مقدمة عن حكم الإجهاض ابن باز رحمه الله
يُعد حكم الإجهاض بفتوى ابن باز من أكثر الموضوعات التي تشغل بال النساء والرجال في العالم الإسلامي، خاصة عند وقوع ظروف صحية أو اجتماعية تدفع البعض للتفكير في إنهاء الحمل. وقد تميز الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – برأيه الواضح والمبني على أصول الشريعة الإسلامية في هذه المسألة، إذ تناولها من منظور فقهي دقيق يوازن بين حفظ النفس ودرء الضرر.
ويُعد فهم حكم الإجهاض ابن باز ضرورة لكل من يرغب في معرفة ما إذا كان الإجهاض جائزًا أو محرّمًا في حالات معينة، لما يمثله من قضية تمسّ حياة الإنسان وحرمة النفس التي كرّمها الله تعالى.
موقف الشرع من الإجهاض في ضوء فتوى ابن باز
استند حكم الإجهاض ابن باز إلى النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تُبيّن حرمة قتل النفس بغير حق، واعتبر الشيخ أن الأصل في الإجهاض هو التحريم ما لم توجد ضرورة معتبرة شرعًا.
فقد أوضح ابن باز رحمه الله أن الإجهاض قبل نفخ الروح – أي قبل مرور 120 يومًا على الحمل – لا يجوز إلا لعذرٍ شرعيٍ واضح، مثل خطر حقيقي على حياة الأم أو تشخيص مرض خطير بالجنين لا يُرجى شفاؤه.
أما بعد نفخ الروح، أي بعد الأربعة أشهر، فإن الإجهاض يُعد من المحرمات العظيمة ولا يُسمح به بأي حال إلا إذا كان استمرار الحمل يُهدد حياة الأم تهديدًا مباشرًا مؤكدًا بشهادة الأطباء الثقات.
وبذلك يتضح أن حكم الإجهاض ابن باز قائم على قاعدة "الضرورات تُبيح المحظورات"، بشرط أن تكون الضرورة حقيقية لا وهمية، وأن يُقدّرها أهل الاختصاص الموثوق بهم.
الحالات التي أجاز فيها ابن باز الإجهاض بشروط
تناول الشيخ ابن باز – رحمه الله – في فتاواه عدّة حالات تُستثنى من التحريم، موضحًا ضوابطها بدقة. ومن أبرز ما جاء في حكم الإجهاض ابن باز ما يلي:
1. حالة الخطر على حياة الأم:
إذا أثبت الأطباء الثقات أن استمرار الحمل سيعرّض حياة الأم للهلاك، جاز الإجهاض قبل نفخ الروح، أما بعد النفخ فلا يُباح إلا عند اليقين بأن حياة الأم ستُفقد إن استمر الحمل.
2. التشوهات الخَلقية الشديدة:
أوضح حكم الإجهاض ابن باز أنه في حال ثبوت تشوه خطير في الجنين لا يمكن معه الحياة الطبيعية، يجوز الإجهاض قبل تمام 120 يومًا من الحمل، شرط أن يُقرّ ذلك أطباء مختصون وعدول، وأن يكون التشخيص دقيقًا موثوقًا به.
3. الحمل الناتج عن الاغتصاب:
في بعض فتاواه، أشار ابن باز إلى أن الحمل الناتج عن اغتصاب يُنظر إليه بميزان دقيق من الناحية الشرعية، فإن ثبت وقوع الضرر الشديد على المرأة، جاز لها الإجهاض قبل نفخ الروح فقط، حفاظًا على كرامتها وصحتها النفسية والجسدية.
تُظهر هذه الحالات أن حكم الإجهاض ابن باز لم يكن قاسيًا أو جامدًا، بل كان إنسانيًا متوازنًا، يجمع بين حفظ الدين والنفس والرحمة بالخلق، وفقًا للضوابط التي وضعتها الشريعة الإسلامية.
احكم الإجهاض ابن باز قبل وبعد الأربعين
تحدث الشيخ ابن باز أيضًا عن الإجهاض في مراحله الأولى، قبل أن يتشكل الجنين بالكامل. فقد جاء في رأيه أن الإجهاض قبل الأربعين يومًا لا يجوز إلا لسبب قوي معتبر شرعًا، مثل مرض الأم أو صعوبة الحمل عليها من الناحية الصحية.
أما إذا كان السبب مجرد خوف أو عدم الرغبة في الحمل، فذلك لا يبرر الإجهاض، بل يُعد من التعدي على حق الله في الخلق.
وفيما يخص الإجهاض بعد الأربعين إلى مئة وعشرين يومًا، شدد ابن باز على ضرورة وجود سبب طبي موثّق، وألا يكون القرار نابعًا من رغبة شخصية أو ضغوط اجتماعية.
ومن خلال هذه التفصيلات الدقيقة، يبرز حكم الإجهاض ابن باز كمصدر فقهي متكامل يُفصّل المراحل المختلفة للحمل ويُبين ما يجوز وما لا يجوز وفق كل حالة.
موقف ابن باز من التوبة بعد الإجهاض
من الجوانب الإنسانية البارزة في حكم الإجهاض ابن باز تأكيده على أن باب التوبة مفتوح لكل من وقع في هذا الفعل دون علم أو بدافع الجهل أو الاضطرار.
فقد دعا الشيخ – رحمه الله – النساء اللواتي أجهضن دون عذر شرعي إلى التوبة الصادقة والاستغفار والإكثار من الأعمال الصالحة، لأن رحمة الله واسعة وتشمل كل من ندم ورجع إلى الحق.
وأوضح ابن باز أن الله سبحانه وتعالى يغفر الذنوب جميعًا، وأن التوبة تمحو ما قبلها إذا كانت صادقة. وهذه النظرة الرحيمة في حكم الإجهاض ابن باز تُظهر الجانب الإيماني المشرق في فتاواه، حيث جمع بين الفقه والعقيدة والرحمة.
خاتمة
في الختام، يُبرز حكم الإجهاض ابن باز التوازن الدقيق بين حفظ النفس البشرية واحترام مقاصد الشريعة الإسلامية. فالإجهاض في الإسلام ليس قرارًا شخصيًا، بل هو مسألة شرعية يجب أن تُبنى على العلم واليقين والضرورة.
ومن خلال فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله، يمكن القول إن حكم الإجهاض ابن باز يُعد مرجعًا فقهيًا موثوقًا لكل من يبحث عن الفهم الصحيح لحكم هذه القضية الحساسة. فهو يوضح بجلاء أن الإسلام دين رحمة وعدل، وأن حفظ النفس هو مبدأ أصيل لا يجوز التهاون فيه إلا عند الضرورة القصوى.