من بداية الحياة، تمتلك الهرمونات الأنثوية تأثيراً كبيراً على حياة المرأة يستمر حتى بلوغها سناً متقدمة. فالهرمونات هي التي تعطي الشكل للمرأة، وتجعل إنجابها للأطفال ممكناً، كما أنها مسؤولة عن الكثير من الأمور الهامة التي تختبرها المرأة.
لذلك فإنه من المهم جداً، أن تتعلم المرأة وتعرف قدر المستطاع عن هذه الأجزاء الهامة من جسمها، إن كانت ترغب في الحفاظ على صحة جيدة.
سنستعرض في هذا القسم كيف يمكن للهرمونات الأنثوية أن تؤثر على المراحل المختلفة من حياة المرأة بدءاً من طفولتها:
1 - في مرحلة الطفولة
بالرغم من أننا نميل للاعتقاد بأن الهرمونات تبدأ التأثير في أجسامنا عند سن البلوغ، إلا أنها في الواقع تؤثر على أجسامنا حتى خلال المراحل الأولى من الطفولة.
فالرضع الحديثي الولادة (من الإناث والذكور) يمكن أن يحدث لديهم تضخم خفيف في الثديين، يترافق في بعض الأحيان، مع إنتاج قليل للحليب؛ ويعود ذلك إلى الهرمون الأنثوي" الإستروجين" الموجود في جسم الأم، والذي يمر أثناء فترة الحمل عبر المشيمة، ويحث تطور الثدي لدى الطفل. يختفي هذا التضخم عادة بعد أسابيع قليلة، لكن عند الإناث، قد يعود تضخم الثدي الخفيف، إلى الظهور مجدداً في وقت ما خلال العامين الاثنين الأولين، هذه المرة نتيجة لهرمونات الطفلة نفسها التي تؤثر على نسيج الثدي.
يمكن لتضخم الثدي هذا أن يزداد ويتضاءل بصورة متكررة، على مدى شهور أو حتى أعوام، قبل أن يختفي في النهاية، خلال مرحلة الطفولة.
2 - مرحلة البلوغ
ندما تنمو الفتاة من مرحلة الطفولة، وتبدأ بالتطور، تبدأ الهرمونات التي كانت هاجعة لديها، بالتحرر، وإحداث الكثير من التغيرات الرئيسية، والتي تدوم في جسمها، حيث يكبر ثدياها ويأخذان شكل ثديي المرأة البالغة، ويتطور لديها شعر في الإبطين والعانة، ويغدو هذا الشعر أطول بشكل ملحوظ، كما تحدث أيضاً الكثير من التغيرات الداخلية لديها.
في نهاية المطاف، تبدأ دورتها الطمثية.
عندما تبدأ عملية التحول هذه، يبدأ الوِطاء (الهيبوثالاموس) بتحرير الهرمونات التي تقوم بحث غدة صماء أخرى، هي الغدة النخامية، على تحرير هرمونين آخرين هما الهرمون الملوتن (lh)، والهرمون المنبه للجريب (fsh).
يرسل هذان الهرمونان إلى المبيضين، اللذين يتم تحريضهما من ثم، على البدء بإنتاج الهرمونات الأنثوية الخاصة بهما.
الهرمونات الأساسية التي تنتج من قبل المبيضين، هي البروجسترون والإستروجين.
يمتلك هذين الهرمونين مع الهرمون الملوتن (lh) والهرمون المنبه للجريب (fsh)، دوراً كبيراً في الدورة الطمثية للمرأة.
تعتبر الهرمونات الأنثوية مسؤولة عن كل التطور الأنثوي الخاص الذي يحدث للفتاة، أثناء عملية تحولها لامرأة. العملية التي تستغرق عادة حوالي أربع سنوات، وقد تجد بعض الفتيات في هذه الفترة، صعوبة في التكيف مع التباين الذي يحدث في المستويات الهرمونية لديهن، والذي ينعكس بشكل ملحوظ في أجسامهن التي تتغير، وأنوثتهن التي تنشأ، وبداية الخصوبة لديهن، ودرجة من الاضطراب العاطفي يختبرنها عند مرروهن من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة.
كل المتطلبات الضرورية للمضي إلى مرحلة البلوغ تكون موجودة لدى الفتاة منذ ولادتها، إلا أن الجسم يبقيها هاجعة لسنوات كثيرة. في النهاية تتضاءل الآلية التي تمنع البلوغ، ويمكن للهرمونات التي كانت هاجعة في السابق، أن تبدأ بإبداء تأثيراتها على الجسم.
3- الحمل
تخضع الهرمونات لتغير عنيف أيضاً، عندما تصبح المرأة حاملاً.
خلال هذه الفترة، تبقى مستويات الإستروجين والبروجيسترون مرتفعة في الدم، فعندما يتم تخصيب البيضة المتحررة من المبيض، ويحدث الحمل، لا يحدث الهبوط المعتاد في مستويات الإستروجين والبروجسيترون في نهاية الدورة الطمثية، وهكذا لا تُشاهد أي دورة طمثية.
يتم إنتاج هرمون جديد، هو مُوَجِّهَةُ الغُدَد التّناسُلِيَّة المَشيمائِيَّة البَشَرِيَّة (hcg)، من قبل المشيمة الناشئة، والذي يقوم بحث المبيضين على إنتاج المستويات الأعلى من الإستروجين والبروجيسترون، المطلوبة من أجل تثبيت الحمل.
يسبب هذين الهرمونين تثخن بطانة الرحم، وزيادة حجم الدم الدائر ( بشكل خاص التروية الدموية للرحم والثديين)، واسترخاء عضلات الرحم بشكل كاف لخلق مايشبه الغرفة للطفل الذي ينمو.
عندما يقترب زمن ولادة الطفل، تنخرط هرمونات أخرى في العملية، حيث تقوم بمساعدة الرحم على التقلص أثناء المخاض وبعده، إضافة إلى تحريضها لإنتاج وتحرير حليب الثدي.
4- بعد انتهاء الحمل والولادة
بعد انتهاء فترة الحمل، تخضع مستويات الهرمونات مرة أخرى، لتغير عنيف آخر، عائدة إلى المستويات الطبيعية، حيث تنخفض مستويات الإستروجين والبروجيسترون بشكل حاد، مسببة عدداً من التغيرات الفيزيائية. ينكمش الرحم عائداً إلى حجمه اللا حملي (عند عدم وجود حمل)، ويعود حجم الدم الدائر حول الجسم إلى المعدل الطبيعي.
يمكن أيضاً للتغيرات الدراماتيكية التي تحدث في مستويات الهرمونات أن تلعب دوراً جزئياً في حدوث الاكتئاب التال للولادة، بالرغم من عدم وجود اختلافات حقيقية في التغيرات الهرمونية عند المرأة التي يحدث عندها هذا الاكتئاب وتلك التي لا يحدث عندها. قد يكون السبب هو تأثر بعض النساء بهذه التقلبات الهرمونية بصورة أسهل من نساء أخريات.
5- سن اليأس (انقطاع الطمث)
تخضع النساء لتغير آخر في المستويات الهرمونية حول الفترة العمرية بين (45-50) سنة. في هذه السن، يصبح المبيضان عاجزان عن إنتاج الكميات الطبيعية من الهرمونات الأنثوية. يعرف هذا بانقطاع الطمث أو سن اليأس.
في بداية الأمر، ربما يكون هناك عدم انتظام في الدورة الطمثية، إلى أن تنقطع تماماً في النهاية.
يمكن لهذا أن يكون له أثراً سلبياً على جوانب صحية كثيرة، لأن الإستروجين يخدم وظائف كثيرة بما فيها حماية القلب والعظام. كما توجد أيضاً تأثيرات جانبية سلبية أخرى، متنوعة، يسببها انقطاع الطمث، مثل هبات الحرارة، وخسارة العظم.
لكن بالمقابل، يوجد عدداً من الطرق لمعالجة هذه التأثيرات الجانبية، بما فيها العلاج الهرموني البديل.
قد يكون العلاج الهرموني البديل قادراً على حمايتك حتى ضد تخلخل العظام والأمراض القلبية، لكن من جهة أخرى، يتطلب هذا النوع من العلاج، توازناً، يجب مناقشته مع طبيبك.