فتوى الشيخ صالح الفوزان عن الآثار الفرعونية
يُعد موضوع الشيخ صالح الفوزان عن الآثار الفرعونية من المواضيع التي أثارت اهتمام الكثيرين في الآونة الأخيرة، خصوصًا بعد انتشار الحديث عن حكم الإسلام في زيارة ومعاملة الآثار القديمة، وما إذا كانت تعد من الموروثات الحضارية المباحة أو من الأمور التي تدخل في باب الشرك أو التعظيم الممنوع. وفي هذا المقال، سنتناول رأي الشيخ صالح الفوزان عن الآثار الفرعونية، ونوضح موقف الإسلام من تلك الآثار، مع عرض سياق ثقافي وديني متكامل حول الموضوع.
أولًا: من هو الشيخ صالح الفوزان؟
قبل الخوض في تفاصيل رأي الشيخ صالح الفوزان عن الآثار الفرعونية، لا بد من التعريف بشخصيته.
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان هو أحد كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وعضو في هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء. يُعرف بتمسكه بالمنهج السلفي وبحرصه على بيان الأحكام الشرعية وفقًا للأدلة من الكتاب والسنة. وله مؤلفات كثيرة ومحاضرات فقهية وعقائدية أثرت المكتبة الإسلامية في مجالات متنوعة.
---
ثانيًا: موقف الإسلام من الآثار القديمة
للإسلام نظرة متوازنة تجاه الآثار القديمة ومنها الآثار الفرعونية. فالأصل أن الإسلام لا يمنع النظر إلى آثار الأمم السابقة، بل يدعو إلى الاعتبار بها كما قال الله تعالى:
> "أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم"
وهذا دليل على أن التفكر في مصائر الأمم الماضية أمر مشروع ومحبب إذا كان القصد منه العبرة لا التعظيم أو التقديس.
لكن في المقابل، يحذر الإسلام من تحويل هذه الآثار الفرعونية إلى رموز تُعبد أو تُقدس أو تُرفع مكانةً دينية لا تستحقها، لأن ذلك قد يدخل في مظاهر الشرك أو الغلو. وهنا يأتي رأي العلماء، ومنهم الشيخ صالح الفوزان عن الآثار الفرعونية، لتوضيح الحد الفاصل بين الاعتبار المشروع والتقديس المحظور.
ثالثًا: رأي الشيخ صالح الفوزان عن الآثار الفرعونية
عند الحديث عن الشيخ صالح الفوزان عن الآثار الفرعونية، نجد أنه يرى أن النظر إلى هذه الآثار يجب أن يكون بنية الاتعاظ لا بنية الإعجاب المبالغ فيه أو التمجيد.
فقد أكد الشيخ الفوزان في عدد من فتاواه ولقاءاته أن الآثار الفرعونية هي بقايا أقوام كافرة عبدت غير الله، وأن الواجب تجاهها هو الاعتبار بمصيرهم الذي حلّ بهم نتيجة كفرهم وعتوهم، لا اتخاذها رموزًا للفخر أو الزينة.
وأشار الشيخ صالح الفوزان عن الآثار الفرعونية إلى أن تصويرها أو جمعها لمجرد الزخرفة أو المباهاة لا يجوز، لأن ذلك قد يحمل في معناه نوعًا من الإعجاب بما صنعوه رغم كفرهم. أما دراستها من الناحية التاريخية والعلمية فلا بأس بها إذا كان الهدف منها هو المعرفة والعظة والعبرة.
---
رابعًا: حدود التعامل مع الآثار في ضوء رأي الشيخ صالح الفوزان
وفقًا لرأي الشيخ صالح الفوزان عن الآثار الفرعونية، يمكن تلخيص حدود التعامل مع هذه الآثار فيما يلي:
1. الزيارة للعبرة لا للتمجيد:
يجوز زيارة المناطق الأثرية كالأهرامات والمعابد الفرعونية بشرط أن تكون النية الاعتبار بعظمة خلق الله وكيف أهلك الأمم التي كفرت به.
2. منع التعظيم والتقديس:
يحذر الشيخ الفوزان من أي مظاهر لتعظيم هذه الآثار، مثل التبرك بها أو رفعها كشعارات فخر قومي مبالغ فيه يتنافى مع العقيدة الإسلامية.
3. الاستفادة العلمية المباحة:
لا مانع من دراسة الآثار الفرعونية من منظور علمي أو تاريخي بحت، خاصة في مجالات علم المصريات أو علم التاريخ القديم، طالما أن ذلك لا يمس العقيدة.
4. تحريم بيعها أو اقتنائها لغرض الزينة:
يرى الشيخ صالح الفوزان عن الآثار الفرعونية أن الاحتفاظ بتماثيل الفراعنة أو صورهم في المنازل منهي عنه، لأنها تماثل ما كان يعبد من دون الله.
خامسًا: مقارنة بين الرؤية الشرعية والرؤية الثقافية
يُفرّق الشيخ صالح الفوزان عن الآثار الفرعونية بين الرؤية الشرعية والرؤية الثقافية للآثار.
فالرؤية الشرعية تنظر إلى الآثار الفرعونية كأثر لأمة طاغية كافرة أهلكها الله جزاءً لغرورها وكفرها، بينما الرؤية الثقافية الحديثة قد تراها رمزًا للهوية التاريخية والحضارة.
ويؤكد الشيخ أن الفخر المشروع هو بالإيمان والطاعة، وليس بالحضارات التي لم تقم على توحيد الله. لذا يدعو إلى تحقيق التوازن في النظرة إلى تلك الآثار: نأخذ منها الدروس والعبر دون أن نمنحها مكانة لا تستحقها.
---
سادسًا: أهمية فهم رأي الشيخ صالح الفوزان في زمننا
يتجدد الحديث عن الشيخ صالح الفوزان عن الآثار الفرعونية مع تزايد الاهتمام العالمي بالموروث الثقافي، ودعوات بعض الجهات إلى جعل الحضارة الفرعونية محور فخر قومي.
ويرى الشيخ الفوزان أن المسلم يجب أن يزن الأمور بميزان الشرع لا بالعاطفة أو التاريخ، فالعبرة ليست بعظمة البناء أو الفنون، بل بما كان عليه أولئك الأقوام من كفر أو طغيان أدى إلى زوالهم.
كما شدد الشيخ على ضرورة غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الشباب حتى لا ينبهروا بالمظاهر التاريخية التي لا تمت للإيمان بصلة. فالاهتمام المشروع هو الذي يقود إلى التفكر في قدرة الله، لا إلى تمجيد الإنسان لنفسه.
---
سابعًا: الخلاصة
خلاصة القول في موضوع الشيخ صالح الفوزان عن الآثار الفرعونية أن الإسلام لا يمنع الاطلاع على تلك الآثار ولا دراسة تاريخها، لكنه يحدد ضوابط شرعية واضحة تمنع الانحراف نحو التقديس أو الفخر المبالغ فيه.
ويركز الشيخ الفوزان على أن الغاية من النظر إليها هي الاتعاظ بما جرى لتلك الأمم التي كفرت بالله، لا التمجيد بها أو رفعها إلى مكانة رمزية تنافي عقيدة التوحيد.
وبهذا يتبين أن رأي الشيخ صالح الفوزان عن الآثار الفرعونية يجمع بين الحكمة والوسطية، إذ لا يرفض التراث التاريخي من حيث هو، لكنه يضعه في إطاره الشرعي الصحيح الذي يحافظ على نقاء العقيدة الإسلامية ويمنع الغلو في المظاهر الدنيوية.
خاتمة
إن موضوع الشيخ صالح الفوزان عن الآثار الفرعونية ليس مجرد نقاش حول الماضي، بل هو تذكير بمعنى العبرة في حياة المسلم. فهذه الآثار تروي قصة أمة عظيمة في ظاهرها، لكنها هلكت حين أعرضت عن خالقها.
ومن هنا، يدعو الشيخ الفوزان إلى أن يكون تعامل المسلمين مع الآثار الفرعونية قائمًا على الاتعاظ والتفكر، لا على التعظيم أو التقليد، ليظل التاريخ شاهدًا على أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.