إنك عندما تحضر قطعة من الحجر وتطحنها، وتضعها في الفرن لتصنعمنها الجير، فإياك أن تظن أنك أذهبت منها الحياة .. لا. كل الذي حدث أن الله أقدركعلى أن تحول هذه الأحجار من وضع الحجر الصلد إلي وضع حياة أخرى هي حياة الجير الذيتؤدي مهمة أخرى. وهكذا تتسلسل المسائل ليكون لكل شيء في الوجود حياة مناسبة،وهي الصفة التي تجعل له الصلاحية لمهمة معينة، ولننظر إلي مهمة الحق، وما مداها؟وما إمكاناتها؟ إنها فوق التخيل والتصور، إنها المهمة العليا، إنها الحياة العليا،إنه الحي الأعلى، ولا أحد قادر على أن يسلب منه الحياة؛ لأن أحداً لم يعط لهالحياة. إن حياة الحق سبحانه ذاتية، إنه الحي على إطلاقه، أما الحي الذي ليس علىإطلاقه فهو الحي الذي يمكن أن تسلب منه الحياة. لذلك قال الحق جل علاه: الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255" (سورةالبقرة) فجاء بضمير (هو) لانفراد صفة الله عن صفة الخلق، فهو حي بإطلاق،أما حياة المخلوق فهو حي بقيد. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى ( الله)
القيوم قال تعالى: الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255" (سورةالبقرة)لم يوجد إله آخر حتى يرينا نفسه ودلائل قدرته، ومادام قد أخبرناالله بالقضية الواضحة أنه لا إله إلا هو، فلابد أنه القيوم لإدارة الكون؛ لأن هذاالكون يحتاج إلي قيومية لإدارته. إن القيومية اللازمة لإدارة الكون تتطلب أن يكونالقيوم سبحانه وتعالى له أزلية الحياة أنه حي، وحياته باقية بقاء الأبد الذي لايعرف الحد من أجل المدد لكل الأجناس، للإنسان والحيوان والجماد وما سوى ذلك. وهو سبحانه قيوم، ويقال عنها في اللغة: صيغة المبالغة، وصيغة المبالغة في اللغةبمعنى أنه إذا ما وقع حدث فإنه يقع مرة على صورة عادية، ومرة أخرى قد يقع على صورةقوية. ونحن نقول عن واحد إنه "أخير"، و"أخير" هذه تختلف عن قولنا "آخر"، وإذا كانالله قيوماً على كل عوامل الكون، فهل نقول "قائم" أم نقول "قيوم"؟ إننا نقول"قيوم"؛ لأنها تعني أنه قائم بذاته ولم يقمه غيره. إن قيام الحق المتعال هو قيامأزلي. إذن: فكلمة "قيوم" هي صيغة مبالغة من القيام على الأمر، إنه قائم بنفسه،قائم بذاته لم يقمه أحد، وهو الخالق الذي يقيم غيره، والغي متعد متكرر وقوله الحق:الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255" (سورةالبقرة) هو سند المؤمن في كل حركات حياته. وأضرب هذا المثل لا للتشبيهولكن للتقريب إلي الذهن، فالله جل علاه منزه عن التشبيه، وله المثل الأعلى: إننا فيحياتنا البشرية نجد الأب ونجد الولد، فهل يحمل الولد هماً لأي مسألة من مسائلالحياة؟ طبعاً لا .. لأن الأب متكفل بها، فإذا كنا نقول: من له أب لا يحمل هماً،فما بالنا بالذي له رب، والمثل الريفي يقول: "من له أب لا يحمل هماً، ومن له ربفعليه أن يستحي فلا يحمل هماً للرزق". إن الله سبحانه قد طمأننا جميعاً بأن أبلغناأنه حي قيوم، ويؤكد لنا الحق سبحانه هذه القيومية في سورة البقرة حين تكلمنا عن آيةالكرسي، فقال الحق سبحانه لنا عن ذاته:الله لاإله إلا هو الحي القيوم .. "255" (سورة البقرة) إن الحق سبحانه يطمئنناويقول لنا: "إن نمتم فأنا لا أنام، لأن الحي القيوم لا ينام"، هكذا يعطي الإيمانبالله الأمن والأمان، لأن المؤمن محروس في حركة حياته بإيمانه، بأن الله لا إله إلاهو الحي القيوم القائم بأمر الخلق جميعاً. هناك من يقول: إن الله سبحانه وتعالى خلقالكون ووضع له قوانينه، ثم تركه بعد ذلك يعمل بهذه القوانين، ولكنني لا أوافق علىهذا القول، الله خلق الكون، وخلق له قوانينه نعم، ولكنه قائم عليه، فلا يترك كونهلحظة واحدة. ولو كانت المسألة هي قوانين الكون وحدها، تعمل بلا تدخل من المشيئة،لعبد الناس القوانين، ولنقرأ الآية الكريمة التي يفزع إليها كل مؤمن إذا أحس بضررأو واجهة سوء، يقول الله سبحانه وتعالى في هذه الآية: الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255" (سورة البقرة) ومعنى "الحي" أنه دائم الحياة والوجود، لا يدركه الموت؛ لأنه خلق الحياةوالموت، ومعنى "القيوم" أي: القائم على ملكه، وهذه تحتاج إلي تفسير، لأن كثيراً منالناس يردد أن الكون يمشي بالقوانين التي خلقها الله سبحانه وتعالى، وهي قوانيندقيقة لا تختل بالزمن، ولا تتأثر بأي شيء. ولكن الله ـ سبحانه وتعالى ـ يريد أنيخبرنا أنه خلق الكون، ووضع له قوانينه ولكنه قائم عليه، أي: أن الله سبحانه وتعالىقائم على ملكه لا يتركه لحظة واحدة، والله طلب منا أن نأخذ بالأسباب. فهناكدائماً "القيوم" القائم على ملكه الذي يمكن أن يفتح الأبواب، ويحقق ما تحسبهمستحيلاً وغير ممكن، وحينما لا تستجيب الأسباب فإن المؤمن يفزع إلي ربه ويرفع يديهإلي السماء ويقول "يا رب". وكلمة يا رب إيمان بأن الله سبحانه وتعالى قائم علىملكه، فحين يفزع المؤمن إلي الله إنما يعلم أن الله قادر متى عجزت الأسباب، وهوقائم على كونه في كل لحظة وثانية، يبدل العسر يسراً، واليأس أملاً وفرجاً. "فهاجر" ـ رضي الله عنها ـ تركت وليدها عند بئر زمزم، وانطلقت تسعى من أجل الماء، ولكنالأسباب لم تستجب لها، وبعد سبعة أشواط تعبت وتسرب اليأس إلي قلبها، فضرب وليدهاالأرض بقدمه، وهو الطفل الضعيف الذي لا يملك من أسباب الدنيا شيئاً فانفجرت الماء. الأم القادرة التي تستطيع أن تسير هنا وهناك، وتبحث عن الماء والتي تملك قوةالأسباب لم تستجب لها هذه الأسباب، والطفل الرضيع العاجز الذي لا يملك من الأسبابمن يجعله قادراً على أن يسقي نفسه شربة ماء، هذا الطفل العاجز الصغير الرضيع ضربالأرض بقدمه فانفجر الماء. لو نظر كل منا إلي حياته لوجد أنه قد مر فيها أوقاتتوقفت خلالها كل الأسباب وأحس باليأس، وجلس يقلب المشكلة فلم يجد حلاً، ثم فجأة جاءالحل من حيث لا يعلم ولا يدري. إذن: فالله سبحانه وتعالى قائم على ملكه تفزع إليهالنفس المؤمنة، عندما تتعطل الأسباب، وهي واثقة أن الله سبحانه وتعالى يستطيع أنيعطيها عندما تعجز الأسباب، وتقف الدنيا عن العطاء، ثم تمضي الآية الكريمة: الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255" (سورةالبقرة) أي: أن الله سبحانه وتعالى لا ينام أبداً، ولا يغفل أبداً، وهنايريد الله أن يزيد اطمئنان النفس التي يصيبها الفزع من هموم الدنيا، يريد أن يعيدإليها الطمأنينة والأمان، فيذكرها بأنه: لا تأخذهسنة ولا نوم .. "255" (سورة البقرة) أي: لا يغفل عن شيء أبداً، ولايخرج عن علمه شيء في الكون، فإذا لم ير الناس جميعاً فالله يرى، وإذا لم يسمع الناسجميعاً فالله يسمع، وإذا لم تصل عدالة الأرض لتقتص من الظالم فإن هناك عدالة السماءموجودة. يقول الحق سبحانه:ولا تحسبن الله غافلاًعما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار "42" (سورة إبراهيم) ومن هنا تكون هذه النفس المؤمنة مطمئنة إلي أن الله سبحانه وتعالى ليس غافلاًعما يعمل الظالمون. لا تأخذه سنة .. "255" (سورةالبقرة) أي: لحظة يغفل فيها، وتكون هذه النفس المؤمنة مطمئنة إلي أنالله يحرسها ويدافع عنها، فتنام ليلها ملء جفونها، لماذا؟ لأن الله سبحانه وتعالىلا ينام. والله سبحانه وتعالى هنا يريد أن يقول لكل مؤمن: نم أنت ولا تخش شيئاً،فإني أحرسك وأرعاك وأنت نائم وأنت مستيقظ، فلا تدع القلق يدخل نفسك، وتحس أنك نمتنال منك عدوك أو أصابك أذى. تذكر دائماً وأنت تذهب لفراشك لتنام والقلق يملأ قلبكأن الله سبحانه وتعالى لا ينام، وأنه يحميك، فكن مطمئناً وأنت في حماية الله. وإذاكان الإنسان ينام مطمئناً إذا وضع على منزله حارساً أو غفيراً أو رجلاً ساهراً لاينام الليل، فكيف بمن يحرسه الله. وعد الله الذينآمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننلهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا .. "55" (سورةالنور) ومن هنا فإن المؤمن يحس دائماً أنه في أمن وأمان؛ لأن الله هوالذي يرعاه في أحلك الأوقات وفي أشد اللحظات. يقول الحق سبحانه: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن "82" (سورةالأنعام). |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى ( الله)
الواجد قال تعالى: وإن من شيءٍ إلا عندنا خزائنه .. "21" (سورةالحجر)قيل: الواجد الذي لا يضل عنده شيء، ولا يفوته شيء. وقيل: الواجدمأخوذ من الوجدان بمعنى العلم الناشئ عن الوجدان. ويقال: وجدت فلاناً فقيهاً. أي: علمت كونه كذلك. وقيل: الواجد هو الله، يجد كل ما يطلبه ويريده، ولا يعوزه شيء منذلك، ولا يعجزه شيء، ولا يفوته شيء. فهو الواجد للحركة مع نفاذ أمره؛ لأن أمره فيكينونته، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، ومادام عنده مفاتح الغيبفهو صاحب الإيجاد والإمداد. ويقول الحق سبحانه وتعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو .. "59" (سورة الأنعام) هو رب الإيجاد فقد خلقنا من العدم، وأوجدنا ولم نكن شيئاً مذكوراً. يقول الحقسبحانه: هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكنشيئاً مذكوراً "1" (سورة الإنسان) ويقول: كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليهترجعون "28" (سورة البقرة) وهو رب الإمداد، يقول الحق: أمدكم بما تعلمون "132" أمدكم بأنعامٍ وبنين "133" (سورةالشعراء) وهو رب الخلود، يقول الحق سبحانه: فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه "19" إني ظننتأني ملاقٍ حسابيه "20" فهو في عيشةٍ راضيةٍ "21" في جنةٍ عاليةٍ "22" (سورةالحاقة) كما يقول: وأما من أوتي كتابهبشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه "25" ولم أدر ما حسابيه "26" يا ليتها كانتالقاضية "27" ما أغنى عني ماليه "28" هلك عني سلطانيه "29" (سورة الحاقة) إذن: إن حياة الخلود إما إلي جنة أبداً، أو إلي نار أبداً. وهو الواجد لكل مافي الكون، وما وراء الكون، وفوق الكون، فهو المحيط بمدد، وهو على كل شيء قدير. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى ( الله)
الماجد "اللهم أنت الماجدالمجيد، الفعال لما يريد، نسألك الإمداد يوم الوعيد"هو الذي تعطف بالمجد وتكرمبه ـ فهو العظيم القدر، العظيم الشرف، الواسع الكرم. ويجوز أن يكون الماجد بمعنىالمجيد، كالعلم بمعنى العليم. عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليهوسلم، عن ربه عز وجل قال: يقول: "يا عبادي، كلكم مذنب إلا من عافيت، فاستغفرونيأغفر لكم بقدرتي، من علم منكم أني ذو مقدرة على المغفرة فاستغفرني غفرت له ولاأبالي، وكلكم هالك إلا من هديت فسلوني الهدى أهديكم، وكلكم فقير إلا من أغنيتفسلوني أرزقكم، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم ورطبكم ويابسكم وحيكم وميتكم اجتمعواعلى اتقى قلب عبد من عبادي لم يزد ذلك في ملكي جناح بعوضة، ولو اجتمعوا على أشقىقلب عبد من عبادي، لم ينقص ذلك من ملكي جناح بعوضة، ولو أن أولكم وآخركم ورطبكمويابسكم وحيكم وميتكم اجتمعوا فسأل كل سائل منكم ما سأل لم ينقص ذلك مما عنديشيئاً. كما لو أن أحدكم مر على شفة البحر فخمس فيه إبره ثم انتزعها، ذلك بأني جواد "ماجد" أفعل ما أشاء، عطائي كلام، وإذا أردت شيئاً فإنما أقول له كن فيكون". وهذا الاسم الكريم غير مذكور في القرآن، بل المذكور "المجيد". |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى ( الله)
الواحد قال تعالى: وليعلموا أنما هو إله واحد .. "52" (سورةإبراهيم)هو الواحد في ذاته لا شريك له، وهو الواحد في صفاته الأزلية لانظير له، وهو الواحد في أفعاله لا منازع له. أي: أن الواحد هو الفرد المنفرد فيذاته وصفاته وأفعاله. فهو واحد في ذاته، لا يتجزأ لا يتناهى. واحد في صفاته، لايشبه شيئاً، ولا يشبهه شيء. واحد في أفعاله لا شريك له. وقد فسر قوله عليه الصلاةوالسلام: "إن الله وتر يحب الوتر". يعني: يحب القلب المنفرد له تعالى. وقد قالالشاعر في هذا المعنى: إذا كان من تهواه في الحسن واحداًفكن واحداً فيالحب إن كنت تهواه وفي الحديث أنه عليه السلام سمع رجلاً يقول في دعائه : "اللهم إني أسألك بأنك أنت الله "الواحد" الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولدولم يكن له كفواً أحد" فقال: "لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب،وإذا سئل به أعطى". وكلمة "واحد" تعني أول العدد، وهو أيضاً في تعريفه أصل العدد؛لأن عدد أي شيء يبدأ من واحد مضموم إليه أعداد أخرى، وعندما يقول العلماء بتعريف أي "عدد" آخر غير الواحد فإنهم يقولون: إنه نصف مجموع حاشيتيه المتساويتين، فماذا يعنيذلك؟ لنفترض أن رجلاً يجلس على يمين رجلين، هنا نعتبر الرجل الذي يجلس على اليمينالحاشية الأولى، ونعتبر الرجل الذي يجلس على اليسار الحاشية الثانية، وهكذا يكونالرجل الجالس بين الرجلين مساوياً لنصف مجموع الحاشيتين المتساويتين. وعندمانأخذ أي عدد بين حاشيتين فعلينا أن نأخذ حاشيتين يكون نصفهما مساوياً للعدد. ومثالذلك العدد "خمسة" حاشية الأولى "أربعة" وحاشيته الثانية "ستة" ومجموعهما يساوي "عشرة" ونصف مجموعهما هو العدد رقم "خمسة". وعندما نتأمل كلمة "واحد" فإننا نجدأنها تدل على وحدة الفرد، وقد يكون مجزأ؛ ولذلك نحن لا نكتفي بالقول بأن الله واحد،ولكننا نقول "الله واحد أحد" أي: واحد لا أجزاء له. ولكننا نقول عن أي إنسان: إنه "واحد" ولا نقول على الإنسان "واحد أحد" لماذا؟ لأن الإنسان واحد متشابه معغيره وله أجزاء، ونقول أيضاً عن "الشمس" إنها كوكب واحد لأنها مكونة من أشياء هيالغازات الملتهبة. لذلك لا نقول عنها إنها "أحد" إذن: لا شيء ولا كائن نطلق عليه "واحد أحد" سوى الله جل وعلا؛ لأنه الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي ليس كمثلهشيء. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
الصمد قال تعالى: قل هو الله أحد "1" الله الصمد "2" (سورةالإخلاص)ما معنى الصمد؟ الصمد هو المعنى الجامع، الذي يدخل فيهمطالب كل موجود، فهو الصمد الذي تصمد إليه جميع المخلوقات بالافتقار والحاجة، ويفزعإليه العالم بأسره، وهو الذي كمل في علمه، وحكمته وحلمه وقدرته، وعظمته ورحمته، فهوكامل الصفات، المقصود من المخلوقات في كل المطالب والحاجات. والذي يعيش في رياضالقرآن يجد أن الله هو المقصود لكل قاصد، وهو الذي يعطي لكل شيء حقه، نطق به أم لمينطق به. ويقول الحق سبحانه: ونضع الموازينالقسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبةٍ من خردل أتينا بها وكفىبنا حاسبين "47" (سورة الأنبياء) من هذه الآية نعلم أن صمدية الله هيعطاؤه، وعطاؤه محوط بعدله، وقد يكون العطاء ربوبياً أو إلهياً، فيقول الحق سبحانه: كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاءربك محظوراً "20" (سورة الإسراء) أما عطاء الألوهية فهو للنبيينوالصديقين والشهداء والصالحين، فالقرآن الكريم يقول:ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياءً وذكر للمتقين "48" الذينيخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون "49" وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم لهمنكرون "50" ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين "51" (سورةالأنبياء) ويحكي لنا الحق سبحانه أمر إبراهيم عليه السلام مع قومه وكيفنجاه من كيدهم، فيقول تعالى: إذ قال لأبيه وقومهما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون "52" قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين "53" قاللقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبينٍ "54" قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين "55" قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين "56" وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين "57" فجعلهم جذاذاً إلا كبيراً لهملعلهم إليه يرجعون "58" قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين "59" قالواسمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم "60" قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون "61" قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم "62" قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهمإن كانوا ينطقون "63" فرجعوا إلي أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون "64" ثم نكسواعلى رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون "65" قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكمشيئاً ولا يضركم "66" أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون "67" قالوا حرقوهوانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين "68" قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم "96" وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين "70" (سورة الأنبياء) وتتوالىعطاءات الله لمن قصدوه وحده بالعبادة والتوجه، فيقول تعالى: ونجيناه ولوطاً إلي الأرض التي باركنا فيها للعالمين "71" ووهبنا لهإسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين "72" وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحيناإليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين "73" ولوطاًآتيناه حكماً وعلماً ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوءٍفاسقين "74" وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين "75"} (سورة الأنبياء) {ونوحاً إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهلهمن الكرب العظيم "76" ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوءٍفأغرقناهم أجمعين "77" (سورة الأنبياء) وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهمشاهدين "78" ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكماً وعلماً وسخرنا مع داود الجبال يسبحنوالطير وكنا فاعلين "79" وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون"80" ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلي الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيءعالمين "81" ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملاً دون ذلك وكنا لهم حافظين "82" (سورة الأنبياء) وأيوب إذ نادى ربهأني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين "83" فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضرٍ وآتيناهأهله ومثلهم معهم رحمةً من عندنا وذكرى للعابدين "84" وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كلمن الصابرين "85" وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين "86" وذا النون إذ ذهبمغاضباً فظن أن لن تقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت منالظالمين "87" فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين "88" وزكريا إذنادى ربه رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين "89" فاستجبنا له ووهبنا له يحيىوأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لناخاشعين "90" والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين "91" إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون "92" (سورة الأنبياء) ثم يقول الحق سبحانه: ولقد كتبنا في الزبور منبعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون "105" إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين "106" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "107" قل إنما يوحي إلي أنما إلهكم إله واحدفهل أنتم مسلمون "108" فإن تولوا فقل آذنتكم على سواءٍ وإن أدري أقريب أم بعيد ماتوعدون "109" إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون "110" وإن أدرى لعله فتنةلكم ومتاع إلي حين "111" قال رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون:112" (سورة الأنبياء). والمعايش لكتاب الله يلمس أن العطاءات الربانيةوعطاءات الألوهية لا حصر لها ولا عدد، فكم من نفس ولدت في لحظة وماتت في لحظة،ورزقت في لحظة، وافتقرت في لحظة، وكم من نفس شفيت من مرض، وكم من نفس مرضت من شفاء،وكم من إنسان أعزه الله، وكم من إنسان أذله الله. وكم من ممالك تطاولت، وكم منملوكٍ تلاشوا، وكم من سائل يسأل. كل هذه القضايا تنطلق من عطاء الربوبية لكل الناس،فعطاء الألوهية الذي اختصه الله لمن آمن به توحيداً وتعبداً وسلوكاً، فإذا نظرناإلي عدد مطلوب الخلائق في كل لحظة من لحظات الحياة لنجد أنه يعطي الكل في لحظة، كمايحاسب الكل في ساعة، وساعة الله يعلمها هو. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
القادر قال تعالى: فقدرنا فنعم القادرون "23" (سورةالمرسلات)قدرة الحق سبحانه لا تقارن بقدرة الخلق، فالله حي وأنت حي،لكن هل حياة المخلوق المنتهية يمكن أن تقارن بحياة الخالق الأزلي الدائم؟ إن اللهسميع والإنسان يسمع، فهل سمع الله ـ وهو الخالق البارئ المصور ـ كسمع البشرالمحدود، إن أي شيء يأت عن الله إنما يجب أن نأخذه بعيداً عن التصور البشري، إنمانأخذه في إطار: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير "11" (سورة الشورى) إن البشر المتشابهين هم من خلق الله، وكل فرد فيهم،له علامات تميزه قد ندركها، وقد لا يدركها إلا المتخصصون، وآخر الاختلافات الجوهريةفي البصمة وفي الشكل وفي السلوك، فما بالنا باختلاف البشر جميعاً عن الخالق القادر؟لذلك يقول المحققون: إن على الإنسان المؤمن بالله أن يعلم أنه هو بعض من خلق الله،والله سبحانه وتعالى يعطينا الحقائق التي تفوق كل ما في رؤوس البشر جميعاً لماذا؟لأنه القادر المطلق، والقادر لا ينقلب إلي مقدور أبداً، ومن عظمة الحق سبحانه أنالعقل لا يمكن أن يتصوره، ومن رحمة الله بالخلق أن وصف لنا نفسه بأنه: ليس كمثله شيء .. "11" (سورة الشورى) وضرب الحقسبحانه لنا المثل بالروح التي تدب في الإنسان فيتحرك ويسعى إلي الرزق، ولكن إذاخرجت الروح صار الجسد رمة، وتتحول العناصر إلي التراب. فهل ينتظر الناس أن يأتيالله والملائكة في ظلل من الغمام، أي: بما يحجب البصر، وتعلن الساعة، إذا كانواينتظرون ذلك، فلسوف تقوم الساعة بأشراطها، وفي ميعادها الذي لا يعرفه إلا الله. ولسوف يرى المؤمن والكافر أن الله قادر فوق كل العباد. إن المؤمن يرجع إلي الله؛لأنه يؤمن بالله ويعمل العمل الصالح ليقوده إلي الجنة، والكافر يعود إلي اللهمجبراً مسوقاً مقهوراً. إن الله سبحانه وتعالى حين يخلق قانوناً من القوانينيطلقه ويقيده (هو مطلق بإرادة الله) مقيد بإرادة الله، قد تبدو هذه العبارة متناقضةولكنها حقيقة، فالله سبحانه وتعالى مثلاً أطلق قانوناً بأن الذرية تأتي من اجتماعالذكر والأنثى، فمتى تزوج رجل وامرأة فالوضع الطبيعي على إطلاقه أن ينجبا أطفالاً. وفي بعض الأحيان يمضي القانون بغير رغبة الطرفين، فقد يكون الزوج أو الزوجة غيرراغبين في الإنجاب السريع، ومع ذلك يتم الإنجاب، إذن: فالقانون على طلاقته يمضي فيالكون لا يفرق بين غني وفقير، ولا بين جنس وجنس، ولا بين أي شيء آخر، فالقاعدة هيالقاعدة لكي يتم الإنجاب، لكي يولد الأطفال، فلابد من ذكر وأنثى. ثم يأتي بعدذلك أن هذا القانون رغم إطلاقه مقيد بإرادة الله، مصداقاً لقوله تعالى:ويجعل من يشاء عقيماً .. "50" (سورة الشورى) القاعدة في انطلاق القانون وطلاقته أنه كي يولد طفل لابد من ذكر وأنثى، ولكنالتقيد بالمشيئة الذي يسيطر على هذا القانون هو في أن تسبق إرادة الله إتمام الخلق،فكل رجل وامرأة يستطيعان أن ينجبا طفلاً إذا شاء الله، وإن لم يشأ اجتمع الرجلوالمرأة ولا يأتي الطفل. ويذهب الاثنان إلي الأطباء ويعالجان، ويتدخل العلم بكلقدراته، ولا يحدث إنجاب، فلو أن الأصل في القانون هو طلاقته، لتم الإنجاب بين كلرجل وامرأة، ولكن الأصل في القانون هو طلاقته مقيد بالمشيئة، فلا يتم الإنجاب إلاإذا شاء الله. والله سبحانه وتعالى يقول: ويجعل من يشاء عقيماً .. "50" (سورة الشورى) وهكذا فإنالله سبحانه وتعالى يطلق القانون ويقيده، ولكنك أنت تتبع القانون ولا تستطيع أنتقيده، ولذلك فإن الحق سبحانه وتعالى وضع قوانين للكون، هذه القوانين تمضي كل يومتؤدي ما أمرها الله به، ولكن الله سبحانه وتعالى يأتي في بعض الأحيان ويعطل هذهالقوانين، ويحدث ذلك في حالتين: الحالة الأولى: إذا أرسل سبحانه وتعالى نبياًأو رسولاً إلي الناس ليهديهم إلي الحق. في هذه الحالة يعطي هذا الرسول أو النبي آيةليصدق الناس أنه مرسل من الله سبحانه وتعالى. لماذا؟ لأنه حين يأتي إنسان ويقول: أنا رسول من عند الله، جئت لأبين منهجه، أتصدقه، وهنا يطالبه السامع بإثبات مايقول. إذن: كان لابد أن تجئ مع كل رسول معجزة تثبت صدقه في رسالته وفي بلاغه عنالله. ومعجزات الله تتميز أولاً بأنها تتحدى البشر، وثانياً: بأنها خرق لقوانينالكون، فالتحدي يأتي من نفس نوع العمل الذي نبغ فيه الناس في ذلك العصر. فأنتحين تتحدى لا تأتي لإنسان ضعيف وتتحداه في مباراة لرفع الأثقال، ولكن تأتي لبطلالعالم وتواجهه بهذا التحدي، وإذا أتيت قوماً كانوا نابغين في الطب، فلابد من أنتأتيهم بمعجزة من نفس ما نبغوا فيه؛ ولذلك فإن القرآن الكريم قد تحدى العرببالبلاغة، وهي ما نبغوا فيها. والله سبحانه وتعالى حينما أيد رسله وجه لهم قوانينالحياة حسب مطلوبه، فمثلاً معجزة إبراهيم ـ عليه السلام ـ وجه الله فيها خاصيةالإحراق للنار لتكون برداً وسلاماً، لقد جاء الكفار ممن عاشوا في عهد إبراهيم ـعليه السلام ـ ليحرقوا إبراهيم أمام أصنامهم وآلهتهم، وفي ظنهم أن هذه الآلهةستعاونهم على الفتك بإبراهيم. فماذا حدث؟ جاءوا بإبراهيم وأمام آلهتهم وفيحمايتهم، وأوقدوا ناراً هائلة ليحرقوه، والحرق هنا أمام الآلهة وعلى مشهد منها،وليكون الانتقام من إبراهيم انتقاماً تباركه الآلهة وتجعله رهيباً. وشاء اللهسبحانه وتعالى أن يتم ذلك كله، فكان من الممكن أن يختفي إبراهيم في أي مكان، كانذلك ممكناً ليقي إبراهيم الحرق، والله قادر على جعلهم لا يقدرون عليه، قادر على أنيخفيه عنهم، ولكنه لو حدث هذا لقالوا: إننا قبضنا على إبراهيم وأحرقناه، ولذلك كانلابد أن يقع إبراهيم في أيديهم ليعرف القوم جميعاً سفاهة معتقداتهم. وكان من الممكنأن تنطفئ النار لأي سبب من الأسباب، كأن ينزل المطر من السماء مثلاً، والنار لمتنطفئ بل ازدادت اشتعالاً، وألقوا بإبراهيم في النار ليحرقوه. والله سبحانهوتعالى يبطل خاصية الإحراق في النار، فيوظف النار في غر اختصاصها بخاصية أخرى لتكونبرداً وسلاماً. إذن: فمعجزة إبراهيم ليست أن ينجو من النار، ولو أراد الله أن ينجيهما استطاعوا أن يقبضوا عليه، ولكن الله شاء أن تظل النار متأججة محرقة قوية، ويلقيفيها إبراهيم أمام الناس، ثم يعطل الله ناموس إحراقها. وموسى عليه السلام ضرب البحربعصاه فانشق، وخاصية الماء الاستطراق، ولكن الله سبحانه وتعالى أمر البحر أن ينشقلموسى، وعطل له قانوناً من قوانين الكون. وعيسى ـ عليه السلام ـ كانت له أكثرمن معجزة في إبراء الأكمة والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله. هذه هي بعض الأشياءالتي تلفتنا إلي قدرة الله سبحانه وتعالى فيما خرق من نواميس الكون، ليؤيد رسالته،ويدل الناس على صدق رسالات السماء. تأتي بعد ذلك الحالات التي يغير الله فيهاناموساً من نواميس الكون ليلفت الناس إلي طلاقة قدرته؛ لأن طلاقة القدرة لها حقالمحو والإثبات، ولها أن تجعل سبباً للشيء، ولها أن تلغي الأسباب. مثلاً آدم بغيرأم ولا أب، وحواء بغير أم، وعيسى بغير أب، ومحمد بأب وأم، وهذه طلاقة القدرة وهناكرزق بحساب، ورزق بغير حساب. الأول: من عملصالحاً فلنفسه .. "46" (سورة فصلت) والثاني: يرزق من يشاء بغير حسابٍ "212" (سورة البقرة) |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
المقتدر قال تعالى: إن المتقين في جناتٍ ونهرٍ "54" في مقعد صدقٍ عندمليكٍ مقتدرٍ "55" (سورة القمر)هو ربي المقتدر، ذو القدرة العظيمة،المسيطر بقدرته البالغة على خلقه وعلى كل من أعطاه حظاً من قدرة. وهو المقتدر علىجميع الممكنات، والمقتدر يفيد معنى القادر مبالغة وأكثر تعظيماً. والأمور تجريبقدرة الله ومقداره وتقديره وإقداره ومقاديره، والقدر (بالفتحة) هي ما يقدره اللهمن القضاء، وقد ذكر المقتدر في القرآن الكريم مرتين في سورة القمر. وجميع المخلوقاتوالكائنات كلها مقهورة لله، خاضعة لعظمته، منقادة لإرادته، فجميع نواصي المخلوقاتبيده، لا يتحرك منها متحرك، ولا ينصرف متصرف إلا بحوله وقوته وإذنه، فما شاء اللهكان، وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فمن قدرته واقتداره أنه خلقالخلق، ثم يميتهم ثم يحييهم ثم إليه يرجعون. قال تعالى: وما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ .. "28" (سورة لقمان) وقوله تعالى: وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيدهوهو أهون عليه .. "27" (سورة الروم) ويقول جل علاه: كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليهترجعون "28" (سورة البقرة) ومن آثار قدرته سبحانه أنك ترى الأرض هامدة،فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت، وأنبتت من كل زوج بهيج، ومن آثار قدرته ماأوقعه بالأمم المكذبة والكفار الظالمين من أنواع العقوبات وحلول المثلات، وأنه لميغن عنهم كيدهم ومكرهم ولا أموالهم ولا جنودهم ولا حصونهم من عذاب الله من شيء لماجاء أمر ربك، وما زادهم غير تتبيب. وخصوصاً في هذه الأوقات، فإن هذه القوة الهائلةوالمخترعات الباهرة التي وصلت إليها مقدرة هذه الأمم هي من إقدار الله لهم وتعليمهلهم ما لم يكونوا يعلمونه. فمن آيات الله أن قواهم وقدرهم ومخترعاتهم لم تغنعنهم شيئاً في صد ما أصابهم من النكبات والعقوبات المهلكة، مع بذل جدهم واجتهادهمفي توقي ذلك، ولكن أمر الله غالب، وقدرته تنقاد لها عناصر العالم العلوي والسفلي. ومن تمام عزته وقدرته وشمولها أنه كما أنه هو الخالق للعباد، فهو خالق أعمالهموطاعاتهم ومعاصيهم، وهو أيضاً خالق أفعالهم، فهي تضاف إلي الله خلقا وتقديراً،وتضاف إليهم فعلاً ومباشرة على الحقيقة، ولا منافاة بين الأمرين، فإن الله خالققدرتهم وإرادتهم، وخالق السبب التام وخالق للمسبب، قال تعالى: والله خلقكم وما تعملون "96" (سورة الصافات) ومن آثارقدرته ما ذكره في كتابه من نصره أولياءه، على قلة عددهم وعددهم على أعدائهم الذينفاقوهم بكثرة العدد والعدة. قال تعالى: كم منفئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن الله .. "249" (سورة البقرة) ومنآثار قدرته ورحمته ما يحدثه لأهل النار وأهل الجنة من أنواع العقاب وأصناف النعيمالمستمر الكثير المتتابع الذي لا ينقطع ولا يتناهى، فبقدرته أوجدت الموجودات،وبقدرته دبرها، وبقدرته سواها وأحكمها. وبقدرته سبحانه يحيى ويميت، ويبعث العبادللجزاء ويجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، وبقدرته يقلب القلوب ويصرف على مايشاء، الذي إذا أراد شيئاً قال له: (كن فيكون). قال الله تعالى: إن الله على كل شيءٍ قدير "148" (سورةالبقرة). |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
المقدم ــ المؤخر هو المقدم والمؤخر لما شاء، كما شاء بحكمته، وهوالمقدم من شاء بالتقوى والإنابة، والصدق والاستجابة، المؤخر لمن شاء بعدله وحكمته. هو الذي قدم الأبرار وأخزى الفجار، وهو الذي يقرب ويبعد، فمن قربه فقد قدمه، ومنأبعده فقد أخره. وهو الذي يقدم بعض الأشياء على بعض بأمره، إما بالوجود كتقديمالأسباب على مسبباتها، أو بالشرف كتقديم الأنبياء والصالحين من عباده. وصلى اللهعلى سيدنا محمد الذي قدمه ربه على جميع خلقه. قال تعالى: قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم .. "14" (سورة الأنعام) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين "163" (سورة الأنعام) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في الصلاة. وكان آخر ما يقول صلى الله عليه وسلم بين التشهدوالتسليم: "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وماأنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت" والمقدموالمؤخر هما ـ كما تقدم ـ من الأسماء المزدوجة المتقابلة، التي لا يطلق واحد بمفردهعلى الله إلا مقروناً بالآخر، فإن الكمال من اجتماعهما، فهو تعالى المقدم لمن شاء،والمؤخر لمن شاء بحكمته. وهذا التقديم يكون كونياً، كتقدم بعض المخلوقات على بعض،وتأخير بعضها على بعض، وكتقديم الأسباب على مسبباتها، والشروط على مشروطاتها. وأنواع التقديم والتأخير بحر لا ساحل له، ويكون شرعياً كما فضل الأنبياء علىالخلق، وفضل بعضهم على بعض .. وفضل بعض عباده إلي بعض، وقدمتهم في العلم، والإيمان،والعمل، والأخلاق، وسائر الأوصاف، وأخر من أخر منهم بشيء من ذلك، وكل هذا تابعلحكمته. وهذان الوصفان وما أشبههما من الصفات الذاتية لكونهما قائمين بالله، واللهمتصف بهما، ومن صفات الأفعال، لأن التقديم والتأخير متعلق بالمخلوقات ذواتها،وأفعالها، ومعانيها، وأوصافها. وهي من إرادة الله وقدرته. فهذا هو التقسيم الصحيحلصفات الباري، وأن صفات الذات متعلقة بالذات، وصفات أفعاله متصفة بها الذات،ومتعلقة بما ينشأ عنها من الأقوال والأفعال. قال الله عز وجل: وإن يمسسك الله بضرٍ فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهوعلى كل شيءٍ قدير "17" (سورة الأنعام) وقال الله تعالى: قل فمن يملك لكم من الله شيئاً إن أراد بكم ضراً أو أراد بكمنفعاً بل كان الله بما تفعلون خبيراً "11" (سورة الفتح) وصفة الضروالنفع هما ـ كما تقدم ـ من الأسماء المزدوجة المتقابلة، فالله تعالى النافع لمنشاء من عباده بالمنافع الدينية والدنيوية، الضار لمن فعل الأسباب التي توجب ذلك. وكل هذا تبع لحكمته وسننه الكونية وللأسباب التي جعلها موصلة إلي مسبباتها، فإنالله جعل مقاصد للخلق وأموراً محبوبة في الدين والدنيا، وجعل لها أسباباً وطرقاً،أمر بسلوكها ويسرها لعباده غاية التيسير. فمن سلكها أوصلته إلي المقصود النافع،ومن تركها، أو ترك بعضها، أو فوت كمالها، أو أتاها على وجه ناقص ففاته الكمالالمطلوب فلا يلومن إلا نفسه، وليس له حجة أمام الله، فإن الله أعطاه السمع والبصروالفؤاد والقوة والقدرة وهداه النجدين وبين له الأسباب والمسببات، ولم يمنعه طريقاًيوصل إلي خير ديني أو دنيوي، فتخلفه عن هذه الأمور يوجب أن يكون هو الملوم عليها،المذموم على تركها. وأعلم أن صفات الأفعال كلها متعلقة وصادرة عن هذه الصفاتالثلاثة: 1.القدرة الكاملة. 2.المشيئة النافذة. 3.الحكمة الشاملةالتامة. وهي كلها قائمة بالله، والله متصف بها، وآثارها ومقتضياتها جميع مايصدر منها في الكون كله من التقديم والتأخير، والنفع والضر، والعطاء والحرمان،والخفض والرفع، ولا فرق بين محسوسها ومعقولها، ولا بين أن تكون دينية أو دنيوية،فهذا معنى كونها أوصاف أفعال. وكان رسول الله صلىالله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء: " اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي فيأمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي،اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر،وأنت على كل شيء قدير" ولنتدبر معاً هذه الآيات البينات: ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وآخر "13" (سورةالقيامة) قال لا تختصموا لدي وقد قدمتإليكم بالوعيد "28" (سورة ق) ولا تحسبنالله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار "42" (سورةإبراهيم) |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
الأول هو الأول قبل كل شيء، بلا بداية، والآخر بعد كل شيءبلا نهاية، وهو الموجود الواجب الوجود، الأول لكل ما سواه، المتقدم على كل ما عداه،وهذه الأولية، وهذا التقدم ليس بالزمان ولا بالمكان، ولا بأي شيء في حدود العقل أومحاط بالعلم. والله سبحانه وتعالى "ظاهر باطن" في كونه أولاً: هو الأول أظهر من كلظاهر؛ لأن العقول تشهد بأن المتحدثات لها موجد متقدم عليها فهو تعالى ظاهر، تشهد بهالحواس الظاهرية والغيبية، يقول الحق سبحانه: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق .. "53" (سورة فصلت) ويقول جل علاه: إن في خلقالسماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب "190" الذين يذكرونالله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذاباطلاً وسبحانك فقنا عذاب النار "191" (سورة آل عمران) فهو الأول "أبطنمن كل باطن"؛ لأنك إذا أردت أن تعرف حقيقة تلك الأولية عجزت، لأن كل ما أحاط بهعقلك وعلمك فهو محدود، فيكون متناهياً، فتكون الأولية خارجة عنده، وليس في حدودالعقل إلا أن يتدبر القرآن: نحن قدرنا بينكم الموتوما نحن بمسبوقين "60" (سورة الواقعة) قيل: ويجوز أن يكون معنى: وما نحن بمسبوقين "60" (سورة الواقعة) أنه هو الأول، لم يكن قبله شيء، فهو الأول قبل كل شيء فإن لم يكن أول قبل كلشيء لم يكن للشيء وجود، والأشياء بفعله وأمره وإرادته لا انتهاء لها. إذن: فهوالأول لأنه الواحد الذي لا شريك له، والواحد منه الانطلاق العددي والخلقي والكونيوالحركي، وأوليته بلا بداية، فإذا نظرنا إلي وجود شيء نجد سبق الأولية فيه لله،وعندما ينتهي الشيء نجد انتهاءه بأمره، فهو الآخر، وعندما يبدأ الشيء نمواً وصعوداًيكون الأول، فأوليته أبدية وآخرته لا نهائية. وهو الأحد الذي لا يقبل التجزئة، وهوالواحد الذي منه انطلاق الخلق، وهو الأول قبل كل أول، والآخر بعد كل آخر، وهو الصمدالذي تفتقر إليه الخلائق، وهو المجيب لكل مطلوب لطالب. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
الأخر قال تعالى: هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم "3" (سورة الحديد) هو الأول قبل كل شيء، بلا بداية، والآخر بعد كل شيءبلا نهاية، وهو الموجود الواجب الوجود، الأول لكل ما سواه، المتقدم على كل ما عداه،وهذه الأولية، وهذا التقدم ليس بالزمان ولا بالمكان، ولا بأي شيء في حدود العقل أومحاط بالعلم. والله سبحانه وتعالى "ظاهر باطن" في كونه أولاً: هو الأول أظهر من كلظاهر، لأن العقول تشهد بأن المتحدثات لها موجد متقدم عليها فهو تعالى ظاهر، تشهد بهالحواس الظاهرية والغيبية، يقول الحق سبحانه: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق .. "53" (سورة فصلت) ويقول جل علاه: إن في خلقالسماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب "190" الذين يذكرونالله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذاباطلاً وسبحانك فقنا عذاب النار "191" (سورة آل عمران) فهو الأول "أبطنمن كل باطن"؛ لأنك إذا أردت أن تعرف حقيقة تلك الأولية عجزت، لأن كل ما أحاط بهعقلك وعلمك فهو محدود، فيكون متناهياً، فتكون الأولية خارجة عنده، وليس في حدودالعقل إلا أن يتدبر القرآن: نحن قدرنا بينكم الموتوما نحن بمسبوقين "60" (سورة الواقعة) قيل: ويجوز أن يكون معنى: وما نحن بمسبوقين "60" (سورة الواقعة) أنه هو الأول، لم يكن قبله شيء، فهو الأول قبل كل شيء فإن لم يكن أول قبل كلشيء لم يكن للشيء وجود، والأشياء بفعله وأمره وإرادته لا انتهاء لها. إذن: فهوالأول لأنه الواحد الذي لا شريك له، والواحد منه الانطلاق العددي والخلقي والكونيوالحركي، وأوليته بلا بداية، فإذا نظرنا إلي وجود شيء نجد سبق الأولية فيه لله،وعندما ينتهي الشيء نجد انتهاءه بأمره، فهو الآخر، وعندما يبدأ الشيء نمواً وصعوداًيكون الأول، فأوليته أبدية وآخرته لا نهائية. وهو الأحد الذي لا يقبل التجزئة، وهوالواحد الذي منه انطلاق الخلق، وهو الأول قبل كل أول، والآخر بعد كل آخر، وهو الصمدالذي تفتقر إليه الخلائق، وهو المجيب لكل مطلوب لطالب. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
الظاهر هو الظاهر وجوده لكثرة دلائله، وهو البادي بالأدلة عليه، وفي أفعاله،فلا يمكن أن يجحد وجوده، وهو الظاهر بحججه الباهرة، وبراهينه النيرة، وشواهد أعلامهالدالة على ثبوت ربوبيته، وصحة وحدانيته، والظاهر هو الغالب العالي. وفي قولهتعالى: فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحواظاهرين "14" (سورة الصف) أي: أصبحوا غالبين عالين. وقيل: إن عثمان رضيالله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن تفسير: له مقاليد السماوات والأرض .. "63" (سورة الزمر) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما سألني أحد تفسيرها. لاإله إلا الله، والله اكبر وسبحان الله وبحمده، استغفر الله لا حول ولا قوة إلابالله، الأول والآخر، والظاهر والباطن، بيده الخير يحيى ويميت، وهو على كل شيءقدير" والظاهر يدل على عظمة صفاته، وتلاشي كل شيء عند عظمته، فهو العظيمفوق كل عظيم، والكبير فوق كل كبير. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
الباطن "وأنت الباطن فليس دونك شيء" هو الباطن في حقيقة ذاته، فلا تصل إليهاالعقول، وهو من احتجب عن إدراك الحواس مع شدة ظهوره، وكمال نوره، وهو من ليس لهشبيه ولا ضد. وهو الباطن على كل شيء رحمة وعلماً، وهو الذي أسبغ علينا نعمه ظاهرةوباطنة، وما لنا من دون الله من ولي ولا نصير. عن أبيهريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء: "اللهم ربالسماوات، ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزلالتوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل دابة، أنت آخذ بناصيتها. اللهم أنتالأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنتالباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر" وقد ذكر "الأولوالآخر والظاهر والباطن" سبحانه وتعالى مرة واحدة في القرآن العظيم في الآيةالثالثة من سورة الحديد: هو الأول والآخر والظاهروالباطن وهو بكل شيء عليم "3" (سورة الحديد) وكتب الفخر الرازي: سمعتوالدي رحمه الله يقول: إنه كان يروي أنه لما نزلت الآية: هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم "3" (سورةالحديد) أقبل المشركون نحو البيت وسجدوا. والباطن يدل على إطلاعه علىالسرائر والضمائر، والخبايا والخفايا، ودقائق الأشياء، كما يدل على كمال قربهودنوه، ولا يتنافى الظاهر والباطن، لأن الله ليس كمثله شيء في كلالنعوت. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
الولي هو المالك للأشياء والمتولي لها، والمتصرف فيها كيف يشاء، وهوالمنفرد بالتدبير، القائم على كل شيء، ولا دوام ولا بقاء إلا بإذنه، وكل شيء يجريبحكمه وبأمره، ويحتمل أن يكون الوالي بمعنى المنعم بالعطاء والدافع للبلاء. ولنتدبرالآية الكريمة من سورة الرعد: له معقبات من بينيديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهموإذا أراد الله بقومٍ سوءاً فلا مرد له وما لهم من دونه من والٍ "11" (سورةالرعد) قال الراغب الأصفهاني: الولاء والتوالي يطلق على القرب من حيثالمكان ومن حيث النسب، ومن حيث الدين، ومن حيث الصداقة، ومن حيث النصرة، ومن حيثالاعتقاد، والولاية: النصرة. والولاية: تولي الأمر. والولي والمولى يستعملان فيذلك، كل واحد منهما يقال في معنى الفاعل أي: الموالي. وفي معنى المفعول أي: الموالي. يقال للمؤمن: هو ولي الله. ويقال: الله ولي المؤمنين. فالله عز وجل هونصير المؤمنين، وظهيرهم يتولاهم بعونه وتوفيقه، ويخرجهم من ظلمات الكفر إلي نورالإيمان .. وإنما جعل الظلمات للكفر مثلاً، لأن الظلمات حاجبة للأبصار عن إدراكالأشياء وإثباتها. وكذلك الكفر حاجب لأبصار القلوب عن إدراك حقائق الإيمان،والعلم بصحته وصحة أسبابه، فأخبر عز وجل عباده أنه ولي المؤمنين ومبصرهم حقيقةالإيمان، وسبله، وشرائعه وحججه، وهاديهم لأدلته المزيلة عنهم الشكوك بكشفه عنهمدواعي الكفر، والظلم وسواتر أبصار القلوب. إذن: فالله تعالى أخبر أن الذين آمنوابالله ورسله، وصدقوا إيمانهم بالقيام بواجبات الإيمان، وترك كل ما ينافيه، أنهوليهم، يتولاهم بولايته الخاصة ويتولى تربيتهم، فيخرجهم من ظلمات الكفر والجهلوالمعاصي، والغفلة والإعراض إلي نور العلم واليقين، والإيمان والطاعة، والإقبالالكامل على ربهم، وينور قلوبهم بما يقذف فيها من نور الوحي والإيمان، وييسرهمويجنبهم العسرى، ويجلب لهم النافع، ويدفع عنهم المضار فهو يتولى الصالحين. وبهذايكونون أولياء الله. يقول الحق سبحانه: ألا إنأولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "62" الذين آمنوا وكانوا يتقون "63" لهمالبشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة .. "64" (سورة يونس) فالله يتولىالعابدين السالكين بعطاء الألوهية، والأولياء يتولون منهج الله بالاعتقاد الموحد،وبالتعبد الموصول، والأخلاق الفاضلة، والدعوة بالحسنى. يقول الحق سبحانه:إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكةألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون "30" نحن أولياؤكم فيالحياة الدنيا وفي الآخرة ولكن فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون "31" نزلاًمن غفورٍ رحيمٍ "32" ومن أحسن قولاً ممن دعا إلي الله وعمل صالحاً وقال إنني منالمسلمين "33" ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينكوبينه عداوة كأنه ولي حميم "34" وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظٍعظيمٍ "35" (سورة فصلت) |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
المتعال قال تعالى: عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال "9" (سورةالرعد)هو البالغ في العلو، المتعالي بوجوب وجوده، رفيع الدرجات ذوالعرش، وقيل المتعال: معناه المرتفع في كبريائه وعظمته، وعلا مجده عن كل ما يدرك،أو يفهم من أوصاف خلقه. فكل من أسمائه المجيد والعلي والعظيم والكبير والمتعالي،يدخل في الذي يليه بمعناه طردا أو عكساً، فهو العظيم في مجده، والمجيد في عظمته،والعظيم المجيد العلي في كبريائه، وهو تعالى المتعالي في ذلك كله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بئس العبد عبد تخيل واختال،ونسى الكبير المتعالي" وقد ذكر "المتعال" سبحانه مرة واحدة في الكتابالعظيم في الآية التاسعة من سورة الرعد: عالمالغيب والشهادة الكبير المتعال "9" (سورة الرعد) والمتعالي هو فوق كلفوق، وفوق كل إبداع، وفوق كل خلق، والمتعالي في أمره، فأمره فيه مصلحة العباد،والمتعالي في أمره، فأمره فيه مصلحة العباد، والمتعالي في نهيه لمنع الفساد،والمتعالي في خلقه تبارك الله احسن الخالقين. المتعالي في رزقه، يقول الحق سبحانهوتعالى: وقدر فيها أقواتها .. "10" (سورةفصلت) وقال تعالى: ولقد كرمنا بني آدموحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلاً "70" (سورة الإسراء) والمتعالي هو الرفيع في ذاته، الرفيع في صفاته،الرفيع في عطائه، الرفيع في كبريائه وعظمته. والمتعالي يسقط أمامه كل كبير، ويتلاشىأمامه كل عظيم، ويتناهى عنده كل ملك؛ لأنه ملك الملوك ومالك الملكوت، وهي الحي الذيلا يموت، فهو الكبير لا كبير سواه، وهو العظيم لا عظيم معه، والمتعالي هو المقامالذي لا يليق إلا بذاته، فليس هناك متعال يوصف بهذا الاسم؛ لأنه لا وجود له علىالحقيقة سواه. إذن: المرجع إليه في حركات الكون السارية في الوجود، وحياةالحياة المتحركة في الكون المكنون. ولم نسمع في تراثنا القديم أن إنساناً سمىالمتعالي، فهو اسم محفوظ باسم الله؛ لأنه يعلم المنظور والمخفي من عالم الشهادةوعالم الغيب، ولا يظهر الغيب إلا بتوقيت. ذلكتقدير العزيز العليم "96" (سورة الأتعام). |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
البر هو العطوف على عباده بلطفه. الذي من على السائلين بحسن عطائه، وعلى العابدينبجميل جزائه، وهو الذي منه كل مبرة وإحسان. والبر بفتح الباء معناه: فاعل البر، أي:الإحسان، وهي كلمة جامعة لكل صفات الخير، وهو من أسماء الله تعالى. وفي اللغة"البر" هو الاتساع كما يرى المفسرون واللغويون أن البر هو الصلة والخير والاتساع فيالإحسان والصدقة، ويجوز أن يكون معنى البر الكثير الطاعة، وجمعه أبرار، ومن المجاز (فلان يبر ربه) أي: يطيعه. وفي هذا يكون البر اسماً جامعاً للطاعات وأعمالالخير المقربة إلي الله، أو اسماً جامعاً لرضي الخصال، ولكل فعل مرضي. وطاعة اللهسبحانه هي عبادته تعالى، وبر الوالدين، والتوسع في الإحسان إليهما، فالجنة تحتأقدام الأمهات. والبار من يصدر عنه البر والطاعة، وجمعه بررة، قال تعالى: بأيدي سفرةٍ "15" كرامٍ بررةٍ "16" (سورة عبس) وأولى بالإنسان أن يكون مشتغلاً بأعمال البر، واستباق الخيرات، وأن لا يضمرالشر، ولا يؤذي أحداً، فإن البر، هو الذي لا يؤذي. ولذا قيل: "البر شيء هين، وجهطلق، وكلام لين". وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "البر لا يبلي، والذنب لا ينسى،والديان لا ينام ـ كما تزرع تحصد ـ وكما تدين تدان" ورضاء الرب في رضاءالوالدين، فلا أقل من البر بهما، وشدة الإحسان إليهما، وبالقول الكريم، والدعاءلهما. وسبحان ربي الحنان المنان الذي من على المؤمنين: إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهمالكتاب والحكمة .. "164" (سورة آل عمران) وهو الذي من على المؤمنين، بأنجعلهم من أهل اليمين. وهو الذي ألهمهم القيام بصالح الأعمال، وهو الذي رزقهمالقبول؛ وقبول احسن ما عملوا، وهو الذي يتجاوز عن سيئاتهم: ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوايعملون "35" (سورة الزمر) فيا له من بر من ذي المن والكرم .. البرالرحيم. وقد ذكر "البر الرحيم" مرة واحدة في سورة الطور من القرآن الكريم في الآية "28": إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم(سورة الطور) قال تعالى: ووصيناالإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرها ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراًحتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلىوالدي وأن اعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين "15" (سورة الأحقاف) وقال تعالى: أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحابالجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون "16" (سورة الأحقاف) وقال تعالى: قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين "26" فمن اللهعلينا ووقانا عذاب السموم "27" إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم "28"(سورة الطور) |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
التواب قال تعالى: ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم"118"(سورة التوبة)هو الذي يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات،وهو التواب الحكيم، وهو الذي يقابل الدعاء بالعطاء، والاعتذار بالاغتفار، والإنابةبالإجابة. والحق سبحانه حين قدر أمر التوبة على خلقه رحم الخلق جميعاً بتقنين هذهالتوبة، وهي إنقاذ للعالم من شرور لا نهاية لها. فلو أن أول واحد انحرف مرة واحدةفيغرق في الانحرافات كلها، ولم يجد باباً للتوبة لعاشت الإنسانية في الفساد، وفيالآخرة لهم عذاب أليم. لذلك يقول الحديث الشريف: "إنالله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيءالليل" ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيمايرويه عن ربه عز وجل: " ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك،ابن آدم أن تلقني بقراب الأرض خطايا لقيتك بقرابها مغفرة بعد أن لا تشرك بي شيئاً،ابن آدم إنك إن تذنب حتى يبلغ عنان السماء ثم تستغفرني أغفر لك ولا أبالي" والمهم في التائب أن يكون قد عمل السوء بجهالة ثم تاب من قريب، والرسول صلىالله عليه وسلم حين حدد "من قريب" قال ما معناه: مادام العبد لم يغرغر أي: لم يصلإلي حشرجة الموت. إذن: فهو قد تاب من قريب "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر". ويقول الحق جل علاه: والذين إذا فعلوا فاحشة أوظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله "135" (سورةآل عمران) إنه باب مفتوح لا يغلق أبداً إلا لرجل واحد، يقول الحقسبحانه: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دونذلك لمن يشاء .. "48" (سورة النساء) ولذلك فلنا أن نسترجع الحوار الذيدار بين الحق وبين إبليس: قال رب بما أغويتنيلأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين "39" إلا عبادك منهم المخلصين "40" (سورةالحجر) إن إبليس قال ذلك، لكن الله قال وأنا سأقبل توبة العبد ما لميغرغر. فمادام العبد لم يصل إلي مرحلة خروج الروح من الجسد، فالتوبة قد يقبلهاالله، لماذا؟ لأن التوبة مادام قد شرعها الله فهو قد فعل ذلك ليحمي المجتمع من شرالغارقين في المعصية والموغلين فيها. فإذا ما قدم العبد التوبة لحظة الغرغرة، فماذايستفيد المجتمع؟ إن المجتمع لم يستفد شيئاً؛ لأن مثل هذا العاصي تاب وقت لا شر له،لذلك فعلى العبد أن يتوب قبل ذلك حتى يرحم المجتمع من شرور المعاصي. قال تعالى: إنما التوبة على الله يعملون السوء بجهالةٍ .. "17" (سورة النساء) والعلماء عندما تناولوا أمر التوبة قالوا: هل يتوبالعبد أولاً، ثم يتوب الله عليه؟ إنه سبحانه يقول: ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم "118" (سورةالتوبة) لنفهم النص جيداً: هل يتوب العبد أولاً وبعد ذلك يقبل اللهالتوبة؟ أم أن الله يتوب على العبد أولاً ثم يتوب العبد؟ إن الآية صريحة واضحةتقول: ثم تاب عليهم ليتوبوا .. "118" (سورةالتوبة) وهنا نقول: وهل يتوب واحد ارتجالاً منه؟ أم أن الله شرع التوبةللعباد؟ إن الله قد شرع التوبة فتاب العبد، فقبل الله التوبة. نحن إذن أمام ثلاثةأمور، الله سبحانه وتعالى شرع للعباد التوبة، ولم يرتجل أحد توبته على الله، إنماالذي خلقنا جميعاً وقدر أن الواحد قد يضعف أمام بعض الشهوات لذلك وضع تشريع التوبة،وهو المقصود بقوله: ثم تاب عليهم .. "118" (سورةالتوبة) أي: شرع لهم التوبة، وبعد ذلك يتوب العبد إلي الله "ليتوبوا"،وبعد ذلك يكون القبول من الله: غافر الذنب وقابلالتوب .. "3" (سورة غافر) إنها ثلاث مراحل. إن الحق سبحانه شرع التوبة،والإنسان لم يبتكر التوبة إلي الله، وبعد ذلك يتوب الإنسان بالفعل، وبعد ذلك يقبلالله التوبة. ويقول الحق سبحانه: إنما التوبةعلى الله .. "17" (سورة النساء) ولو تأملنا كلمة "على الله" تجدها فيمنتهى العطاء. إن العبد عندما يحال إلي غني فهو يفرح، فإذا كان الواحد فقيراًومديناً ويحال إلي غني من العباد فهو يفرح؛ لأن العبد الغني قد يسدد دين العبدالفقير، فما بالنا بالتوبة التي أحالها الله على ذاته بكل كماله وجماله. إنه سبحانهأحال التوبة على نفسه لا على خلقه، إن التوبة على الله، فلا يملك واحد أن يرجعفيها: إنما التوبة على الله يعملون السوء بجهالةٍثم يتوبون من قريبٍ فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً .. "17" (سورةالنساء) إن هذه الآية تتضمن عناصر التوبة، فالله تواب شرع التوبة،والعبد يتوب إلي الله، والحق سبحانه قابل التوبة، فحين قال الله: إنما التوبة على الله .. "17" (سورة النساء) أي: أنهسبحانه أوجب على نفسه التوبة، وحين قال: ثم يتوبونمن قريبٍ .. "17" (سورة النساء) أي: أن العبد يرجو التوبة من الله،وحين قال: فأولئك يتوب الله عليهم.. "17" (سورةالنساء) |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
المنتقم قال تعالى: والله عزيز ذو انتقام "4" (سورة آل عمران)هو الذي ينتقم من الظالمين بعدله، وهو الذي ترجى رحمته، وإنا ندعوه تعالى خوفاًوطمعاً، وبهذا الاسم تعتدل موازين العدل، وتستقيم الحياة، ويأمن كل إنسان على مسيرهومصيره. يقول الحق: ولا تحسبن الله غافلاً عمايعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار "42" (سورة إبراهيم) ويقول تعالى: يوم نبطش البطشة الكبرى إنامنتقمون "16" (سورة الدخان) ويقول الحق: أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمتهويخافون عذابه ربك كان محذورا "57" (سورة الإسراء) ويقول تعالى: إنا نخاف من ربنا يوما عبوساً قمطريراً "10" (سورة الإنسان) ويقول تعالى: فوقاهمالله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسروراً "11" (سورة الإنسان) هذه الآياتالكريمة تعطي للحياة أن هناك ثواباً وعقاباً للمجرمين، هذا الاسم مسبوق بحلمه وعفوهوغفرانه وإحسانه، فإذا لم يكن هناك تجاوب مع فضل الله فيكون انتقامه. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
العفو قال تعالى: إن الله لعفو غفور "60" (سورة الحج)هو الذي لم يزل ولا يزال بالعفو معروفاً، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفاً،كل أحد مضطر إلي عفوه ومغفرته، كما هو مضطر إلي رحمته وكرمه، وقد وعد بالمغفرةوالعفو لمن أتى أسبابها. قال تعالى: وإنيلغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى "82" (سورة طه) والعفو هوالذي له العفو الشامل الذي وسع ما يصدر من عباده من الذنوب، ولاسيما إذا أتوا بمايسبب العفو عنهم من الاستغفار والتوبة والإيمان والأعمال الصالحة، فهو سبحانه يقبلالتوبة عن عباده ويعفو عن السيئات. وهو سبحانه عفو يحب العفو، ويحب من عباده أنيسعوا في تحصيل الأسباب التي ينالون بها عفوه، من السعي في مرضاته، والإحسان إليخلقه، ومن كمال عفوه أنه مهما أسرف العبد على نفسه ثم تاب إليه ورجع غفر له جميعجرمه، صغيره أو كبيره، وأنه جعل الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها. قال تعالى: قال يا عبادي الذين أسرفوا علىأنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله .. "53" (سورة الزمر) وفي الحديث "إنالله يقول: يا بن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بيشيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة". وقال تعالى: إنربك واسع المغفرة .. "32" (سورة النجم) وقد ذكر "العفو" سبحانه فيالقرآن خمس مرات أربع مرات مع الاسم "الغفور"، والخامس مع الاسم "القدير". 1.إن الله لعفو غفور "60" (سورة الحج) 2.إن الله لعفو غفور "2" (سورة المجادلة) 3.إن الله كان عفواً غفوراً "43" (سورة النساء) 4.فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواًغفوراً "99"} (سورة النساء) 5.إن تبدواخيراً أو تخفوه أو تعفوا عن سوءٍ فإن الله كان عفواً قديراً "149" (سورةالنساء) |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
الرؤوف قال تعالى: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله واللهرءوف بالعباد "207" (سورة البقرة)هو ربي الرءوف الرحيم، الشديد الرحمةالذي كلف الثري بما لم يكلف به المسكين، وأخذ المقيم بما لم يأخذ به المسافر، وخففالفرائض في حال الضعف. والحمد لله الذي يحب أن تؤتي رخصه، كما يجب أن تؤتي عزائمه. وفي اللغة وفي معجم ألفاظ القرآن الكريم، لمجمع اللغة العربية يقال: رأف به، أي: أشفق عليه من مكروه يحل به، والرأفة: أشد الرحمة، والرأفة من الله، دفع السوء. وإليكم هذا الدعاء الذي فيه سبعة أسماء: اللهم افعل بي وبهم، عاجلاًوآجلاً، في الدين والدنيا والآخرة، ما أنت له أهل، ولا تفعل بنا يا مولانا ما نحنله أهل، إنك أنت غفور حليم، جواد كريم، رءوف رحيم". وقد ذكر "الرءوف" سبحانهعشر مرات في الكتاب الكريم (وهو الرءوف الرحيم). في الآيات: 143ـ البقرة، 117ـالتوبة، 7ـ النحل، 47ـ النحل، 65ـ الحج، 20ـ النور، 9ـ الحديد، 10ـ الحشر. (وهورءوف بالعباد) في الآيات 207ـ البقرة، 30ـ آل عمران. ثم لنتدبر هذه الآيةالكريمة: يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراًوما عملت من سوءً تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رءوفبالعباد "30" (سورة آل عمران). |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
مالك الملك هو الذي له التصرف المطلق، مالك الملك، الذي تنفذمشيئته في ملكه كيف يشاء وكما يشاء، لا مرد لقضائه ولا معقب لحكمه، الملك هنا (بضمالميم) مصدر بمعنى السلطان والقدرة، وقيل: الملك بمعنى المملكة، والمالك بمعنىالقادر التام القدرة. وتبارك الذي بيده الملك، مالك الملك، الذي يملك كل شيء،مالك السمع والأبصار والأفئدة، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، يوم هم بارزون لايخفي على الله منهم شيء، لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار. فعندما تجلى الحقسبحانه وتعالى على سيدنا إبراهيم خليل الرحمن: وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين "75"(سورة الأنعام) أي: أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يجعل سيدنا إبراهيميشاهد الملكوت في السماوات والأرض إلي الأشياء الخافية المخفية عن عيون العباد. إذن: فمراحل الحيازة هي كالآتي: ملك أي أن يمتلك الإنسان شيئاً ما وهذا نسميهمالكاً للأشياء. فهو مالك لأشيائه ومالك لمتاعه، أما الذي يملك الإنسان الذي يملكالأشياء، ومالك لمتاعه نسميه (ملك) بضم الميم أي: أنه يملك الأشياء. ولا يظنأحد أن هناك إنساناً قد ملك شيئاً أو جاهاً في هذه الدنيا بغير مراد الله فيه، فكلإنسان يملك بما يريده الله له من رسالة. فإذا انحرف العباد فلابد أن يولي اللهعليهم ملكاً ظالماً. لماذا؟ لأن الأخيار قد لا يعرفون تربية الناس: وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون "129" (سورةالأنعام) ولذلك نجد أن قوله الحق: وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون "129" (سورةالأنعام) شائع عندنا أن الله يسلط الظالمين على الظالمين، ولو أن الذينظلموا مكن منهم من ظلموهم ما صنعوا فيهم ما صنعه إخوانهم الظالمون في بعضهم، إنالحق يسلط الظالمين على الظالمين، وينجي أهل الخير من موقف الانتقام ممن ظلموهم. إذن: فنحن في الحياة نجد (مالك)، و(ملك) وهناك فوق كل ذلك (مالك الملك) لم يقل إنه(ملك الملك) لأننا إذا دققنا جيداً في أمر الملكية، فإننا لا نجد مالكاً إلا الله:قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك .. "26" (سورة آلعمران) إنه المتصرف في ملكه، وإياكم أن تظنوا أن أحداً قد حكم في خلقالله بدون مراد الله. يقول الحق سبحانه: مالكالملك .. "26" (سورة آل عمران) توضح لنا أن ملكية الله الدائمة القادرةواضحة وجلية، ومؤكدة. ولو قال الله في وصف ذاته (ملك الملك) لكان معنى ذلك أن هناكبشراً يملكون بجانب الله، لا أنه الحق مالك الملك. ومادام الله هو مالك الملك فإنهيهبه لمن يشاء، وينزع الملك ممن يشاء تأتي بعد عملية المحاجة، وبعد عملية أن بعضاًمن أهل الكتاب قد دعوا إلي حكم الله، فتولى فريق منهم وأعرض عن حكم الله، وعللواذلك بإدعاء أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأن النار لن تمسهم إلا أياماً معدودة، كل هذهخيارات من لطف الله، وضعها أمام هؤلاء العباد، لكنهم لا يختارون إلا الاختيارالسيئ، ولذلك يأتي الله بخبر اليوم الذي سوف يأتي، ولن يكون لأحد أي قدرة أواختيار. أن كلمة الحق: تنزع الملك ممن تشاء وتعزمن تشاء "26" (سورة آل عمران) تجعلنا نتساءل: ما هو النزع؟ إنه القلعبشدة، لأن الملك عادة ما يكون ماسكاً بكرسي الملك، متشبثاً به، إنه متشبث ومتمسكبالملك، لماذا؟ لأنها مغنم لا تبعات، وعرق وسهر ومشقة، وحرص على حقوق الناس، وليسسؤلاً للنفس. ماذا فعلت للناس؟ إن الذي يسهر على الناس ويتعب ويكد ويشقى ويحرص علىحقوق الناس، يجد أن الملك مغرم لا مغنم، لقد لا رفاهية، لذلك يحاول أن يهرب منالتمسك بالحكم والملك. إننا ساعة نرى حاكماً متكالباً على الحكم، فلنعلم أنه عندهمغنم لا مغرم، ولذلك فسيدنا عمر بن الخطاب قالوا له: إن فقدناك ـ ولا نفقدك ـ تولىعبد الله بن عمر، وهو رجل فرفره الورع، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: بحسب آلالخطاب أن يسأل منهم عن أمة محمد رجل واحد. لماذا؟ لأن الحكم في الإسلام مشقةوتعب. إذن: جاء الحق سبحانه بالقول الحكيم تنزعالملك ممن تشاء .. "26" (سورة آل عمران) وذلك لينبهنا إلي هؤلاءالمتشبثين بكراسي الحكم، وينزعهم الله منها، إن المؤمن عندما ينظر إلي الدول فيعنفوانها وحضاراتها وقوتها، أو نجد أن الملك فيها يسلب من الملك فيها على أهون سبب. إنه الخلق الأعلى، عندما يريد فلا راد لقضائه، إن الحق إما أن يأخذه هو من الحكموتنتهي المسألة: قل اللهم مالك الملك تؤتي الملكمن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء .. "26" (سورة آل عمران). |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
ذو الجلال والإكرام هو الذي لا جلال ولا كمال ولا شرف إلا هو له، ولا كرامة ولاإكرام إلا هو صادر منه. فالجلال له في ذاته، والكرامة فائضة منه على خلقه. وقيل: ذو الجلال .. "27" (سورة الرحمن) إشارة إلي صفات الكمال. والإكرام "27" (سورةالرحمن) إشارة إلي صفات التنزيه. وقيل "الجلال" هو الوصف الحقيقي "والإكرام" هو الوصف الإضافي. وقيل "الجلال" صفة ذاته سبحانه، و"الإكرام" صفة فعلهتعالى. جاء في بعض الروايات أنه اسم الله الأعظم، فقد قيل في ذلك: إنه كان صلى الله عليه وسلم ماراً في الطريق إذ رأى أعرابياًيقول: "اللهم إني أسألك باسمك الأعظم العظيم الحنان المنان، مالك الملك، ذو الجلالوالإكرام" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه دعاء باسم الله الذي إذا دعي بهأجاب وإذا سئل به أعطى" وقد ذكر "ذو الجلال والإكرام" مرتين في القرآنالكريم، والمرتان في سورة الرحمن:ويبقى وجه ربكذو الجلال والإكرام "27" (سورة الرحمن) تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام "78" (سورةالرحمن). |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
المقسط هو المقسط، القائم بالقسط، المقيم للعدل، العادل في الحكم، وهوالذي ينتصف للمظلوم من الظالم وكماله في أن يضيف إلي إرضاء المظلوم إرضاء الظالم،وذلك غاية العدل والإنصاف، ولا يقدر عليه إلا الله تعالى. ومثاله ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بينما رسول اللهصلى الله عليه وسلم جالس إذ ضحك حتى بدت ثناياه، فقال عمر: بأبي أنت وأمي يا رسولالله ما أضحكك؟ قال: رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة، فقال أحدهما: يا رب خذلي مظلمتي من هذا، فقال الله عز وجل: رد على أخيك مظلمته، فقال: يا رب لم يبق منحسناتي شيء، فقال عز وجل للطالب: كيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء؟ فقال: يارب فليحمل عني أوزاري.. ثم فاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء، وقال: إن ذلك ليوم عظيم، يوم يحتاج الناس أن يحمل عنهم من أوزارهم .. فقال: فيقول الله عزوجل ـ أي للمتظلم ـ: أرفع بصرك فانظر في الجنان. فقال: يا رب أرى مدائن من فضةوقصوراً من ذهب مكللة باللؤلؤ، لأي نبي هذا؟ أو لأي صديق هذا؟ أو لأي شهيد هذا؟ قالالله عز وجل: لمن أعطى الثمن. فقال: يا رب، ومن يملك ذلك؟ قال "أنت تملكه" قال: بماذا يا رب؟ فقال "بعفوك عن أخيك" قال: يا رب قد عفوت عنه، قال الله عز وجل: خذبيد أخيك فأدخله الجنة" ثم قال صلى الله عليهوسلم: "اتقوا الله، اتقوا الله، وأصلحوا ذات بينكم، فإن الله يعدل بين المؤمنين يومالقيامة" |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
الجامع قال تعالى: يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن "9" (سورةالتغابن)هو الذي جمع الكمالات كلها ذاتاً، ووصفاً، وفعلاً. فليس كذاتهذات، ولا كصفاته صفات، ولا كفعله فعل، وسبحان جامع الناس ليوم لا ريب فيه. و"يومالجمع" هو يوم القيامة، وسمي بذلك لأن الله تعالى يجمع فيه بين الأولين والآخرين،ومن الإنس والجن، وجميع أهل السماء والأرض، وبين كل عبد وعمله، وبين الظالموالمظلوم، وبين كل نبي وأمته، وبين ثواب أهل الطاعة وعقاب أهل المعصية. قالتعالى: الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلي يومالقيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثاً "87" (سورة النساء) فليسهناك إله آخر سيأتي ليتدخل وينهي المسائل من خلف الخالق الأعلى سبحانه ( الله لاإله إلا هو) أي: ليس هناك إلا سواه سبحانه، وعلى ذلك فتشريع الحق هو التشريعالوحيد، وسوف ترجعون جميعاً إلي الله، فليس هناك إلهان، واحد يقول (افعل) و( لاتفعل) والآخر يقول العكس، لا .. إنه إله واحد والأمر منه بـ(افعل)، هو الأمر الوحيدلصالح الإنسان والأمر منه بـ(لا تفعل) هو الأمر الوحيد الذي يجب على المؤمن أنيتجنبه. يقول الحق: لا إله إلا هو ليجمعكم إلييوم القيامة .. "87" (سورة النساء) وكلمة (يجمع) تعني أن يخرجنا جماعةمن قبورنا جميعاً، ويحشرنا جميعاً أمامه، وقد تعني (يجمع) أن يخرجنا إلي جزاء يومالقيامة، أو إلي تلقي جزاء يوم القيامة، لماذا جاء هذا القول؟ ونقول: حتى يتفحصهالعاقل فلا يأخذ انفلات نفسه من منهج الله إلا بملاحظة الجزاء على الانفلات منالمنهج، فلو أخذ نفسه منفلتاً عن منهج الله بدون أن يقدر الجزاء لكان أحمق. ولذلكقلنا: إن الذين يسرفون على أنفسهم في المعصية لا يستحضرون أمام عيونهم الجزاء علىالمعصية، ولذلك كل الجرائم إنما تتم في غفلة صاحبها عن الجزاء. إن المجرم إنمايرتكب جريمته وهو مقدر السلامة لنفسه، فالسارق يذهب إلي السرقة وهو مقدر السلامة،لكن لو وضع في ذهنه أنه من الممكن أن يتم القبض عليه لما فعلها أبداً. إن الحقسبحانه وتعالى يقول: إليك يا من تريد أن تنصرف بمنهج الاختيار الذي أعطيته لك أنتنحرف على منهجي بألا تقدر الجزاء على هذه المخالفة، وخذها قضية واضحة واسأل: كمستعطيك المعصية من نفع؟ كم ستعطيك من شقاء؟ وضع الاثنين معاً في كفتي ميزان، وستعرفأن الذي سيعطيك الخير الأبقى هو: الله لا إله إلاهو ليجمعنكم إلي يوم القيامة .. "87" (سورة النساء) ويوم القيامة هواليوم الذي قال فيه الحق: يوم يقوم الناس لربالعالمين "6" (سورة المطففين) ولماذا يوم القيامة؟ لأن آخر مظهر منمظاهر دنيا الناس أنهم يحن يموتون ينامون، فالميت ينام، ومن بعد ذلك تدخله إليالقبر: الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلي يومالقيامة لا ريب فيه .. "87" (سورة النساء) إنك أيها العبد تعلم أنالعالم الذي خلقه الله مختاراً إن شاء فعل الخير، وإن شاء فعل الشر. لقد زود اللهالعباد بالمنهج، وجعل لهم الاختيار، إنه الحق الذي صنع كل شيء. يقول الحق سبحانهوتعالى: الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلي يومالقيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثاً "87" (سورة النساء) إنالمؤمن يعتقد أن يوم القيامة لا شك فيه، وذلك الإيمان بيوم القيامة. لا يجب منطقياًأن يوجد فيه شك، فلو أن يوم القيامة فيه ريب، فالذين انحرفوا فيه الحياة الدنيا،وولغوا في أعراض الناس، وأخذوا أموالهم، وعاثوا في الأرض فساداً يكونون هم الذينكسبوا، ويكون الطيبون والأخيار قد عاشوا في سذاجة. إن المنطق يقتضي أنه مادامقد وجد أناس قد ظلموا واعتدوا، وأناس اعتدى عليهم، فلابد أن يكون هناك حساب، ولايكون هناك حساب إلا إذا انتهت حكاية الموت، ونخرج إلي لقاء الله، ودليل هذا منالجاحدين أنفسهم. كيف؟ نريد أن نرى مجتمعاً غير متدين، ونرى هل وضع القادة فيهقوانين تحمي حركة المجتمع أم لا؟ إنهم يصنعون مثل هذه القوانين، ومن يخالفهم يتمحسابه وعقابه، فإذا كان العقاب يمنع المجاهرة بالجريمة، فماذا يكون موقعه؟ إنالماهر إذن من يفلح في المداراة عن عيون قادة هذا المجتمع. ونقول: إن المجتمعاتالملحدة تضع التقنيات لحماية نفسها، فماذا تفعل هذه المجتمعات؟ كان يجب أن يعاقب،وكان يجب أن تقولوا أنتم أن هناك مكاناً آخر وداراً أخرى حتى يتم عقاب من أفلت منا،إنك أيها الملحد مادمت قد قننت لمن خالف تقنينك عقوبة، هذا إن وقعت عليه عينك، فكيفالحال لمن لا تقع عليه عينك؟ ولم يقبض عليه يدك. إن الملحد عندما يسمع ذلك يقفمحتاراً. إذن: فنحن أهل الإيمان عندما نقول للملحد: إننا نكمل لك تفكيرك الناقص. ونقول لكل الخلق: إنكم إن عميتم على قضاء الأرض فلن تعموا على قضاء السماء،وذلك لحراسة المجتمع. إذن: فغير المؤمن بمنهج نأخذ منه الدليل على ضرورة المنهج،وعلى غير المؤمن بالمنهج أن يشكر أهل الإيمان، لأننا نحن أهل الإيمان قد أكملنا لهنقصاً في تقنين البشر، وهذا لحماية المجتمع من الكيد بالجريمة، والستر بالمخالفة. يقول الحق:ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيهإن الله لا يخلف الميعاد "9" (سورة آل عمران) لأن الذي يخلف الميعادإنما تمنعه قوة قاهرة تأتيه، أما الله فلا تأتي قوة قاهرة لتغير ما يريد أن يفعل،ولا يمكن أن يتغير لأن التغير ليس من صفات القديم الأزلي. وحين يؤكد الحق سبحانهأننا سيتم جمعنا بمشيئته في يوم لا ريب فيه، وأن الله لا يخلف الميعاد فمن المؤكدأننا سنلتقي. |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
الغني قال الله تعالى: وأنه هو أغنى وأقنى "48" (سورة النجم)وقال تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء إليالله والله هو الغني الحميد "15" (سورة فاطر) فهو تعالى (الغني) الذيله الغنى التام المطلق من كل الوجوه لكماله وكمال صفاته، ولا يتطرق إليها نقص بوجهمن الوجوه، ولا يمكن أن يكون إلا غنياً، فإن غناه من لوازم ذاته، كما لا يكون إلامحسناً جواداً براً رحيماً كريماً، والمخلوقات بأسرها لا تستغني عنه في حال منأحوالها، فهي مفتقرة إليه في إيجادها، وفي بقائها، وفي كل ما تحتاجه أو تضطر إليه. ومن سعة غناه أن خزائن السماوات والأرض، والرحمة بيده، وأن جوده على خلقه متواصل فيجميع اللحظات والأوقات، وأن بيده سحاء الليل والنهار وخيره على الخلق مدرار. ومن كمال غناه وكرمه أنه يأمر عباده بدعائه، ويعدهم بإجابة دعواتهم وإسعافهمبجميع مراداتهم ويؤتيهم من فضله ما سألوه، وما لم يسألوه. ومن كمال غناه أنه لواجتمع أول الخلق وأخرهم في صعيد واحد فسألوه، فأعطى كلاً منهم ما سأله. وما بلغتأمانيه، ما نقص من ملكه ذرة. ومن كمال غناه وسعة عطاياه ما يبسطه على أهل داركرامته من النعيم، واللذات المتتابعات والخيرات المتواصلات، مما لا عين رأت، ولاأذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. ومن كمال غناه أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ولاشريكاً في الملك، ولا ولياً من الذل، فهو الغني في ذاته وأوصافه وأفعاله، المغنيلجميع مخلوقاته. والخلاصة أن الله الغني الذي له الغنى التام المطلق من كلالوجوه، وهو المغني جميع خلقه غني عاماً، والمغني لخواص خلقه، بما أفاض على قلوبهممن المعارف الربانية، والحقائق الإيمانية، والإشراقات النورانية. والحق سبحانه حينيقول: والله غني حليم "263" (سورة البقرة) ففي ذلك بيان للقادر بأن الباب الذي حرم به الفقير إنما حرمت أنت نفسك أيهاالقادر من أجر الله. إنك أيها القادر حين تحرم فقيراً، فأنت المحروم لأن الله غنيعنك. إن الحق سبحانه يقول: هاأنتم هؤلاء تدعونلتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتمالفقراء وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم "38" (سورةمحمد) إن الله غني بقدرته المطلقة، غني وقادر أن يستبدل بالقوم البخلاء،قوماً يسخون بما أفاء الله عليهم من رزق في سبيل الله، إن الذي يمسك عن العطاء،إنما منع عن نفسه باب رحمة، وهناك أناس مهيئون لأن يفتح الله لهم باب هذه الرحمة. يقول الحق سبحانه: رجال لا تلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوبوالأبصار "37" ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغيرحساب "38"قال الله تعالى: وأنه هو أغنى وأقنى "48" (سورة النجم) وقال تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء إليالله والله هو الغني الحميد "15" (سورة فاطر) فهو تعالى (الغني) الذيله الغنى التام المطلق من كل الوجوه لكماله وكمال صفاته، ولا يتطرق إليها نقص بوجهمن الوجوه، ولا يمكن أن يكون إلا غنياً، فإن غناه من لوازم ذاته، كما لا يكون إلامحسناً جواداً براً رحيماً كريماً، والمخلوقات بأسرها لا تستغني عنه في حال منأحوالها، فهي مفتقرة إليه في إيجادها، وفي بقائها، وفي كل ما تحتاجه أو تضطر إليه. ومن سعة غناه أن خزائن السماوات والأرض، والرحمة بيده، وأن جوده على خلقه متواصل فيجميع اللحظات والأوقات، وأن بيده سحاء الليل والنهار وخيره على الخلق مدرار. ومن كمال غناه وكرمه أنه يأمر عباده بدعائه، ويعدهم بإجابة دعواتهم وإسعافهمبجميع مراداتهم ويؤتيهم من فضله ما سألوه، وما لم يسألوه. ومن كمال غناه أنه لواجتمع أول الخلق وأخرهم في صعيد واحد فسألوه، فأعطى كلاً منهم ما سأله. وما بلغتأمانيه، ما نقص من ملكه ذرة. ومن كمال غناه وسعة عطاياه ما يبسطه على أهل داركرامته من النعيم، واللذات المتتابعات والخيرات المتواصلات، مما لا عين رأت، ولاأذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. ومن كمال غناه أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ولاشريكاً في الملك، ولا ولياً من الذل، فهو الغني في ذاته وأوصافه وأفعاله، المغنيلجميع مخلوقاته. والخلاصة أن الله الغني الذي له الغنى التام المطلق من كلالوجوه، وهو المغني جميع خلقه غني عاماً، والمغني لخواص خلقه، بما أفاض على قلوبهممن المعارف الربانية، والحقائق الإيمانية، والإشراقات النورانية. والحق سبحانه حينيقول: والله غني حليم "263" (سورة البقرة) ففي ذلك بيان للقادر بأن الباب الذي حرم به الفقير إنما حرمت أنت نفسك أيهاالقادر من أجر الله. إنك أيها القادر حين تحرم فقيراً، فأنت المحروم لأن الله غنيعنك. إن الحق سبحانه يقول: هاأنتم هؤلاء تدعونلتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتمالفقراء وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم "38" (سورةمحمد) إن الله غني بقدرته المطلقة، غني وقادر أن يستبدل بالقوم البخلاء،قوماً يسخون بما أفاء الله عليهم من رزق في سبيل الله، إن الذي يمسك عن العطاء،إنما منع عن نفسه باب رحمة، وهناك أناس مهيئون لأن يفتح الله لهم باب هذه الرحمة. يقول الحق سبحانه: رجال لا تلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوبوالأبصار "37" ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغيرحساب "38" (سورة النور) |
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
جزاك الله خيراً
|
رد: سلسلة تفسير اسماء الله الحسنى
جزاك الله خير
|
الساعة الآن 05:43 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0 (Unregistered)
لا يتحمّل موقع منتديات حوامل النسائية أيّة مسؤوليّة عن المواد الّتي يتم عرضها أو نشرها في موقعنا، ويتحمل المستخدمون بالتالي كامل المسؤولية عن كتاباتهم وإدراجاتهم التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكيّة أو حقوق الآخرين أو أي طرف آخر .