فضــــــ بينكم ــــولية
03-21-2012, 11:35 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ألفتُ قصة قصيرة تصلح للأطفال كقصة قبل النوم, أو حتى للكبار, أرجو أن تنال إعجابكم
.
.
.
عندما غاب النهر
كان يا مكان, في يوم من الأيام, انطلق النهر - كما هو دائماً- نحو البحر, و في طريقه رأى شجرة تبكي, فسألها: لماذا تبكين؟ فأجابت: أشعر بالعطش الشديد, جفت أوراقي, و ذبلت براعمي قبل أن تتفتح, و يريد صاحبي أن يقطعني, نسوا أن يسقوني, و قد رحل الطفل الذي كان يسقيني مع أهله, أنا الآن حزينة. فأشفق عليها النهر, و أعطى لها بعضاً من مائه, فشربت الشجرة, و اخضرت أوراقها, و تفتحت براعمها, فشكرت النهر كثيراً, و طلبت منه أن يبقى معها قليلاً, لكنه اعتذر بلطف؛ فلديه الكثير من الأعمال ليقوم بها قبل أن يذهب إلى البحر.
و في طريقه رأى حقلاً حزيناً صامتاً, فسأله النهر: ما بكَ أيها الحقل؟ لمَ أنتَ حزين؟ هل أنت عطشان؟ فأجاب الحقل: لا, لستُ عطشاناً, و لكني أشعر بالملل, ليس عندي أصدقاء, لا أحد يزورني, لستُ كالحدائق و المتنزهات, أنا لا أحد يزورني, لا يلعب الأطفال معي. ففكر النهر قليلاً ثم قال: ربما يحبون أن يلعبوا في الحدائق لأنها خضراء, و فيها ورود و زهور, أما أنتَ فلا شيء فيك غير سنابل القمح الصفراء, لا تتلون بتلون السماء, فأنتَ دائماً أصفر, عند الشروق, عند الغروب, أو حتى عند الضحى, و لا أشجار فيكَ غير هذه الشجرة المهجورة القديمة, لا أوراق فيها و لا ظلال لها, و لا ثمر و لا زهر, كما أنك مقفل بوابتك دائماً, افتح بابك يا صديقي و ابتسم.
صمت النهر قليلاً, ثم فاضَ على الحقل, فغسله و أغدقه, و دفع بابه القديم ففتحه, و وصل الماء للشجرة, فاخضوضرت أوراقها, و أصبح لها ظل وافر, فمر فلاح متعب من العمل, فاستند إلى الشجرة, و ارتاح في ظلها, و مر طفلين يركضان معاً, فاختبأ أحدهما خلف الشجرة, بينما جاءت طفلة و معها حبل, فربطته في غصن الشجرة صانعة منه أرجوحة تسليها, عندها فرح الحقل كثيراً, و شكر النهر, فاستأذن النهر و مضى.
و في طريقه التقى بأطفال يلعبون على ضفتيه, سأله طفل: إلى أين أنتَ ذاهب أيها النهر؟ و لماذا أنت مستعجل هكذا؟ فأجاب النهر: لقد تأخرتُ على البحر, أنا ذاهب إليه, فقد أرسل لي أنه يريد أن يراني. فقال الطفل: انتظر قليلاً, قل لي أولاً ما رأيك في لوحتي التي رسمتُها؟ فقال النهر: لوحة رائعة, أنتَ فنان موهوب. فطوى الطفل لوحته, و صنع منها قارباً, و وضعه برفق على ماء النهر, و أوصى النهر: خذ لوحتي للبحر, اسأله عن رأيه فيها. فضحك النهر و قال: حسناً يا صديقي, لكن اعذرني فقد تأخرت, علي الذهاب. فلوح الطفل للنهر, و لم يزل يتبع القارب بنظره حتى غاب عن نظره, و أخفته النباتات الطويلة و المنحنيات التي في النهر.
و أخيراً وصل النهر إلى البحر, كان النهر سعيداً جداً بالخير الكثير الذي فعله, كان متشوقاً ليحكي للبحر كل ما حدث معه اليوم, و يريه اللوحة التي حملها له, لكنه وجد البحر غاضباً جداً, لدرجة أنه كان يضرب الصخور من شدة الغضب, لم يستطع النهر أن يتكلم و لم يسمح له البحر بأن يعتذر, و ليبقيه معه, هزّ ضفاف النهر, ليوقع الصخور على أول النهر, فلا يعود إلى أصدقائه الذين يؤخرونه.
في اليوم التالي ماتت الشجرة و جف الحقل, و رحل الأطفال, و تساقطت أوراق الأشجار, أما النهر فظل يبكي طوال الليل و النهار, حتى أغدق البحرَ من عذوبته, ففاض البحر و أغرق المدائن و القرى.
ألفتُ قصة قصيرة تصلح للأطفال كقصة قبل النوم, أو حتى للكبار, أرجو أن تنال إعجابكم
.
.
.
عندما غاب النهر
كان يا مكان, في يوم من الأيام, انطلق النهر - كما هو دائماً- نحو البحر, و في طريقه رأى شجرة تبكي, فسألها: لماذا تبكين؟ فأجابت: أشعر بالعطش الشديد, جفت أوراقي, و ذبلت براعمي قبل أن تتفتح, و يريد صاحبي أن يقطعني, نسوا أن يسقوني, و قد رحل الطفل الذي كان يسقيني مع أهله, أنا الآن حزينة. فأشفق عليها النهر, و أعطى لها بعضاً من مائه, فشربت الشجرة, و اخضرت أوراقها, و تفتحت براعمها, فشكرت النهر كثيراً, و طلبت منه أن يبقى معها قليلاً, لكنه اعتذر بلطف؛ فلديه الكثير من الأعمال ليقوم بها قبل أن يذهب إلى البحر.
و في طريقه رأى حقلاً حزيناً صامتاً, فسأله النهر: ما بكَ أيها الحقل؟ لمَ أنتَ حزين؟ هل أنت عطشان؟ فأجاب الحقل: لا, لستُ عطشاناً, و لكني أشعر بالملل, ليس عندي أصدقاء, لا أحد يزورني, لستُ كالحدائق و المتنزهات, أنا لا أحد يزورني, لا يلعب الأطفال معي. ففكر النهر قليلاً ثم قال: ربما يحبون أن يلعبوا في الحدائق لأنها خضراء, و فيها ورود و زهور, أما أنتَ فلا شيء فيك غير سنابل القمح الصفراء, لا تتلون بتلون السماء, فأنتَ دائماً أصفر, عند الشروق, عند الغروب, أو حتى عند الضحى, و لا أشجار فيكَ غير هذه الشجرة المهجورة القديمة, لا أوراق فيها و لا ظلال لها, و لا ثمر و لا زهر, كما أنك مقفل بوابتك دائماً, افتح بابك يا صديقي و ابتسم.
صمت النهر قليلاً, ثم فاضَ على الحقل, فغسله و أغدقه, و دفع بابه القديم ففتحه, و وصل الماء للشجرة, فاخضوضرت أوراقها, و أصبح لها ظل وافر, فمر فلاح متعب من العمل, فاستند إلى الشجرة, و ارتاح في ظلها, و مر طفلين يركضان معاً, فاختبأ أحدهما خلف الشجرة, بينما جاءت طفلة و معها حبل, فربطته في غصن الشجرة صانعة منه أرجوحة تسليها, عندها فرح الحقل كثيراً, و شكر النهر, فاستأذن النهر و مضى.
و في طريقه التقى بأطفال يلعبون على ضفتيه, سأله طفل: إلى أين أنتَ ذاهب أيها النهر؟ و لماذا أنت مستعجل هكذا؟ فأجاب النهر: لقد تأخرتُ على البحر, أنا ذاهب إليه, فقد أرسل لي أنه يريد أن يراني. فقال الطفل: انتظر قليلاً, قل لي أولاً ما رأيك في لوحتي التي رسمتُها؟ فقال النهر: لوحة رائعة, أنتَ فنان موهوب. فطوى الطفل لوحته, و صنع منها قارباً, و وضعه برفق على ماء النهر, و أوصى النهر: خذ لوحتي للبحر, اسأله عن رأيه فيها. فضحك النهر و قال: حسناً يا صديقي, لكن اعذرني فقد تأخرت, علي الذهاب. فلوح الطفل للنهر, و لم يزل يتبع القارب بنظره حتى غاب عن نظره, و أخفته النباتات الطويلة و المنحنيات التي في النهر.
و أخيراً وصل النهر إلى البحر, كان النهر سعيداً جداً بالخير الكثير الذي فعله, كان متشوقاً ليحكي للبحر كل ما حدث معه اليوم, و يريه اللوحة التي حملها له, لكنه وجد البحر غاضباً جداً, لدرجة أنه كان يضرب الصخور من شدة الغضب, لم يستطع النهر أن يتكلم و لم يسمح له البحر بأن يعتذر, و ليبقيه معه, هزّ ضفاف النهر, ليوقع الصخور على أول النهر, فلا يعود إلى أصدقائه الذين يؤخرونه.
في اليوم التالي ماتت الشجرة و جف الحقل, و رحل الأطفال, و تساقطت أوراق الأشجار, أما النهر فظل يبكي طوال الليل و النهار, حتى أغدق البحرَ من عذوبته, ففاض البحر و أغرق المدائن و القرى.