تنهدت بصوت عالي ... وأخذت تتذكر تلك اللحظات ....
حينها كانت قد تأكدت لحظتها من خبر حملها الذي ظلت تعاني
من أعراضه أيام وأيام ....
أعتلت الدهشة وجهها.. وظلت تلازم الصمت الرهيب ،
كأنها كانت تحتاج لمزيد من الوقت لكي تفوق
من الصدمة !!!!
فقد كان هذا الحمل هو أبعد ما يكون من ذاكرتها...
ربما لأنها لم تكون مستعدة له بعد ... أو بسبب طفلها
الصغير ذو العامين .. أوربما لما سوف يغيره لمخطط حياتها الذي ظلت تخطط له منذ زمن
بعيد ...
تعددت الأسباب ،
ولكن لم يكن منها ما هو السبب الحقيقي لهذه الدهشة !!!
وفجأة أجهشت بالبكاء !!... وأخذت في العويل زمنا طويل..
ورويدا رويدا ... هدأت من تلك النوبة التي اعتلتها وبدأت
في تقبل الأمر..
وتمعنت التفكير فيه.. وذهبت بتفكيرها الى هذا الضيف
الجديد ..
أخيرا.... وضعت يدها في بطنها كأنها تريده أن يشعر بها ،
ابتسمت وقالت:
(مرحبا بك يا صغيري !) ...
ومرت الأيام.. والأشهر.. وأخذ جسمها في التغير مع تغيرات
الحمل..
كان الطفل ينمو ويكبر في داخلها بشكل ملحوظ ، وبدأ في
الحركة ..
لقد كانت سعادتها لاتوصف ، تكاد تطير من الفرحة كلما
تحرك ، وتضع يدها بسرعة على بطنها عندما يتحرك كأنما تريد أن تتحسسه .. تريد أن
تلمس يدها يده..
تتحرق شوقا الى تلك اللحظة التي تستطيع فيها أن تحضنه ،
تقبله بشغف ، وتتأمل ملامحه البريئة... تتمنى
أن تأتي تلك اللحظات التي تلتقي فيها نظرات عينه الى عينيها
بسرعة !!
حلقت في دنيا الأحلام ..مع حلمها الجديد.. الذي يراودها ليلا
ونهارا..
متى يصبح الحلم حقيقة ؟!
متى أراك طفلي الحبيب؟!
ترى من سيشبه؟! وهل صبي أم فتاة ؟!
وهنا تحمست الأم لمعرفة اجابة لهذا السؤال الذي كثيرا ما
يراودها :هل هو صبي أم فتاة ؟!!
حينها قررت الذهاب الى عيادة الطبيب الذي سوف يكون الحد
القاطع لسلسلة الأسئلة الكثيرة المتعلقة بتحديد جنس المولود...
وفي طريقها ... صاحبتها أحلام جميلة ..
تارة تراه صبي جميل ذو ابتسامة أجمل .. يلبس ملابسه
الزرقاء.. زرقة السماء..
وتارة تراها فتاة كالملاك.. رقيقة وتمتلك عيون جذابة،
خجولة، وهادئة.. نائمة على سريرها ومغطاة بوشاح وردي !!
أفاقت من تلك الأحلام لوصولها الى عيادة الطبيب الذي سوف
يحدد المصير !!
وهناك كانت الفاجعة الكبرى !!!!!
نظر اليها الطبيب وتأمل لهفتها لمعرفة جنس المولود وقال
بصوت أجش كأنه لا يريدها أن تسمعه.. قال بكل حزن: ( الجنين توفى ) !
لم تعلم ماذا تفعل حينها.. هل يكفيها الصراخ ؟!! هل
يكفيها البكاء ؟!! وهل يغير البكاء شيئا مما سمعت ؟!!
جرت قدميها خارج العيادة.. ولم تكن تعلم الى أين تذهب؟
انهار كل شيء في دقائق .. انتهى الحلم الجميل الذي ظلت
تنتظره شهرا بعد شهر ، تدمرت كل اللحظات التي عاشتها .. اختفت ..ذهبت وبلا رجعة !
تذكرت أول لحظة عرفت فيها أنها حامل .. تذكرت كيف
استقبلت خبر حملها ...
كيف استقبلت مولودها ؟! ... ( بالبكاء ) ....
عندها انهارت .. خارت قواها .. بكت بكل ما تحمل من مشاعر
حزن .. لعل ذلك البكاء يرجع اليها طفلها !
تصرخ بصوت عالي.. وتردد :
عود
الي يا طفلي الحبيب !
عود
الي فاني أتشوق الى رؤياك !
عود الي أرجوك !! سوف أستقبلك من جديد بكل الحب .. وكل
ما يحمله الوجود من فرح ...
وظلت تردد عود ... عود الي ... ولكن ما مضى لن يعود !! لن
يعود !!!!!
أخواتي العزيزات كتبت بنزف قلبي قصة حملي هذه وفقداني لحبيبي وولدي الغالي الذي لم أراه بكل الالم والحزن.... ودمعي لم يقف على فراقه أبدا....
أبغى تفاعلكم وتعليقاتكم معي.....
والله يعوض كل ام فقدت طفلها ويصبر قلبها.....